مصر تحتضن قمة دولية حول غزة    ّ"الأسود" يتدربون أمام وسائل الإعلام    مدرب أمريكا: "الأشبال" موهوبون    "الأشبال" يختتمون الإعداد للقاء أمريكا    إحباط محاولة تهريب كمية من الحشيش بساحل المضيق    ارتفاع عدد ضحايا "حادثة ورزازات"    أصيلة: نقاد وباحثون يقاربون مفهوم وأدوار المؤسسات الفنية وعلاقتها بالفن (فيديو)    وفاة الممثلة الأمريكية ديان كيتون عن 79 عاما في كاليفورنيا    فيضانات تجتاح مدينة العروي بإقليم الناظور بعد أمطار غزيرة (فيديو)    حماس لن تشارك في مراسم التوقيع على اتفاق إنهاء الحرب في غزة وتتوقع مرحلة من المفاوضات أكثر صعوبة    حزب التقدم والاشتراكية يثمّن مضامين الخطاب الملكي ويدعو إلى قفزة إصلاحية نوعية        رفض السراح المؤقت لمتابعين احداث على خلفية مواجهات امزورن    الخطاب الملكي الذي أوجد للجميع ضالته    "مال القدس" تدعم شركات فلسطينية    مسؤول في حماس: نزع سلاح الحركة "غير وارد وخارج النقاش"    أعمو ينتقد ضعف أداء رؤساء الجهات ويدعو إلى تنزيل فعلي للاختصاصات الجهوية    بلال الخنوس.. الموهبة المغربية التي وجدت نفسها في "البوندسليغا"    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد        حين يتكلم العرش… تستيقظ الحقيقة و يتنفس الوطن    رياض السلطان في النصف الثاني من شهر اكتوبر    الحسيمة تثمن الإبداع والتمكين النسائي‬    حفظ الله غزة وأهلها    قبل مواجهة المغرب والكونغو.. اللجنة المنظمة تحدد موعد ومكان سحب تصاريح وقوف السيارات    اجتماع طارئ لبحث تداعيات إغلاق ملعب محمد الخامس    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولات الأسبوع بأداء سلبي    "جيل زد" تٌعلق احتجاجاتها مؤقتا بعد خطاب الملك الذي حمل صدى مطالبها    أزمة القراءة... ما بين النص والتناص    من الاحتجاج إلى الإصلاح.. كيف حوّل الخطاب الملكي غضب الشباب إلى أمل جديد؟    ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية في غزة إلى 67 ألفا و682 منذ بدء الحرب    "بورشه" الألمانية تبحث تشديد السياسة التقشفية    "تخريب ليلي" يستنفر شرطة البيضاء            بعد 55 عاماً من العلاقات الدبلوماسية.. بكين وروما تجددان التزامهما بالحوار والانفتاح    الأمم المتحدة... متدخلون يحذرون من التواطؤ الثابت بين "البوليساريو" والجماعات الإرهابية    خطاب جلالة الملك في افتتاح البرلمان : مناشدة التنمية عبر الآلية الديمقراطية    اعتقال حوالي 30 من شباب "جيل Z" خلال افتتاح البرلمان    تبون و«الدولة التي لا تُذكر»... عندما يتحول الحقد إلى سياسة رسمية في الجزائر    الصين وتايلاند والولايات المتحدة يتفقون على تعزيز التعاون في مجال مكافحة المخدرات    سحب بطاقة الصحافة من مدير موقع خالف أخلاقيات المهنة    للاطلاع على الخبرة المحاسبية.. غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال بمراكش تؤجل جلسة المتابعين في ملف "كوب 22"    فنزويلية تفوز بجائزة نوبل للسلام 2025    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    السنغال: ارتفاع حصيلة ضحايا حمى الوادي المتصدع إلى 18 وفاة    الصيد البحري... تسويق حوالي 8,2 مليارات درهم من المنتجات حتى نهاية شتنبر 2025    بورصة الدار البيضاء تغلق على تراجع    طنجة تحتضن نقاشا إفريقيا واسعا يغذي أمل "استدامة حياة بحار القارة"    الخزينة.. مركز "التجاري غلوبال ريسورش" يتوقع عجزا متحكما فيه بنسبة 3,5% من الناتج الداخلي الخام سنة 2025    أطعمة شائعة لا يجب تناولها على معدة خاوية    دراسة: الجسيمات البلاستيكية الدقيقة تغير أعداد البكتيريا المعوية النافعة    لأول مرة في العالم .. زراعة كبد خنزير في جسم إنسان    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    دراسة: النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بسبب عوامل وراثية    عنوان وموضوع خطبة الجمعة القادمة    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذكرى 83 لانتفاضة ماء بوفكران .. حين اصطدمت ساكنة مكناسة الزيتون بغلاة المستوطنين والمعمرين المتطاولين على الموارد المائية للسكان والفلاحين
نشر في بيان اليوم يوم 03 - 09 - 2020

في أجواء طافحة بالحماس الوطني والتعبئة المستمرة واليقظة الموصولة، يحيي الشعب المغربي، ومعه نساء ورجال الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير وساكنة مدينة مكناس العريقة في هذه السنة، الذكرى 83 لانتفاضة ماء بوفكران البطولية التي جسدت معلمة مضيئة ومحطة وازنة في مسار ملاحم الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال.
اندلعت انتفاضة ماء بوفكران في مستهل شهر شتنبر من سنة 1937 عندما اصطدمت ساكنة مكناسة الزيتون بغلاة المستوطنين والمعمرين المتطاولين على الموارد المائية للسكان والفلاحين. وجاءت تلك المعركة الحاسمة التي خاضتها الجماهير الشعبية الغاضبة بالعاصمة الإسماعيلية لتنذر الاحتلال الأجنبي باستمرار روح النضال وصمود المغاربة في الدفاع عن وطنهم ومقدراته وخيراته وسيادته، وبأن الإجهاز على المقاومة بجبال الأطلس والجنوب المغربي في أواخر سنة 1934 لم يكن يعني استسلام المغاربة للأمر الواقع.
فلقد أصر المناضلون على سلوك خيار جديد بنقل المعركة من الجبال والأرياف إلى المدن والقرى، والانتقال من أسلوب المواجهة المسلحة المتفرقة إلى مرحلة المقارعة السياسية الواعية، وتعبئة الجماهير الشعبية منذ منتصف الثلاثينات بالعديد من الحواضر المغربية إلى حين إنهاء عهد الحماية ووضع حد للتسلط الاستعماري.
لقد تضافرت عدة عوامل موضوعية لاندلاع المواجهة فيما عرف ب «معركة الماء لحلو»، كان من أبرزها إقدام السلطات الاستعمارية على تحويل جزء من مياه وادي بوفكران وحصره على المعمرين لتستفيد منه ضيعاتهم، وكذا المرافق المدنية والعسكرية الفرنسية بالمدينة الجديدة في وقت كانت فيه حاجة السكان إلى هذه المياه ملحة ومتزايدة.
حدث هذا في بداية تبلور الوعي الوطني عند ثلة من الوطنيين المكناسيين الذين كانوا على اتصال دائم بقيادة الحركة الوطنية بأهم المدن المغربية وخاصة بفاس، فاستشعر هؤلاء الوطنيون تذمر السكان من جراء النقص الحاصل في المياه التي تتزود بها المدينة وأحياؤها الشعبية العتيقة، خاصة أن الأمر يتعلق بمادة حيوية. وكان هذا الوضع الاجتماعي سانحا لشحذ همم وعزائم المواطنين وإلهاب حماسهم لخوض غمار المواجهة المباشرة مع قوات الاحتلال الاجنبي في بداية شهر شتنبر 1937 بعد إصدار السلطات الاستعمارية لقرار وزاري في 12 نونبر 1936، ونشره بالجريدة الرسمية عدد 1268 بتاريخ 12 ابريل 1937 لتوزيع ماء وادي بوفكران بين المستوطنين والمعمرين وسكان المدينة، وإحداث لجنة لتنفيذ هذا القرار في 12 فبراير 1937. وقد نجم عن هذا الوضع الجديد والطارئ انعكاس سلبي وتأثير قوي في تفاقم أحوال ساكنة مكناس، لاسيما وأن المجتمع المكناسي كان يعيش ظرفية صعبة تمثلت في الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي مست أوسع الفئات والشرائح الاجتماعية مع قيام السلطات الاستعمارية بفرض ضرائب مجحفة، وحرمان السكان والتنكيل بهم وتهجيرهم من المدينة القديمة إلى المدينة الجديدة بغية الاستحواذ على أجود الأراضي الفلاحية الخصبة بنواحي المدينة.
وقد أدت هذه الأوضاع المتأزمة إلى تفجير ثورة المكناسيين بعد أن استنفذوا كل أشكال النضال السلمي والاحتجاجات الهادئة وتقديم العرائض وتكوين لجنة الدفاع عن ماء بوفكران، حيث تمادت السلطات الاستعمارية في تعنتها وتماديها في تطبيق قرارها الجائر وفي تقليص وإضعاف صبيب ومنسوب مياه واد بوفكران وتحويله لصالح أهدافها التوسعية، فكانت انطلاقة انتفاضة ماء بوفكران في فاتح وثاني شتنبر 1937 حدثا تاريخيا وازنا ومتميزا، جسد فيه المكناسيون أروع صور ومواقف النضال الوطني، مسترخصين التضحيات الجسام في مواجهة القوات الاستعمارية التي أدهشها رد فعل أبناء المدينة، ولم تكن تتوقع أبدا أنهم وصلوا بعد إلى مستوى النضج والتنظيم السياسي القادر على مواجهة القوات الاستعمارية الكثيرة العدد والمجهزة بأحدث الآليات والمعدات العسكرية، فكانت معركة ضارية ورهيبة لم يتوان الوطنيون والمناضلون وساكنة مكناس بكل فئاتهم وشرائحهم في خوض غمارها بشجاعة وإقدام، تحديا للوجود الأجنبي، وتصديا لمؤامراته، وصونا للعزة والكرامة، ودفاعا عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية.
لقد أبانت حاضرة مكناس عن ادوار بطولية مجيدة أربكت مخططات القوات الاستعمارية، فكانت تتويجا للمقاومة والممانعة التي خاضها الوطنيون وعموم المواطنين بالمدينة ونواحيها منذ احتلالها سنة 1911 من قبل الجنرال «مواني» والتي سجلت خلالها القبائل المجاورة صفحات بطولية خالدة من المقاومة، قبائل بني مطير وكروان وعرب سايس ضد القوات الغازية المحتلة. ولم تهدأ ثائرة المكناسيين في تجسيد مواقفهم النضالية التي تجلت مرة أخرى بقوة في معركة ماء بوفكران سنة 1937، فضلا عن الدور الوطني الكبير لرجالاتها في ملاحم النضال السياسي ونشر الوعي الوطني وإذكاء التعبئة وخوض غمار المواجهة المباشرة والمستميتة للوجود الأجنبي والتسلط الاستعماري، حيث كان لأبنائها حضور وازن في مناهضة ما سمي بالظهير البربري، وفي المواقف النضالية للحركة الوطنية، وفي تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، ثم في تعزيز انطلاقة المقاومة الفدائية إلى أن تحققت إرادة العرش والشعب بعودة الشرعية والمشروعية التاريخية وإشراقة شمس الحرية والاستقلال، لتتواصل نضالات أبناء هذه الربوع في ملاحم الجهاد الأكبر الاقتصادي والاجتماعي لبناء المغرب الجديد وإعلاء صروحه.
وإن أسرة المقاومة وجيش التحرير وهي تخلد، ككل سنة، هذه الذكرى المجيدة، لتؤكد على واجب الوفاء بالذاكرة التاريخية الوطنية وبرموزها وأعلامها وأبطالها. وهي في ذات الوقت، تحرص على إيصال الرسائل والإشارات القوية وإشاعة رصيد القيم والمثل العليا ومكارم الأخلاق في أوساط وصفوف الشباب والناشئة والأجيال الجديدة والقادمة لتتشبع بأقباسها وتغترف من ينابيعها، ما به تتقوى فيها الروح الوطنية وحب الوطن والاعتزاز بالانتماء الوطني لمواصلة مسيرات الحاضر والمستقبل تحت القيادة المتبصرة والحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله لبناء وإعلاء صروح المغرب الجديد، مغرب الحداثة والديمقراطية والتنمية الشاملة والمستدامة والتضامن والتكافل الاجتماعي.
والمناسبة سانحة للتأكيد مجددا على الموقف الثابت للشعب المغربي، ومعه أسرة المقاومة وجيش التحرير، وكافة مكونات وأطياف المجتمع، وتعبئتهم المستمرة ويقظتهم الموصولة وتجندهم الدائم وراء جلالة الملك محمد السادس، من أجل تثبيت المكاسب الوطنية والدفاع عن وحدتنا الترابية غير القابلة للتنازل أو المساومة، متشبثين بالمبادرة المغربية القاضية بمنح حكم ذاتي موسع لأقاليمنا الجنوبية المسترجعة في ظل السيادة الوطنية.
واحتفاء بهذه المناسبة الوطنية الخالدة بما يليق بها من مظاهر الاعتزاز، وإبراز دلالاتها الوطنية وأبعادها الرمزية وإشاعة قيمها النبيلة في أوساط الناشئة والأجيال الجديدة، ونظرا لتزامن هذه الذكرى مع الظروف الاستثنائية التي تجتازها بلادنا كسائر بلدان العالم مع جائحة كورونا كوفيد 19 وما ترتب عنها من تدابير وإجراءات وقائية واحترازية في مواجهة الوباء، نظمت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير أمس الخميس برنامجا احتفاليا عن بعد، بواسطة تقنية التواصل الرقمي، تضمنت كلمة بهذه المناسبة للمندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ومحاضرة للدكتور سعيد عبيدي، باحث في التاريخ المعاصر بعنوان: «صدى أحداث بوفكران في الحركة النضالية للنخبة السياسية» و عرض للأستاذ أحمد الحبيب بالمهدي، باحث وإعلامي في موضوع: «صفحات مشرقة من تاريخ النضال الوطني بمكناس، أحداث وادي بوفكران 1937»
وعرفت هذه الأنشطة بث شريط وثائقي موسوم ب: «ومضات من أحداث بوفكران» من إعداد النيابة الإقليمية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بمكناس، بتنسيق مع النسيج الجمعوي «التعاون من أجل التنمية» وإنتاج الجمعية الإسماعيلية الكبرى، فضلا عن تنظيم زيارات افتراضية لفضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بكل من مكناس والحاجب وأزرو ، على المنصات الرقمية لهذه الفضاءات ونشر بيبليوغرافيات وفهارس للكتب والمراجع التي تتناول أحداث ماء بوفكران، على الصفحات الرقمية لفضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بكل من مكناس والحاجب وأزرو.
هوامش
أسرة المقاومة وجيش التحرير وهي تخلد، ككل سنة، هذه الذكرى المجيدة، لتؤكد على واجب الوفاء بالذاكرة التاريخية الوطنية وبرموزها وأعلامها وأبطالها. وهي في ذات الوقت، تحرص على إيصال الرسائل والإشارات القوية وإشاعة رصيد القيم والمثل العليا ومكارم الأخلاق في أوساط وصفوف الشباب والناشئة والأجيال الجديدة والقادمة
أبانت حاضرة مكناس عن ادوار بطولية مجيدة أربكت مخططات القوات الاستعمارية، فكانت تتويجا للمقاومة والممانعة التي خاضها الوطنيون وعموم المواطنين بالمدينة ونواحيها منذ احتلالها سنة 1911 من قبل الجنرال «مواني» والتي سجلت خلالها القبائل المجاورة صفحات بطولية خالدة من المقاومة، قبائل بني مطير وكروان وعرب سايس ضد القوات الغازية المحتلة
المناسبة سانحة للتأكيد مجددا على الموقف الثابت للشعب المغربي، ومعه أسرة المقاومة وجيش التحرير، وكافة مكونات وأطياف المجتمع، وتعبئتهم المستمرة ويقظتهم الموصولة وتجندهم الدائم وراء جلالة الملك محمد السادس، من أجل تثبيت المكاسب الوطنية والدفاع عن وحدتنا الترابية غير القابلة للتنازل أو المساومة، متشبثين بالمبادرة المغربية القاضية بمنح حكم ذاتي موسع لأقاليمنا الجنوبية المسترجعة في ظل السيادة الوطنية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.