حصيلة حكومة أخنوش المرحلية.. نقابات تشيد بالمنجز وأخرى تقارنه بالوعود    آيت ميك: أخنوش انشغل بتنزيل الأوراش والإصلاحات الكبرى مترفعا عن الحسابات السياسوية الضيقة    حموشي يمثل المغرب وإفريقيا في احتفالات الذكرى 200 لتأسيس جهاز الشرطة الإسبانية (صور)    بوريطة: الأمن الغذائي، أولوية استراتيجية ضمن السياسة الإفريقية لجلالة الملك    الإنزال الجوي الخاطئ للمساعدات في غزة يودي بحياة 21 فلسطينيا    بالصور.. استقبال حار لبعثة الزمالك المصري بمطار وجدة    أخنوش: تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي لم يأتي بجديد وحلوله غير مقنعة    المجلس الاقتصادي يوصي بإنشاء نظام معلوماتي وطني لرصد الشباب وتتبع مساراتهم    رئيس الحكومة ووزير الشباب والثقافة والتواصل يفتتحان فعاليات الدورة 29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب    السعودية تختار المغرب باعتباره الدولة العربية الوحيدة في مبادرة "الطريق إلى مكة المكرمة"    بايتاس… عدد الطلبات المتعلقة بالدعم المباشر للسكن تناهز 64 ألف طلب    الشباب السعودي يضم بشكل رسمي نجم مغربي لصفوفه    إدارة نهضة بركان تلعب ورقة "المال" في مواجهة الزمالك المصري    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم يتعلق بمنح بطاقة شخص في وضعية إعاقة    الداخلية تشرف على تجاوز تعثر منطقة الأنشطة الاقتصادية بتطوان    درك الحسيمة يُوقف شابا بسبب التحرش الجنسي بسائحة    وزير خارجية إسرائيل: تركيا رفعت العديد من القيود التجارية على إسرائيل    السعودية تقرر عدم السماح بدخول المشاعر المقدسة لغير حاملي بطاقة "نسك"    الحكومة ترد على جدل أسترازينيكا.. اللقاحات في المغرب لا يتم العمل بها إلا بعد الترخيص    بايدن: "لن نزود إسرائيل بالأسلحة إذا قررت مواصلة خطتها لاقتحام رفح"    المنتخب المغربي الأولمبي يواجه نظيره البلجيكي وديا استعدادا لأولمبياد باريس    افتتاح بورصة البيضاء على وقع الارتفاع    فرار 80 ألف شخص من رفح خلال ثلاثة أيام    تندوف تغلي بعد جريمة قتل طفل .. انفلات أمني ومطالب بتدخل دولي    الأمن يمنع ترويج آلاف "الإكستازي" بطنجة    طنجة تواصل تأهيل مدينتها العتيقة وتستهدف ترميم 328 بناية جديدة مهددة بالانهيار    مجلس الحكومة يصادق على مقترحات تعيين في مناصب عليا    245 ألف ليلة مبيت سياحية بوجهة طنجة    "كارثة" في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا وتوخيل يصب غضبه على التحكيم    سابقة.. حكم قضائي ينصف مشتكية مغربية في ملف "مضاعفات لقاح كورونا"    كونفرنس ليغ | أستون فيلا يحل ضيفا على أولمبياكوس في مهمة انتحارية بعد هاتريك الكعبي    رسميا.. وزارة بنموسى تعلن مواعيد الامتحانات الإشهادية وتاريخ انتهاء الدراسة    سلطات مراكش تواصل مراقبة محلات بيع المأكولات بعد حادث التسمم الجماعي        توقعات أحوال الطقس غدا الجمعة        مرضى السكتة الدماغية .. الأسباب والأعراض    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية    تراجع أسعار السيارات الكهربائية لهذا السبب    سبع دول من ضمنها المغرب تنخرط في مبادرة "طريق مكة" خدمة لضيوف الرحمن    ارتفاع أسعار النفط مدعومة بتقلص مخزونات الخام الأمريكية    المغرب يدخل القطيع المستورد من الخارج الحجر الصحي قبيل عيد الأضحى    بعد اعترافها بآثاره الجانبية المميتة.. هيئة أوروبية تسحب ترخيص لقاح كورونا من أسترازينيكا    أفق جديد لسوسيولوجيا النخب    متحف "تيم لاب بلا حدود" يحدد هذا الصيف موعداً لافتتاحه في جدة التاريخية للمرة الأولى في الشرق الأوسط    مركز السينما العربية يكشف عن أسماء المشاركين في فعالياته خلال مهرجان كان    مهرجان تطوان الدولي لمسرح الطفل يفتتح فعاليات دورته الخامسة عشرة    علم فرنسا يرفرف فوق كلية الطب بالبيضاء لتصوير "حرب العراق" (صور)    جوائز الدورة 13 لمهرجان مكناس للدراما التلفزية    ريال مدريد يضرب بايرن ميونخ 2-1 ويتأهل رسميا لنهائى أبطال أوروبا    المرزوقي: لماذا لا يطالب سعيّد الجزائر وليبيا بالتوقف عن تصدير المشاكل إلى تونس؟    ملتقى طلبة المعهد العالي للفن المسرحي يراهن على تنشيط العاصمة الرباط    الفنان محمد عبده يكشف تفاصيل إصابته بالسرطان    كأس العرش.. الجيش الملكي يتجاوز نهضة الزمامرة ويتأهل إلى دور ربع النهائي    الحمل والدور الحاسم للأب    الأمثال العامية بتطوان... (593)    المؤرخ برنارد لوغان يكتب: عندما كانت تلمسان مغربية    السعودية تفرض عقوبات على مخالفي أنظمة وتعليمات الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نعيمة إلياس.. "العيطة" المسرحية
نشر في بيان اليوم يوم 14 - 11 - 2023

إذا كانت نعيمة إلياس تنحدر من أعماق تربة أسفي، وتشبعت بزرع ومياه عبدة، ونمت وترعرعت في الدار البيضاء كبرى حواضر المغرب، فإنها استمدت منهما معا أصول القول والفن والحياة.. وجعلت من "العيطة" العبدية والمرساوية قبسا رمزيا ينتقل من حقول الغناء إلى خشبات المسارح وشاشات السينما.. وصارت "العيطة" ملهمة في الأداء التمثيلي لنعيمة إلياس صوتا وجسدا، في المسرح والسينما..
************
برزت الطاقة التمثيلية الهائلة في الأداء المسرحي لنعيمة إلياس في وقت كشهادةانت فيه الفتيات والنساء أقل حضورا وأقل حظا من الذكور في الولوجية للمسرح.. كان الذكور يحتكرون التأليف والإخراج والتمثيل.. وقلما تجد امرأة أو إثنتين داخل الفرقة المسرحية الواحدة.. لم تكن تقاليد المجتمع والسلطة الأسرية وحدها عائقا أمام المرأة الفنانة، بل كان الذكور أيضا يطوقون مجالهم المسرحي وفضاءهم الجمعوي بسياج لا يتخطاه سواهم.. في هذه الأجواء المجتمعية والثقافية والنفسية، استطاعت نعيمة إلياس اختراق الأسلاك الشائكة، واحتلال موقع على الخشبة بل واكتساح مساحات من الفضاءات العمومية.. لأنها تملكت قدرة هائلة على الصبر والمواجهة.. قدرة وجرأة استمدتهما من حبها القوي لفن التمثيل قبل أن تحترفه وتختاره مهنة لها، ولعل تلك الشحنات القوية من الحب أهلتها بالفعل لأن تكون ممثلة بارعة وناجحة ومتألقة في كل محطات مسارها الفني على مدى أزيد من أربعين سنة من الحضور الوازن والإصرار العاقل والممارسة الفنية الجادة والجدية في المسرح والسينما والدراما التلفزيونية..
************
تعتبر الفنانة نعيمة إلياس من الممثلات القلائل اللواتي أسسن علاقة تعاقدية مع الجمهور.. علاقة مبنية على ما يشبه ميثاقا بينها وبين محبيها وعشاقها.. لذلك نجد نعيمة تصر دائما على أن تظهر لجمهورها بمظهر الممثلة المشاكسة المتمردة التي لا تنساق مع المغريات والأهواء والموجات العابرة.. بمعنى أنها ممثلة صعبة وليست طيعة ولا خاضعة لشروط السوق، فهي لا تقبل أن تلعب أي دور مهما بلغ حجمه مهنيا وماديا، فهي نموذج للممثلة التي تبحث عن المعنى، والقيمة، والاعتبار الرمزي، لذا فهي حريصة على أن تختار أدوارها بعناية وأحيانا بقسوة، أي أنها تقسو على نفسها وحاجياتها ووضعها المادي لتنتصر للمعنى والقيمة الفنية.. ترفض الأدوار السطحية، والساذجة، كما ترفض التهريج والابتذال.. وتنبذ النمطية واللعب في قالب واحد أوحد.. لأنها تؤمن بالمغامرة والبحث والاجتهاد والتجديد.. والتنوع.
من ثمة يحق لنا أن نسميها "عيطة" مسرحية تصدح بجرأة بصوت عال وساحري وترسم معالم خريطة أدائها بجسد لا يهدأ، تنفخ فيه كل أنفاس الروح والصدق والأريحية وتملأه دينامية وحيوية.. ومعنى..
************
أعرف أن نعيمة لا تبالي بالنجومية والشهرة.. فذلك بالنسبة لها مجرد ثمرة الحضور المتواصل والعمل الدؤوب والاختيارات الجدية… من ثمة فلا غرابة إن وجدناها لم تتردد لحظة واحدة، وهي في أوجها، في الانضمام لصفوف زميلاتها وزملائها الذين حملوا على عاتقهم لواء تأسيس النقابة الوطنية لمحترفي المسرح، في الوقت الذي كان فيه اسم النقابة يخيف البعض، وفي الوقت الذي توارى فيه بعض النجوم من الرجال والنساء إلى الوراء متسللين خلف الستار خوفا من "السلطة" أو "المخزن" أو خوفا على مصالحهم.. كانت نعيمة إلياس في الموعد مع التاريخ، وتمكنت من تشريف نفسها وتاريخها ومهنتها بأن حملت مشعل التأسيس مع المؤسسين بكل قناعة وجرأة، ولم تكن تبغي في ذلك لا جزاء ولا شكورا.. بل استطاعت بجديتها ونضاليتها أن تنتزع مقعدا لها في "بوديوم" القيادة الوطنية للنقابة بعد أن انتخبها رفاقها بديمقراطية وباقتناع قبل أن تظهر للوجود مقاييس الكوطا النسوية.. كانت نعيمة ولا زالت محط تقدير واحترام الجميع لأنها اختارت في زمن صعب أن تركب الصعاب، وأن تغامر بمهنتها ونجوميتها وشهرتها لتكرس جزء كبيرا من وقتها وحياتها للعمل النقابي الذي يتطلب التغلب على المشاق والصبر والتضحية ونكران الذات.. ودعوني أقول لكم إن نعيمة إذا كانت كأنثى امرأة حبوبة وبشوشة ورائعة الحسن والجمال، فإنها تزداد جمالا وحسنا عندما تراها في اجتماع نقابي تناقش وتحلل وتقترح وتصدر المواقف وتضرب وتقلب الطاولة مدافعة عن حقوق الفنانين وكرامتهم. وهذه عيطة أخرى من عيوطها الإنسانية الجميلة..
* شهادة بمناسبة تكريم الفنانة نعيمة إلياس
في مهرجان فاس الدولي للمسرح الاحترافي / أكتوبر 2016


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.