محكمة النقض الفرنسية تؤكد إدانة ساركوزي    كأس العرب لكرة القدم (قطر-2025 ).. اكتمال عقد المنتخبات المتأهلة إلى النهائيات    القصر الكبير .. العثور على جثتي طفلين داخل حوض مائي    بورصة الدار البيضاء تتدثر بالأخضر    مباحثات أخنوش ورئيس البنك الإفريقي    قيوح يبحث التكوين البحري بلندن    حموشي يجتمع بوفود أمنية أجنبية    مذكرات نقابات حول تحيين مبادرة الحكم الذاتي بالصحراء تصل إلى "الداخلية"    تطوان: توقيف أحد الموالين لتنظيم داعش كان في طور تنفيذ مخطط إرهابي وشيك وبالغ الخطورة (المكتب المركزي للأبحاث القضائية)    دراسة: 60 بالمائة من التونسيات تعرضن لعنف قائم على النوع في الفضاء الرقمي    قتلى في حوادث سير بالجديدة وسطات    محكمة الاستئناف بالدار البيضاء تدين بودريقة بالسجن 5 سنوات نافذة    ندوة الاستثمار تبرز موقع المغرب كفاعل صاعد في ربط البنية التحتية بالتصنيع وجذب الاستثمارات    ندوة علمية بالقصر الكبير تُسلّط الضوء على التحولات الكبرى في قانون المسطرة الجنائية    بوانو: أدوية تباع للمغاربة بأسعار قد تُضاعف 280 مرة تكلفة الشراء    لوكيوس تنظم ورشات كتابة الرواية والقصة بالأمازيغية    وفاة أربعة مغاربة من أسرة واحدة اختناقا في إسبانيا    نمو عدد ليالي المبيت السياحية بطنجة-أصيلة    السفير الصيني السابق بالرباط، لي شانغلينغ، يكتب عن الكسكس المغربي: « أبعد من مجرد وجبة طعام.. إنه تجربة إنسانية متكاملة»        الحكومة تعلن رفع قيمة الدعم الاجتماعي المباشر ابتداءً من نهاية الشهر    سفيان أمرابط، لاعب أساسي في ريال بيتيس (وسيلة إعلام إسبانية)    حزب العدالة والتنمية يعارض تشجيع ترشيح الشباب المستقلين في الانتخابات    654 مليون ورقة نقدية جديدة لتعزيز السيولة بالمغرب    إيموزار تحتضن الدورة الحادية والعشرون لمهرجان سينما الشعوب    مهرجان اليوسفية لسينما الهواة يعلن عن فتح باب المشاركة في مسابقة الفيلم القصير    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يستقبل 82 فيلماً من 31 بلداً ونجوماً عالميين    بلجيكا.. زكرياء الوحيدي يتوج أفضل لاعب مغاربي في الدوري البلجيكي الممتاز    تقرير: ريال مدريد يتصدر قائمة الأندية الأكثر مبيعا للقمصان على مستوى العالم    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    بعد 25 سنة من التألق... الحكمة بشرى كربوبي ترمي الصافرة وتكشف أسرار "الاعتزال القسري"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    عمدة نيويورك الجديد يفاجئ الجميع بإعجابه الكبير بالأسد المغربي مروان الشماخ    الجزائر ‬و ‬بريتوريا ‬تفشلان ‬في ‬إقحام ‬ملف ‬الصحراء ‬في ‬مداولات ‬قمة ‬قادة ‬مجموعة ‬العشرين ‬بجوهانسبورغ    بعد ‬تفشيها ‬في ‬إثيوبيا.. ‬حمى ‬ماربورغ ‬تثير ‬مخاوف ‬المغاربة..‬        علماء يكتشفون طريقة وقائية لإبطاء فقدان البصر المرتبط بالعمر    المخرج محمد الإبراهيم: فيلم الغموض والتشويق القطري "سَعّود وينه؟"    فيلم " كوميديا إلهية " بمهرجان الدوحة السينمائي الرقابة السينمائية في إيران لا تنتهي...!        وسائل إعلام فرنسية تدعو إلى إطلاق سراح الصحافي كريستوف غليز المسجون في الجزائر    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    الجيش الإسرائيلي يطلق عملية عسكرية    مهرجان الدوحة السينمائي يسلّط الضوء على سرديات مؤثرة من المنطقة    شركة عائلة نيمار تستحوذ على العلامة التجارية للأسطورة بيليه    سعيّد يستدعي سفير الاتحاد الأوروبي    نصائح ذهبية للتسوق الآمن باستخدام الذكاء الاصطناعي    دوري أبطال أوروبا.. تشلسي يثأر من برشلونة وليفركوزن يصدم مانشستر سيتي    عصبة الرباط سلا القنيطرة تطلق موسماً استثنائياً باطلاق أربعة مراكز للتكوين في مجال التحكيم    الأمن المغربي يستعرض الجاهزية لمكافحة الجريمة أمام الجمهور الدولي    الاستجابة العالمية ضد الإيدز تواجه "أكبر انتكاسة منذ عقود" وفقا للأمم المتحدة    آلام الأذن لدى الأطفال .. متى تستلزم استشارة الطبيب؟    دراسة: التدخين من وقت لآخر يسبب أضرارا خطيرة للقلب    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سبحان المعطي المانع
نشر في التجديد يوم 11 - 05 - 2012

قال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ{ (التوبة : 28)
هذه الآية جاءت لتعالج قضية حج غير المسلمين، وهي شاهدة على أن الإنسان ينحط قدره حين يفقد عنصر الإيمان كما في سورة التين ومنها قوله تعالى: } لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ { (التين 4، 6)
والآية شاهدة على تشريف المساجد عامة والمسجد الحرام خاصة وهذا الأمر مسلم معلوم وله شواهد كثيرة... ومن تشريف المساجد منع المشركين من دخولها كما دلت عليه الآية.و من المفيد أن نعلم أن المسلم أيضا قد يمنع من دخول المسجد في حال السكر و الجنابة كما في قوله تعالى : }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ { (النساء : 43)وتمنع النساء في حال الحيض والنفاس .
ومن المعاني المهمة التي دلت عليها الآية هذا التدرج في تنزيل الأحكام بحيث أمهل الله المشركين ، فحج أبو بكر بالناس في العام التاسع وأمر عليا بأن يعلم الناس بمنع المشركين في العام القابل وهو العام الذي حج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهذا الأمر من أعظم شواهد التدرج في تنزيل الأحكام وقد كان الأستاذ عبد الله بها يكثر الاستدلال بهذه الواقعة.وهي تشهد أن العام الذي حج فيه أبو بكر رضي الله عنه قد حج فيه المشركون أيضا مع كل ما يرتكبون من المخالفات التي تشير إلى بعضها الآية لكريمة: }وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ{(الأنفال : 35)
وهذه الآية تشير أيضا لأمر آخر في غاية الأهمية و هو أن الأنبياء إنما يعنيهم تصحيح العبادات لا مجرد العبادة كيفما اتفق، وهذا للناس كافة. فلا يقبل الله من العبادات إلا ما كان منها وفق ما شرع سواء كان الذي أتاها مؤمنا أو مشركا ، وإذا كان رد عمل المشرك معلوما، فيكفي في بيان دخول الفساد على عمل المؤمن حديث :" إنما الأعمال بالنيات " .
وواضح في الآية أن التمييز كان على أساس الدين، ورغم التمييز المعلوم في الزواج من الكتابية و المشركة بحيث أباح الشرع زواج المسلم من الكتابية في قوله تعالى:}الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ{ (المائدة :5) ومنع الزواج من المشركين كما في قوله تعالى: }وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ" (البقرة : 221) فهنا ساوى الفقهاء بين المشركين واليهود والنصارى فلا يجوز لأحد منهم دخول المسجد الحرام ويلحق به كل المشاعر، أعني منى ومزدلفة وعرفات على خلاف بين الأئمة في أمر باقي المساجد خلاصته كما عند ابن عطية قوله:" نص الله تعالى في هذه الآية على المشركين وعلى المسجد الحرام ، فقاس مالك رحمه الله غيره جميع الكفار من أهل الكتاب وغيرهم على المشركين ، وقاس سائر المساجد على المسجد الحرام ، ومنع من دخول الجميع في جميع المساجد... وقال الشافعي هي عامة في الكفار خاصة في المسجد الحرام ، فأباح دخول اليهود والنصارى والوثنيين في سائر المساجد ... وقال أبو حنيفة هي خاصة في عبدة الأوثان وفي المسجد الحرام ، فأباح دخول اليهود والنصارى في المسجد الحرام وغيره ، ودخول عبدة الأوثان في سائر المساجد "
ولعل قول الشافعي وسط بين طرفين خاصة بالنسبة للمسلمين في الغرب والذين ينظمون أبوابا مفتوحة للتعريف بالإسلام ويجعلون مقر ذلك المساجد...
وقوله تعالى:" وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ " رفق من الله بعباده لما علم سبحانه مما يمكن أن تحدثهم به أنفسهم من خوف الفقر وهو المقصود بالعيلة في الآية وذلك بسبب نقص الوافدين من المشركين و قد خافوا انقطاع المتاجر بمنع المشركين عن دخول الحرم .
وفي معنى إن شاء قال ابن العربي :" قَالَ عُلَمَاؤُنَا : لِيَعْلَمَ الْخَلْقُ أَنَّ الرِّزْقَ لَيْسَ بِالِاجْتِهَادِ ، وَإِنَّمَا هُوَ فَضْلٌ من اللَّهِ تَعَالَى تَوَلَّى قِسْمَتَهُ ، وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي قَوْلِهِ : " نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا " الآية . ولعله يقصد أنه ليس بالاجتهاد وحده،أما الاجتهاد فلابد منه ويكفي في ذلك قوله تعالى:" وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً (مريم : 25) ، ومن المسلم المعلوم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة.
وقوله تعالى: }إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حكيم{ فهي بمعنى أنه عليم بما يصلحكم ،حكيم فيما يأمر به وينهى عنه ؛ لأنه الكامل في أفعاله وأقواله ، العادل في خلقه وأمره ، تبارك وتعالى: }أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ{.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.