أكلو : إلغاء مهرجان "التبوريدة أوكلو" هذا الصيف.. "شوقي"يكشف معطيات حول هذه التظاهرة    نقل جندي إسباني من جزيرة النكور بالحسيمة إلى مليلية بمروحية بعد إصابته في ظروف غامضة    تقرير: 327 مليار درهم احتياطات أنظمة التقاعد المغربية رغم العجز التقني المستمر    نادي أياكس الهولندي يتعاقد مع المغربي عبد الله وزان حتى 2028    أخبار الساحة    أشبال الأطلس يستعدون للمونديال بمواجهتين وديتين ضد منتخب مصر    ابن الحسيمة "بيتارش" يلتحق بالفريق الأول لريال مدريد    بلاغ هام من Baleària لزبنائها المسافرين عبر ميناء طنجة المتوسط خلال شهر غشت    نشرة إنذارية: موجة حر وزخات رعدية قوية مصحوبة بالبرَد وبهبات رياح مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    عدد ضحايا حوادث السير يرتفع بالمدن فيما يسجل انخفاضا خارجها خلال شهر يوليوز    مغاربة وجزائريين وآسيويين.. تقرير إسباني يكشف عن تنوع جنسيات المهاجرين نحو سبتة    مس بالأمن القضائي والاستقلالية.. المحكمة الدستورية تسقط أزيد من 30 مادة من "المسطرة المدنية" لعدم دستوريتها    دعم بقيمة 25.84 مليون درهم لأربعين مهرجانا سينمائيا بالمغرب    طفل يرى النور بعد ثلاثين عامًا من التجميد    غزة.. انقلاب شاحنة مساعدات يخلف 20 قتيلا ومستوطنون يهاجمون قافلة معونات قرب مخيم النصيرات    سكان غزة يرفعون العلم المغربي في حركة شكرٍ وطنية بعد وصول مساعدات جوية ملكية مغربية    الشرطة تُطيح بمزورين من إفريقيا جنوب الصحراء    الكاف يعفي الوداد من الدور التمهيدي ويمنحه انطلاقة قوية في الكونفدرالية    أسعار النفط ترتفع    الموثقون بالمغرب يلجأون للقضاء بعد تسريب معطيات رقمية حساسة    بورصة الدار البيضاء تستهل الجلسة بأداء مستقر يميل للصعود    الرجاء يضم معاذ الضحاك من اتحاد تواركة على سبيل الإعارة    "وصل مرحلة التأزم البنيوي".. 3 مؤسسات رسمية تدق ناقوس الخطر بشأن أنظمة التقاعد    الاتحاد الاشتراكي يدعو إلى مراجعة التقطيع الانتخابي        حريق مدمر في جنوب فرنسا يخلف قتيلا وتسعة مصابين ويلتهم 12 ألف هكتار    حزب "النهج" ينبه إلى تصاعد الاحتجاجات ضد التهميش ويستنكر الأسعار الخيالية المصاحبة للعطلة الصيفية            حادث مأساوي يودي بحياة سائق طاكسي ويرسل آخرين إلى مستعجلات الخميسات    بعد طول انتظار: افتتاح حديقة عين السبع في هذا التاريخ!    الصين تخصص أكثر من مليار يوان لدعم جهود الإغاثة من الكوارث الطبيعية    بطولة فرنسا: لنس يتوصل لاتفاق لضم الفرنسي توفان من أودينيزي    الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تعقد اجتماعاً حاسماً لدراسة تعديلات قانونية وهيكلية    مراكش والدار البيضاء أفضل الوجهات المفضلة للأمريكيين لعام 2025    الهند تعزز شراكتها مع المغرب في سوق الأسمدة عقب تراجع الصادرات الصينية    إسبانيا توقف خططا لشراء مقاتلات طراز "إف-35"    المغرب يدرب 23 عسكرية من 14 دولة على عمليات حفظ السلام الأممية    "صحة غزة": ارتفاع وفيات التجويع الإسرائيلي إلى 193 بينهم 96 طفلا    «أكوا باور» السعودية تفوز بصفقة «مازن» لتطوير محطتي نور ميدلت 2 و3    نيران بطريفة الإسبانية تخلي السياح    بين يَدَيْ سيرتي .. علائم ذكريات ونوافذ على الذات نابضة بالحياة    حين يضع مسعد بولس النقاط على حروف قضية الصحراء المغربية في عقر قصر المرادية.    بنما تعلن من جديد: الصحراء مغربية... ومبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هي الحل النهائي    سفير إسرائيل السابق في فرنسا يناشد ماكرون: إذا لم تفرض عقوبات فورية على إسرائيل فسوف تتحول غزة إلى بمقبرة    الفنيدق: وضع خيمة تقليدية بكورنيش الفنيدق يثير زوبعة من الإنتقادات الحاطة والمسيئة لتقاليدنا العريقة من طنجة إلى الكويرة    نحن والحجاج الجزائريون: من الجوار الجغرافي …إلى الجوار الرباني    خواطر تسر الخاطر    اتحاديون اشتراكيون على سنة الله ورسوله    الرباط تحتضن النسخة الأولى من "سهرة الجالية" احتفاءً بالمغاربة المقيمين بالخارج    علي الصامد يشعل مهرجان الشواطئ بحضور جماهيري غير مسبوق    بجلد السمك.. طفل يُولد في حالة غريبة من نوعها    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    الأطعمة الحارة قد تسبب خفقان القلب المفاجئ    دراسة كندية: لا علاقة مباشرة بين الغلوتين وأعراض القولون العصبي    دراسة: الانضباط المالي اليومي مفتاح لتعزيز الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهرجان المسرح العربي ببيروت
نشر في بيان اليوم يوم 07 - 02 - 2011


مسرح في حضرة غليان الشارع العربي
أسدل الستار مؤخرا على مهرجان المسرح العربي ببيرووت الذي نظمته الهيئة العربية للمسرح بعد إلغاء الدورة الثانية في تونس السنة الفارطة. اجتمع المسرحيون العرب لمشاهدة مسرحيات عربية ومشاركات 17 دولة عربية، والتقى نقاد المسرح ومفكروه للتنقيب في أزمة المسرح العربي ومستقبله، في مدينة أرخت لأزمة التواصل العربي في نفس الوقت الذي صنعت فيه أخاديد في التاريخ العربي الحديث.
بيروت... لا شيء مستقر... بهلوان على حبل مترهل... كأس حليب على كف عفريت... ولم تتخلف بيروت عن تصدير هويتها الفادحة هذه للمسرح العربي في مهرجانه.
حين كانت تصل وفود المهرجان تباعا نازلة على مطار بيروت، كنا نتابع تفاصيل الاستفتاء على استقلال جنوب السودان، وكنا نهرع إلى أعضاء الوفد السوداني نسألهم عن جديد الاستفتاء، عن مدينة أبيي، عن مستقبل الحرب، عن عربية جوبا، وعن كل ما يقلقنا ... لا هواء جديد في المسرح كما لا هواء جديد في السياسة.
بدأ المهرجان على إيقاع حار... أنطوان ملتقى الشخصية المكرمة سيحول لحظة التكريم إلى شكوى مسرحية قاتمة، فمنذ أكثر من ستين سنة وعمله لا يجد غير الإنكار... لا هواء جديد في المسرح العربي.
بعد مسرحيتين أو ثلاثة، بدأت أتابع العناصر المشتركة في المسرح العربي، بسبب التشابهات الكثيرة... وفضلت أن أجمع عناصر مسرحية موحدة من شتات المسرحيات المقدمة..لم لا أجرب هذا الهواء الجديد في الكتابة عن المسرح بدل أن أتابع وأكتب عن مسرحية تلو أخرى.. ففي النهاية، إذا كتبت عن مهرجان للمسرح في العالم العربي ولم تمدح كل المسرحيات، أو أهملت مسرحية لأنها لم تعجبك، فلن تنال غير السخط والقطيعة... وإذا صرحت برأيك في مسرحية رديئة، فأنت لا تعرف النقد حقيقة، وتصفي حساباتك مع مؤلفها الاحتفالي، أو مخرجها البيوميكانيكي، أو مع ممثليها الكوميديين.. مثلا، على طاولة العشاء، لم ينتبه ناقد سوداني إلى أن جلساءه على الطاولة هم من الفرقة التي قدمت مسرحيتها للتو، وكان رأيه أن المسرحية لم تعجبه، وبأن خيارات أخرى كان يمكن الاستفادة منها.. فاجتمعت عليه الفرقة تشرح وتخاصم وتعنف... لا يهم.. لا هواء جديد في المسرح...
الأهم من كل هذا أن موجة المسرح داخل المسرح، وموجة التفكير في المسرح من خلال المسرح طغت على مسرحيات المهرجان... قَلقْتُ شيئا ما لأني مللت هذا النوع من المسرحيات الذي يتناول المسرح في المغرب منذ مسرحية «عشاء الوداع» للطيب الصديقي ومرتجلات محمد الكغاط وغيرها كثير. فسواء في المسرحية اللبنانية لرندا أسمر أو المسرحية الأردنية لخليل نصيرات هناك تفكير في المسرح وفي مستقبله وفي أزمته، وفي كل تفاصيله... ولكن إيقاعات التفكير في المسرح كانت متباينة، وشددت رندا أسمر في مسرحية «فيفا لاديفا» على مسار شخصي لممثلة ستنتقل من الشهرة إلى التسكع على استدويوهات دبلجة المسلسلات المكسيكية.. كان في المسرحية تنويع عميق وشاعري، وهذا هو الأهم في نظري.. لأن لا شيء جديد تحقق في المسرح بعد أن انتشرت المسرحيات المرتجلة التي تتخذ المسرح موضوعا لها...
تحقق الاختلاف في مسرحيتين: الأولى «كامب» لمهند هادي التي بسطت لنا حالة الخوف والهروب وافتقاد الأمان بجمالية تجريبية مجنونة... والثانية «سيليكون» للمعهد العالي للفنون المسرحية بسوريا التي كشفت عن خواء الإنسان المعاصر وافتقاده للتواصل حتى في فراشه، وبين أقرب الناس: زوج وزوجته. بين المسرحيتين تقارب موضوعاتي شديد، تعبير عن نوع من الخواء والفراغ وافتقاد المستقبل...
الإحساس بالأمان مفتقد... مفتقد في المسرح وفي بيروت... تناغمت المدينة مع المسرح العربي... بعد ثلاثة أيام... ستستقيل الحكومة اللبنانية... وسنبدأ نتابع مسرحيات شتى... مسرحيات من المسرح ومن السياسة ومن عبث الأيام... سنلاحظ ان حركة بيروت خفت غداة سقوط الحكومة... ولكنها استعيدت بعد برهة... ونحن... القادمون من بلدان عربية مستقرة نسبيا تملكنا الخوف من كأس حليب بيروت الموضوع على كف عفريت.
المسرحية الكويتية «تاتانيا» رغم غرابتها في تقديري الشخصي، قدمت تجربة مسرحية جيدة بالمقارنة مع الفكرة المألوفة للمسرح في الخليج، المعلم الذي ينزل إلى القرية ويعلم الناس التمرد عن سلطة القس والحاكم، والذي مع تطور الأحداث سيجد أن القرية كلها مطيعة للقس، وأنها تظاهرت بالتمرد على القس للإطاحة بالحاكم... وجدت في الأمر استعارة جميلة للزمن العربي، في بعض اللحظات يتآمر الجميع ضد الجميع.
المسرحيات تتلاحق، بإيقاع رهيب، في مدينة باذخة... مسرحيات تنال الإعجاب، وأخرى لا تسمو لكي تشارك في مهرجان للمسرح العربي... مسرحيات شوهدت في هذا المهرجان أو ذاك، وأخرى، لا يعلم المشاركون كيف تم اختيارها، خاصة حين تخيب الانتظارات وتقدم صورة مشوهة عن البلد الذي تمثله.
عنصر ثان اشتركت فيه مسرحيات كثيرة... مشهد التحقيق والاستنطاق، في المسرحيات التونسية والعراقية والسورية والليبية والمصرية... أكاد أقول في كل المسرحيات العربية يتكرر مشهد التحقيق والاستنطاق... تختلف السياقات، ولكن المشهد نفسه، شرطة أو بوليس أو مخابرات أو إدارة تقوم باستنطاق الشخصية المسرحية... وتصور معي أن تشاهد مسرحيات تباعا، كل مسرحية من بلد، فتجد هذا المشهد يتكرر... أكره دائما تلك العبارة التي تقول: «المسرح تعبير عن هموم الشعب»، أجدها فارغة من المعنى وكأن الشعوب لا تتشكل إلا بالهموم والمصائب... ولكن المسرح لا يستطيع أن يتملص من ذاكرة المجتمع الذي يتحقق فيه، ويمتص منه رحيقه... وليس دليلا على غياب الحريات وانتهاكها في البلدان العربية أكثر من تردد مشهد التحقيق بطريقة عبثية في المسرح العربي.
في اللقاءات الفكرية والنقدية، تطارحت المداخلات مواضيع عديدة، واختلفت المقاربات، ولكن ما ميز مهرجان المسرح العربي حضور أصوات نقدية شابة ومتوهجة قدمت مقاربات علمية كشفت عن اهتراء بعض الخطابات التنظيرية في المسرح العربي. ما يزال النقد المسرحي في العالم العربي مبتعدا عما يقدم من مسرحيات، وما يزال عدد من رجال المسرح يستنكرون سلطة الناقد المسرحي ورأيه ويهرعون في مسرحياتهم إلى تبني خطاب نقدي حول المسرح...
على هامش اللقاءات الفكرية دارت نقاشات عميقة حول التفكير في استراتيجية لرفد ممارسة المسرح في العالم العربي بدعم من الهيئة العربية للمسرح، والتفكير في اقتراح مسالك جديدة للإبداع المسرحي وإلحاقها بمبادرات هيكلية وتنظيمية وتسويقية لكي يرى المنتوج المسرحي نور الانتشار في العالم العربي. وقد اقترح الدكتور سامح مهران مجموعة أفكار تجمع بين البعد الإبداعي والبعد التنظيمي والإجرائي وبسند من هيكلة الممارسة النقدية في المشهد المسرحي العربي. المسرح العربي يحتاج إلى ثورة...
بيروت لا تتوقف عن إبهار المهرجان ... والأخبار تتوالى ... زين العابدين بن علي يستقل طائرته هربا من ثورة شعبية جارفة... يصعد نحو أوروبا... ثم نحو إيطاليا... ليستقر به النزول في جدة.. لا بد أن طائرته عبرت سماء بيروت... وسماء مهرجان المسرح العربي.
بعد الاستفتاء على تقسيم السودان... واستقالة الحكومة اللبنانية... بدأ ضيوف المهرجان يتابعون فصلا مسرحيا جديدا على الخشبة التونسية... لما ننتهي من المسرحيات نهرع إلى الفضائيات بحثا عن آخر خبر... نسأل عز الدين المدني عن آخر الأخبار... ونسأل الفرقة التونسية عن الحال والمآل...
وكما بدأنا نتشاور حول ملامح استراتيجية للمسرح العربي، بدأنا نتابع المشاروات اللبنانية والدولية لاستراتيجية الاستقرار السياسي في لبنان... وثورات البحث عن استراتيجية ديمقراطية في تونس.
مهرجان المسرح العربي لم يفلت من دوامة الغليان العربي... على الأقل أحسسنا بأن المسرح حاضر في التحولات الكبرى... كما كانت التحولات الكبرى حاضرة في المسرح العربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.