أمام مظاهر التسيب والانفلات التي بدأت تتناسل هنا وهناك، على الأرض، في عدد من مناطق المغرب، وعلى مستوى الممارسة السياسية عبر بعض الخرجات والمواقفة الشاذة المتسمة بالبلطجة والانتهازية الصادرة عن بعض السياسيين وبعض المسؤولين، حاول “برلمان.كوم” جس نبض بعض الأوساط السياسية وعدد من الدوائر المسؤولة، لمعرفة رأيهما فيما يجري، فكان هناك اجماع على الشعور بالقلق إزاء هذه الوضعية غير الطبيعية، شعور مقرون بالاستغراب من مواقف وممارسات بعض المسؤولين المفروض فيهم الحرص على أمن واستقرار الوطن، ومرارة من التساهل الذي تبديه مؤسسات الدولة إزاء مظاهر “السيبة” التي بدأت تنتشر. واذا أردنا استعراض نماذج من مظاهر “السيبة” أو ما يصطلح عليه ب”الفوضى الخلاقة” التي أصبحت تعم المغرب في الأسابيع والشهور الأخيرة، وتزرع مشاعر القلق والحيرة في نفوس المغاربة الخائفين من المستقبل، نجد مجموعة من الشباب الطائش غير مبالين بخطورة ما أقدموا عليه، يحاصرون مروحية وزير في الحكومة مكلف من قبل الملك بالسهر على تدبير الشأن العام وحل مشاكل السكان، فيمنعونها من الإقلاع ، بينما هو جاء إلى تلك القرية النائية في منطقة الريف للاطلاع على حاجيات ومتطلبات أهلها والعمل على حل مشاكلهم. في نفس الاطار نجد ذلك “الثوري” المدعو ناصر الزفزافي، الذي خرج من العدم، لا تاريخ نضالي له ولا هم يحزنون، يدغدغ عواطف المواطنين بخطابه الشعبوي، مستغلا حاجياتهم ومطالبهم الاجتماعية المشروعة، مهددا بزرع الفوضى في منطقة الريف إذا ما تجاوز ثمن السردين 7 دراهم للكيلو، كما جاء في آخر خرجاته. وبحسب مصادرنا، فإن دعاة الفوضى وزرع بذور الفتنة، يريدون، بعد الريف، تعميم حالة “السيبة” في مناطق أخرى من المغرب، كما لو كانت جميع المدن المغربية وقراها تعاني من مشاكل التنمية، في الوقت الذي تبين فيه الأرقام أن الدولة ما فتئت تخصص كل سنة عشرات الملايير من الدراهم لإنجاز الآلاف المؤلفة من المشاريع في مختلف القطاعات على الصعيدين الوطني والجهوي. وآخر ما جادت به قريحة المحرضين على الفوضى ودعاة الفتنة من خلال تعبئة المواطنين للقيام بحركات احتجاجية، ومن بينهم للأسف بعض السياسيين الذي يختبؤون وراء المواقع الاجتماعية، ما تتداوله هذه الأيام بعض المواقع حول دعوة سكان مدينة فاس إلى التظاهر والاحتجاج، عبر نشر وتوزيع منشورات ومقالات مغرضة متحاملة على السلطات، والهدف واضح، هو زرع البلبلة وتهييج الساكنة. وتابعت مصادر “برلمان.كوم”، أنه إذا كان التظاهر وحركة الاحتجاجات السلمية هي سمة العصر باعتبارها أسلوبا حضاريا يمكن أن نجده في مختلف بلدان العالم، وخاصة تلك التي تتمتع بمستوى معقول من الديمقراطية ومبادئ دولة الحق والقانون، فإن هذه الفوضى ومظاهر التسيب والسيبة بمختلف أنواعها، التي أصبحت تعم المغرب تدريجيا، تجاوزت الخطوط الحمراء . كما أشارت في ذات السياق إلى إقدام بعض الفئات الحط من هيبة الدولة من خلال إهانة وتحقير رموزها. وشددت على أن كل ذلك أصبح ينذر بانتشار “السيبة الخلاقة” في البلاد ويهدد بضرب الاستقرار والأمن في محيط إقليمي مضطرب مخترق من قبل التنظيمات الارهابية. وكما جاء في القول المأثور، “الفتنة نائمة لعن الله من أيقضها”. وكمثال على تلك “السيبة” أو البلطجة السياسية التي أصبح تظهر في الممارسة السياسية، نجد في العاصمة الرباط، حيث المفروض أن تتواجد النخبة السياسية الناضجة الغيورة على مصلحة الوطن والمواطنين، “زعيما” سياسيا اسمه حميد شباط، يلجأ إلى كل الأساليب الشاذة للدفاع عن مصالحه الشخصية والاحتماء وراء نظرية المؤامرة، متهما وزارة الداخلية وأجهزتها، بالتآمر عليه والتخطيط لقتله، لا لشيء، إلا لأن قوات الأمن تحركت، بتعليمات من النيابة العامة، لتنفيذ حكم قضائي استعجالي، يمنع عقد مؤتمر غير قانوني لشباط وأنصاره لتنصيب نفسه على رأس المركزية النقابية التابعة لحزبه حتى يتحكم بذلك في مصير الحزب والنقابة معا. في العاصمة أيضا، مقر الحكومة والبرلمان، نجد وزيرا في الحكومة، اسمه مصطفى الرميد، وهو ياحصرة قيادي بارز في الحزب الذي يقود الأغلبية، يفاجئ المتتبعين للشأن السياسي بكسر كل الأعرف والخروج على صفحته بالفايسبوك، منتقدا قيام القوات العمومية بتنفيذ حكم قضائي معجل التنفيذ. ومما زاد من مفاجأة واستغراب المتتبعين، أن الرميد، الذي كان إلى الأمس القريب يمسك بحقيبة العدل في الحكومة السابقة، يدرك أكثر من غيره أهمية تنفيذ القانون وخاصة الاحكام القضائية المستعجلة. وبخرجته تلك، يكون في الآن نفسه قد خرق واجبا ومبدأ أخلاقيا مكرسا في العمل الحكومي والممارسة السياسية، وهو “واجب التحفظ”، الذي يفرض عليه الالتزام بالتضامن الحكومي. وبدل أن يناقش الموضوع مع زميله في الحكومة المشرف على قطاع الأمن، فضل توجيه رسائله المشفرة والواضحة عبر الفايسبوك لغرض في نفس يعقوب. أمام هذه الحالة المرضية المقلقة التي أصبح عليها المغرب، باتت الأوساط السياسية والدوائر المسؤولة، التي اقترب منها موقع “برلمان.كوم” للوقوف على تقييمها للوضع ومعرفة موقفها، (باتت اليوم) أكثر اقتناعا بأن الدولة ومؤسساتها المختصة، مطالبة الآن، أكثر من أي وقت مضى، بسرعة التحرك لتدارك الموقف قبل فوات الأوان. وأضافت تلك الأوساط أن السلطات أصبح من واجبها أن تكف عن التساهل مع من يعبث بمصير الوطن، وذلك عبر نهج سياسة حازمة إزاء كل الجهات والأشخاص الذين يزرعون الفوضى ويمهدون للفتنة ويفتحون باب جهنم على مصراعيها ، مهددين الأمن والاستقرار، تلك الميزة التي ظل المغرب على الدوام تجعل منه “نموذجا استثنائيا”.