حصل موقع “برلمان.كوم” على معطيات متعددة تفيد بوقوع خروقات تنظيمية وتدبيرية في عدة مديريات تابعة لوزارة الفلاحة والصيد البحري. وسنعرض في هذا المقال الى بعض هذه الخروقات التي ترقى الى مستوى الفضائح، على ان نعود لاحقا لباقي التلاعبات في مجال التدبير والتسيير والتنظيم، والتي تكشف عن حجم التسيب والاهمال الذي طال هذه الوزارة، ربما دون علم الوزير عزيز اخنوش، الذي يبدو ان بعض المسؤولين يخفون عنه حقيقة الامر. ففي بداية شهر اكتوبر الماضي، حل بمدينة مكناس المسؤول حماني علي، وهو مدير بالنيابة لمعهد الحسن الثاني للزراعة و البيطرة بالرباط، وذلك ليشرف على مقابلة اختيار المدير الجديد للمدرسة الوطنية للفلاحة لمكناس من طرف لجنة تم اختيارها بعناية وترتيب لهذا الغرض، ويوجد من بين اعضاءها طبعا حماني علي نفسه. وقد اختارت هذه اللجنة المرشح بنزيان ليصبح مديرا لهذه المدرسة وبذلك تحققت الاهذاف التي تم من اجلها اختيار اعضاء اللجنة بعناية فائقة. ولم يمر سوى شهر واحد فقط، حتى عُين بنزيان بصفته مديرا فعليا للمدرسة المذكورة عضوا بدوره في لجنة اختيار مدير لمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط، ولم لا؟ فمن بين اهم المرشحين الثمانية لهذا المنصب يوجد السيد علي حماني، الذي يشغل حاليا مديرا بالنيابة لهذا المعهد، وهنا يبدو تضارب المصالح واضحا جدا، وكأن سي بنزيان جاء ليرد الدين الذي يوجد على عاتقه لزميله علي حماني. يعني “هز بيا نهز بيك”. فحماني كان قاضيا في لجنة مكناس، واصبح متقاضيا في لجنة الرباط، بينما كان بنزيان متقاضيا في لجنة مكناس، واصبح قاضيا في لجنة الرباط. إذن فنعم الحكامة وحسن التدبير، ونعم التفاعل مع الخطب الملكية الاخيرة، ومع بلاغ الديوان الملكي، ومع الزلزال السياسي والاداري الذي حركه ملك البلاد، لضرب المفسدين في الادارة والسياسة. لم تتوقف الامور عند هذا الحد، بل اضيفت اليها فضائح اخرى لتزيدها لذة وحلاوة، حيث انضم الى المرشحين لمباراة معهد الرباط مرشح آخر قادم من مدينة اكادير وهو يعمل مديرا بالنيابة في المعهد الفلاحي هناك، لكن علاقته بالفلاحة هي ابعد من السماء عن الارض، لانه استاذ للغة الفرنسية. ولعل القانون المحدد لشروط التقدم لمباراة مدير لمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة اصبح في مهب الريح، او حوله اصحابنا الى كرة يتقاذفونه فيما بينهم دون خجل وتحت انظار وامتعاض الاساتذة. فالقانون 001 ينص في فصله 33 ان المرشحين لهذا المنصب يجب ان يكونوا ممارسين اومتخصصين في احدى الشعب والتخصصات التي تدرس بالمعهد كالبستنة والبيطرة والهندسة الزراعية وغيرها، وبذلك فلا يمكن ان تسند المديرية لاستاذ اللغة الفرنسية. لكن السؤال الذي يطفو على السطح هو كيف اصبح استاذ اللغة الفرنسية مديرا بالنيابة في المعهد الفلاحي باكادير؟ والجواب واضح جدا: لكي يستجيب للشروط القانونية فيصبح ممارسا ومتخصصا “في خمسة ايام وبدون معلم” ويلج مباراة معهد الحسن الثاني بالرباط..اليس هذا ضحك على الذقون وعلى المغاربة؟ اليس هذا تحايل واضح على القوانين والممارسات والاعراف؟ اليس هذا طمس للحقيقة في وضح النهار؟ولعل القارئ سيتسائل: من يكون هذا المرشح ذي الاصول البركانية، القادم من اكادير، وكانه يركب حصانا ادهم ليلج به بوابة معهد الحسن الثاني الذائع الصيت؟ والجواب بوضوح ايضا، إنه ليس سوى أخ السيد فوزي لقجع مدير الميزانية بوزارة المالية ورئيس الجامعة الملكية لكرة القدم. فهل هذا مجرد صدفة، أم أن القضية فيها “خوك صاحبي وصّاني عليك”؟ فحين يرشح استاذ للغة الفرنسية، ليدير مؤسسة طلبتها من المفترض ان يصبحوا مهندسبن، واطباء بيطريين، فذلك هو احسن جواب على الشعار الذي مللنا من حمله: الرجل المناسب في المكان المناسب. وبينما علت الاصوات المنددة بهذه الخروقات، ورفعت محاضر واحتجاجات، واستقال من اللجنة المذكورة اساتذة فضلوا حماية سمعتهم، ونأوا جانبا صونا لكرامة ضميرهم، لم يقم الكاتب العام للوزارة باخبار وزيره بهذه المصائب، ولاذ بالصمت في انتظار ان يتولى الاعلام هذه المهمة، و ها نحن نعوضه، ونقوم بذلك، عسانا نساهم في إصلاح او تدارك ما يجب اصلاحه وتداركه.