توفيق الحماني: بين الفن والفلسفة... تحقيق في تجربة مؤثرة    المخرج عبد الكريم الدرقاوي يفجر قنبلة بمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي ويكشف عن «مفارقة مؤلمة في السينما المغربية»        وفاة رئيس أركان وعدد من قادة الجيش الليبي في حادث سقوط طائرة في تركيا    نشرة إنذارية.. زخات رعدية محليا قوية وتساقطات ثلجية وطقس بارد من الأربعاء إلى السبت    شخص يزهق روح زوجته خنقا بطنجة‬    نص: عصافير محتجزة    وزير الصحة يترأس الدورة الثانية للمجلس الإداري للوكالة المغربية للدم ومشتقاته    رباط النغم بين موسكو والرباط.. أكثر من 5 قارات تعزف على وتر واحد ختام يليق بمدينة تتنفس فنا    أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامعة الأزهر المصريّة    الكشف عن مشاريع الأفلام المستفيدة من الدعم    بنسعيد: الحكومة لا تخدم أي أجندة بطرح الصيغة الحالية لقانون مجلس الصحافة    المغرب في المرتبة الثامنة إفريقيا ضمن فئة "الازدهار المنخفض"    روسيا تعتزم إنشاء محطة طاقة نووية على القمر خلال عقد    كأس إفريقيا للأمم 2025 .. ريدوان يكشف عن ألبوم يحتفي بغنى الثقافة المغربية    رهبة الكون تسحق غرور البشر    الأمطار لم توقّف الكرة .. مدرب تونس يُثني على ملاعب المغرب    كأس إفريقيا للأمم 2025.. الملاعب المغربية تتغلب على تقلبات أحوال الطقس    الاقتصاد المغربي في 2025 عنوان مرونة هيكلية وطموحات نحو نمو مستدام    الحكومة تصادق على مرسوم إعانة الأطفال اليتامى والمهملين    بول بوت: العناصر الأوغندية افتقدت للروح القتالية    77 ملم من الأمطار بسلا خلال ساعات    أجواء إفريقية احتفالية تعمّ العاصمة المغربية مع انطلاق كأس إفريقيا للأمم    هذه تفاصيل تغييرات جوهرية في شروط ولوج مهنة المحاماة بالمغرب    بورصة الدار البيضاء تفتتح بأداء سلبي    زلزال بقوة 6.1 درجات يضرب تايوان    انفجار دموي يهز العاصمة الروسية    كأس إفريقيا بالمغرب .. مباريات الأربعاء    فرنسا تندد بحظر واشنطن منح تأشيرة دخول لمفوض أوروبي سابق على خلفية قانون الخدمات الرقمية        زلزال بقوة 6,1 درجات يضرب تايوان        الأمطار تغرق حي سعيد حجي بسلا وتربك الساكنة    "الهيلولة".. موسم حجّ يهود العالم إلى ضريح "دافيد بن باروخ" في ضواحي تارودانت    مواجهات قوية للمجموعتين الخامسة والسادسة في كأس إفريقيا    مزراري: هنا المغرب.. ترويج إعلامي عالمي بالمجان    محامو المغرب يرفضون مشروع قانون المهنة ويرونه خطرا على استقلاليتهم    "أفريكا انتلجانس" ترصد شبكات نفوذ ممتدة حول فؤاد علي الهمة في قلب دوائر القرار بالمغرب    فدرالية الجمعيات الأمازيغية تهاجم "الدستور المركزي" وتطالب بفصل السلط والمساواة اللغوية    الذهب يسجل مستوى قياسيا جديدا متجاوزا 4500 دولار للأونصة    عجز ميزانية المغرب يقترب من 72 مليار درهم نهاية نونبر 2025    كيوسك الأربعاء | وزارة الداخلية تتخذ إجراءات استباقية لمواجهة موجات البرد    بكين وموسكو تتهمان واشنطن بممارسة سلوك رعاة البقر ضد فنزويلا    طقس ممطر في توقعات اليوم الأربعاء بالمغرب    كأس أمم إفريقيا 2025.. بنك المغرب يصدر قطعة نقدية تذكارية فضية من فئة 250 درهما ويطرح للتداول ورقة بنكية تذكارية من فئة 100 درهم    عاصفة قوية تضرب كاليفورنيا وتتسبب في إجلاء المئات    تكريم الفنان عبد الكبير الركاكنة في حفل جائزة النجم المغربي لسنة 2025    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها        الولايات المتحدة توافق على أول نسخة أقراص من علاج رائج لإنقاص الوزن        دراسة: ضوء النهار الطبيعي يساعد في ضبط مستويات الغلوكوز في الدم لدى مرضى السكري    دراسة صينية: تناول الجبن والقشدة يقلل من خطر الإصابة بالخرف    خطر صحي في البيوت.. أجهزة في مطبخك تهاجم رئتيك    مشروبات الطاقة تحت المجهر الطبي: تحذير من مضاعفات دماغية خطيرة    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خلق هيئة مغربية للبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي مسألة ضرورية أم اختيارية في عالم اقتصاد البيانات؟
نشر في العلم يوم 16 - 12 - 2024

شهد المغرب في السنوات الأخيرة تقدمًا ملحوظًا في مجال البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي خاصة من خلال تنظيم مؤتمرات ومنتديات كبيرة في هذا المجال من قبيل GITEX AFRICA، والمؤتمر الإفريقي الأول الرفيع المستوى للذكاء الإصطناعي، وبالتالي كل هذه الأمور وغيرها، أثارت عدة تساؤلات حول ما إذا كانت هذه التقنيات وهاته المؤتمرات التي أقيمت من أجلها، والعديد من التوصيات الدولية، هل تُعتبر ضرورة حتمية للتنمية أم مجرد ترف تكنولوجي؟

فالبيانات الضخمة تشير إلى مجموعات ضخمة من البيانات المتنوعة والمتزايدة بسرعة، والتي تتطلب تقنيات متقدمة لمعالجتها واستخلاص المعلومات القيمة منها.

أما الذكاء الاصطناعي، فهو قدرة الأنظمة الحاسوبية على تنفيذ مهام تتطلب ذكاءً بشريًا، مثل التعلم واتخاذ القرارات، البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي تعتبر ذات أهمية استراتيجية وحيوية في تحقيق التنمية بمختلف أبعادها، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية،...

وبالتالي فالبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي، تعد من الأدوات الأساسية والمصيرية في عصر التحول الرقمي لتعزيز وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

فهما معا يساهمان في تحسين جودة اتخاذ القرارات، وزيادة الإنتاجية، وخلق فرص عمل جديدة. فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل الأسواق والتنبؤ بالاتجاهات الاقتصادية، مما يساعد الشركات والحكومات على التخطيط الاستراتيجي الفعّال، والدفع في تطوير محددات ومقومات الاستثمار المنتج، والمساهمة في خلق وتوزيع الثروة من أجل تحقيق التوازن المجالي بدل اللاتوازن الذي قد يفضي في الأخير إلى اللاعدالة مجالية، واللامساواة بين الجنسين.

واقع الذكاء الاصطناعي والتحديات في المغرب

فوفقًا لتقرير اليونسكو لعام 2024، يحتل المغرب المرتبة 88 من بين 193 دولة شملها التصنيف في مؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي، والمرتبة السادسة على مستوى الإفريقي، فمن خلال التقرير يظهر أن المغرب يمتلك نقاط قوة في مجالات البحث والتكوين، مع وجود معاهد ومدارس عالية الجودة تقدم تدريبًا في هذا المجال، بالإضافة إلى ذلك، تم افتتاح مركز من الفئة الثانية تحت رعاية اليونسكو مخصص للذكاء الاصطناعي في أفريقيا بجامعة محمد السادس المتعددة التخصصات.
فعلى الرغم من هذه الإنجازات، يواجه المغرب تحديات تتعلق بنقص المهارات الرقمية، حيث يلاحظ ضعف في هذا المجال نتيجة هجرة الكفاءات الشابة إلى الخارج، بالإضافة إلى أن الاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي بين عامي 2020 و2023 نما بشكل معتدل مقارنةً بدول مثل تونس ومصر. ففي عام 2024، تم الإعلان عن استثمار يتجاوز مليار دولار في مجالي الذكاء الاصطناعي وتقنية البلوكشين، ضمن استراتيجية "المغرب الرقمي 2030"، بهدف تحقيق تحول رقمي شامل بحلول عام 2030.

أما على مستوى البيانات الضخمة في المغرب، فقد عرف عام 2011، إنشاء أول بوابة البيانات المفتوحة لتعزيز مشاركة وإمكانية الوصول إلى البيانات. وبالتالي
هذا الإجراء يبين ويعكس التزام الدولة المغربية بتوفير بيئة مواتية لتطوير الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة.

الذكاء الاصطناعي: ضرورة أم ترف؟

في السياق العالمي، يُعتبر الذكاء الاصطناعي محركًا رئيسيًا للتحول الاقتصادي. فوفقًا لصندوق النقد الدولي، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز الإنتاجية والنمو الاقتصادي، ولكنه قد يؤدي أيضًا إلى تحديات في سوق العمل. لذلك، يُعد تبني هذه التقنيات ضرورة حتمية للمغرب للحفاظ على تنافسيته وتحقيق التنمية المستدامة، ولكن في المقابل يجب ضبط وتوجيه وتقنين استعمال الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة لعدم استعمالهم في أمور غير مشروعة، وغير قانونية، قد تفضي إلى مشاكل غير متوقعة إذا لم يتم التعامل معها بحذر، وإذا لم يحسن استعمالها.

إن الدراسات والتوقعات المستقبلية لاقتصاد البيانات، تشير إلى ما يلي:
1. على مستوى تقرير البنك الدولي الصادر في سنة 2022، يوقع هذا الأخير أن يساهم الاقتصاد الرقمي بزيادة 46%، في الناتج المحلي الإجمالي خلال 30 سنة القادمة في القطاعات التالية : التكنولوجيا المالية، التعليم، الصحة، التجارة الإلكترونية.
2. على المستوى العربي، وحسب دراسة قام بها الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، حول موضوع " اقتصاد البيانات ودوره في تعزيز الأنظمة الاقتصادية العربية "، يتوقع أن يصل حجم الاقتصاد الرقمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلى 400 مليار دولار بحلول عام 2030.

أما بالنسبة للذكاء الإصطناعي، فيتوقع خبراء التكنولوجيا، أن يضيف الذكاء الاصطناعي ما يقرب 1,2مليار دولار للاقتصاد الإفريقي بحلول 2030، والرفع من PIB، بنسبة 5,6%، وبالتالي من خلال الأرقام أعلاه، يُظهر أن البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي ليستا مجرد ترف تكنولوجي، بل هما أدوات حيوية لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العالم. ومع ذلك، يتطلب تحقيق الاستفادة القصوى منهما معالجة التحديات المتعلقة بالمهارات الرقمية والاستثمار في هذا المجال.

بالمقابل يمكن أن يلعب الذكاء الاصطناعي دورا حيويا، في القطاعات الاستراتيجية في المغرب :

1. على مستوى قطاع الزراعة، يُمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد ويساهم في تحليل بيانات التربة والطقس والمناخ، لتحسين الإنتاجية الزراعية.

2. على مستوى قطاع الصناعة، تعتمد الصناعات الحديثة، خاصةً تلك التي ترتبط بالمجمعات الصناعية الكبرى مثل مجمع الفوسفات، على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات وتحسين كفاءة العمليات اللوجستية.

3. على مستوى قطاع السياحة، فباستخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن تحليل سلوك السياح لتقديم تجارب شخصية مخصصة وتعزيز الإيرادات. بحسب البنك الدولي، تُشكل السياحة 7% من الناتج المحلي الإجمالي للمغرب، مما يعزز أهمية الابتكار في هذا القطاع.

وبالتالي يمكن للذكاء الإصطناعي، أن يحقق طفرة نوعية واستراتيجية في العديد من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية.

وبالتالي فمن أجل الانخراط في عالم المستقبل، وكوب موجات التغيير، لابد من الإطار القانوني والتنظيمي، الذي سيحتضن هذا المسار المستقبلي، وفي هذا الصدد نقترح إنشاء هيئة مغربية تعنى بالذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة تحت مسمى: الهيئة المغربية للبيانات الضخمة والذكاء الإصطناعي "AMDIA":
Agence Marocaine du Data et l''intelligence Artificielle
تعتبرAMDIA، هيئة وطنية حكومية مستقلة، تعمل تحت إشراف رئاسة الحكومة المغربية، وتضم في هيكلتها القطاعات العمومية والقطاع الخاص والهيئات المهنية، وخبراء ومختصين في مجال الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، وفي هذا الإطار تعهد للهيئة القيام بمجموعة من الأدوار التالية :

1. تحليل شامل للبيانات:

أولا، من خلال إنشاء قاعدة بيانات وطنية موحدة تُدمج فيها جميع البيانات المتعلقة بالقطاعات العمومية (الصحة، التعليم، النقل، الطاقة، وغيرها).

ثانيا، استخدام نماذج ذكاء اصطناعي لتحليل مدى توافق السياسات العمومية مع الأهداف الوطنية.

2. تقديم لوحات قياس الأداء:

أولا، تطوير لوحات تحكم Dashboard تُظهر بوضوح أداء السياسات العمومية وتأثيرها على التنمية. بالإضافة إلى تسهيل رصد التداخل أو التعارض بين السياسات.

3. تعزيز الشفافية:

من خلال نشر تقارير دورية توضح كيف تتقاطع السياسات العمومية مع أهداف النموذج التنموي 2035.

4. المساهمة في تحقيق أهداف النموذج التنموي المغربي 2035 :

من خلال تحقيق الحكامة الجيدة: تمكين صناع القرار من الوصول إلى بيانات دقيقة ومحينة لاتخاذ قرارات استراتيجية. ودعم مبادرات مكافحة الفوارق الاجتماعية والمجالية باستخدام التحليل المعمق للبيانات.

العمل على تعزيز التنافسية الاقتصادية من خلال دعم القطاعات الواعدة (الفلاحة، الصناعة، السياحة) ببيانات متقدمة لتحسين الأداء. وتشجيع الشركات الناشئة والمبتكرة في مجال الذكاء الاصطناعي.

العمل على تعزيز وتقوية الاستدامة البيئية من خلال استخدام البيانات لتحديد المخاطر البيئية وتحسين إدارة الموارد الطبيعية. والعمل على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي لدعم السياسات المتعلقة بالطاقة النظيفة والمياه.

5. العمل على تحقيق الالتقائية بين الهيئة AMDIA، والجماعات الترابية في التنمية الترابية المحلية :

من خلال إعداد خرائط ذكية، حيث يتم العمل على تطوير خرائط ديناميكية تُظهر الفوارق التنموية بين الجهات، مع اقتراح حلول لكل جهة بناءً على البيانات.

من خلال تمكين الجماعات الترابية من أدوات الذكاء الاصطناعي لتحليل احتياجات السكان وتحديد أولويات التنمية.

العمل على تدريب الكفاءات المحلية على استخدام البيانات لاتخاذ قرارات مستدامة.

العمل على تشجيع الابتكار المحلي، من خلال دعم المشاريع التنموية المحلية المبتكرة من خلال تقديم رؤى مبنية على البيانات.

وبالتالي هذا الاقتراح يُظهر كيف يمكن لهيئة مثل AMDIA أن تكون محورًا استراتيجيًا لتحقيق التنمية المستدامة والالتقائية في المغرب، بما يتماشى مع أهداف النموذج التنموي 2035.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.