لماذا قطع الدولي المغربي سفيان أمرابط بثا مباشرا؟    الفنيدق.. توقيف شخص متورط في محاولة سرقة وكالة لتحويل الأموال والبحث جار عن شريكه    نهائي العصبة... الوداد باغي يكمل المهمة ويجيب اللقب الثاني على التوالي    جبران: نسينا ماتش الذهاب بالقاهرة وهدفنا أن الوداد تربح العصبة فكازا    إسطنبول.. قرابة 16 ألف شرطي لتأمين نهائي دوري أبطال أوروبا    خبير فرنسي: البوليساريو منظمة "إجرامية" و"خطيرة" على الأمن الإقليمي فشمال إفريقيا    توقيف سائح أجنبي بالدار البيضاء بسبب الاستغلال الجنسي للأطفال القاصرين    تساقطات مطرية مرتقبة بمنطقة الريف والواجهة المتوسطية    ها شحال من واحد زار المعرض الدولي للنشر اللي شفراتو الرباط لكازا ف8 يام    قلة النوم تزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية    القوات الصومالية تحرر رهائن بمقديشو    ديالو يترأس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم    منتخب المغرب يواصل الحصص التدريبية لملاقاة الرأس الأخضر وجنوب إفريقيا    تقرير يسجل ارتفاع الأثمان بمدينة تطوان    السعودية تشيد بجهود المغرب في الملف الليبي    ضبط شخص بميناء الجزيرة الخضراء متوجها إلى طنجة بحواسيب مسروقة    ترامب يواجه 20 عاما سجنا بسبب 37 تهمة    معرض الكتاب في المغرب.. في البحث عن المغزى    صيادلة ينددون باعتقال زملائهم بسبب أدوية العلاج النفسي    عقار تجريبي " لعلاج السرطان يبطئ تطوّر تصلب الشرايين    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تكرم ثلة من إعلامييها الرائدين في معرض الكتاب    تقرير رسمي : 10 أحزاب سياسة مولت مصاريف حملتها الانتخابية من الدعم العمومي    شرطة بلقصيري تُسقط في مصيدتها مروج مخدرات    سلطات طنجة تضبط آلاف قنينات "الخمر الفاسد" بمحل تجاري بالكورنيش    العثور على أربعة أطفال أحياء بعدما تاهوا 40 يوما في أدغال الأمازون    الأسد الإفريقي .. فرقة موسيقية تابعة للحرس الوطني الأمريكي تمتع جمهور أكادير    منع مرات بوعشرين من مغادرة المغرب.. الفرقة الوطنية خدات ليها الباسبور    خبراء "نخرجو ليها ديريكت": الأحزاب مطالبة باتخاذ مواقف حازمة ورادعة في حق كل من لديه شبهة فساد    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تكرم عددا من رواد لجنة إحياء ذاكرتها الإعلامية    أشغال اجتماعات اللجان في البلمان العربي.. هذه تفاصيل المشاركة المغربية    رئيس الوزراء البريطاني الأسبق جونسون يستقيل من البرلمان على خلفية فضيحة "بارتي غيت"    تركيا..مقتل 5 عمال في انفجار بمصنع للصواريخ والمتفجرات بأنقرة    الفائز بجائزة نوبل الروائي النيجيري سوينكا من الرباط: الادب وسيلة من وسائل النضال    توقيف متسولة قرب مسجد بأكادير يفجر مفاجأة    التحقيق مع قاتلة زوجها قبل 11 عاما يكشف مجزرة بالتسلسل وشخصية ضحية جديد مفاجأة (صورة)    دراسة طبية تكتشف أسباب وعلاج ضغط الدم    "ليكيمبي".. دواء جديد لعلاج "الزهايمر" يحصل على موافقة من لجنة أميركية    المغرب يدين بشدة الاعتداءات الجبانة على بوركينا فاسو    استعداداً لموسم الحج..رفع كسوة الكعبة بالديار المقدسة    المغرب يحتضن ورشات للتدريب النووي    الناظور...تنظيم ورشتين تكوينيتين حول: "التسويق الرقمي وتقنيات البيع عبر الأنترنيت"    تقرير رسمي: 77 في المائة من نفقات الحملات الانتخابات الجماعية كانت للطبع ودعم المرشحين والدعاية    "كاف" يكشف عن الشعار الرسمي لكأس أمم إفريقيا "كوت ديفوار 2023"    حضور السيدة مرسيدس ليون المديرة العامة لمجلس غرف الأندلس في مراسيم تحيين اتفاقية التعاون والشراكة بين غرفة التجارة والصناعة والخدمات للشرق    الرياض تحتضن غدا الأحد الدورة العاشرة لمؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين    الكاتب المغربي عبد الصمد المنصوري يوثق للحركة الوطنية بالعرائش    عيد الأضحى .. ترقب وصول 15 ألف رأس من رومانيا    المنتخب المغربي يتأهل إلى ربع نهائي بطولة كأس العرب لكرة القدم داخل القاعة بجدة رياضة    اتفاق وقف موقت لإطلاق النار بين الحكومة الكولومبية ومتمردي "جيش التحرير الوطني"    عندو طقوس خاصة للبيع.. سوريز كيوصل ملايين الدولارات وكيتباع غير فالمزاد العلني    فرقة عسكرية أمريكية تُشنف أسماع "الأسد الإفريقي" بأنغام موسيقى الجاز    المغرب يسجل 102 إصابة بكورونا في أسبوع    مستجدات أزمة تذاكر الحجاج.. وزارة السياحة تدخل على الخط    قراءة في رواية سحابة وبحيرة لمحمد أنفلوس    تقديم الوثائقي "من أجل خديجة" لمغني الراب المغربي فرانش مونتانا قريبا في نيويورك    المرحوم الداعية العياشي أفيلال... شهادة محب في حق الشيخ المحبوب (الحلقة 43)    الثرثرة الدبلوماسية علامة جزائرية بامتياز    الحسيمة .. حفل لتوديع الحجاج المتوجهين إلى الديار المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رقية بلوط.. أيقونة معركة النساء السلاليات من أجل الكرامة والإنصاف
نشر في بيان اليوم يوم 27 - 10 - 2011

«لا أريد صدقة، أريد حقي»، بهذه الكلمات اختزلت رقية بلوط، إحدى النساء السلاليات من جماعة الحدادة باقليم القنيطرة، معركتها النضالية من أجل قضية كانت أول من وضعها في دائرة الضوء منذ أزيد من أربع سنوات عندما انتفضت على واقع يحرمها من حقها في أراضي الجموع باسم العرف، وأماطت اللثام عن ممارسات عرفية تكرس الإقصاء والتمييز ضد النساء.
قضية أراضي الجموع بالنسبة لرقية، الحاصلة على الإجازة في العلوم السياسية وموظفة سابقة في وزارة المالية، «هي مسألة كرامة ورد اعتبار للمرأة، أكثر منها مسألة مادية»، توضح رقية في كلمة بمناسبة تكريمها مؤخرا من طرف الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب خلال لقاء صحافي نظمته الجمعية حول الوضعية الحالية لملف النساء السلاليات.
لم يكن لقضية أراضي الجموع بإقليم القنيطرة أن تعرف تقدما على مستوى الاعتراف بالنساء كصاحبات حق في هذه الأراضي رغم وجود بعض الصعوبات في تفعيل ذلك، لولا نضال رقية وغيرها من النساء السلاليات اللائي عملت الكثيرات منهن بكد وجهد في أراضي الجموع عندما كانت تزرع، ليتعرضن، بعكس الرجال، للإقصاء بعد التوسع العمراني وتفويت هذه الأراضي، ويجدن أنفسهن ضحية عرف يتأسس على النظام الأبوي ويمنح حق الملكية لأرباب الأسر من الذكور.
أول سلالية تقول لا لإقصاء النساء من حقهن في أراضي الجموع
تقول رقية في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، «تم تفويت عدد من الأراضي إلى شركات التعمير حيث استفاد من عائداتها الذكور بمن فيهم الشباب في حين يتم إقصاء النساء باسم العرف»، مضيفة باستغراب «هذا العرف الذي يستعمل كعذر لإقصاء النساء تم تغييره وخرقه من طرف الرجال أنفسهم لأن أراضي الجموع لا تباع وتوزع فقط على المتزوجين في حين تم تغيير العرف لتمكين الذكور الشباب بل وحتى الأطفال وبطرق ملتوية من الحصول على بقع أرضية».
يشار إلى أنه حسب الأعراف السائدة، فإن الأراضي الجماعية لا تُملك ولا تباع ولا تحجز بل هي أراض تنتفع منها الجماعات السلالية، و يقصد بالانتفاع استغلال الأراضي مدى الحياة من طرف ذوي الحقوق، زراعيا أو رعويا أو عن طريق الكراء وهو شكل حديث من الانتفاع.
تعود رقية إلى الوراء قائلة بحسرة ومرارة «ساعدت أخي لإكمال دراسته في الخارج، وعند عودته، كان أول المستفيدين من التعويضات عن تفويت أرض آبائنا وأجدادنا، أحسست ب»الحكرة»، وكلما طالبت بحقي، يقال لي «أنت لست إلا امرأة».
وقد ساهمت عملية تفويت أراضي الجموع في تحسين وضعية الذكور بالجماعة في حين التجأت بنات القبيلة إلى دور الصفيح وازدادت هشاشتهن، وهو الوضع الذي لم تتحمله رقية وقررت كسر جدار الصمت إزاء عرف يكرس التمييز بين الرجل والمرأة، لتكون أول سلالية تقول لا لإقصاء المرأة، في تحد جريء لأعراف وتقاليد الجماعة.
بداية مسار متميز من النضال والتعبئة
في البداية، عرضت رقية قضيتها على مديرية الشؤون القروية بوزارة الداخلية التي تتكلف بأراضي الجموع، فكان ردها أن الجماعة تسير شؤونها بالعرف وأن نواب الجماعة (المكلفون بالتوزيع الدوري للأرض ومعالجة النزاعات) هم المسؤولون عن هذه الأراضي، فقصدت هؤلاء والذي كان أحدهم أخا لها، فكان جوابه «العرف حائط أمامنا، وجدناه، لكن وزارة الداخلية إذا أرادت تحطيمه يمكن لها ذلك».
وجدت رقية نفسها لوحدها تدور في حلقة مفرغة بين وزارة الداخلية والنواب، فقررت سلك طريق التحسيس والتوعية في صفوف نساء القبيلة وتعبئتهن للمطالبة بحقهن، كما استهدفت أيضا الرجال المساندين للمرأة خاصة الذين لديهم أطفال إناث فقط أو بنات أكثر من الأولاد، وتمكنت من جمع توقيعات أفراد قبيلة الحدادة (1144 امرأة وحوالي 600 رجل).
لم تكتف رقية بالاتصال بالسلطات المعنية، بل طرقت أيضا أبواب جمعيات حقوقية وبرلمانيين ومجتمع مدني، لكن الدعم الوحيد الذي تلقته كان من طرف الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب التي قامت بزيارة جماعة الحدادة حيث عاينت عن قرب معاناة النساء في دور الصفيح، منهن نساء يعلن أسرا، وأرامل ومطلقات، لم يفهمن عدم استفادتهن من قطع أرضية أو تعويضات، برغم انتمائهن، هن أيضا، إلى قبيلة الحدادة.
بالموازاة مع تحرك الجمعية، قامت رقية بحشد النساء من جماعات أخرى بالإقليم (الساكنية، ولاد وجيه، قصبة مهدية) وبدعم من الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، بدأن بالضغط على جميع الجبهات من أجل وقف عمليات تفويت أراضي أخرى، ونظمن أول وقفة احتجاجية.
تقول رقية، كانت أول وقفة تنظمها جماعات القنيطرة، كنا نصرخ «ضايعين» لأننا لم نكن متعودات على ترديد الشعارات، كنا نساء عاديات، دفعهن الإحساس بالظلم والقهر إلى ترك منازلهن والنزول إلى الشارع للتنديد بما يعشنه».
ستستفيد رقية، وهي أم وجدة في عقدها السادس، وغيرها من النساء السلاليات، اللائي كن إلى وقت قريب لا عهد لهن بالنضال والشعارات والوقفات، من دورات تدريبية من طرف الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب التي تبنت قضية النساء السلاليات لبناء قدراتهن وتمكينهن من أدوات للدفاع عن حقوقهن من خلال التكوين المستمر على القيادة النسائية والترافع والتواصل وكيفية بلورة مطالبهن على المدى القصير والطويل.
معركة رقية متواصلة ضد التمييز والإقصاء
رقية وباقي النساء السلاليات أطلقن الشرارة الأولى للحركة المطلبية التي توسعت لتشمل جماعات من مختلف مناطق المغرب، وانخرطت فيها نساء من كل الفئات والأعمار، مما جعلها تصعد من ضغطها وأشكالها النضالية من خلال تنظيم وقفات احتجاجية أمام البرلمان توجت بإصدار الداخلية لدورية تحث نواب الجماعات السلالية المعنية بوجوب إدراج العنصر النسوي في لوائح ذوي الحقوق المستفيدين من التعويضات العينية والمادية الناتجة عن عمليات عقارية تهم أراضي هذه الجماعات، وإخبارهم بأن أي توزيع لهذه التعويضات لن يتم مستقبلا دون الأخذ بعين الاعتبار لهذا التوجه.
وتعتبر رقية دورية الوزارة مكسبا هاما لحركة النساء السلاليات لأنها اعترفت بحقهن في الاستفادة من أراضي الجموع في عمليات التفويت المقبلة، واتخذت القنيطرة كمشروع نموذجي في عملية التحسيس بهذا الملف، لكنها تعرب عن أسفها لأنه لم يكن هناك تتبع لهذه الدورية ولم تواكبها عملية التحسيس لاسيما وسط الرجال، مشيرة إلى النقص الذي يعتريها لكونها أغفلت حق المرأة في الأرض الفلاحية.
رقية التي طرقت باب الجمعية لأول مرة منذ أربع سنوات، حاملة قضيتها، تبنت الآن قضايا النساء الأخريات، من خلال مساعدتهن وتحفيزهن على مواصلة النضال، كما أنها اكتسبت خبرة في الترافع والتعبئة، وأضحت تنظم الورشات مع الجمعيات حول القيادة النسائية، أصبحت قضايا النساء قضيتها الأولى.
معركة أراضي الجموع بالنسبة لرقية، التي حصلت على جائزة خميسة دورة 2009 في صنف «العمل الاجتماعي والإنساني»، اعترافا بعملها الدؤوب من أجل النساء السلاليات، لازالت طويلة لاسيما في شقها القانوني، وتتطلب نفسا طويلا وصمودا ومثابرة لكنها كلها أمل في تسوية نهائية لهذا الملف في مغرب الدستور الجديد الذي ينص على حظر التمييز على أساس الجنس وعلى المساواة الفعلية بين النساء والرجال في جميع المجالات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.