تغير المناخ أدى لنزوح ملايين الأشخاص حول العالم وفقا لتقرير أممي    انخفاض طلبات الإذن بزواج القاصر خلال سنة 2024 وفقا لتقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية    مباحثات تجمع العلمي ونياغ في الرباط    أخنوش: تنمية الصحراء المغربية تجسد السيادة وترسخ الإنصاف المجالي    "أسود الأطلس" يتمرنون في المعمورة    الأحزاب السياسية تشيد بالمقاربة التشاركية للملك محمد السادس من أجل تفصيل وتحيين مبادرة الحكم الذاتي    رفض البوليساريو الانخراط بالمسار السياسي يعمق عزلة الطرح الانفصالي    تنصيب عمر حنيش عميداً جديدا لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط    الرايس حسن أرسموك يشارك أفراد الجالية أفراح الاحتفال بالذكرى 50 للمسيرة الخضراء    أخنوش يستعرض أمام البرلمان الطفرة المهمة في البنية التحتية الجامعية في الصحراء المغربية    أخنوش: الحكومة تواصل تنزيل المشروع الاستراتيجي ميناء الداخلة الأطلسي حيث بلغت نسبة تقدم الأشغال به 42 في المائة    إطلاق سراح الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي وإخضاعه للمراقبة القضائية    تداولات بورصة البيضاء تنتهي "سلبية"    المعارضة تقدم عشرات التعديلات على مشروع قانون المالية والأغلبية تكتفي ب23 تعديلا    رسميا.. منتخب المغرب للناشئين يبلغ دور ال32 من كأس العالم    ندوة حول «التراث المادي واللامادي المغربي الأندلسي في تطوان»    مصرع شخص جراء حادثة سير بين طنجة وتطوان    أمن طنجة يُحقق في قضية دفن رضيع قرب مجمع سكني    نادية فتاح العلوي وزيرة الاقتصاد والمالية تترأس تنصيب عامل إقليم الجديدة    كرة أمم إفريقيا 2025.. لمسة مغربية خالصة    "حماية المستهلك" تطالب بضمان حقوق المرضى وشفافية سوق الأدوية    المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يضمن التأهل إلى الدور الموالي بالمونديال    انطلاق عملية بيع تذاكر مباراة المنتخب الوطني أمام أوغندا بملعب طنجة الكبير    المجلس الأعلى للسلطة القضائية اتخذ سنة 2024 إجراءات مؤسسية هامة لتعزيز قدرته على تتبع الأداء (تقرير)    لجنة الإشراف على عمليات انتخاب أعضاء المجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تحدد تاريخ ومراكز التصويت    "الإسلام وما بعد الحداثة.. تفكيك القطيعة واستئناف البناء" إصدار جديد للمفكر محمد بشاري    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 69 ألفا و179    تقرير: احتجاجات "جيل زد" لا تهدد الاستقرار السياسي ومشاريع المونديال قد تشكل خطرا على المالية العامة    تدهور خطير يهدد التعليم الجامعي بورزازات والجمعية المغربية لحقوق الإنسان تدق ناقوس الخطر    تلاميذ ثانوية الرواضي يحتجون ضد تدهور الأوضاع داخل المؤسسة والداخلية    ليلى علوي تخطف الأنظار بالقفطان المغربي في المهرجان الدولي للمؤلف بالرباط    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    ألمانيا تطالب الجزائر بالعفو عن صنصال    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    قتيل بغارة إسرائيلية في جنوب لبنان    200 قتيل بمواجهات دامية في نيجيريا    رئيس الوزراء الاسباني يعبر عن "دهشته" من مذكرات الملك خوان كارلوس وينصح بعدم قراءتها    الإمارات ترجّح عدم المشاركة في القوة الدولية لحفظ الاستقرار في غزة    الحكومة تعلن من الرشيدية عن إطلاق نظام الدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة    برشلونة يهزم سيلتا فيغو برباعية ويقلص فارق النقاط مع الريال في الدوري الإسباني    مكتب التكوين المهني يرد بقوة على السكوري ويحمله مسؤولية تأخر المنح    إصابة حكيمي تتحول إلى مفاجأة اقتصادية لباريس سان جيرمان    الدكيك: المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة أدار أطوار المباراة أمام المنتخب السعودي على النحو المناسب    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نبيل بنعبد الله: الواقع الجديد يفرض التوجه نحو بلورة نظام للحماية الاجتماعية الشاملة
نشر في بيان اليوم يوم 27 - 09 - 2020

أقر محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أن المغرب بذل مجهودات كبيرة في مجال التغطية الاجتماعية، وأن الحديث عن هذا الموضوع، لن ينطلق من الصفر، على اعتبار أن المغرب توجد به أنظمة تقاعد تعود لسنوات، كما أنه يتوفر، منذ سنوات، على أنظمة للتغطية الصحية بالنسبة لبعض الفئات.
وأضاف محمد نبيل بنعبد الله، في كلمة له خلال الندوة الرقمية التفاعلية التي نظمها المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، الخميس الماضي، حول موضوع "التغطية الاجتماعية الشاملة استثمار منتج"، أنه على الرغم من تلك المجهودات، فإن جميع أنظمة التغطية الاجتماعية الموجودة في المغرب، تبقى ناقصة ولا تشمل كل فئات الشعب المغربي، مذكرا، في هذا الصدد، بالمحاولات التي قامت بها حكومة التناوب التوافقي من أجل السعي إلى تعميم نظام التغطية الصحية على وجه الخصوص، ثم ما تلا ذلك من محاولة لتعميم نظام التغطية الصحية الإجبارية ونظام المساعدة الطبية "رامد".
وبحسب الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، فإن جائحة كورنا المستجد، أظهرت بشكل جلي أن هناك إشكال حقيقي، وأن الاقتصاد الوطني يظل متأثرا بشكل قوي بما يسمى الاقتصاد غير الرسمي أو الاقتصاد الغير مهيكل، الذي لا حقوق ولا تغطية فيه. كما أن هذه الجائحة، يضيف نبيل بنعبد الله، كشفت أن هناك مجال واسع للفقر والإقصاء بالنسبة لفئات واسعة من المجتمع، والدليل على ذلك، بحسبه، أن ما يزيد على ستة ملايين من المغاربة اضطروا للتسجيل من أجل الاستفادة من الدعم المباشر، أي أن حوالي 20 مليون مغربي يعيشون في وضعية هشاشة ووضعية إقصاء.
وشدد محمد نبيل بنعبد الله، على أن هذا الواقع الجديد، بات يفرض مراجعة ما هو موجود، والتوجه نحو بلورة نظام للحماية الاجتماعية الشاملة، مشيرا إلى أن ذلك هو الطريق الأنسب لجعل كل المغاربة يندمجون في مسار التنمية، لأن ذلك يعد استثمارا في العنصر البشري المغربي، من أجل أن يكون عنصرا منتجا، ومساهما في الدورة الاقتصادية، مؤكدا على أن من شأن تفاقم نسبة الهشاشة في المغرب، أن يؤثر على الاستقرار الاجتماعي، وعلى الاستقرار السياسي، وبالتالي يقول المتحدث فإن المغرب "لا يمكنه أن يواصل مساره التنموي، دون الاهتمام بالبعد الاجتماعي، وهو ما أكد عليه حزب التقدم والاشتراكية في المقترحات التي تقدم بها، سواء للجنة النموذج التنموي أو للحكومة".
من جانبه، أكد عبد العزيز عدنان مدير الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، الذي أدار هذه الندوة التفاعلية، أن الدولة التي بمقدورها توفير منظومة حماية اجتماعية ناجعة، هي التي يكون بمقدورها امتصاص الصدمات الاقتصادية والاجتماعية، وإعادة تشغيل عجلة التنمية الاجتماعية وإحداث مناصب الشغل، مشيرا إلى أن الحماية الاجتماعية هي استثمار منتج، عكس ما كان يعتقده البعض كونها، فقط مجرد نفقات غير منتجة.
وأضاف عبد العزيز عدنان، أن بلورة منظومة للحماية الاجتماعية أصبحت ضرورة ملحة تسائل الجميع، خاصة وأن الهرم السكاني في المغرب بدأ ينحو نحو الشيخوخة، بالإضافة إلى ارتفاع عدد المصابين بأمراض مزمنة، ووجود فوارق صارخة بين العالم الحضري والعالم القروي في مجال الاستفادة من البرامج الاجتماعية والصحية، بالإضافة إلى الاختلالات الموجودة في حكامة أنظمة الحماية الاجتماعية الموجودة، وضعف الوقاية، مؤكدا على أن التغطية الاجتماعية الشاملة هي توجهات ملكية سامية، باتت تفرض الخروج من منطق التشخيص، والوقوف عند النواقص التي يعرفها الجميع، والتفكير في اقتراحات عملية كفيلة ببلورة وهندسة حماية اجتماعية ترقى إلى مستوى تطلعات المواطنين المغاربة.
وبدوره، وقف نجيب أكديرة الخبير الاقتصادي والمدير العام السابق لوكالة التنمية الاجتماعية، على مكامن القوة والخلل الذي يعتري أنظمة الحماية الاجتماعية الموجودة بالمغرب، مشيرا في هذا الصدد، إلى أن نظام الحماية الاجتماعية يستهدف مجموعة من الفئات الاجتماعية، لكنه يعاني من غياب وضعف كبير على مستوى الانسجام، نظرا لكثرة المتدخلين وضعف التنسيق، وبالتالي، يضيف المتحدث، فإن البرامج الموجودة لم تخضع للمتابعة والتقييم.
وأوضح نجيب أكديرة، بخصوص تلك النواقص التي تعتري أنظمة الحماية الاجتماعية بالمغرب، أنها باتت تفرض إيجاد حلول واقعية وملموسة، مشيرا إلى أنه على الرغم من تنوع الأنظمة وتعددها، فإن هناك خصاصا كبيرا على مستوى التغطية، وأيضا على مستوى الاستهداف، وهناك أيضا، ضعف على مستوى التدبير وغياب النجاعة على مستوى النفقات، وضعف الموارد البشرية على مستوى العدد وعلى مستوى الكفاءات، بالإضافة إلى ضعف أنظمة المعلومات، وضعف انخراط الجماعات الترابية، مستدلا على ذلك بنظام المساعدة الطبية "رامد" والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، مؤكدا على ضرورة عقلنة نظام الحماية الاجتماعية بالمغرب، وتقوية حكامته، وانسجام آليات وطرق الاستهداف، وتوسيع التغطية وتطوير النظام المعلوماتي.
وفي نظر الخبير الاقتصادي نجيب أكديرة، فإن المشروع المندمج لنظام الحماية الاجتماعية، يفرض اعتماد خطة شمولية ومندمجة، في إطار سياسة شمولية للحماية الاجتماعية، والتي يتعين أن تكون بدورها مندمجة في إطار سياسة اجتماعية، مشيرا إلى أن وضع نظام للتأمين دون تقوية النظام الصحي لا يكمن أن يكون مجديا، وهو ما يفرض بحسب المتحدث، بلورة سياسة اجتماعية، واعتبار الحماية الاجتماعية استثمارا منتجا، دون نسيان أن البلد في حاجة إلى استثمارات كثيرة، من أجل التطوير الاقتصادي والاجتماعي، وتقوية القطاع الصحي وقطاع التعليم.
وساق نجيب أكديرة مجموعة من الأرقام الدالة والتي تبرز واقع أنظمة الحماية الاجتماعية بالمغرب، مشيرا إلى أن التأمين الصحي، أصبح يغطي، اليوم، حوالي 60 في المائة من الساكنة، كما أن نظام المساعدة الطبية "رامد" ساهم قي تقليص الفوارق بين الفئات الاجتماعية، في حين أن نظام التقاعد لا يغطي سوى 40 في المائة من الفئة النشيطة، أي ما يمثل حوالي 20 في المائة من مجموع الساكنة، وهو ما يعني أن 80 في المائة من الساكنة لا تتوفر على تقاعد.
وأضاف المتحدث أن 28 في المائة فقط، من الأطفال المغاربة يستفيدون من التعويضات العائلية، أما التعويض عن فقدان الشغل، فيبقى محدودا حسب نجيب أكديرة، ونفس الشيء بالنسبة للتعويض عن حوادث الشغل، لأن شركات التأمين الخاصة هي التي تتولى هذا الجانب في شركات القطاع الخاص، وحتى لا تؤدي تعويضات مرتفعة فنادرا ما يتم التصريح بحوادث الشغل ويبقى الضحية هو العامل، مشيرا إلى أنه على الرغم من تعدد برامج الحماية الاجتماعية وتنوعها، فإنها لا تشمل كل الساكنة المغربية، وهو ما أكده عليه جلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش الأخير، والذي دعا من خلاله إلى تسريع وتيرة تعميم التغطية الاجتماعية الشاملة.
وأضاف أكديرة أنه على الرغم من التقدم الحاصل على هذا المستوى، فإن هناك العديد من الفائت لا يشملها أي نظام للحماية الاجتماعية، سواء تعلق الأمر بالفئات النشيطة أو بالأشخاص المسنين والأشخاص في وضعية إعاقة الذين هم الفئات المنسية أكثر في نظام الحماية الاجتماعية، مؤكدا على تعدد المتدخلين في نظام الحماية الاجتماعية، وتعدد البرامج وكثرتها، لكن ليس هناك أي تنسيق فيما بينها، وحتى إن وجد فهو ضعيف جدا.
ومن جابنه، أكد البروفيسور الحسين الوردي القيادي في حزب التقدم والاشتراكية ووزير الصحة الأسبق، على أن القطاع الصحي في المغرب يعرف اختلالات ونقائص بنيوية عميقة، مشيرا إلى لان الكل يعي أن من بين الحلول الممكنة، بلورة التغطية الصحية الشاملة والتي دعت إليها منظمة الصحة العالمية وهي أيضا ضمن توصيات الهيئات الأممية، كما أن جلالة الملك ركز عليها في العديد من خطبه وآخرها خطاب العرش الأخير.
وشدد الحسين الوردي على ضرورة إقرار المساواة في عرض العلاجات على الصعيد الوطني وفي الولوج إلى هذه الخدمات، مشيرا إلى أن المغرب على الرغم من كل النقائص، فقد قطع أشواطا وصفها ب "المهمة" لأنه حتى حدود سنة 2005 كانت التغطية الصحية لا تتجاوز 14 في المائة وبعد إقرار نظام التأمين الإجباري عن المرض، وصلت هذه النسبة إلى 34 في المائة، وانطلاقا من سنة 2012 كان هناك نوع من تسريع الوتيرة إلى أن تجاوزت اليوم نسبة 60 في المائة، دون الخوض في المشاكل التي تعرفها، مذكرا بأن العديد من المستفيدين من نظام "رامد" استفادوا من الخدمات الموجودة في المستشفيات، وأن هناك تطورا ملحوظا، على هذا المستوى.
وأضاف وزير الصحة الأسبق أن نسبة المستفيدين من نظام المساعدة الطبية سنة 2012 وصل إلى حوالي 30 في المائة، وبعد ذلك سنة 2015 تم وضع نظام التغطية الصحية لفائدة الطلبة، استفاد منها حوالي 288 ألف طالب، ثم التغطية الصحية لأزيد من 5 ملايين شخص من المستقلين، وأصحاب المهن الحرة، وذلك بموجب القانون 15/98 ، دون الحديث عن ذوي حقوقهم، أي حوالي 11 مليون نسمة، وهو ما يمثل نسبة 30 في المائة من الساكنة، مشيرا إلى أن هناك أيضا مشروع قانون لا زال حبيس الغرفة الثانية، منذ سنة 2015، وهو مشروع قانون رقم 16/63 ، المتعلق بالتغطية الصحية للأبوين.
وأوضح الحسين الوردي أنه بقدر ما تهدف التغطية الصحية إلى مساعدة المواطن من الناحية الاجتماعية والصحية ومن الناحية النفسية، بقدر ما تجعل وزارة الصحة وكل المتدخلين والحكومة بصفة عامة، أمام تحديات كبيرة، في مقدمتها التمويل والحكامة والتنظيم، ثم تحدي الأجرأة والتفعيل، بالإضافة إلى تحدي المنظومة الصحية في حد ذاتها، وتجويدها، سواء تعلق الأمر بالبنية التحتية، أو بالتأطير والموارد البشرية، والتجهيزات البيو- طبية، ثم التحدي الرابع، يضيف الحسين الوردي، وهو ضرورة وضع إجراءات وصفها ب"الجريئة" والتي يمكنها مواكبة الإصلاح، لأنه من الغير الممكن، في نظره، أن نمح لشخص ما، بطاقة الاستفادة من التغطية الصحية إذا لم نعالج مشكل العرض الصحي، وهذا يبدأ بالدرجة الأولى، يضيف المتحدث، بالرفع من ميزانية وزارة الصحة، بحيث أن هذه الميزانية لا تتجاوز نسبة 6 في المائة من الميزانية العامة للدولة خارج الدين العمومي، وإذا أخذ بعين الاعتبار هذا الأخير فإنها لا تتجاوز 3.68 في المائة، علما أن منظمة الصحة العالمية توصي بأن تصل هذه الميزانية إلى حدود 12 في المائة.
وأضاف الوردي أنه منذ ال 15 سنة الماضية، لم تتجاوز ميزانية وزارية الصحة 1.4 في المائة من الناتج الداخلي الخام، مع العلم أن الناتج الداخلي الخام في المغرب يعرف تطورا كل سنة، لكن وزارة الصحة لا تستفيد من ذلك، وبالتالي يقول الوردي "نحن بعيدين عن النموذج التنموي القائم على إنتاج الثروة وإعادة توزيعها بشكل عادل" مشيرا إلى جائحة "كوفيد- 19" أظهرت أن قطاع الصحة هو قطاع منتج، ومن حقه أن يستفيد من الناتج الداخلي الخام، وأن يستفيد من الرفع من ميزانيته.
ومن بين البرامج التي يتعين بلورتها من أجل بلوغ تغطية صحية شاملة، دعا الحسين الوردي إلى تبني طب الأسرة، أي أن يصبح لكل أسرة طبيبها المعالج، وتعزيز السياسة الدوائية، والتوجه نحو المزيد من تخفيض ثمن الأدوية، لأن هناك أدوية لا زالت باهظة الثمن بشكل كبير، وحذف الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة للأدوية، لأن المواطن في نهاية المطاف هو من يؤدي هذه الضريبة، وبلورة سياسة وطنية للتصنيع المحلي للأدوية المكلفة والباهظة الثمن، وبلورة نظام لوظيفة عمومية استشفائية، لأن المشاكل التي يعيشها قطاع الصحة، في نظره، لا يعرفها أي قطاع آخر، مؤكدا على ضرورة بلورة خدمة صحية إجبارية، أي أن يذهب جميع خرجي كلية الطب والصيدلة وطب الأسنان إلى المناطق القروية والنائية، فالمغرب لازال بعيدا على مستوى التأطير الطبي فهو لا يتحاوز نسبة 1.5 طبيب لكل ألف نسمة في حين أن منظمة الصحة العالمية توصي ب 4.45 طبيب لكل ألف نسمة.
ودعا الوردي إلى التفكير في الآفاق المستقبلية بالنسبة للتغطية الصحية، والتركيز على نقط وصفها بالأساسية، في مقدمتها إلزامية التغطية الصحية، لأنه عندما تكون اختيارية تكن هناك العديد من الإكراهات، والمشاكل، وأن النظام التضامني الإجباري هو من سيحل هذه المشاكل، لأنه ليست هناك أي دولة نجحت في التغطية الصحية دون إجبارية ودون إلزامية بقوة القانون، بالإضافة إلى الإسراع في تنزيل النصوص التشريعية وخاصة المراسيم التطبيقية للقوانين التي تم إقرارها وخاصة القانون رقم 15/98 المتعلق بالتغطية الصحية لفائدة المستقلين وذوي المهن الحرة، على أن يكون التنزيل بشكل تدريجي وتشاركي مع المهنيين، وأن يشرع من الآن في مناقشة التغطية الصحية التكميلية، والنقاش مع التعاضديات ومع القطاع الخاص.
كما جدد القيادي في حزب التقدم والاشتراكية، التأكيد على دعوة حزبه الرامية إلى ضرورة إقرار قانون للصحة العمومية والأمن الصحي، مشيرا إلى أن تدبير الجائحة أظهر الحاجة إلى قانون مماثل وإحداث وكالة وطنية للصحة العمومية والتأمين الصحي.
بدوره، أوضح عبد الواحد سهيل عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أن المغرب غير مندمج فيما هو متعارف عليه دوليا، في مجال سياسات التغطية الاجتماعية، مشيرا إلى أن هناك مؤسسات تابعة لمنظمة الأمم المتحدة كمنظمة العمل الدولية، ومؤسسات وطنية كالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، قدموا عناصر الإجابة على هذه المواضيع، حيث أن منظمة الأمم المتحدة تعتبر أن التغطية الصحية الشاملة هي حق من حقوق الإنسان، وهي ضرورة اقتصادية واجتماعية، لأن التغطية الاجتماعية هي نشاط اقتصادي واجتماعي، يساهم في تطور وتقدم الدول.
وتعتبر هذه المؤسسات أيضا أن التغطية الاجتماعية تلعب دورا أساسيا في إعادة توزيع الدخل وإعادة توزيع الثروات، وإعادة توزيع الفرص وتساهم بذلك في الإدماج الاقتصادي، وأن لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة تقول "إن المسؤولية في تحقيق التغطية الصحية هي مسؤولية حصرية للدولة، وتندرج ضمن واجباتها ومهامها الأساسية".
وأضاف عبد الواحد سهيل أن خطاب العرش الأخير لجلالة الملك محمد السادس، أكد على ذلك التوجه القائم على دور الدولة في توفير الحماية الاجتماعية الشاملة، مشيرا إلى أن المغرب اليوم، يخصص نسبة 5 في المائة من الناتج الداخلي الخام، للنفقات العمومية في مجال التغطية الصحية، وفق ما جاء في تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي أشار أيضا إلى أن 60 في المائة من الساكنة النشيطة في المغرب، لا تتوفر على نظام للتقاعد، وأن 46 في المائة من الساكنة النشيطة في المغرب لا تتوفر على تغطية صحية، أي الساكنة النشيطة التي تشتغل في القطاع الغير مهيكل، وبالتالي يضيف عبد الواحد سهيل، أن جزء كبير من الساكنة النشيطة في المغرب هي خارج دولة القانون، وهذه في نظره، إشكالية سياسية وإشكالية دستورية، وهي أيضا إشكالية حقوقية، على اعتبار أنها تحرم جزء مهما من المغاربة من حقوقهم التي يكفلها القانون الأسمى للبلاد، ثم وهذا خطير، وهو أن أغلبية النشيطين لا يتوفرون على أي تأمين اجتماعي خاص حول حوادث الشغل والأمراض المهنية، إلى جانب ذلك، هناك تعدد الأنظمة وكثرة المتدخلين بدون أي رابط أو تنسيق فيما بينهم، وهو ما يوضح بشكل جلي أن هناك مشكل الانسجام فيما بين السياسات العمومية.
وذكر القيادي في حزب التقدم والاشتراكية، أن ثلاثة ملايين من المأجورين في القطاع العام والقطاع الخاص، هم فقط، من يستفيد من التعويضات العائلية، بمعنى أن ملايين الأطفال المغاربة لا يستفيدون من تلك التعويضات، رغم أن هناك في المقابل، برامج من قبيل برنامج تيسير، والبرامج الخاصة بدعم النساء الأرامل والمطلقات، وبرنامج مليون محفظة، لكن يضيف المتحدث، يبقى جزءا أساسيا من الأطفال المغاربة محرومين من تلك البرامج.
وفي نظر عبد الواحد سهيل فالمغرب، يسير بسرعتين، حيث تجد فئة تستفيد من البرامج ومن بعض المنجزات، على ضعفها وعلى الإشكاليات المرتبطة بها، وفئة أخرى هي خارج التغطية ويتعين أن تندرج فيها، مشيرا إلى أن الأصل في كل تلك المشاكل بما فيها ضعف الحماية الاجتماعية في المغرب، هو غياب النموذج الاقتصادي والاجتماعي، لأنه لا يمكن الحديث عن مكاسب اجتماعية، بدون وجود نظام اقتصادي مدمج، يقوم على دولة القانون، التي تطبق على الجميع بشكل تدريجي، دولة تعترف بالحقوق كواقع ملموس وليس شكلي، فقط، مؤكدا على أن الإشكال المطروح حاليا، حول نظام للحماية الاجتماعية، مرتبط بإشكالية الرؤية المندمجة والشمولية، على أن تكون الانطلاقة من ما هو موجود، والتفكير في الأشخاص الذين لا يتوفرون على تقاعد، وأيضا التفكير في كيفية الجمع بين أنظمة التقاعد الموجودة في القطاع الخاص والقطاع العام، وكذلك الإشكاليات التي تطرحها أنظمة التقاعد التكميلي، لأن التقاعد المتحصل عليه من صندوق الضمان الاجتماعي غير كاف نهائيا، ويتعين، في نظره، أن يعاد النظر فيه، لأنه في من غير المقبول أن يشتغل شخص ما لمدة ثلاثين سنة، وبعدها يحصل في سنة 2020، على تقاعد 3 آلاف درهم، وهو تقاعد، يضيف سهيل، لا يكفي لتغطية الحد الأدنى من مصاريف وتكاليف المعيش اليومي.
ووصف عبد الواحد سهيل تفويت مصحات الضمان الاجتماعي بالكارثة، مشيرا إلى أن هذا النوع من التفكير الأيديولوجي المتزمت اتخذ هذا القرار دون أن يعي ما تقدمه هذه المصحات من خدمات مهمة، متسائلا كيف يمنح الحق لشركات التأمين، في إنشاء مصحات، ويمنع النظام التعاضدي من أن يستثمر في الصحة؟ ولماذا المستشفى العمومي لا يقدم خدمات للقطاع التعاضدي؟ ولماذا لا يدمج خدمات يمكن أن تساعد في تمويل المستشفى العمومي؟
وخلص عبد الواحد سهيل إلى القول "إننا أمام نظام يسائل النظام الاقتصادي والاجتماعي برمته والآن المجال الصحي والمجال الاجتماعي هي من أهم الأنشطة المدرة للشغل والمدرة للثروة، ويساهم في التقدم الاقتصادي والاجتماعي"، مؤكدا على أنه من غير الممكن الاشتغال على نظام تغطية اجتماعية خارج ما ينبغي القيام به على مستوى الاقتصادي والاجتماعي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.