طلبة الصيدلة يرفضون "السنة البيضاء"    العرض السياحي بإقليم وزان يتعزز بافتتاح وحدة فندقية مصنفة في فئة 4 نجوم    بلطجية نظام الكابرانات.. الأمن الجزائري يقتحم اجتماع "الكاف" مع بعثة نهضة بركان بمطار الهواري بومدين    منتخب "الفوتسال" يطيح بليبيا ويتأهل لنهائي "الكان" ويحجز بطاقة المشاركة في كأس العالم    بالفيديو.. الأمن الجزائري يعنف بعثة بركان والأخيرة تجري حصة تدريبية داخل المطار    الجدارمية د گرسيف حجزوا 800 قرعة ديال الشراب فدار گراب بمنطقة حرشة غراس    الفرقة الوطنية طيحات شبكة كبيرة "للتسويق الهرمي": الضحايا من بين فاس ومراكش وطنجة ووزان    مسؤول بلجيكي : المغرب وبلجيكا يوحدهما ماض وحاضر ومستقبل مشترك    وزير الفلاحة المالي يشيد بتقدم المغرب في تدبير المياه والسدود    طقس غد السبت.. أمطار رعدية مرتقبة بهذه المناطق من المملكة    سفيرة المغرب بإسبانيا تكشف سبب تأخر فتح الجمارك بسبتة ومليلية    صلاح السعدني .. رحيل "عمدة الفن المصري"    المغرب وروسيا يعززان التعاون القضائي بتوقيع مذكرة تفاهم    المنتخب الأنغولي يبلغ نهائي "الفوتسال" في انتظار الفائز بمباراة المغرب وليبيا    النساء الاستقلاليات يكرمن البرلماني نور الدين مضيان بالناظور    وزارة التجهيز والماء تهيب بمستعملي الطرق توخي الحيطة والحذر بسبب هبوب رياح قوية وتطاير الغبار    نهاية التأشيرة الذهبية أثرت على مبيعات العقارات في البرتغال    الأمثال العامية بتطوان... (577)    تسجيل حالة وفاة و11 إصابات جديدة بفيروس كورونا خلال الأسبوع الماضي    دركي يطلق الرصاص على كلب لإنقاذ قاصر مختطفة    مقرب من رئيس مجلس النواب ل"گود": التمثيل النسبي والدستور كيعطي الحق للاتحاد الاشتراكي لرئاسة لجنة العدل والتشريع    المعرض الدولي للكتاب.. بنسعيد: نعمل على ملائمة أسعار الكتاب مع جيوب المغاربة    خاص..الاتحاد ربح الحركة فرئاسة لجن العدل والتشريع وها علاش الاغلبية غاتصوت على باعزيز    ها أول تعليق رسمي ديال إيران على "الهجوم الإسرائيلي"    "لارام" و"سافران" تعززان شراكتهما في صيانة محركات الطائرات    الوكيل العام يثبت جريمة الاتجار بالبشر في ملف التازي وينفي التحامل ضده    مؤشر ثقة الأسر المغربية في وضعها المالي يتحسن.. وآراء متشائمة في القدرة على الادخار    تعرض الدولي المغربي نايف أكرد للإصابة    مجلس النواب يعقد جلسة لاستكمال هياكله    طوق أمني حول قنصلية إيران في باريس    موعد الجولة ال27 من البطولة ومؤجل الكأس    السجن المحلي الجديدة 2 ترد على ادعاءات سجين سابق تقول ب "تجويع السجناء"    الجزائر تبرر طرد صحافي بمواقف جون أفريك    ارتفاع كبير في أسعار النفط والذهب عقب الهجوم على إيران    بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات بارتفاع    "إعلان الرباط" يدعو إلى تحسين إدارة تدفقات الهجرة بإفريقيا    بسبب فيتو أمريكي: مجلس الأمن يفشل في إقرار العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة    المكتب التنفيذي ل"الكاف" يجدد دعمه لملف ترشيح المغرب وإسبانيا والبرتغال لتنظيم مونديال 2030    "ميتا" طلقات مساعد الذكاء الاصطناعي المجاني فمنصاتها للتواصل الاجتماعي    في تقليد إعلامي جميل مدير «الثقافية» يوجه رسالة شكر وعرفان إلى العاملين في القناة    صورة تجمع بين "ديزي دروس" وطوطو"..هل هي بداية تعاون فني بينهما    منظمة الصحة تعتمد لقاحا فمويا جديدا ضد الكوليرا    التراث المغربي بين النص القانوني والواقع    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    السودان..تسجيل 391 حالة وفاة بسبب الاصابة بمرضي الكوليرا وحمى الضنك    باستثناء الزيادة.. نقابي يستبعد توصل رجال ونساء التعليم بمستحقاتهم نهاية أبريل    أخْطر المُسَيَّرات من البشر !    ورشة في تقنيات الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية بجماعة عرباوة    مهرجان خريبكة الدولي يسائل الجمالية في السينما الإفريقية    ضربات تستهدف إيران وإسرائيل تلتزم الصمت    الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يطالب بفرض عقوبات على الأندية الإسرائيلية    بيضا: أرشيف المغرب يتقدم ببطء شديد .. والتطوير يحتاج إرادة سياسية    "قط مسعور" يثير الرعب بأحد أحياء أيت ملول (فيديو)    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسودة تقرير هيئة علماء المناخ العالمية ترسم سيناريو كارثيا للكوكب الأزرق في عام 2050
نشر في بيان اليوم يوم 04 - 07 - 2021

يعرف المغرب اليوم تهديدا كبيرا يسببه تغير المناخ، تهديد يجهل حجم الأضرار التي سيخلفها. فعلى سبيل المثال انخفض النمو الاقتصادي سنة 2016 إلى 1.5٪ متأثرا بالجفاف الشديد الذي عاشه المغرب عام 2015، حيث شكل الموسم الزراعي ضعيف الإنتاج سببا أساسيا في إضعاف الاقتصاد المغربي. فكيف إذن لا نخشى عواقب الاحتباس الحراري العالمي، خصوصا وأنه من المرتقب أن يجد 3٪ من سكان الرباط مدينتهم تحت مستوى سطح البحر عند بلوغ درجة حرارة الكوكب حاجز 1.5 درجة مئوية مقابل 6٪ من مدينة الدار البيضاء التي ستغمرها المياه. ناهيك عن الظواهر العنيفة والمتطرفة التي تصاحب تغير المناخ من فيضانات وانهيارات التربة وحرائق الغابات والجفاف المدمر.
الكوكب الأزرق على خلفية تفاقم تغير المناخ
في موجة مناخية قوية، تخطت درجة الحرارة بكندا حاجز 49.5 درجة مئوية محطمة جميع الأرقام القياسية على اعتبار أن المعدل الموسمي هو 21 درجة مئوية.ولليوم الثالث على التوالي سجلت كندا يوم الثلاثاء 29 يونيو 2021 ارتفاعا قياسيا في درجات الحرارة إذ بلغت درجاتها في ليتون، الواقعة شمال شرق مدينة فانكوفر أعلى مستوياتها الحرارية. واعتبر ذلك ظاهرة مناخية فوق العادة في هذا البلد حيث أحصيت عشرات الوفيات المفاجئة.
وكانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية قد تنبأت في دراسة نشرتها شهر ماي الماضي بأن العالم مقبل على تسجيل درجات حرارية قياسية خلال السنوات الخمس المقبلة حيث من المحتمل تجاوز عتبة 1.5 درجة حرارية بنسبة 40 في المائة. ويأتي التحذير والعديد من الدول تعيش ظروفا مناخية استثنائية في مقدمتها روسيا الولايات المتحدة الأمريكية وكندا. تحذيرات المنظمة العالمية جاءت بناء على نمذجة أجراها مكتب الأرصاد الجوية البريطانية، وخبراء المناخ في عشر دول، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين، بينما كانت تقديرات العلماء لفرصة وصول أي عام إلى حاجز 1.5 درجة مئوية 20٪ فقط، لكن التقييم الجديد الذي حددته الدراسة يضع الخطر حاليا عند 40٪.
وتشير الدراسة إلى أن السنوات الخمس المقبلة ستشهد على الأرجح ارتفاعا في درجات الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة على الأقل، لكن ذلك سيكون بشكل مؤقت. التقرير الذي أشار إلى احتمال بنسبة 90%، كي تصبح سنة واحدة من تلك السنوات الخمس من أشد السنوات حرارة على الإطلاق متجاوزة مستويات 2011 و2016، توقع أيضا زيادة احتمال حدوث أعاصير مدارية في المحيط الأطلسي، والساحل الإفريقي وأستراليا، وأن يكون جنوب غرب أمريكا الشمالية أكثر جفافا. لكن ذلك لن يستمر طويلا، إذ يؤكد خبراء أن السنوات القليلة التالية قد تكون أكثر برودة قليلا، وقد يمر عقد آخر أو عقدان أو أكثر قبل تجاوز حد 1.5 درجة مئوية بشكل دائم. لكن الأمر الأكيد هو أننا نقترب من حاجز 1.5 درجة مئوية، لم نصل إليها بعد لكننا نقترب بقوة وسرعة من ذلك الحاجز، وكانت اتفاقية باريس حددت الهدف المتمثل في إبقاء الزيادة في متوسط درجة الحرارة العالمية لا تزيد على درجتين مئويتين، ومحاولة عدم تجاوز 1.5 درجة مئوية.
مسودة تقرير علماء هيئة المناخ (GIEC)
وتتماشى تحذيرات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية مع ما جاءت به مسودة تقرير هيئة علماء المناخ التابعة لمنظمة الأمم المتحدة والتي كشفت عنها وكالة فرانس بريس للعالم برؤية واقع الدمار الحقيقي الذي تعرفه العديد من النظم الايكولوجية البرية منها والبحرية، إذ بلغت حالة المناخ إلى درجة جد خطيرة بالتالي أصبح من الضروري العمل الآن.
وفي المقابل فإن مشروع التقرير الناتج عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ يعد أيضا مصدرا ل "الأمل" فالمزيد من الناس مستعدون لقول الواقع على حقيقته، إنه الواقع الذي سنضطر إلى التكيف معه، واقع سيتسم بنقص في المياه العذبة، بالهجرة المناخية الجماعية، بسوء التغذية، بانقراض كبير للتنوع البيولوجي، إنها الحياة على كوكب الأرض كما كنا نعرفها ستتغير حتما خلال العقود القادمة بسبب تغير المناخ أي عندما يبلغ الأطفال المولودون في عام 2021 عمر ثلاثين عاما أو حتى قبل ذلك، وفقا لهذه النسخة المؤقتة من التقرير التي سيتم نشرها العام المقبل، فمهما حاولت الدول العظمى من تخفيض معدل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فإن الآثار المدمرة للاحترار على الطبيعة والبشرية التي تعتمد عليها سوف تتسارع وستصبح ملموسة بشكل جد مؤلم قبل عام 2050. ولا يمكننا مواجهة هذه الأزمة دون أن نسمي الأشياء بمسمياتها فنحن على بينة من الأمر بما يكفي لقول الحقيقة ومواجهة الحقائق، وإنه لأمر مهم ويمكن أن يساعد الناس على الاستيقاظ من الغفلة. مشروع التقرير سيفتح أعيننا وهو أفضل من الطمأنينة الخاطئة، فبعض الناس مهووسون بالخوف لدرجة أنهم لا يريدون التحدث عن أزمة المناخ، لكن من واقع تجربتي مع الأشخاص الذين التقيت بهم في العديد من مؤتمرات المناخ والملتقيات الدولية فإن الأمر عكس ذلك تماما بل أسوأ شيء هو عندما لا نرغب في مواجهة الواقع وتخفيف حدة الأمور. وبالطبع سيكون الأمر أكثر خطورة على البشرية عندما تعيش على الوهم بالوعود الكاذبة التي يطلقها بعض صناع القرار على أساس أن "كل شيء سيكون على ما يرام ولا داعي للقلق ونحن نفعل كل ما في وسعنا" كل هذه وعود تزيد الطين بلة بينما هذا ليس صحيحا ومواجهة الأمر هو الشيء الصحيح حتى يتسنى لنا التحرك بسرعة وإعلان حالة الطوارئ المناخية بصيغة مستعجلة.
تسريب بطعم التحسيس والتوعية
تسريب مسودة تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ والذي أحرج العلماء بشدة كان من المجموعة الثانية التي تدرس التأثيرات والضعف والتكيف مع تغير المناخ. ولفهم ما حدث بشكل أفضل قليلا، من الضروري معرفة عمل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ وهي هيئة حكومية دولية، والدول الأعضاء هي التي تتولى الإدارة وهي مكونة من ثلاث مجموعات. تتكون المجموعة الأولى فقط من العلماء الذين يقيسون الفيزياء المناخية أما المجموعة الثانية فتشتغل على دراسة التأثير بينما تعمل المجموعة الثالثة على البحث في التخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري وقد تكون هناك أيضا جمعيات ومنظمات غير حكومية في المجموعتين الثانية والثالثة يمكن لهيئة علماء المناخ الاعتماد تماما على تقاريرها في حالة وجود منشور علمي حول موضوع معين لذلك قد تكون هناك منظمات ملتزمة جدا بأسلوب منظمة السلام الأخضر فقد كانت هناك بالفعل مخاوف في المجموعة الثانية في الماضي مثل الإعلان الوشيك عن نهاية الثلوج في جبال الهيمالايا وكانت قد أطلقته منظمات دولية.
المغرب وتأثر المنظومات الايكولوجية بظاهرة الاحتباس الحراري
ووفقا لمسودة التقرير التي أعدتها هيئة علماء المناخ فإن ارتفاع درجات الحرارة وبلوغها حاجز 1.5 درجة مقارنة بعصر ما قبل الصناعة فإن العواقب ستكون كارثية حيث تتوقع الهيئة تعرض 350 مليون شخص لنقص خطير في الولوج إلى الماء.
والمغرب من ضمن البلدان التي بدأ الإجهاد المائي يصل فيها إلى أرقام قياسية. وتبعا لمعهد الموارد العالمية فإن المغرب سيصل إلى مستوى عال للغاية من الإجهاد المائي بحلول عام 2040، ومن المحتمل أن يتجاوز الطلب على الموارد المائية المتاحة. فوفقا لهيئة الأمم المتحدة يعتبر المغرب في حالة إجهاد مائي مع 500 متر مكعب فقط من المياه العذبة للفرد في السنة مقابل 2500 متر مكعب في عام 1960. سيناريو خطير جدا ذلك الذي من المرتقب أن يعيشه المغرب في غضون العشرين سنة القادمة من جفاف مذهل لموارده المائية. أما على الصعيد العالمي فالضرر الناجم عن ارتفاع درجات الحرارة بمقدار درجتين سيعرض حوالي 420 مليون شخص إضافي للتهديد بسبب الحرارة الشديدة في جميع أنحاء الكوكب، ناهيك عن بعض الحيوانات وأنواع النباتات، مثل الشعاب المرجانية التي يعتمد عليها نصف مليار شخص اقتصاديا والتي قد يكون الأوان قد فات بالفعل لإنقاذها. إضافة إلى عودة موجات الحر والجفاف والأعاصير والأمراض الأخرى حيث يمكن أن تحدث ثلاث أو أربع كوارث متزامنة في المناطق الساحلية حول العالم. هذه الكوارث بما في ذلك زيادة غمر الأمواج بشكل متكرر مشروط بارتفاع مستوى سطح البحر مما سيؤدي إلى هجرات مناخية كبيرة، ولو تم الحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى أكثر من درجتين.
المغرب بالتأكيد لن يبقى بعيدا عن هذه التهديدات المناخية، فمنذ وقت ليس ببعيد قدر جهاز محاكاة الأضرار التي يمكن أن يسببها ذوبان جليد القطب الشمالي والأنهار الجليدية، هذه المحاكاة ستجعل من الممكن إدراك الضرر المحتمل في حالة ارتفاع منسوب المياه. ووفقا لأسوأ التوقعات عندا تخطي درجة حرارة الكوكب حاجز الأربع درجات مئوية فمدن الشمال كمرتيل والفنيدق والمضيق و مدن الجنوب كأكادير وطرفاية التي ستعرف سواحلها ارتفاعا ملحوظا في منسوب مياه البحر في حين أن مجموعة من المناطق الرطبة في مقدمتها محمية سيدي بوغابة ومولاي بوسلهام المصنفتين ضمن اتفاقية رامسار ستكونان الأكثر تهديدا من فقدانهما وفقدان العديد من المنظومات الايكولوجية الهشة.
وقالت ماري فرانسواز ماري نيللي مديرة عمليات مجموعة البنك الدولي للمغرب العربي: "أطلق المغرب خطته الخضراء لمواجهة خطر تغير المناخ وتستند هذه الخطة إلى سيناريو ثلاثي الفائز، حيث أنها تهدف إلى تكييف البلاد مع واقع تغير المناخ واتخاذ تدابير للتخفيف من تأثيره على السكان والبيئة وفي الوقت نفسه إنشاء منافذ جديدة من خلال مساعدة المزارعين على سبيل المثال على تبني ممارسات ذكية مناخيا وزيادة إنتاجيتهم ولكن أيضا من خلال ضمان تحسين قنوات التوزيع لمنتجاتهم".
رهان المغرب اليوم هو المحافظة على المياه المتراكمة بشكل طبيعي في طبقات المياه الجوفية، فالسياسات الجديدة تحمي هذا المورد الثمين مع ضمان أن كميات المياه المتاحة كافية لتلبية احتياجات الزراعة، وهو قطاع أساسي للوظيفة، بالنسبة لأندريا ليفيراني مدير البرامج بالبنك الدولي، فقد فهم المغاربة منذ فترة طويلة قيمة تنظيم الحفر، لكن التقدم التقني كان له تأثير مفاقم: "اليوم يمكننا ضخ ما يصل إلى 200 متر بدلا من 40 مترا سابقا مما يشكل تهديدا خطيرا على منسوب المياه الجوفية" الأمر الذي يقلق أندريا ليفيراني، حيث يجب على الدولة تشديد قوانينها لوقف هذه العملية. في الوقت نفسه تم تحسين شبكة الري للسماح بفضل إدخال التقنيات الحديثة مثل الري بالتنقيط باستخدام أكثر كفاءة للمياه وتزويد المزارعين بوصول أكثر موثوقية إلى هذا المورد، كما تنص الخطة الخضراء على تدابير استباقية لتشجيع المزارعين على تفضيل زراعة الأشجار على الحبوب، لأنه من خلال تثبيت التربة تساهم جذور الأشجار في الحفاظ عليها، وتشجع هذه الإستراتيجية أيضا البذر "المباشر" وهي ممارسة صديقة للبيئة حيث تزرع البذور في التربة التي لم يتم حرثها وبالتالي احتفظت بجميع العناصر الغذائية الموجودة في التربة السطحية، ولكي تكون بيئية بامتياز يمكن لهذه السياسات مع ذلك أن تتوافق مع الربحية وبالتالي تجتذب القطاع الخاص كما تعتقد أندريا ليفيراني.
ومن أجل جني الفوائد الكاملة للاستراتيجية الثلاثية للتكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره وخلق فرص جديدة على المغرب أن يعمل على خمس محاور ذات أهمية بالغة، حيث بحلول عام 2030 يجب أن تلبي الدولة 52٪ من احتياجاتها من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، في الوقت نفسه يريد إعادة إطلاق النشاط لأنه وضع هدفا للتعاقد من الباطن مع وكلاء محليين بنسبة 35٪ للمرحلة الثانية من أعمال محطة نور للطاقة الشمسية المركزة ؛وفي الوقت الذي ألغى فيه المغرب جميع أشكال الدعم على الديزل والبنزين وزيت الوقود الثقيل للحث على استخدام أكثر كفاءة للطاقة وتوفير الموارد والتي سيتم إعادة استثمارها في الانتقال إلى النمو منخفض الكربون قام المغرب بتنزيل مخطط المغرب الأخضر انتهت صلاحيته العام الماضي وأطلق بعده استراتيجية الجيل الأخضر في أفق حماية البيئة وكذا حماية سبل عيش كل المغاربة حيث أن يواصل القطاع الفلاحي الذي يمثل 15٪ فقط من الناتج المحلي الإجمالي في توظيف 40٪ من القوة العاملة، ويعتبر المغرب أن موارده الطبيعية للمحيطات لا تقل أهمية عن موارد الطبيعية البرية وبالتالي فقد حسن إدارة سواحلها وعززت تنمية تربية الأحياء المائية على نحو مستدام حيث يشكل صيد الأسماك 56٪ من إجمالي صادرات البلاد، وفي المجال المائي يعمل المغرب على الحفاظ على طبقات المياه الجوفية هذا المصدر الطبيعي للمياه العذبة التي تتجدد طالما بقيت نظيفة وسليمة، إنه رهان ناجح للبيئة وللأجيال الحالية والمستقبلية.
الآثار المدمرة لتغير المناخ تهدد البشرية في 2050
يمكن للحياة على كوكب الأرض أن تتعافى من تغير المناخ الرئيسي من خلال التطور إلى أنواع جديدة، وإنشاء أنظمة بيئية جديدة بين البشرية لن تستطيع فعل الشيء نفسه، فبالنسبة لمئات العلماء فإن الحياة على الأرض كما نعرفها ستتغير حتما بسبب تغير المناخ في وقت أقرب مما هو متوقع، بغض النظر عن مدى سرعة خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري فإن الآثار المدمرة للاحتباس الحراري على الطبيعة والبشرية التي تعتمد عليها سوف تتسارع وتصبح ملموسة بشكل مؤلم قبل عام 2050 بوقت طويل.
ويمكن أن تتسبب عتبة 1.5 درجة حرارة مئوية بالفعل في عواقب لا يمكن علاجها، فمن بين أهم استنتاجات مسودة التقرير الأكثر إثارة للقلق من التقرير السابق لعام 2014، تخفيض العتبة التي يمكن اعتبار الاحترار بعدها مقبولا، ومن خلال التوقيع على اتفاقية باريس في عام 2015 تعهد العالم بالحد من الاحترار إلى درجتين مئويتين مقارنة بعصر ما قبل الصناعة وإن أمكن 1.5 درجة مئوية، أما من الآن فصاعدا تقدر الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن تجاوز 1.5 درجة مئوية يمكن أن يؤدي بالفعل تدريجيا إلى عواقب وخيمة لعدة قرون وأحيانا لا رجعة فيها. ووفقا لمنظمة الأرصاد الجوية العالمية فإن احتمال تجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية خلال عام واحد بحلول عام 2025 هو بالفعل 40٪، لأن المناخ قد تغير بالفعل، في حين أن الارتفاع في متوسط درجات الحرارة منذ منتصف القرن التاسع عشر قد وصل إلى 1.1 درجة مئوية، فإن الآثار خطيرة وستكون عنيفة بشكل متزايد، حتى لو تم كبح انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بالنسبة لبعض الحيوانات والأصناف النباتية، قد يكون الأوان قد فات، وقال التقرير "حتى عند + 1.5 درجة مئوية، ستتغير الظروف المعيشية بما يتجاوز قدرة بعض الكائنات الحية على التكيف"، مستشهدا بالشعاب المرجانية التي يعتمد عليها نصف مليار شخص.
أخطار متتالية وبسمة أمل في الأفق
نقص المياه والنزوح الجماعي وسوء التغذية وانقراض الأنواع وكذلك الكوارث المناخية المتزامنة والتي يجب أن تضاف إليها الآثار المتضخمة للأنشطة البشرية الأخرى الضارة بالكوكب والتي يمكن أن تسبب تدمير الموائل والاستغلال المفرط للموارد والتلوث والأمراض، وهكذا تعدد الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في مشروع تقريرها المخاطر المتتالية التي تهدد البشرية وتؤكد إلى أي نقطة نحن لسنا مسلحين لمواجهة تدهور الوضع، بينما يؤكد مشروع التقرير على أوجه عدم اليقين حول "نقاط التحول" لأن تعديلا جوهريا لهذه العناصر الأساسية يمكن أن يقود النظام المناخي نحو تغيير عنيف لا يمكن علاجه في حين أن نقطة الانهيار الأخرى يمكن أن تكون هي غابة الأمازون إحدى رئات الكوكب مع المحيطات والتي من المحتمل أن تتحول إلى سافانا.
ويرجع الخبراء إلى أن آخر مرة شهدت فيها الأرض نسبا مماثلة من غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وفي المحيطات كتلك التي يعرفها كوكب الأرض اليوم، كانت منذ 3 إلى 5 ملايين سنة: كانت درجة الحرارة أعلى بمقدار 2 إلى 3 درجات مئوية عن اليوم ومستوى كان البحر فوق المستوى الحالي من 10 إلى 20 مترا، لكن كوكب الأرض لم يكن يومها يعيش فوقه 7.7 مليار مدمر للمنظومات البيئية، إنه الإنسان الذي يدمر كل شيء، وكنتيجة لهذا التدمير البشري المتسارع، نجد تغير المناخ الذي أثر على العالم بأسره، فقد أصبحت الظروف المناخية القاسية كالجفاف وموجات الحرارة والفيضانات والانهيارات الأرضية أكثر تواترا من ذي قبل، في الفلبين، ودول شرق آسيا إلى الصومال و دول القرن الافريقي ثم دول أمريكا الوسطى وجزر نيكاراغوا، جامايكا والهندوراس كلها دول عرفت ظواهر مناخية قوية خلال العام الماضي مصحوبة بارتفاع مستويات سطح البحر وتحمض المحيطات وفقدان التنوع البيولوجي وهي عواقب أخرى تذل على التغير السريع الذي أصبح يعرفه المناخ، و من بين هذه الدول يأتي المغرب الذي عرف طيلة السنوات الثلاثة ما قبل الأخيرة موجة جفاف حادة أثرت بقوة على منسوب عشرات السدود.
ومن أجل الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة الحد الذي يعتبره الفريق الحكومي الدولي لخبراء المناخ آمنا، فإن تحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الحادي والعشرين أصبح أمرا ضروريا، حيث تم تحديد هذا الهدف أيضا في اتفاق باريس الذي وقعتها 195 دولة، بما في ذلك المغرب، وتؤكد المادة 4 من اتفاق باريس على أنه: "من أجل تحقيق هدف درجة الحرارة على المدى الطويل، تسعى الأطراف إلى بلوغ الحد الأقصى العالمي لانبعاثات غازات الدفيئة وإجراء تخفيضات سريعة بعد ذلك، وفقا لأفضل البيانات العلمية المتاحة لتحقيق التوازن بين الانبعاثات البشرية المنشأ بحسب المصادر وعمليات إزالة غازات الدفيئة البشرية المنشأ بالبواليع في النصف الثاني من القرن.
الحياد الكربوني في أفق 2050
وينطوي الحياد الكربوني على التوازن بين انبعاثات الكربون وامتصاص الكربون من الغلاف الجوي بواسطة مصارف الكربون لتحقيق صفر انبعاثات، حيث يجب تعويض جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم عن طريق عزل الكربون، وتعتبر بالوعة الكربون "نظام يمتص الكربون أكثر مما ينبعث منه"، مصارف الكربون الطبيعية الرئيسية هي التربة والغابات والمحيطات، وتشير التقديرات إلى أن الأحواض الطبيعية تزيل ما بين 9.5 و 11 جيغا طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا، حيث بلغت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية السنوية 38 جيغا طن في عام 2019، وحتى الآن لا يمكن لأي حوض كربون من صنع الإنسان إزالة الكربون من الغلاف الجوي على نطاق يكفي لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، ويتم إطلاق الكربون المخزن في المصارف الطبيعية مثل الغابات في الغلاف الجوي عن طريق حرائق الغابات أو التغيرات في استخدام الأراضي أو قطع الأشجار، وهذا هو السبب في أن الحد من انبعاثات الكربون أمر ضروري لتحقيق الحياد المناخي، فهناك طريقة أخرى لتقليل الانبعاثات وتحقيق الحياد الكربوني عن طريق تعويض الانبعاثات الناتجة عن قطاع واحد عبر تقليلها في مكان آخر، ويمكن تحقيق ذلك من خلال الاستثمار في الطاقة المتجددة أو كفاءة الطاقة أو غيرها من التقنيات النظيفة منخفضة الكربون، ويعد النظام الأوروبي لتجارة الانبعاثات مثالا جيدا على مخطط تعويض الكربون.
التزم الاتحاد الأوروبي بسياسة مناخية طموحة، من خلال الصفقة الخضراء، حيث من المحتمل أن تصبح أول قارة تزيل أكبر عدد ممكن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تنتجها بحلول عام 2050، حيث سيصبح هذا الهدف ملزما قانونا إذا اعتمد البرلمان الأوروبي والمجلس القانون الجديد بشأن المناخ، كما سيتم رفع هدف خفض الانبعاثات المؤقت للاتحاد الأوروبي لعام 2030 إلى ما هو أبعد من 40٪ الحالي، للوصول إلى رقم أكثر طموحا، وكان البرلمان الأوروبي قد صوت يوم 7 أكتوبر 2020، لصالح الحياد المناخي بحلول عام 2050 وهدفا يتمثل في خفض الانبعاثات بنسبة 60٪ بحلول عام 2030 (مقارنة بمستويات عام 1990)، وهو هدف أكثر طموحا من الهدف المقترح من قبل المفوضية (55٪)، يحث أعضاء البرلمان الأوروبي المفوضية على تحديد هدف إضافي لعام 2040 لمساعدة الاتحاد على التحرك نحو هدفه النهائي، بالإضافة إلى ذلك، دعا أعضاء البرلمان الأوروبي الدول الأعضاء إلى أن تصبح محايدة مناخيا على أساس فردي وأنه بعد عام 2050، يتم إزالة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي أكثر مما يتم إطلاقه، يجب أيضا إلغاء جميع أشكال الدعم المباشر أو غير المباشر للوقود الأحفوري بحلول عام 2025 على أبعد تقدير، كما يطمح أعضاء البرلمان الأوروبي إنشاء مجلس الاتحاد الأوروبي لتغير المناخ كهيئة مستقلة لتقييم اتساق السياسات ورصد التقدم، وحتى الآن، حددت خمس دول في الاتحاد الأوروبي هدفا للحياد المناخي: تهدف السويد إلى الوصول إلى صفر انبعاثات بحلول عام 2045 والدنمارك وفرنسا وألمانيا و المجر بحلول عام 2050، حيث "يجب أن تخفض الدول في نفس الوقت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وزيادة امتصاص ثاني أكسيد الكربون" هذا الاحتباس الحراري الذي يقترب بسرعة من المستويات التي تضع حضارتنا كما نعرفها في خطر كبير.
الكل يشهد بحقيقة أن الوقت ينفذ لتفادي ظاهرة الاحتباس الحراري التي تعزز نفسها بنفسها، سيتم تجاوز نقطة التحول إذا تجاوز الاحترار العالمي 2 درجة مئوية إلى 3 درجات مئوية مقارنة بأوقات ما قبل العصر الصناعي، ويمكن بعد ذلك أن تقود عدة سلاسل من الآليات النظام المناخي إلى دائرة مفرغة، ينتج عنها ارتفاع درجة حرارة لا يمكن السيطرة عليه، ومن الأمثلة على ذلك تأثير البياض الذي لوحظ في القطب الشمالي: يتسبب انكماش الغطاء الثلجي في انخفاض انعكاس الضوء وبالتالي زيادة في درجات الحرارة التي تغذي الثلج، ذوبان الجليد في مناطق أخرى، إلخ، ومن الأمثلة الأخرى عن "الاحتباس الحراري الذي يعزز الاحترار" حرائق الغابات والآفات الحشرية التي تقتل أشجار الغابات وذوبان التربة الصقيعية، حيث تصف الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة الحقيقة بالقاسية: من أجل تحقيق هدف الحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية، سيكون من الضروري تقليل 45٪ انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2030 مقارنة بمستوى انبعاثات عام 2010، وتحقيق هدف انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، ومن أجل عدم تجاوز زيادة درجة الحرارة بمقدار درجتين، سنحتاج إلى خفض بنسبة 25٪ بحلول عام 2030، وكذلك صفر انبعاثات بحلول عام 2070، وبالتالي يجب أن يوجه الوقت المحدود المتاح لنا العملية، المقبل تشريعات المناخ الأوروبية، إذا لم يكن الأمر كذلك، فإننا نجازف بعمليات "التغذية المرتدة" والمتمثلة في التسارع المتزايد للخروج عن نطاق السيطرة، مما يجعل العديد من الإجراءات الأخرى بلا جدوى، وعلى الصعيد العالمي، ترتبط انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل أساسي باحتراق الوقود الأحفوري، ومن أجل الحد من هذه الانبعاثات المعينة، سيكون من الضروري اعتماد تدابير واسعة النطاق، على سبيل المثال تطوير السكك الحديدية وطاقة الرياح، وتنفيذ تقنيات التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون إلخ، ومع ذلك فإن تنفيذ كل هذه التدابير مهمة معقدة وتستغرق وقتا طويلا، من ناحية أخرى سيكون للحد من قطع الأشجار تأثير إيجابي فوري على المناخ، وفقا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإن الحد من حصاد الغابات هو وسيلة فعالة وثابتة لمكافحة تغير المناخ.
إن هذا السيناريو "الطموح" المتمثل في "صافي صفر انبعاثات" لثاني أكسيد الكربون قد يعني "تغييرا كبيرا في أنماط الاستهلاك": يمكن تصور فردين يعيشان في منزل للطاقة الإيجابية عبر عزل الألياف النباتية والتهوية ومضخة الحرارة، والسقف والزجاج المجهز بخلايا ضوئية، ويتشاركان مع عائلتين أخريين، حيث يزرعون حديقة نباتية صغيرة، وللتجول في مدينتهم متوسطة الحجم، بالإضافة إلى وسائل النقل العام، فإنهم يمتلكون سيارة هجينة قديمة تعمل بالكهرباء. ولتفادي السفريات السنوية فقد خططوا منذ فترة طويلة لرحلة طويلة إلى الصين لقضاء إجازتهم، حيث حصلوا من أصحاب العمل على إمكانية تجميع إجازتهم المدفوعة. وفي زاوية أخرى من العالم تعيش أم بمفردها مع ابنتها في ضواحي المدينة في حي كان صعبا في السابق وكان موضوعا لبرنامج تجديد، حيث يمكن الوصول بسرعة إلى مركز المدينة عن طريق الترام أو الحافلة أو الدراجة أو السيارة، أو عبر الخدمة الذاتية: "اخدم نفسك بنفسك" حيث تم إعادة تأهيل المساكن الاجتماعية للمدينة بالكامل لتوفير الطاقة، وتحصل على المنتجات الفلاحية الطازجة من خضر وفواكه من جمعيات الحفاظ على الزراعة الايكولوجية. وقررت الأسرة قضاء أسبوع أو أسبوعين في التخييم على البحر صيف هذا العام. في مقابل ذلك ترك زوجان متقاعدان وطاعنان في السن يبلغان من العمر ثمانين عاما، تركا منزلهما لكونه كبيرا جدا ومكلف للغاية بحيث لا يمكنهما صيانته، واستبدلاه بمسكن ريفي يعيش فيه العديد من الأزواج المتقاعدين معا، في وسط القرية، مسكن جماعي يجمع بين خدمات معينة: زيارات الممرضات والمساعدين المنزليين ويتقاسمون الخدمات مع المقيمين الآخرين، ويحتفظون بحديقة منزلية تزودهم بالفواكه والخضروات ويتم توصيل احتياجاتهم الخاصة بهم معا بواسطة شاحنة كهربائية، وفي رحلاتهم، يستخدمان وسيلة نقل جماعية تعمل بالغاز الحيوي، تلك إذن أهداف طموحة. هذا ما يمكن أن تكون عليه الحياة في فرنسا التي انخفضت فيها انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل كبير في منتصف القرن. وهذه الأسر الثلاث هي بالفعل جزء من العائلات النموذجية التي تم تخيلها لوصف أنماط حياة الأوروبيين بحلول عام 2050.
مدن مغربية مهددة بتغيرالمناخ في أفق 2100
تهدد التغيرات المناخية عدة مدن مغربية فبعضها لن يكون موجودا في أفق 2100 والبعض الآخر سيفقد عددا مهما من مساحاته، ويتعلق الأمر بمدن الداخلة، طرفاية، مرتيل، الفنيدق، والمضيق بينما ستفقد مدن العيون، أكادير، الصويرة، الجديدة، الدار البيضاء، المحمدية، الرباط، القنيطرة، العرائش، طنجة والسعيدية جزءا كبيرا منها بسبب غمر مياه البحر، هذه السيناريوهات بالطبع تبقى رهينة بارتفاع درجات الحرارة إلى ما فوق أربع درجات مائوية، بينما يتنبأ تقرير هيئة علماء المناخ الذي تم الإعلان عن مقتطفاته خلال الأسبوع الماضي بحدوث كارثة كوكبية إذا حافظ العالم على المسار الحالي لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، حيث كان يترقب العلماء سابقا حسب المعدل الحالي أن يصل ارتفاع درجة الحرارة إلى + 1.5 درجة مئوية بين عامي 2030 و 2052 استنادا إلى أكثر من 6000 دراسة، هذا إذا التزمت الدول فقط بالتزاماتها بخفض الانبعاثات التي تم التعهد بها بموجب اتفاقية باريس في عام 2015 فستكون أزيد من ثلاث درجات مئوية في حوالي عام 2100، أما اليوم فالرؤية قد تغيرت 360 درجة حيث من المرتقب تحطيم حاجز 1.5 درجة مائوية خلال السنوات القليلة المقبلة. بالنسبة إلى يوهان روكستروم عالم المناخ السويدي الرائد يجب أن نحصل على نتائج ملموسة على الفور: "إذا لم ننجح في ثني منحنى الانبعاث العالمي في العامين أو الثلاثة أعوام المقبلة فمن غير المرجح للغاية أن نتمكن من الحد من الزيادة في الانبعاثات، وبالتالي حصر درجة الحرارة عند درجتين مئويتين "، فسوف تذوب القبعات القطبية بشكل أسرع وستتلف الغابات أكثر فأكثر، ثم تعبر الأرض نقطة الانهيار، حيث حذر العلماء من بلوغ كوكب الأرض إلى نقطة اللاعودة والتي قد تحدث "في غضون بضعة عقود فقط"، ويعني تجاوز هذه العتبة حسب رأي العلماء "درجة حرارة من 4 إلى 5 درجات مئوية أعلى مما كانت عليه في فترة ما قبل الصناعة ومستوى سطح البحر أعلى من 10 إلى 60 مترا عن اليوم"، في حين يرى الباحثون أنه يمكن الوصول إلى نقطة الانهيار عندما تكون درجة حرارة الأرض أعلى بمقدار درجتين من درجة حرارة ما قبل العصر الصناعي.
بقلم: محمد بن عبو
خبير في المناخ والتنمية المستدامة
رئيس المكتب الوطني لجمعية مغرب أصدقاء البيئة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.