الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
الاتحاد الاشتراكي
الأحداث المغربية
الأستاذ
الاقتصادية
الأول
الأيام 24
البوصلة
التجديد
التصوف
الجديدة 24
الجسور
الحدود المغربية
الحرة
الدار
الرأي المغربية
الرهان
السند
الشرق المغربية
الشمال 24
الصحراء المغربية
الصحيفة
الصويرة نيوز
الفوانيس السينمائية
القصر الكبير 24
القناة
العرائش أنفو
العلم
العمق المغربي
المساء
المسائية العربية
المغرب 24
المنتخب
النخبة
النهار المغربية
الوجدية
اليوم 24
أخبارنا
أخبار الجنوب
أخبار الناظور
أخبار اليوم
أخبار بلادي
أريفينو
أكادير 24
أكورا بريس
أنا الخبر
أنا المغرب
أون مغاربية
أيت ملول
آسفي اليوم
أسيف
اشتوكة بريس
برلمان
بزنسمان
بوابة القصر الكبير
بوابة إقليم الفقيه بن صالح
أزيلال أون لاين
بريس تطوان
بني ملال أون لاين
خنيفرة أون لاين
بوابة إقليم ميدلت
بوابة قصر السوق
بيان اليوم
تازا سيتي
تازة اليوم وغدا
تطاوين
تطوان بلوس
تطوان نيوز
تليكسبريس
تيزبريس
خريبكة أون لاين
دنيابريس
دوزيم
ديموك بريس
رسالة الأمة
رياضة.ما
ريف بوست
زابريس
زنقة 20
سلا كلوب
سوس رياضة
شباب المغرب
شبكة أندلس الإخبارية
شبكة دليل الريف
شبكة أنباء الشمال
شبكة طنجة الإخبارية
شعب بريس
شمال بوست
شمالي
شورى بريس
صحراء بريس
صوت الحرية
صوت بلادي
طنجة 24
طنجة الأدبية
طنجة نيوز
عالم برس
فبراير
قناة المهاجر
كاب 24 تيفي
كشـ24
كود
كوورة بريس
لكم
لكم الرياضة
لوفوت
محمدية بريس
مراكش بريس
مرايا برس
مغارب كم
مغرب سكوب
ميثاق الرابطة
ناظور برس
ناظور سيتي
ناظور24
نبراس الشباب
نون بريس
نيوز24
هبة سوس
هسبريس
هسبريس الرياضية
هوية بريس
وجدة نيوز
وكالة المغرب العربي
موضوع
كاتب
منطقة
Maghress
هيئات صحفية ونقابية ترفض مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة
بعثة المنتخب المغربي تصل إلى زامبيا
نائبة برلمانية للميداوي: رسوم دراسة الموظفين تكرس منطق المتاجرة في التعليم
هواتف سطو مسلح بفرنسا تصل المغرب
مطار الحسيمة.. نمو ب 7 في المائة وحركة تتجاوز 92 ألف مسافر
العاهل الإسباني فيليبي السادس يلمح لزيارة مليلية
التوفيق: الذكاء الاصطناعي يثمن خطب الجمعة الموحدة
نشرة إنذارية.. زخات رعدية قوية ورياح عاصفية بعدد من أقاليم المملكة
موسم "ذراع الزيتون" بالرحامنة.. ذاكرة المقاومة وتلاحم القبائل
وزيرة الاقتصاد والمالية: القانون يتيح للحكومة ضبط الأسعار في حالات استثنائية
توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد
مصرع 26 شخصاً خلال محاولات الهجرة سباحة إلى سبتة
مختبر المغرب و البلدان المتوسطية و مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي يوقعان اتفاقية شراكة
مبابي يسير بثبات نحو "لقب" أفضل هداف في تاريخ المنتخب الفرنسي
العلاقات المغربية التركية: دينامية متواصلة من أجل شراكة واعدة
مطار الداخلة... خلل في الخدمات يسيء لصورة وجهة سياحية واعدة
رقم قياسي جديد في المبادلات التجارية بين المغرب والصين
في رسالة مصورة: 'إنفانتينو' يصف تأهل المنتخب المغربي إلى نهائيات كأس العالم 2026 بالإنجاز الاستثنائي
الذكاء الاصطناعي يكشف توقعاته في تأهل المنتخبات العربية والإفريقية رفقة المغرب
انطلاق الدورة الخامسة للمهرجان الدولي للفن التشكيلي بتطوان
ميناء الحسيمة يسجل تراجعا في مفرغات الصيد البحري
بادو الزاكي: الخسارة أمام المغرب "عادية".. فهو أفضل منتخب إفريقي
آلاف المغاربة يتظاهرون ضد الحرب على غزة والتطبيع... والدولة تواصل تعزيز علاقاتها مع إسرائيل
لجنة تؤطر النموذج الجديد للصيدليات
ترامب يوقع على قرار يغير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب رسميا
افتتاح الدورة ال13 للمهرجان الدولي "ملحونيات" بأزمور
كأس العالم 2026 .. المغرب القوة الصاعدة في سماء كرة القدم العالمية
المفوضية الأوروبية تغرم "غوغل" 3,5 مليار دولار لانتهاكها قواعد المنافسة
حموشي يؤشر على تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بالمصالح اللاممركزة للأمن الوطني في عدد من المدن
ترامب يقول إن أمريكا تجري مفاوضات متعمقة مع حماس
سمكة قرش تقتل رجلا قبالة شاطئ سيدني
ألمانيا تدشن الحاسوب الفائق "جوبيتر" لتعزيز قدرتها في الذكاء الاصطناعي
عدد مستخدمي "شات جي بي تي" يتجاوز 20 مليونا في غشت
تلميذة تنال شهادة الباكالوريا الفرنسية في سن التاسعة
تصفيات مونديال 2026: الخسارة أمام المغرب "نتيجة عادية" (بادو الزاكي)
طنجة.. الدرك الملكي يوقف شابًا متورطًا في ترويج المخدرات وحبوب الهلوسة
ساكنة مدينة الجديدة تخرج لتجديد العهد على نصرة ف.ل.سطين
الزلزولي يتدرب منفردا مع ريال بيتيس
موهوزي كاينيروغابا .. جنرال أوغندي مثير للجدل يقود المعارك عبر "إكس"
مسعد بولس يلتقي دي ميستورا في واشنطن ويؤكد أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو "الحل الوحيد"
نقد مقال الريسوني
الصحة العالمية تقرر رفع حالة الطوارئ بخصوص جدري القردة
الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة
حينما يتحدث جاد المالح، ينثر الابتسامات، يؤجج العواطف، ويؤكد ارتباطه العميق بالمغرب
بعد سنوات من الرفض.. أوروبا وأمريكا تعتمدان علاج مبتكر ضد ألزهايمر
المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس
رضوان برحيل يعلن موعد إصدار جديده الفني
مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين
موجة جديدة من كوفيد-19 تضرب كاليفورنيا
سبتة تحتضن تقديم وتوقيع كتاب "محادثات سرية حول مدينة طنجة" لعبد الخالق النجمي
لحظات من الحج : 13- هنا روضة النبي،وهناك بيت الله
علماء يحددون البكتيريا المسؤولة عن أول جائحة في التاريخ البشري
مجلس الحكومة تتداول النسخ التصويري
دراسة: ثلاثة أرباع واد سبو في سيدي علال التازي تُصنف ضمن "التلوث المرتفع جدا"
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
ليونارد كاروڤ: تسع سنوات في خدمة السلطان أو ليلة القبض على بوحمارة (الاخيرة )
عبد الرحيم حزل
نشر في
بيان اليوم
يوم 26 - 08 - 2012
ولد ليونارد كاروڤ سنة 1872, والتحق بالبحرية التجارية، ثم أصبح مساعد قبضان على سفينة تابعة لشركة ڤويمار القوية. واتفق له أن توقف بهامبورغ، في 1899فالتقى هناك بالقبطان ميتسنر، وكان، يومئذ، في مهمة لفائدة الحكومة المغربية، للبحث عن قبطان يتولى قيادة «التركي»، التي كان يزمع تركها إلى «البشير». ورغب كاروڤ في التعرف على المغرب، والاستفادة مما عُرض عليه من الامتيازات المادية. فكان قدومه إلى
طنجة
في طلب موافقة المفوضية الألمانية، وليبرم اتفاقاً مع النائب السلطاني محمد الطريس، لهذا الغرض. فتولى قيادة سفينة «التركي»، وذلك في دجنبر 1899. وظل كاروڤ يقود تلك السفينة طوال ما يقرب التسع سنوات، حتى ربيع العام 1908. وظل يعمل، في غير كلل، في تمشيط السواحل المغربية، في الجهة الجنوبية أولاً، ثم في الجهة الشمالية
الشرقية
، في مطاردة الروغي بوحمارة.
كانت معرفة كاروڤ بالوسط المغربي وعلاقاته بالشخصيات المغربية والإسپانية، وكفاءاته البحرية أمراً عظيم الأهمية. وقد كان يتخذ من
العرائش
قاعدة رئيسية للقيام بعملياته (1916-1915)، إذ كان مرساها من المحطات الإخبارية، والتمويلية، لضباط الغواصات الألمان. وكانت
العرائش
أكبر مركز للنشاط الألماني في الشمال الغربي (بقدر مليلية في الشمال الشرقي). وقد جاءت اللائحة السوداء للمقاولات الألمانية المنشورة في 7 أكتوبر 1916 بالجريدة الرسمية الفرنسية تشتمل على حوالي ثلثي أسماء المنطقة الشمالية (57 من جملة 88) فكان كاروڤ، وقتها، معدوداً عند المصالح الفرنسية، ك «أهم عميل مخابرات»، فكانت لذلك، تجعله تحت مراقبتها الشديدة.
إن أول فضيلة تُحسب لكتاب كاروڤ هي المتمثلة في الحدود التي انحدَّ بها مؤلفه؛ سواء أكانت من صميم شخصيته أو كانت منه مقصودة. فهذا جعل هذا الكتاب شهادة عفوية؛ كما تلوح من افتقار صاحبها إلى الخيال ويظهر من فقر أسلوبه القائم على التكرار الجاف. فما أشد بُعد الشقة بين أسلوب كاروڤ هذا، والملاحظات الاجتماعية والسياسية النفاذة التي نقع عليها لدى كاتب كأوبان، وتلك االغنائية التي تتسم بها كتابة هاريس، وذلك التحرر والانطلاق في الحكي الذي نجده لدى مونتبار... إن قوة كتاب كاروڤ في اقتصاده. وإن انتصار التفاصيل ودقة الكتابة وضبطها، يعيد، كما في نسيج، رتق الأنسجة المشدودة للقصة، والإيقاع الدقيق الذي تسير عليه الأحداث. فتستعيد الوقائع كامل قيمتها الأصلية والرمزية.
يتألف الكتاب من من 26 فصلاً قصيراً، قد جُعلت في نظام زمني تدرُّجي، فكأنه يومية بحار، قد امتاز بفضائلها واندخل بمثالبها. ومن الواضح أن كاروڤ قد اعتمد في إنشاء كتابه على مذكرات حقيقية. فكان من محاسن ذلك ما نرى من الإشارات الدقيقة في تواريخها، ومن الدقة حتى لا نكاد نجد منها استثناء، إلا من حالة أو اثنتين. فالفائدة المائزة لهذا تعود إلى هذا الفيض من المعلومات والأخبار الملموسة، وإلى الانطباع المعيش الذي تخلقه لدينا تعزز منه غناه من التصاوير لاشتماله على ستين صورة أصلية.
- 24 -
وبدلاً من أن يشاطر السلطان شعبَه ما كان يجد من المناوأة من الأسلوب الفرنسي، إذا هو يسارع إلى التعبير عن فرحه واغتباطه لما شهدت مدينة الدار البيضاء من أحداث. وتلك كانت ثالثة الأثافي. وفي مراكش تمَّت البيعة لمولاي حفيظ. ولقد أفلح في أن يحفظ على جنوب المملكة أمنَه وهدوءَه. فيما ظل الشمال نهباً لفوضى عارمة. وقد كان مولاي حفيظ، إلى ذلك الحين، تابعاً وفياً لأخيه، لكنه أخذ ينتبه تدريجياً، إلى أن ذلك الوضع منه لا يمكن أن يدوم. فقبِل بالبيعة التي طوَّقه بها الشعب المغربي.
غير أن هذا التبدُّل لم يَرُقْ للفرنسيين. فقد كانوا يؤْثِرون أن يروا المغرب يحكمه سلطان ضعيف، منقاد لهم، على أن يتولى أموره سلطان قوي. فلم يكونوا يفوتون فرصة إلا وينعتون مولاي حفيظ بالمتمرد. وتبين مولاي عبد العزيز الخطرَ الذي أصبح يتهدده في مدينة مراكش، ولذلك غادر المدينة في خريف 1907 باتجاه مدينة الرباط، ويُحتمَل أن يكون خروجه إليها بغاية أن يكون قريباً من أصدقائه «الجدد»، ويطلب العون منهم.
لقد خرج الفرنسيون إلى الحرب، متذرِّعين بنشر النظام، وفي أماكن لم يكن فيها من فوضى، أو كان الفرنسيون أنفسهم من دبر فيها تلك الفوضى. وهكذا، فقد أخضعوا قبائل بني يزناسن، وإقليم الشاوية كله. ورد العلماء في مدينة فاس بإعلان البيعة للسلطان مولاي حفيظ، وخلعوا أخاه. غير أن ذلك لم يكن ليوقف الفرنسيين. فلقد واصلوا عملهم التدميري، الذي ظهر فيه داماد مغامراً جسوراً. فلم يكن يراعي لا النساء ولا الأطفال متى وقع عليهم في طريقه (15 مارس 1908). وتم الدوس من جديد على قرارات مؤتمر الجزيرة الخضراء؛ كما حدث في طلب تقديم عروض بتزويد الشرطة المغربية من العتاد؛ تلك الشرطة التي شُرع في تكوينها منذ أن كانت حادثة الدار البيضاء، والتي تم ملء صفوفها الفارغة من الجزائريين، فقد كان في هذا الأمر، كذلك، انتهاك لقرارات مؤتمر الجزيرة الخضراء. و تم توضيب الشروط لتسليم العتاد والمقرَّات إلى هؤلاء الجنود، بحيث يتم إقصاء غير الفرنسيين من المتنافسين على تلك العروض. وأعظم بها من وقاحة.
في تلك الأثناء كان وصول مولاي حفيظ، في بطء، لكن في أمان، إلى مدينة فاس. لقد أصبح مؤيدوه في تزايد مستمر، في جميع الأنحاء، وقد تمت له البيعة، كذلك، من بعض المدن الساحلية. لكن الفرنسيين كانوا يفلحون، على الدوام، في حمل السكان في تلك المدن على نقض بيعتهم له، إما باستعمال الحيلة، أو باللجوء إلى التهديد، بما كانوا يحشدون من السفن الحربية. ونشر الفرنسيون خبراً كاذباً عن القوة المتزايدة لسلطانهم الأثير مولاي عبد العزيز، وانتهاء سلطة السلطان الجديد مولاي حفيظ، حتى دخل هذا الأخير مدينة فاس ووضع أوروپا أمام الأمر الواقع. فلقد أصبح، يومئذ، هو السلطان الشرعي للمغرب. غير أن فرنسا ظلت تتجاهل اعتراف القوى الأجنبية بالسلطان مولاي حفيظ، وأفلحت في تعطيله بكل الحيل الممكنة، وكل أنواع التهديد والوعيد.
رأى مولاي عبد العزيز حينئذ أن نهايته باتت وشيكة. فإذا هو يسرع قبل أن ينهار كل شيء إلى تحويل كل ما أمكن له أن يحوله إلى نقود. وكان من بين ما قام بتحويله «أسطوله» البحري. وقد كان جوف سفينة «السعيدي» احترق عن كامله من انفجار تعرضت له في مدينة
العرائش
. وظلت تلك السفينة تنتظر، كشأن «سداة التركي»، وقتاً طويلاً عسى أن تحظيا بالتصليح. لكن بدلاً من ذلك، بيعت السفينتان في مزاد علني، في الأيام الأولى من شهر يوليوز 1908. ولست أعلم بكم بيعت «السعيدي». وأما «سداة التركي» فقد بيعت بمبلغ 8800 دورو حسني؛ أي ما يساوي 150 1 ليرة في الوقت الحاضر. فماذا كان يا ترى مصير ال 350 ليرة الباقية؟ لقد تم أداء مستحقات طاقم السفينتين، وتم تسريحهم، كما تم تسريحنا نحن الأوروبيين. ولم آسف لتركي عملي عند سلطان كان يدفع إلى الهلاك، في سرعة، بهذا البلد الذي تعلمت أن أحبه. وقد خصني الطريس بالشهادة التالية :
ويقول نصها :
«يعلم الواقف على هذا أن القبطان كارو الألماني قد استخدمه جانب المخزن الشريف رئيساً بالبابور المسمى التركي مدة تناهز التسع سنين كان في جميعها متصفاً بحسن الأخلاق والصدق والأمانة وإتقان العمل الذي طوِّق به لم يظهر منه في خلالها ما يوجب لمزه بشيء يخالف الأوصاف التي استُخدِم لأجلها وحرِّر بدار النيابة السعيدة في
طنجة
9 جمادى الثانية 1326 موافق 9 يوليه سنة 1908، محمد الطريس لطف الله به».
كان المغرب يعيش، يومئذ، نهاية حكم مولاي عبد العزيز. ولقد قرَّر هذا السلطان، بضغط من الفرنسيين، أن يحوز الجنوب، في الوقت الذي أصبح أخوه عبد الحفيظ سيدَ الشمال. وهكذا سار مولاي عبد العزيز، في جيش عظيم، كان يوجد في صفوفه، بكل تأكيد، بعض الفرنسيين المتنكرين، يقترب من الجنوب. وكان الفرنسيون لا يفتأون يبثون الشائعات عن الانتصارات الساحقة التي كان يحققها هذا الجيش، إلى أن كانت هزيمة مولاي عبد العزيز على مقربة من قلعة السراغنة، وفراره إلى نواحي الشاوية، التي كانت خاضعة لأصدقائه ومواليه. ويومها أصبحت جميع المدن الساحلية تقرُّ، الواحدة تلو الأخرى، بمولاي عبد الحفيظ سلطاناً. ومن عاين هذه البيعة في مدينة
طنجة
يمكنه أن يشهد أن فرحة الشعب كانت فرحة صادقة. ونادراً ما عمت مثل تلك الفرحة شوارع المدينة، ما عدا في يوم زيارة الأمبراطور.
وإليكم في ما يلي أخبارَ هاتين السنتين الأخيرتين. ولو أردت أن أضع بها تقريراً وأسهب في تفاصيلها لاقتضاني الأمر سفْراً عظيماً. إنه تاريخ طويل من الانتهاكات لعقد الجزيرة الخضراء، والدسائس وأعمال العنف الصادرة عن الفرنسيين، والتي أصبحت لا تستهدف المغرب وحده، بل تنال ممن يعيش فيه من الأجانب قاطبة، ولاسيما الألمان منهم. وسيكون جرداً بالأكاذيب التي ظل الفرنسيون يحيكونها لخدمة سياستهم المغامرة وتقارير مطولة عن سلطان ازدراه شعبه، وبغضَه، ثم خلعه. سلطان معدوم الإرادة، فاقد النشاط. وستكون حكاية طويلة عن سلطان بلا بلد، وموظفين خونة، يشاركون بكل تفان في انهيار وطنهم، وشعب فقير وصبور، دُفِع إلى التمرد على الفرنسيين وعلى سلطانه، ويأمل في أيام أفضل. وباختصار إنه سيكون تاريخاً طويلاً ومحزناً، للتدمير الذي تعرضت له بلاد على يد بعض المضاربين الفرنسيين.
وسوف لا ينقضي وقت طويل حتى يصبح مولاي حفيظ السلطان الشرعي على المغرب بلامنازع. وإن الشعب الذي يقوده اليوم، وإن لم يكن قد أقرَّ به سلطاناً عليه، ليَتَشوَّف إليه، تشوُّفَه إلى محرر له من البؤس المرير الذي يرسف فيه. ولقد أفلح مولاي حفيظ في أن يعيد الأمن والنظام إلى الجهات التي تولى الأمر فيها. وهو لا يتمتع بثقة شعبه وحده، بل وبثقة الأوروبيين من غير الفرنسيين أيضاً.
لا يمكن للمغرب أن يدخل عهداً جديداً يتمتع فيه بالسلم ما لم تبتعد عنه فرنسا، وما لم تسحب جيوشها من إقليم الشاوية. فهل سيكتب لهذا الأمر أن يتحقق في يوم من الأيام؟ أم أن الفرنسيين سيعودون إلى مواصلة خداعهم المعهود للحيلولة دون تحققه؟
ذانك هما السؤالان المقلقان اللذان سيكون المستقبل هو وحده الكفيل بالإجابة عنهما.
ذلك ما كتبْت في شتنبر 1908. وفي تلك الأثناء أقر المخزن بمولاي حفيظ سلطاناً شرعياً للمغرب. ومن المعلوم أنه قد تم التوقيع في 9 فبراير من تلك السنة في برلين على الاتفاق الفرنسي الألماني بشأن المغرب. وهو الاتفاق الذي تتخلى ألمانيا بموجبه عن كل نشاط لها في المغرب لفائدة فرنسا، وتقر فرنسا إقراراً كاملاً بالمصالح الاقتصادية للألمان في المملكة الشريفة، وتعِدهم بالحقوق نفسها التي يتمتع بها الفرنسيون.
لكن لا ينبغي أن نمني النفس بكل هذه الأماني! فحتى وإن كان من المحتمل للسنوات المقبلة أن تحمل دفعاً خفيفاً للأعمال الألمانية في المغرب، فإن فرنسا ستعرف جيداً بمضي الوقت كيف تطرد الألمان من المغرب. ومن يظن خلاف ذلك فإنما هو يجهل بالفرنسيين.
ويمكنني الآن أن أجيب بكثير من اليقين عن سؤال يتعلق بالمستقبل فأقول إن فرنسا ستواصل العمل على استكمال «الاختراق السلمي»، وسيصير المغرب بمرور الوقت محمية فرنسية. ولن يغير الاتفاق الفرنسي المغربي الجديد من هذا الأمر شيئاً؛ إذ يُقال كذلك إن ميثاق الجزيرة الخضراء سيظل ساري المفعول، ويقال خاصة بضرورة صون استقلال المغرب ووحدته الترابية، فضلاً عن الإبقاء على سياسة الباب المفتوح، فقد ظلت فرنسا إلى ذلك الوقت لا تعير اهتماماً إلى تلك القرارات، وهو أمر نراه بجلاء في الأحداث التي عرفتها السنوات الأخيرة، وسيظل ذلك ديدنها في مقبل الأيام؛ إذ أن ألمانيا تنوي أن تخلي لها المجال من الناحية السياسية!
ومن أسف أننا، وقد سلمنا المغرب إلى الفرنسيين من غير شروط، قد انمحى من نفوس المغاربة ما كانوا يكنون لنا من اعتبار، وبمرور الوقت سوف لا يعود من سبيل أمام الألمان المقيمين في المغرب غير أن يرحلوا إلى غير رجعة عن هذا البلد الذي تعلمنا أن نحبه، كأنه لنا وطن ثان.
وبدلاً من أن يشاطر السلطان شعبَه ما كان يجد من المناوأة من الأسلوب الفرنسي، إذا هو يسارع إلى التعبير عن فرحه واغتباطه لما شهدت مدينة الدار البيضاء من أحداث. وتلك كانت ثالثة الأثافي. وفي مراكش تمَّت البيعة لمولاي حفيظ. ولقد أفلح في أن يحفظ على جنوب المملكة أمنَه وهدوءَه. فيما ظل الشمال نهباً لفوضى عارمة. وقد كان مولاي حفيظ، إلى ذلك الحين، تابعاً وفياً لأخيه، لكنه أخذ ينتبه تدريجياً، إلى أن ذلك الوضع منه لا يمكن أن يدوم. فقبِل بالبيعة التي طوَّقه بها الشعب المغربي.
غير أن هذا التبدُّل لم يَرُقْ للفرنسيين. فقد كانوا يؤْثِرون أن يروا المغرب يحكمه سلطان ضعيف، منقاد لهم، على أن يتولى أموره سلطان قوي. فلم يكونوا يفوتون فرصة إلا وينعتون مولاي حفيظ بالمتمرد. وتبين مولاي عبد العزيز الخطرَ الذي أصبح يتهدده في مدينة مراكش، ولذلك غادر المدينة في خريف 1907 باتجاه مدينة الرباط، ويُحتمَل أن يكون خروجه إليها بغاية أن يكون قريباً من أصدقائه «الجدد»، ويطلب العون منهم.
لقد خرج الفرنسيون إلى الحرب، متذرِّعين بنشر النظام، وفي أماكن لم يكن فيها من فوضى، أو كان الفرنسيون أنفسهم من دبر فيها تلك الفوضى. وهكذا، فقد أخضعوا قبائل بني يزناسن، وإقليم الشاوية كله. ورد العلماء في مدينة فاس بإعلان البيعة للسلطان مولاي حفيظ، وخلعوا أخاه. غير أن ذلك لم يكن ليوقف الفرنسيين. فلقد واصلوا عملهم التدميري، الذي ظهر فيه داماد مغامراً جسوراً. فلم يكن يراعي لا النساء ولا الأطفال متى وقع عليهم في طريقه (15 مارس 1908). وتم الدوس من جديد على قرارات مؤتمر الجزيرة الخضراء؛ كما حدث في طلب تقديم عروض بتزويد الشرطة المغربية من العتاد؛ تلك الشرطة التي شُرع في تكوينها منذ أن كانت حادثة الدار البيضاء، والتي تم ملء صفوفها الفارغة من الجزائريين، فقد كان في هذا الأمر، كذلك، انتهاك لقرارات مؤتمر الجزيرة الخضراء. و تم توضيب الشروط لتسليم العتاد والمقرَّات إلى هؤلاء الجنود، بحيث يتم إقصاء غير الفرنسيين من المتنافسين على تلك العروض. وأعظم بها من وقاحة.
في تلك الأثناء كان وصول مولاي حفيظ، في بطء، لكن في أمان، إلى مدينة فاس. لقد أصبح مؤيدوه في تزايد مستمر، في جميع الأنحاء، وقد تمت له البيعة، كذلك، من بعض المدن الساحلية. لكن الفرنسيين كانوا يفلحون، على الدوام، في حمل السكان في تلك المدن على نقض بيعتهم له، إما باستعمال الحيلة، أو باللجوء إلى التهديد، بما كانوا يحشدون من السفن الحربية. ونشر الفرنسيون خبراً كاذباً عن القوة المتزايدة لسلطانهم الأثير مولاي عبد العزيز، وانتهاء سلطة السلطان الجديد مولاي حفيظ، حتى دخل هذا الأخير مدينة فاس ووضع أوروپا أمام الأمر الواقع. فلقد أصبح، يومئذ، هو السلطان الشرعي للمغرب. غير أن فرنسا ظلت تتجاهل اعتراف القوى الأجنبية بالسلطان مولاي حفيظ، وأفلحت في تعطيله بكل الحيل الممكنة، وكل أنواع التهديد والوعيد.
رأى مولاي عبد العزيز حينئذ أن نهايته باتت وشيكة. فإذا هو يسرع قبل أن ينهار كل شيء إلى تحويل كل ما أمكن له أن يحوله إلى نقود. وكان من بين ما قام بتحويله «أسطوله» البحري. وقد كان جوف سفينة «السعيدي» احترق عن كامله من انفجار تعرضت له في مدينة
العرائش
. وظلت تلك السفينة تنتظر، كشأن «سداة التركي»، وقتاً طويلاً عسى أن تحظيا بالتصليح. لكن بدلاً من ذلك، بيعت السفينتان في مزاد علني، في الأيام الأولى من شهر يوليوز 1908. ولست أعلم بكم بيعت «السعيدي». وأما «سداة التركي» فقد بيعت بمبلغ 8800 دورو حسني؛ أي ما يساوي 150 1 ليرة في الوقت الحاضر. فماذا كان يا ترى مصير ال 350 ليرة الباقية؟ لقد تم أداء مستحقات طاقم السفينتين، وتم تسريحهم، كما تم تسريحنا نحن الأوروبيين. ولم آسف لتركي عملي عند سلطان كان يدفع إلى الهلاك، في سرعة، بهذا البلد الذي تعلمت أن أحبه. وقد خصني الطريس بالشهادة التالية :
ويقول نصها :
«يعلم الواقف على هذا أن القبطان كارو الألماني قد استخدمه جانب المخزن الشريف رئيساً بالبابور المسمى التركي مدة تناهز التسع سنين كان في جميعها متصفاً بحسن الأخلاق والصدق والأمانة وإتقان العمل الذي طوِّق به لم يظهر منه في خلالها ما يوجب لمزه بشيء يخالف الأوصاف التي استُخدِم لأجلها وحرِّر بدار النيابة السعيدة في
طنجة
9 جمادى الثانية 1326 موافق 9 يوليه سنة 1908، محمد الطريس لطف الله به».
كان المغرب يعيش، يومئذ، نهاية حكم مولاي عبد العزيز. ولقد قرَّر هذا السلطان، بضغط من الفرنسيين، أن يحوز الجنوب، في الوقت الذي أصبح أخوه عبد الحفيظ سيدَ الشمال. وهكذا سار مولاي عبد العزيز، في جيش عظيم، كان يوجد في صفوفه، بكل تأكيد، بعض الفرنسيين المتنكرين، يقترب من الجنوب. وكان الفرنسيون لا يفتأون يبثون الشائعات عن الانتصارات الساحقة التي كان يحققها هذا الجيش، إلى أن كانت هزيمة مولاي عبد العزيز على مقربة من قلعة السراغنة، وفراره إلى نواحي الشاوية، التي كانت خاضعة لأصدقائه ومواليه. ويومها أصبحت جميع المدن الساحلية تقرُّ، الواحدة تلو الأخرى، بمولاي عبد الحفيظ سلطاناً. ومن عاين هذه البيعة في مدينة
طنجة
يمكنه أن يشهد أن فرحة الشعب كانت فرحة صادقة. ونادراً ما عمت مثل تلك الفرحة شوارع المدينة، ما عدا في يوم زيارة الأمبراطور.
وإليكم في ما يلي أخبارَ هاتين السنتين الأخيرتين. ولو أردت أن أضع بها تقريراً وأسهب في تفاصيلها لاقتضاني الأمر سفْراً عظيماً. إنه تاريخ طويل من الانتهاكات لعقد الجزيرة الخضراء، والدسائس وأعمال العنف الصادرة عن الفرنسيين، والتي أصبحت لا تستهدف المغرب وحده، بل تنال ممن يعيش فيه من الأجانب قاطبة، ولاسيما الألمان منهم. وسيكون جرداً بالأكاذيب التي ظل الفرنسيون يحيكونها لخدمة سياستهم المغامرة وتقارير مطولة عن سلطان ازدراه شعبه، وبغضَه، ثم خلعه. سلطان معدوم الإرادة، فاقد النشاط. وستكون حكاية طويلة عن سلطان بلا بلد، وموظفين خونة، يشاركون بكل تفان في انهيار وطنهم، وشعب فقير وصبور، دُفِع إلى التمرد على الفرنسيين وعلى سلطانه، ويأمل في أيام أفضل. وباختصار إنه سيكون تاريخاً طويلاً ومحزناً، للتدمير الذي تعرضت له بلاد على يد بعض المضاربين الفرنسيين.
وسوف لا ينقضي وقت طويل حتى يصبح مولاي حفيظ السلطان الشرعي على المغرب بلامنازع. وإن الشعب الذي يقوده اليوم، وإن لم يكن قد أقرَّ به سلطاناً عليه، ليَتَشوَّف إليه، تشوُّفَه إلى محرر له من البؤس المرير الذي يرسف فيه. ولقد أفلح مولاي حفيظ في أن يعيد الأمن والنظام إلى الجهات التي تولى الأمر فيها. وهو لا يتمتع بثقة شعبه وحده، بل وبثقة الأوروبيين من غير الفرنسيين أيضاً.
لا يمكن للمغرب أن يدخل عهداً جديداً يتمتع فيه بالسلم ما لم تبتعد عنه فرنسا، وما لم تسحب جيوشها من إقليم الشاوية. فهل سيكتب لهذا الأمر أن يتحقق في يوم من الأيام؟ أم أن الفرنسيين سيعودون إلى مواصلة خداعهم المعهود للحيلولة دون تحققه؟
ذانك هما السؤالان المقلقان اللذان سيكون المستقبل هو وحده الكفيل بالإجابة عنهما.
ذلك ما كتبْت في شتنبر 1908. وفي تلك الأثناء أقر المخزن بمولاي حفيظ سلطاناً شرعياً للمغرب. ومن المعلوم أنه قد تم التوقيع في 9 فبراير من تلك السنة في برلين على الاتفاق الفرنسي الألماني بشأن المغرب. وهو الاتفاق الذي تتخلى ألمانيا بموجبه عن كل نشاط لها في المغرب لفائدة فرنسا، وتقر فرنسا إقراراً كاملاً بالمصالح الاقتصادية للألمان في المملكة الشريفة، وتعِدهم بالحقوق نفسها التي يتمتع بها الفرنسيون.
لكن لا ينبغي أن نمني النفس بكل هذه الأماني! فحتى وإن كان من المحتمل للسنوات المقبلة أن تحمل دفعاً خفيفاً للأعمال الألمانية في المغرب، فإن فرنسا ستعرف جيداً بمضي الوقت كيف تطرد الألمان من المغرب. ومن يظن خلاف ذلك فإنما هو يجهل بالفرنسيين.
ويمكنني الآن أن أجيب بكثير من اليقين عن سؤال يتعلق بالمستقبل فأقول إن فرنسا ستواصل العمل على استكمال «الاختراق السلمي»، وسيصير المغرب بمرور الوقت محمية فرنسية. ولن يغير الاتفاق الفرنسي المغربي الجديد من هذا الأمر شيئاً؛ إذ يُقال كذلك إن ميثاق الجزيرة الخضراء سيظل ساري المفعول، ويقال خاصة بضرورة صون استقلال المغرب ووحدته الترابية، فضلاً عن الإبقاء على سياسة الباب المفتوح، فقد ظلت فرنسا إلى ذلك الوقت لا تعير اهتماماً إلى تلك القرارات، وهو أمر نراه بجلاء في الأحداث التي عرفتها السنوات الأخيرة، وسيظل ذلك ديدنها في مقبل الأيام؛ إذ أن ألمانيا تنوي أن تخلي لها المجال من الناحية السياسية!
ومن أسف أننا، وقد سلمنا المغرب إلى الفرنسيين من غير شروط، قد انمحى من نفوس المغاربة ما كانوا يكنون لنا من اعتبار، وبمرور الوقت سوف لا يعود من سبيل أمام الألمان المقيمين في المغرب غير أن يرحلوا إلى غير رجعة عن هذا البلد الذي تعلمنا أن نحبه، كأنه لنا وطن ثان.
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
ليونارد كاروڤ: تسع سنوات في خدمة السلطان أو ليلة القبض على بوحمارة (9 )
ليونارد كاروڤ: تسع سنوات في خدمة السلطان أو ليلة القبض على بوحمارة (24 )
ليونارد كاروڤ: تسع سنوات في خدمة السلطان أو ليلة القبض على بوحمارة (11 )
ليونارد كاروڤ: تسع سنوات في خدمة السلطان أو ليلة القبض على بوحمارة (10 )
ليونارد كاروڤ: تسع سنوات في خدمة السلطان أو ليلة القبض على بوحمارة (12 )
أبلغ عن إشهار غير لائق