حسناء أبو زيد: الاتحاد الاشتراكي يحتاج ملتمس رقابة لتحريره من قيادته الحالية    من بينها أقاليم بالشمال.. زخات رعدية قوية مصحوبة محليًا بتساقط البَرَد متوقعة بعدد من أقاليم المملكة    أنشيلوتي يودع ريال مدريد برسالة مؤثرة    المحكمة تواصل الاستماع لسعيد الناصيري في تهم "مسك وترويج ومحاولة تصدير المخدرات"    نهائي الكاف.. التوقيت والقنوات الناقلة لإياب مباراة نهضة بركان وسيمبا    تمويل أوروبي ضخم يدفع المغرب نحو ريادة الطاقة الخضراء    المغرب يدعو لتعاون خليجي-متوسطي لتمكين إفريقيا وتحويلها ل"قارة القرن 21″    بلقصيري تحتضن مهرجان سينما المرأة والطفل في دورته الثانية    نائب رئيس مجلس النواب من مراكش: التجارة الدولية تواجه الأنانيات القطرية وشعوب الجنوب تدفع ثمن التلوث    تعيين عزيز الذنيبي مدربا جديدا للنادي الرياضي المكناسي لكرة القدم    تسجيل هزة أرضية بقوة 4.3 درجات نواحي الخميسات    وفاة سجين من الحسيمة بسجن وجدة.. العائلة ترد على بلاغ مندوبية السجون    صراع بين جماهير فنربخشة النصيري    الباروك يلاقي الأندلسي والتصوف الإفريقي في فاس.. إيطاليا تُبدع كضيفة شرف لمهرجان الموسيقى العريقة    حفل كبير يُتوِّج تظاهرة الأيام المفتوحة للأمن الوطني    حسن الادريسي منصوري نجم مغربي واعد في سماء الكرة الطائرة العالمية    الفنان الأمازيغي عبد الرحمان أوتفنوت في ذمة الله    "الاشتراكي الموحد" يدعو لاعتقال ومحاكمة الجنود الإسرائيليين المشاركين في "الأسد الإفريقي"    حملات جديدة ضد أتباع غولن بتركيا    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بارتفاع    رونالدو يشعل مواقع التواصل الاجتماعي بعد شائعة ارتباطه بالوداد    الشروع في إحداث موقف بجوار ملعب طنجة الكبير بطاقة تستوعب آلاف السيارات    مقتل 4 أشخاص وفقدان 17 آخرين في انهيارات أرضية بالصين    "هنا".. عندما تتحول خشبة المسرح إلى مرآة لحياة أبناء "ليزاداك"    مهدي مزين وحمود الخضر يطلقان فيديو كليب "هنا"    "مهرجان الريف" يحتفي بالأمازيغية    الله أمَر بالسّتْر ولم يأمُر ببيْع الماسْتَر !    دراسة: الولادة المبكرة قد تكون مفيدة في حالة الأجنة كبيرة الحجم    قتلى وجرحى في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    بريطانيا تدرس استخدام الإخصاء الكيميائي الإلزامي لمعاقبة بعض المعتدين جنسيا    سلوفاكيا تساهم في الزخم المتزايد لفائدة مغربية الصحراء    إحباط تهريب آلاف الأقراص المخدرة بالدار البيضاء    انتشار الأفران العشوائية يزعج الفدرالية المغربية للمخابز    وزير النقل الفرنسي يشيد بتقارب المواقف مع المغرب بشأن ملفات استراتيجية    حديقة الحيوانات بالرباط تعلن ولادة أزيد من 80 حيوانا من الأنواع النادرة    قطر تخصص 36.5 مليون دولار جوائز في كأس العرب 2025    الدولار يتراجع بفعل مخاوف الدين الأمريكي واليورو والين يصعدان    بكين.. الصين وهولندا تعززان شراكتهما الاستراتيجية    حرارة وزخات رعدية في توقعات طقس الجمعة    المغرب يعزز قدراته العسكرية بوحدات خاصة لمواجهة تهديدات الأنفاق باستخدام تقنيات متقدمة    انطلاق أيام التراث بمراكش احتفاء بالماء والحدائق    النيجر تعيد رسم خريطة التحالفات في الساحل: تكريم صدام حفتر صفعة جديدة للنظام الجزائري    النساء الاتحاديات يدقن ناقوس الخطر حول معاناة نساء تندوف في مؤتمر الأممية الاشتراكية بإسطنبول    بنكيران: الحكومة تعمدت إفشال ملتمس الرقابة عبر التواطؤ مع بعض الأطراف في المعارضة    الأزمي: تضارب المصالح ينخر عمل الحكومة وملتمس الرقابة كان ضرورة سياسية ودستورية    31 قتيلا و2939 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    بطاريات المستقبل تصنع بالقنيطرة .. المغرب يدخل سباق السيارات النظيفة    وزير الشباب والثقافة والتواصل يتوج الفائزات والفائزين بالجوائز في حفل الدورة الثانية لجائزة المغرب للشباب    بايتاس يكشف تفاصيل بخصوص العقوبات البديلة    الحكومة تُطلق دعما مباشرا لحماية القطيع الوطني وبرنامجا لتحسين السلالات    السعودية تجري أول عملية لزرع جهاز ذكي داخل الدماغ في الشرق الأوسط    وزير الصحة المغربي يجري مباحثات ثنائية مع المدير العام لمنظمة الصحة العالمية    لإيقاف السرطان.. التشريح المرضي وطب الأشعة الرقمي أسلحة مدمرة للخلايا الخبيثة    البرازيل في ورطة صحية تدفع المغرب لتعليق واردات الدجاج    في مجاز الغيم: رحلة عبر مسجد طارق بن زياد    المغاربة... أخلاق تُروى وجذور تضرب في عمق التاريخ    تلك الرائحة    من المغرب.. مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    









أبناؤنا وحسن استثمار الصيف..المسؤولية الأسرية أولا.
نشر في أزيلال أون لاين يوم 27 - 06 - 2021

كان الله في عون الأبناء والآباء على السواء، وهم يواجهون أشد المواجهة كل نهاية موسم دراسي، فراغ العطلة الصيفية المهول، على طوله وامتداده على أزيد من 90 يوما والله المستعان، وعلى حرارته المفرطة التي يستثقل فيها المرء فعل شيء أي شيء، وعلى قلة البرامج الصيفية المفيدة والممتعة أو إمكانية الاستفادة منها، عطلة وقيظ وحر مفرط وفراغ تعاود ورودها على الناس كل سنة دون جديد، غير تجاوزهم الكثير من الأشكال التقليدية والعادية لاجتياز العطلة، دون إبداع بدائل جديدة مفيدة وممتعة أو إيجاد الفرصة وإمكانيات الاستفادة مما هو موجود منها؟؟.
ما هي جهودنا كدولة وقطاعات..وهيئات وأندية وجمعيات ومؤسسات في تدبير هذه الفترة الزمنية الطويلة والمملة عند الكثيرين، والتي تسمى عند الآخرين بالوقت الثالث، ومعلوم في كل العالم مدى أهمية وخطورة هذا الوقت الثالث الذي يعتبر بحق عاملا أساسيا في مدى تقدم الأمم والشعوب ورقيها بقدر استثماره أو تأخرها وتخلفها عند هدره، ذلك أن هذا الكنز المهدور يمكن أن يقدم للفرد والأسرة والمجتمع قدر كبير من الخدمات والمهارات عند استثماره أو يسبب لهم من الآفات والانحرافات عند هدره، فكيف لا نأبه به نحن بالشكل المطلوب، رؤية وبرامج، مؤطرين وفضاءات..، ونترك خراجه لمجرد الشوارع والمقاهي وفطرياتها الضارة ؟؟.
مثال حي على ذلك، لا زال البلد يكتوي بفراغه وهو جائحة "كورونا" وما رافقها من الحجر الصحي والدراسي والتجوالي والاقتصادي..، ولمدة سنة كاملة أو يزيد من الخوف والانتظار والألم، كان كل نشاط الإنسان فيها تقريبا هو مجرد الأكل والشرب لسد الرمق والبقاء على قيد الحياة وبأي شكل من الأشكال، حتى أصبح وكأنه "مفورماطي" لا ثقافة ولا إبداع ..لا فن ولا رياضة..لا سياحة ولا ملاحة..لا..ولا..ولا..ولا رأي ولا مشاركة، حتى أصبح وكأنه مجنون يخبط خبط عشواء، ويخوض في ما يخوض فيه دون هوية ولا مرجعية مرشدة ولا بوصلة أو منارة هادية، "اللغة العربية".."التطبيع".."القنب الهندي".."العلاقات الرضائية"..والحجر على "الحريات العامة" لتبرير التجاوزات التي طالت حتى عبادته في المساجد..؟؟.
إنها لعنة الفراغ وفظاعة الجائحة وكساح الخوف والانتظار والألم، وصدق من قال: " إن الشباب و الفراغ والجدة…مفسدة للمرء أي مفسدة"، فكيف إذا أضيف إلى ذلك نقمة أو نعمة الفراغ، نعمة أو نقمة الصحة، ونعمة أو نقمة الشباب والجدة الوفرة الوافرة، وكيف إذا أضيف إلى كل ذلك عجز الدولة التي ترفع شعار:" عطلة للجميع" وبالكاد بالكاد تخيم مجرد مليوني طفل من بين حوالي 10 ملايين منهم في سن التخييم؟؟، وكيف إذا أضيف إلى ذلك غلق معظم الجمعيات أبوابها خلال الصيف، وعدم اقتحام من بقي منها مشتغلا لمعضلة الأطفال والطفلات والشباب والشابات وأسئلة الصيف الحارقة المحرقة، وأنى لها ذلك وكل عملها مجرد تطوع في تطوع تعوزه الطاقات والإمكانيات؟؟.
كان الله في عون الأسرة، وهي من اليوم الأول من العطلة المدرسية تتضايق بأبنائها وتواجدهم الدائم والمزعج في المنزل، مع ما يسببه ذلك معهم من احتكاكات وصراعات وصدامات عنيفة أحيانا، إلى درجة أن هذه الأسرة قد تشكو بأبنائها ومنهم، وترفع أكفها إلى الباري تعالى صارخة بالليل والنهار:" يا رب..يا رب..متى تأتي – خلاص – هذه المدرسة، لنرتاح من هؤلاء الشياطين"، الأبناء هم الشياطين(الجنون والفزاغيل والمساخيط)، والمدرسة هي الخلاص على كل علاتها التربوية والقيمية ؟؟، كيف لا والأسرة قد تكون أفقر منها وليس لها من الوسائل التربوية أحيانا إلا العقوبة والعقوبة القاسية، قد تبلغ عند بعض الأمهات أحيانا – كما يحكي أحد الظرفاء – تكليف الأبناء بتنقية صحن العدس مما قد يكون عالقا به من الحجيرات، حتى إذا أتموا تنقيته بعد جهد جهيد، أعادت الأم الحجيرات إلى العدس ليعيدوا تنقيته من جديد، فلا العدس ينقى ولا عمل الأبناء يبقى ولا "الطاجين" المنتظر ينضج ويرقى، إنها مأساة الأسرة والأبناء والعطلة الصيفية؟؟.
ولكن من حسن الحظ، أن كل الأسر ليست معدومة ولا عاجزة إلى هذه الدرجة الكاريكاتورية السوريالية، بل يمكنها القيام بدورها في تدبير فراغ العطلة الصيفية لها ولأبنائها، بما يلزم وزيادة، فقط بتوفير بعض الشروط ومنها:
* معرفة الأسرة أن الأبناء مسؤولية آبائهم وأمهاتهم قبل غيرهم من الهيئات والمؤسسات أعطت أو منعت؟.
* أن العطلة ليست ترفا زائدا ولكنها ضرورة، ينبغي أن يتمتع بها الجميع، لأن القلوب إذا ملت كلت وتكلست ؟،
* أن العطلة ينبغي أن تبقى عطلة، يمكن الاستفادة منها ولكن ليس بالشكل الذي كان مألوفا ومملوء قبلها؟،
* والعطلة الأسرية تكون أكثر متعة ولو في المنزل، بقدر ما يخصص الآباء من وقت لأبنائهم وتنوع برامجهم؟،
* وأن أنجح البرامج الصيفية الأسرية ما كان ميسرا مخففا مفيدا وممتعا وكان بالتشاور والتوافق بين الجميع؟.
* أن الدولة توفر فرصة التخييم لأبنائك، ينبغي الحرص على المشاركة فيها وعلى الأسرة تقع مسؤولية اختيار الجمعية المخيمة،بما يستجيب لحاجيات ورغبات الأبناء، ولكن العطلة الصيفية أطول وأكبر من مرحلة تخييمية؟.
* في الجمعيات الصيفية برامج ثقافية فنية ورياضية ودورات تكوينية يمكنك أخذ قسط منها حسب حاجاتك (دورات تحفيظ القرآن والحديث..مراجعة وإعداد المقررات الدراسية للسنة المقبلة..تعلم اللغات والبرمجيات والتطبيقات..تعلم الصنعة والتدبير المنزلي للفتيات…القراءة والبحوث الاجتماعية..وغيرها من المهارات)؟.
* وفي أحيائنا السكنية أيضا، كثير من الأنشطة التي لا تزال صالحة لتجزية العطلة بشكل مفيد وممتع إذا ما حظيت بالمواكبة والتأطير الأسري أو الجمعوي، كالمشاركة في الدوريات الرياضية بين الأحياء، أو الرحلات السياحية إلى الضواحي في المدن والبوادي، أو المشاركة في بعض المواسم المحلية والمهرجانات الوطنية، أو حملات النظافة في الأحياء والمساجد، أو ورشات تعليم الصنعة عند مهنيي الحي، أو القيام بمشروع تجاري صيفي معين…مع المواكبة والرعاية الأسرية والجمعوية طبعا لأن الشارع والأقران وحدهم لا يربون ؟؟.
وتبقى المسؤولية الكبرى على الدولة وقطاعاتها الحكومية وسياساتها العمومية، فلا يمكن تدبير كذا معضلة فراغ سنوية عمومية بمجرد شبه الإهمال أو مجرد التطوع، بل لابد فيها من سياسات عمومية تقدم للناس خدمات عمومية تكون من حق وفي متناول الجميع في المدن والبوادي، تستوعب كافة الشركاء والفاعلين، ولها من البرامج والفضاءات، ما يستوعب جميع الفئات وفي جميع الأوساط، ما يكون ممتعا مواطنا ونافعا، يؤطره الأكفاء من المؤطرين الجمعويين والوزاريين؟؟،
ومن أجل ذلك لابد من تكثيف مراكز الاصطياف والتكوين والترفيه عبر الشواطىء والجماعات والجهات والمنتجعات، لابد من تفعيل الهيئات والمجالس العليا المعنية بالأسرة والطفولة والشباب والعمل الجمعوي، لابد من فتح أبواب المؤسسات التعليمية والقاعات العمومية ومراكز الاستقبال والساحات العمومية وغيرها بمواكبة ودفاتر تحملات، لابد من استثمار العلاقات الدولية لتنشيط تبادل الرحلات والمقامات و تنظيم المخيمات والمهرجانات..؟، وكل هذا سيجعل المواطن – في الأول وفي الأخير – يعزز ثقته ومشاركته في ما تهتم به الدولة من توجهات و ترفعه من شعارات وعلى رأس ذلك :"الاستثمار في الطفولة والطفولة المبكرة" و"العناية بالتراث اللامادي والرصيد القيمي للإنسان" أو ما أصبح يبشر به النموذج التنموي الجديد:" بناء الإنسان قبل و بعد بناء العمران" ؟؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.