الخط : إستمع للمقال ماذا حققت حملات التهجم على المؤسسة الأمنية وشخص المدير العام؟ لا شيء. فقط، حالة من الإجهاد الذهني في فبركة الوقائع والأحداث، بينما أربك فشل هذه الحملات كل الأجندات الداخلية والخارجية؟ المؤكد أنها لم تنجز شيئا غير تعزيز وتقوية صورة المؤسسة الأمنية في المخيال الاجتماعي والحاجة إلى جهاز قوي، وهو ما كشفته تقارير وطنية ودولية أبانت حجم منسوب الثقة المرتفع للمواطنين في الأمن. "إلا الحماقة أعيت من يداويها"، والحماقة تارة تختبئ وراء خطاب حقوق الإنسان وتارة وراء حرية التعبير التي تحولت إلى حق في التشهير، وفي حالات أخرى اتخذت هذه الحماقات صورا تناقص العقل والمنطق، من خلال افتعال سيناريوهات وصلت حد اختلاق وقائع كاذبة ومحاولة تلفيقها وتسويقها عبر الصحافة الدولية في باريس ولندن وبروكسيل وغيرها. وهي كلها أخبار تأسست على ما ينقله "الوكلاء" إلى الصحافة الأجنبية بقصد الحفاظ على مستوى معين من الضغط على الدولة، وتعريض مصالحها وسياساتها ورجالاتها للابتزاز الخارجي بواسطة افتعال وقائع مزيفة. إن استهداف المؤسسة الأمنية، أو كما يصفها المفكر الأمريكي جين شارب ب"أنظمة الطاعة والسلطة داخل المجتمعات"، هو جزء من نظرية سياسية قديمة تجعل الأمن ومسؤولي الأمن أكثر الأنظمة فعالية لضمان التزام المواطنين بالطاعة والنظام العام. ومن هنا يكون استهداف المؤسسة الأمنية مقدمة لاستهداف النظام العام وهدم الأسس التي يقوم عليها كل نظام سياسي بفضل قدرته على الاستمرارية والتأقلم مع التحولات واقتناص فرص الإصلاح. إن تتبع التهجم الممنهج على المؤسسة الأمنية وشخص مديرها العام، يُظهر بشكل لافت أن القوى المناهضة للاستقرار تركز بشكل أكبر على هذه المؤسسة، وتسعى جاهدة إلى بناء صورة ذهنية مؤذية عنها، وكل ذلك ضمن مخطط هدفه الإضعاف. عموما، يقوم مخطط الاستهداف على محددين: التشبيك والتشكيك. في استراتيجية التشبيك عمدت هذه الجهات إلى توزيع الأدوار والخطاب بين شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات منظمات دولية مهمتها تحويل تقارير أمنية إلى أعمال صحفية وتسويقها على أساس أنها جزء من التحقيقات الإعلامية. تابعنا كيف حدث هذا السيناريو عند افتعال قضية "بيغاسوس" ضد المغرب، وكيف انتشرت تقارير إعلامية دولية بشكل متواز معتمدة على خلاصات ما يسمى "برنامج داتا" لمنظمات "فوربيدن ستوريز"، وهي في الحقيقة تحمل بصمات أعمال استخباراتية لا علاقة لها بعمل المنظمات الحقوقية ولا الإعلامية. وبعد أن تم تحديد الهدف في استهداف المؤسسة الأمنية وشخص مديرها، استلمت بعض المواقع والحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي إتمام المهمة، وتحويلها إلى قضية رأي عام، في أشهر عملية ابتزاز وتشهير تعرض لها جهاز الأمن الوطني، أنجز هذا المهمة كائنات تارة تسوق خطابها بوصف الضحية وتارة بوصف الوكيل الإعلامي لهذه المنظمة. المحدد الثاني يقوم على استراتيجية الهدم بالتشكيك، وهي مسألة مهمة لفهم الغرض الوظيفي من أسلوب التشكيك وأثره في إحداث هزة في بنية التفكير والطريقة التي يتلقى بها المتلقي هذه الخطابات عن مؤسساته الوطنية. تقوم هذه الاستراتيجية على مخطط بناء الثقة مع المتلقي من خلال ادعاء معاصرة الرواة ومعايشتهم ثم خلط بعض الحقيقة بكثير من الافتراء، والأهم في هذه الفكرة ألا ينقطع التواصل حول نفس الفكرة طيلة مرحلة "بناء الخطاب التشكيكي" حتى يتشبع المتلقي بحجم كبير من المعلومات تخلق له حالة تضخم مفتعلة تحجب عنه الحقيقة أو البحث عن بدائل. من حيث بناء الشخصية، يمتاز خطاب التشكيك باختلال سيكولوجي وسلوكي غالبا ما ينعكس في حركات وإيماءات أصحاب هذا الخطاب أمام الكاميرا. يعمد أيضا هذا النوع إلى تصوير نفسه كشخص موثوق وقادر على الاعتذار عن نشر أخبار زائفة؟ لكن الغاية من الاعتذار هو التمويه وإضفاء مصداقية أكثر على ادعاءاته السابقة وفيما سيأتي! لا يحتاج الأمر إلى كثير من التدقيق لفهم الخلفيات التي تحرك هذا "الروتيني الإعلامي"، إذ يكفي أن تنظر إلى التوقيت والسياق للتيقن من طبيعة الأجندات التي تحرك حملات التشهير والأعمال العدائية ضد مصالح المغرب ومؤسساته. نقترب اليوم من عيد العرش الذي سيشهد احتفالات وتقاليد وطقوس كما هو الحال كل عام، وسيشهد تصعيد الهجمات على المملكة ومؤسساته الأمنية كما هي العادة في هذا الشهر من كل سنة. عادةٌ دأبت عليها هذه الكائنات التي جعلت من مواقع التواصل الاجتماعي مورد استرزاق. في رد على كل هذه العدمية والأعمال العدائية التي تستهدف المؤسسة الأمنية وقياداتها، تسارع كبريات أجهزة المخابرات العالمية إلى توقيع اتفاقيات شراكة أمنية مع المغرب، من أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية وآسيا بما يكرس دور الديبلوماسية الأمنية التي جعلت من الرباط عنصر قوة وعامل استقرار في محيط إقليمي متقلب. الوسوم إحسان الحافيظي المؤسسة الأمنية المغرب