أمير المؤمنين يترأس الخميس إحياء ليلة المولد النبوي الشريف بمسجد حسان بالرباط    اللجنة الوطنية لدعم حراك الريف ومطالبه العادلة تنعي المناضل أحمد الزفزافي    "الأسود" يواصلون التحضير للقاء النيجر    إدانة ابتسام لشكر بسنتين ونصف حبسا    ذكرى المولد النبوي .. نور محمد صلى الله عليه وسلم يُنير طريق الأمة في زمن العتمة    بنسليمان.. انطلاق عملية انتقاء وإدماج مجندي التجريدة ال40 للخدمة العسكرية    باحثة فرنسية تهاجم "لوموند" وتنتقد "أكاذيبها" حول الملك محمد السادس في رسالة لماكرون    "البام" يدعو إلى زيادة مقاعد النواب إلى 450 ولائحة وطنية للكفاءات    هاجس تقليص "هجرة الممرضين" يتصدر نقاشات وزارة الصحة والمهنيين    تداولات بورصة البيضاء تتشح بالأخضر    ملء السدود يستقر بداية شتنبر بأمل تباشِير تساقطات الموسم الفلاحي    ورزازات.. توقيف نصاب انتحل صفة مسؤولين عسكريين وأمنيين للنصب على أشخاص عبر وعدهم بوظائف    اجتماعات تحضيرية بتطوان لإنجاح الدخول المدرسي 2025-2026            تحويلات الجالية المغربية تسجل رقما قياسيا ب119 مليار درهم سنة 2024    فيفا: سوق الانتقالات الصيفية يحطم رقماً قياسياً بأكثر من 9 مليارات دولار    نتنياهو يصف رئيس وزراء بلجيكا "بالضعيف" عقب قرار الاعتراف بفلسطين    العزيز: لا إصلاح انتخابي دون إطلاق سراح معتقلي الريف    دولة أوروبية تحظر بيع مشروبات الطاقة للأطفال دون 16 عاما    جمعية ساحة الفنانين تطلق مخططها الاستعجالي لإنقاذ مايمكن إنقاذه    ميناء العرائش .. تراجع بنسبة 6 في المائة في مفرغات الصيد البحري مع متم يوليوز الماضي    حملة أمنية نوعية للدرك الملكي تعزز الأمن بإقليم الفحص أنجرة    المهراوي يبدأ تجربة جديدة في روسيا    فرنسا تصدر مذكرة توقيف بحق بشار الأسد ومسؤولين سابقين لاتهامهم باستهداف صحفيين عام 2012    هدية غير متوقعة من عابر سبيل    ترامب يتهم الصين وكوريا الشمالية وروسيا بالتآمر ضد أمريكا    عزل رئيسة جماعة بإقليم بنسليمان                خصاص خطير في أدوية السكري بمركز اتروكوت يهدد حياة المرضى        تصفيات مونديال 2026.. المنتخب المغربي يواصل تحضيراته بواقع حصتين في اليوم استعدادا لملاقاة النيجر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    اسرائيل تطلق قمرا تجسسيا جديدا قالت إنه "رسالة إلى أعدائها"    الألماني غوندوغان يلتحق بغلطة سراي    ماكرون يحذر إسرائيل بخصوص حركة الاعتراف بفلسطين    كيوسك الأربعاء | إطلاق 694 مشروعا جديدا لتعزيز خدمات الصرف الصحى    الرئيس الصيني: لا سلام عالمي دون اقتلاع جذور الحروب وبناء علاقات متوازنة    دراسة تكشف أهمية لقاح فيروس الجهاز التنفسي المخلوي لكبار السن    شرب كمية كافية من السوائل يساعد على تخفيف التوتر        الولايات المتحدة تعلن تحييد "قارب مخدرات" قادم من فنزويلا        "الإصلاح" تتضامن مع ضحايا الكوارث    غموض مستقبل حمدالله بعد رغبته في الرحيل عن الشباب السعودي    أمينوكس سعيد بالحفاوة الجماهيرية في مهرجان السويسي بالرباط    تكهنات بانفصال لامين يامال عن نيكي نيكول بعد حذف الصور المشتركة    وجبات خفيفة بعد الرياضة تعزز تعافي العضلات.. الخيارات البسيطة أكثر فعالية    "الحر" يطلق جديده الفني "صرا لي صرا"    80 فنانًا من دول مختلفة يشاركون في المعرض الجماعي للفن التشكيلي بتطوان    اختصاصي في جراحة العظام يكشف فوائد المشي حافي القدمين        الإخوان المسلمون والحلم بالخلافة    الأوقاف تعلن موعد أداء مصاريف الحج للائحة الانتظار من 15 إلى 19 شتنبر    ليالي العام الهجري    جديد العلم في رحلة البحث عن الحق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البنية "المفاهيمية" السرية لمواجهة الدولة
نشر في برلمان يوم 14 - 06 - 2023

يحتاج إنتاج الخطاب إلى لغة، وتحتاج اللغة إلى حمولة قد تكون حيادية وقد تكون متآمرة. وعادة ما تصبح هذه الحمولة، المتآمرة منها، موجهة نحوالمجتمع بغرض توجيهه أو تحريضه ضد مؤسسات الدولة. وهذا ما يُطلق عليه في علم اللسانيات اسم "سلطة اللغة" التي تقوم على بناء جهاز مفاهيمي تخريبي، أحيانا، يهدف إلى تحقيق أغراض تتعدى الخطاب نفسه، وتتخذ صورا منها المغالطة والتسفيه والتمويه وتوجيه الرأي العام وخداعه، وهنا تقوم بعض المفردات المستخدمة بتحويل أفعال خطابية عدائية إلى أفعال خطابية جادة، ومن ذلك مثلا النقاش الدائر اليوم حول "البنية السرية".
يبدأ الخطاب حول هذه البنية بالتخويف، والغرض من ذلك وضع مؤسسات الدولة خارج الشرعية، وهذا في حد ذاته جزء من العملية الخطابية المعادية.وهكذا يرسم أصحاب هذا الخطاب البنية السرية في شكل جهاز الأمن والداخلية وإدارة السجون وأجهزة المخابرات ثم بعض مستشاري الملك. ولأن الغرض هو التخويف فإن اللغة المستخدمة لا تنصرف إلى البنية/ المؤسسة بل تركز على شخصنة هذه المؤسسات وتصويرها على أنها دولة داخل الدولة، والغرض من ذلك مغالطة الرأي العام في مرحلة أولى ثم تسفيه جهودها في مرحلة لاحقة من خلال إطلاق تسميات بحمولة سلبية مثلما فعل الأمير مولايهشام حينما وصف ذات يوم في مقالة له جهاز الأمن ب"المقاولة الأمنية"، مستخدما حقلا معرفيا من قاموس اقتصاد السوق لتوصيف المؤسسة الأمنية، مع ما يحمله هذا النعت من مواقف سلبية ومحرضة.
طبعا، من الخطأ الجري وراء محاولة فهم "البنية السرية"، لكن يبدو مهما تفكيك بنية الخطاب والجهاز المفاهيمي المستخدم وخلفياته ولماذا يستهدف هذا الخطاب مؤسسات وأشخاص بعينهم. وما علاقة كل ذلك بالمعارك الدبلوماسية والسياسية والأمنية التي تقودها المملكة المغربية وتوقيتها. وماذا يعيب الدولة أن تكون لها بنية لها دينامية خاصة، بوصفها نظاما لا يعرف غير نسقه الخاص؟ ثم أليس من خصائص "البنية" الحفاظ على أسباب استمراريتها؟ بغض النظر عن المواقف التي تتشكل في محيطها. فالبنية تارة لها مواقف طاردة وتارة أخرى جاذبة، وربما هذا ما حدث بالفعل مع مجموعة من "أشباه المناضلين" الذين ظنوا بداية أنهم جزء من البنية بإعلامهم ومقالاتهم قبل أن يجدوا أنفسهم خارج هذه البنية فتحولوا إلى معارضينفي الخارج! لاحقا سوف يُدرك كل هؤلاء أن للبنية قوانينها الخاصة بها والتي تجعلها قادرة على التجدد دون حاجة لعوامل مساعدة ولا لأجندة ضاغطة.
في كتلا الحالتين سواء تعلق الأمر بتوصيف "المقاولة الأمنية" أو بلفظ "البنية السرية"، فإن القصد هو استهداف مؤسسات الدولة، وتصويرها كأجهزة تشتغل خارج القانون وتأليب الرأي العام ضدها، وذلك عبر تجريب استخدام جهاز مفاهيمي للتسويق الإعلامي يُضمر مخاطر حقيقية عبر تداول خطاب/ بنية من الرموز تُستخدم ضد رموز الدولة، يتم ترويجها بين مجتمع المتحدثين بما يحمله هذا الأخير من جاهزية لإعادة استخدامها وتداولها على أساس أنها حقيقة، والحقيقة أنها مغالطات غرضها التسفيه أو التهويل والتخويف وبناء صورة نمطية سلبية تترسخ في أذهان المجتمع تحت مسميات "البنية" وغيرها...
إن استخدام سلطة اللغة فكرة مميزة، تطورت بين أحضان المدرسة الأمريكية للعلوم السياسية مع مفكرين أمثال ألموند غابرييل وجين شارب وغيرهم، فاستخدموا عبارات وظيفية بديلة هي أقرب إلى التنظير من الممارسة، من قبيل الوظائف بدل السلطات والأدوار بدل المناصب والنظام السياسي بدل الدولة. فقد وظفوا اللغة في إعادة بناء التصورات العامة حول السياسة والمؤسسات. بالمقابل، ذهب "جين شارب" إلى أبعد من التنظير فاشتغل على إعادة بناء جهاز مفاهيمي قادر على تخريب الدول في إطار ما يسميه ب"الإطار التصوري للتحرر"، جعل من بين وظائف هذا الخطاب هدم أركان النظام السياسي دون حاجة للعنف من خلال استهداف المؤسسات التي يرتكز عليها النظام مثل الجيش والشرطة والمؤسسات السيادية داخل الدولة، وبالتالي العمل على تفكيك النظام عبر فصله عن مؤسساته كنوع من التحدي السياسي، وهذا ما يقصده فعليا، اليوم، أصحاب أطروحة "البنية السرية".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.