بنك المغرب: أرباح المجموعات البنكية تتجاوز 21 مليار درهم في 2024    فيلدا: اللقب ضاع منا بسبب تفاصيل صغيرة    إجهاض محاولة تهريب أطنان من الشيرا    رئيس وزراء أستراليا: إسرائيل تنتهك القانون الدولي "بكل وضوح"    مؤسسة الفقيه التطواني تعلن عن تنظيم جائزة عبد الله كنون        توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    فيلدا حزين بعد خسارة "لبؤات" الأطلس.. التراجع عن احتساب ضربة جزاء أثر على سير المباراة    الجزائر تسحب بطاقات امتياز دخول مطاراتها وموانئها من السفارة الفرنسية    الملك يهنئ المنتخب الوطني النسوي    جمالي: تحديات ثلاث أمام تحويل الدعم المباشر إلى رافعة للتمكين    زيادات مرتقبة في منح مؤسسات الرعاية الاجتماعية    طفلة هولندية تقود سيارة وتصطدم بمنزل    نيجيريا تحسم نهائي كأس إفريقيا للسيدات ب3-2 أمام "لبؤات الأطلس"    بين ابن رشد وابن عربي .. المصباحي يحدد "أفق التأويل" في الفكر الإسلامي    بدء دخول قوافل مساعدات إلى غزة عبر معبر رفح بعد إعلان إسرائيل "تعليقا تكتيكيا" لعملياتها العسكرية    من قلب +8: أسئلة مؤجلة من المستقبل عن الهوية والتنمية وروح المجتمع    تهنئة من السيد محمد بولعيش، رئيس جماعة اكزناية، بمناسبة الذكرى ال26 لعيد العرش المجيد    مهمة استطلاعية حول دعم استيراد المواشي واللحوم تُواجه مأزقاً سياسياً بالبرلمان    رقم 5 يُكرّس بقاء أكرد في "وست هام"    مشروع "تكرير الليثيوم" ينوع شراكات المغرب في قطاع السيارات الكهربائية    "واتساب" يطلق ميزة جديدة تتيح للمستخدمين التحدث صوتيا مع المساعد الذكي "ميتا أي"    موجة جفاف غير مسبوقة تضرب إيران    كينيدي يعيد هيكلة الصحة الأمريكية    "عدو هارفارد" يستهدف جامعات أمريكا    "حماة المستهلك" يطالبون باليقظة أمام زحف العطور المقلدة في المغرب    نسبة ملء سدود المغرب تستقر عند 36% وتفاوت واسع بين الأحواض المائية    "نسر جرادة" يعود بعد العلاج والرعاية    بيدرو باسكال .. من لاجئ مغمور إلى ممثل يعكس قلق العالم في هوليوود    الملك محمد السادس يهنئ أعضاء المنتخب المغربي النسوي لكرة القدم على مسيرتهن المتألقة في كأس أمم إفريقيا للسيدات            "مراسلون بلا حدود" تطالب بحماية صحافي مغربي ومصور أمريكي يشاركان في سفينة "حنظلة" لكسر حصار غزة        المغرب مركز القرار الكروي الإفريقي الجديد    رسالة تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى أسرة المرحوم عفيف بناني والد الدكتور أيوب    نشرة إنذارية... موجة حر من الأحد إلى الثلاثاء بعدد من مناطق المملكة    برقية تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس جمهورية المالديف بمناسبة احتفال بلاده بعيدها الوطني        صحيفة "إلكونفيدينثيال": طنجة وجهة مفضلة للإسبان لصيانة سياراتهم بتكاليف منخفضة    أخنوش يقود اجتماعا سياسيا يشيد بنجاح الأوراش الملكية وتوازنات الاقتصاد المغربي            وفاة الموسيقار اللبناني زياد الرحباني    شفشاون تمثل المغرب ضمن 11 جماعة إفريقية في برنامج الاقتصاد الأخضر الإفريقي        صحة: اكتشاف "نظام عصبي" يربط الصحة النفسية بميكروبات الأمعاء لدى الإنسان    عصيد: النخبة المثقفة تركت الساحة فارغة أمام "المؤثرين وصناع المحتوى"    سجلماسة: مدينة وسيطية بتافيلالت تكشف عن 10 قرون من التاريخ    بعوض النمر ينتشر في مليلية ومخاوف من تسلله إلى الناظور    الوصول إلى مطار المدينة المنورة‮:‬‮ على متن طائر عملاق مثل منام ابن بطوطة!    اكتشافات أثرية غير مسبوقة بسجلماسة تكشف عن 10 قرون من تاريخ المغرب    المشي 7000 خطوة يوميا مفيد جدا صحيا بحسب دراسة    ما المعروف بخصوص "إبهام الهاتف الجوال"؟        الحج ‬إلى ‬أقاليم ‬الله ‬المباركة‮! .. منعطف المشاعر    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أضعف الأحزاب غيركم؟ !

نعم، ليس ممكنا استكمال صرح الديمقراطية بالبلاد وبناء نموذج تنموي يستجيب لتطلعات العباد، ما لم تكن هناك أحزاب سياسية قوية، مستقلة وذات مصداقية، ولها جرأة المطالبة بالإصلاحات الكبرى الضرورية، مهما كانت الظروف والصعاب. وبمقدورها إعادة الثقة للمواطنين في العمل السياسي والحضور الحزبي، والسهر على تحقيق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة… كما بات يردد على مسامعنا بعض "السياسيين" خلال خرجاتهم الإعلامية الأخيرة، لاسيما منهم من أفقده "الزلزال السياسي" منصبه السامي، ناسين أنهم كانوا أحد الأسباب الرئيسية في إضعاف أحزابهم وتعثر المشاريع التنموية، جراء عجرفتهم وانتهازيتهم وسوء تدبيرهم للشأن العام.
ومن البداهة بمكان أنه إذا ما أراد الحزب أن يكون قويا، لا بد من توفره على بعض المواصفات التي يمكن إجمالها في امتلاك قاعدة جماهيرية واسعة، تجعله قادرا على التأثير في صناعة القرار وحماية أصوات الناخبين ومصالح المواطنين، الدفاع عن حقوقهم والوفاء بوعوده وبرامجه الانتخابية، التمتع بمبادئ الحكامة الجيدة والديمقراطية الداخلية، الاستعداد الدائم للعمل على تكريس قيم المواطنة وتخليق الحياة العامة، النهوض بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، إصلاح التعليم والصحة والقضاء والحد من نسبة البطالة والفقر والأمية، وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية…
وقد خصت الدولة الأحزاب دعما سنويا من أموال دافعي الضرائب، للقيام بالمهام المنصوص عليها في الفصل السابع من دستور 2011. فهل استطاعت الأحزاب ال34 الموجودة الاضطلاع بدور الوساطة وتأطير المواطنين، وجرهم إلى العمل السياسي والمشاركة في الانتخابات، وتكريس قيم المواطنة وتخليق الحياة العامة؟ فالرد على مثل هذا السؤال وغيره، يكمن في ظهور "حركة 20 فبراير" عام 2011، التي تزامن ميلادها مع اندلاع ثورات ما سمي ب"الربيع العربي"، وشعاراتها القوية المطالبة ب"محاربة الفساد والاستبداد"، وإرساء أسس الديمقراطية وتوفير الحرية والعدالة الاجتماعية وضمان الكرامة والقطع مع ثقافة الريع والامتيازات وربط المسؤولية بالمحاسبة… والتي بفضلها عرف المغرب دستورا متقدما وتشريعيات سابقة لأوانها في نونبر 2011. وفي تدني نسبة المشاركة في الانتخابات، تصاعد الاحتجاجات الشعبية في مختلف أرجاء الوطن، إصرار المحتجين على رفض التحاور مع الفاعلين السياسيين، وارتفاع عدد المعتقلين وضحايا المواجهات الأليمة بين المحتجين والأجهزة الأمنية، خاصة خلال "أزمة الريف".
فمن المؤكد أن الأحزاب على اختلاف مشاربها بلغت من الترهل ما أفقدها ديناميتها وهويتها، إذ خسرت تماسكها وتآكلت مصداقيتها، بسبب الصراعات الداخلية والتصدعات، وما بات يطبع قادتها من تسلط وجشع وتهافت على المناصب والمكاسب، حتى صار بعض "المحظوظين" لا يكاد يخرج من حكومة إلا ليدخل أخرى، دون أن يكون قادرا على تحمل المسؤولية في رعاية مصالح المواطنين وإيجاد حلول لمشاكلهم، في غياب ربط المسؤولية بالمحاسبة. وزاد من تعميق الفجوة بين الأحزاب والمواطنين، أن الكثير من الفاعلين السياسيين لم تعد لهم من انشغالات عدا مراكمة التعويضات والأجور بأي ثمن، ضدا عن المبادئ والمصلحة العامة للشعب، حتى أضحت الحكومات تتشكل من ائتلافات متنافرة بين الإسلامي والشيوعي والاشتراكي واللبرالي، وتنبثق عن انتخابات يسودها تفشي الرشوة والمال الحرام واستغلال الدين… في ظل الحياد السلبي للإدارة. وهو ما قاد عديد المغاربة إلى الانفضاض من حول السياسيين ونفض اليد عن الأحزاب…
وجدير بالذكر أنه رغم محن سنوات الجمر والرصاص، كانت هناك أحزاب قوية بمصداقية قادتها ومشاريعها المجتمعية، والحس الوطني والرصيد النضالي المشرف لأطرها، حيث أنها راكمت تجارب وإنجازات هامة، وأنتجت نخبا وازنة، لكن سرعان ما تراجعت وتيرة أداء وظائفها لأسباب متعددة… وكانت مسؤولية الدولة ثابتة في تعطيل الديمقراطية والتخويف من السياسة، عبر التضييق والقمع وشق صفوف الأحزاب وإنشاء أحزاب "الكوكوت"، فضلا عن رداءة النظام الانتخابي المعطوب الذي لا يعكس التمثيلية الحقيقية للإرادة الشعبية، ولا يفرز أغلبية برلمانية متجانسة أو حكومة ومجالس قوية.
أما اليوم، وفي ضوء ما تحقق من إصلاحات بفضل نضالات وتضحيات الشرفاء والإرادة الملكية، لم يعد مقبولا تبرير "السياسيين" إخفاقاتهم بادعاء معاكسة "التحكم" وسواه لمحاولات التغيير، والحال أنهم المسؤولون عن التلاعب بالصفقات العمومية، تأخير إنجاز المشاريع التنموية، تبديد المال العام، تفشي المحسوبية واستغلال النفوذ، التستر على الموظفين الأشباح، غياب الديمقراطية الداخلية، التطبيع مع الفساد بمختلف أشكاله، عدم الالتزام بالبرامج والوفاء بالوعود الانتخابية، تدني مستوى الخطاب السياسي والتنابز بالألقاب وتصفية الحسابات الضيقة في البرلمان وخارجه، استغلال الحصانة البرلمانية لتحقيق أهداف ذاتية، تكريس ظاهرة الترحال السياسي وتزكية الكائنات الانتخابية من أصحاب المال والنفوذ، دون مراعاة معايير الاستحقاق والكفاءة والشفافية والمصداقية والنزاهة، فضلا عما يرافق المؤتمرات الوطنية من تطاحنات وانقسامات…
ولا نعتقد أن هناك دليلا على أن السياسيين هم من أضعفوا أحزابهم، أسطع من "الزلزال السياسي" الذي أطاح برؤوس بعضهم، ولا أقوى من انتقادات الملك محمد السادس الشديدة اللهجة لهم في عدة مناسبات، مبديا عدم رضاه عن سلوكاتهم التي أفسدت الفعل السياسي وانحرفت به عن جوهره النبيل. واستغرابه من دناءة أفعالهم المتنافية مع مبادئ وأخلاقيات السياسة، خاصة في الانتخابات، مما أدى إلى نفور المواطنين وخاصة الشباب من العمل السياسي وعدم المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية.
فلا سبيل لإحداث التغيير وإنقاذ البلاد من المخاطر المحدقة، عدا القطع مع الممارسات المشينة وخلق أجواء جديدة من التنافس الشريف وتجويد العرض السياسي، بما يساهم في إعداد النخب والبرامج الكفيلة بالارتقاء بمستوى تدبير الشأن العام وإعادة الثقة للمواطنين في الأحزاب والانتخابات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.