الملك محمد السادس: "العالم يعرف توترات مقلقة وتحولات سريعة غير مسبوقة فرضت حتمية إعادة التفكير في مفاهيم الأمن والدفاع"    السعودية والكويت بأدنى خصوبة شرق أوسطية في 2050    بوريطة يشارك بالمنامة في اجتماع هيئة متابعة تنفيذ القرارات والالتزامات على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب    ظهور "منخفض جوي" يتسبب في تراجع درجات الحرارة بشمال المغرب    إدارة السجن المحلي بتطوان تنفي تعرض سجين لأي اعتداء، سواء من طرف الموظفين أو السجناء    هاشم تقدم مؤلف "مدن وقرى المغرب"    حقوقيون يراسلون أخنوش لإنهاء ملف الأساتذة الموقوفين وينبهون إلى أن معاقبتهم ستؤدي لعودة الاحتقان    دعوات متزايدة عبر الإنترنت لمقاطعة مشاهير يلتزمون الصمت حيال الحرب على غزة    المغرب يفكك خلية إرهابية ويطيح ب4 متطرفين في تزنيت وسيدي سليمان    عجز الميزانية في المغرب يفوق 1,18 مليار درهم    تخصيص 56 مليون درهم لتوسعة شبكة نظام المراقبة بالكاميرات بالفضاء العام بطنجة    أطلنطا سند للتأمين تطلق منتوج التأمين متعدد المخاطر برو + المكتب    بيع لوحة رسمها الفنان فرنسيس بايكن مقابل 27.7 مليون دولار    بنطلحة يكتب: خطاب تبون والحرب على الوعي    الصين تدعو لعلاقات سليمة ومستقرة مع كوريا    المخرج الإيراني محمد رسولوف يفر من بلاده "سرا" بعد الحكم عليه بالجلد والسجن    سلطات سبتة تدعو وزارة الخارجية الإسبانية لمساعدة قطاع غزة    10 لاعبين يحرجون ريال مدريد قبل انطلاق الميركاتو    الجمعية الرياضية السلاوية للدراجات تتوج بسباقي القصر الكبير وأصيلا    اختتام البطولة الوطنية المدرسية لكرة اليد كرة الطائرة والسلة 5*5 والجولف والرماية بالنبال    "الكوديم" يحسم "ديربي سايس" ويقترب من دوري الأضواء والاتفاق يعقد مهمة جمعية سلا في النجاة من جحيم الهواة    الفيفا تنصف الرجاء البيضاوي في قضية المليار ومائة مليون    أسعار النفط تواصل الارتفاع وسط توقعات شح الإمدادات    هل تكون إسبانيا القاطرة الجديدة للاقتصاد الأوروبي ؟    توظيف مالي لمبلغ 3,8 مليار درهم من فائض الخزينة    المغرب يفكك خلية إرهابية موالية ل"داعش" ينشط أعضاؤها بتزنيت وسيدي سليمان    تفاصيل مثول لطيفة رأفت أمام قاضي التحقيق بالدار البيضاء    بودرقة: جماعة أكادير أدت 40 مليار سنتيم من الديون وضخّت 60 مليار سنتيم في برنامج التنمية الحضرية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    تفاصيل مثول لطيفة رأفت أمام استئنافية الدار البيضاء    المغرب يستعيد من الشيلي 117 قطعة أحفورية يعود تاريخها إلى 400 مليون سنة    هذا الثلاثاء في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: جلسة فكرية مع الناقدة والباحثة الأدبية الدكتورة حورية الخمليشي    السعودية: لاحج بلا تصريح وستطبق الأنظمة بحزم في حق المخالفين    دراسة: الهواء البحري يقوي الجهاز المناعي    دراسة: البكتيريا الموجودة في الهواء البحري تقوي المناعة وتعزز القدرة على مقاومة الأمراض    جامعة شعيب الدكالي تنظم الدورة 13 للقاءات المغربية حول كيمياء الحالة الصلبة    نقيب المحامين بالرباط يتحدث عن المهنة وعن المشاركة في المعرض الدولي للكتاب    الدورة الثالثة للمشاورات السياسية المغربية البرازيلية: تطابق تام في وجهات النظر بين البلدين    موعد لقاء الرجاء الرياضي والنهضة البركانية    الشيلي والمغرب يوقعان اتفاقية للتعاون في مجال التراث الوثائقي    بطولة فرنسا: مبابي يتوج بجائزة أفضل لاعب للمرة الخامسة على التوالي    اعتقالات و"اقتحام" وإضراب عام تعيشه تونس قبيل الاستحقاق الانتخابي    غزة تنتصر.. طلبة كولومبيا يرتدون الكوفية الفلسطينية في حفل تخرجهم    عجز الميزانية المغربية يفوق 1,18 مليار درهم عند متم أبريل    العثور على باندا عملاقة نادرة في شمال غرب الصين    إسطنبول.. اعتقال أمين متحف أمريكي بتهمة تهريب عينات مهمة من العقارب والعناكب    قناة أرضية تعلن نقلها مباراة الإياب بين بركان والزمالك    إسبانيا ترد على التهديد الجزائري بتحذير آخر    بنموسى يعلن قرب إطلاق منصة رقمية لتعلم الأمازيغية عن بعد    لماذا يجب تجنب شرب الماء من زجاجة بلاستيكية خصوصا في الصيف؟    مخرج مصري يتسبب في فوضى بالمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة    الأمثال العامية بتطوان... (597)    المركز الثقافي بتطوان يستضيف عرض مسرحية "أنا مرا"    نقابة تُطالب بفتح تحقيق بعد مصرع عامل في مصنع لتصبير السمك بآسفي وتُندد بظروف العمل المأساوية    وفاة أول مريض يخضع لزرع كلية خنزير معدل وراثيا    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    الأمثال العامية بتطوان... (596)    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هكذا تكلم الجابري في نقد العقل السياسي العربي
نشر في بيان اليوم يوم 22 - 05 - 2015

في كتابه العقل السياسي العربي، حاول المفكر المغربي محمد عابد الجابري بيان محددات الممارسة السياسية وتجلياتها في الحضارة العربية الإسلامية و امتداداتها إلى اليوم.
وإذا نحن أردنا أن نقرب الإشكالية التي يعالجها الجابري، أمكن القول إن السؤال الذي يريد المؤلف الإجابة عنه هو التالي: كيف تكون العقل السياسي العربي؟ وما مسار تكوينه في التجربة الحضارية العربية الإسلامية؟
فالجابري يرى أن العقل السياسي العربي انطلاقا من الدولة الأموية مرورا بالعصر العباسي وصولا إلى واقعنا السياسي الراهن، هو عقل بقي حقل التفكير فيه محاصرا باديولوجيات لاعقلانية، هي: إيديولوجية الجبر، و التفكير الخارجي، والإمامة.
كما بقيت الممارسة السياسية التي عرفتها الحضارة العربية الإسلامية تكرر نفسها في إطار محددات أساسية، هي:القبيلة و الغنيمة والعقيدة، مع اختلافات بسيطة بقيت كزهرات قليلة في حقول الشوك، لم تغير من طبيعة المسار العام لهذه الممارسة. «من الدعوة إلى الدولة، دولة النبوة و الخلافة، ومن هذه إلى الملك العضوض والدولة السلطانية: مسار واحد،هو مسار تاريخ ظهور وتشكل العقل السياسي العربي». «فقد بقي هذا المسار يكرر نفسه في الوطن العربي، مع اختلافات جزئية لا تغير اتجاهه ولا من طبيعة حركته، لأن المحددات التي صنعته والتي كانت تعيد صنعه هي هي: القبيلة،الغنيمة،العقيدة». حيث بقي الصدام العنيف و الاقتتال هو الحل الغالب بين الفرقاء السياسيين، بسبب عدم إقرار طريقة واحدة مقننة لتعيين الخليفة، وعدم تحديد ولايته، وعدم تحديد اختصاصاته، وعدم القدرة على محاسبته.
وفي سبيل دراسته للعقل السياسي العربي، وظف الجابري صنفين من المفاهيم: صنف استعاره من الفكر العلمي الاجتماعي و السياسي المعاصر(اللاشعور السياسي و المخيال الاجتماعي و المجال السياسي)،و أخر استمده من التراث العربي الإسلامي(القبيلة و الغنيمة و العقيدة).
يستدعي الجابري هذه المفاتيح قصد التعرف على جانب أساسي من جوانب الظاهرة السياسية في التجربة الحضارية العربية الإسلامية. فالقبيلة-بحسب الجابري-هي طريقة وسلوك في الحكم السياسي، يعتمد ذوي القربى بدل الاعتماد على ذوي الخبرة والمقدرة. وليس المقصود مجرد قرابة الدم، بل القرابات ذات الشحنة العصبية، من مثل: الانتماء إلى مدينة أو جهة أو طائفة.
أما الغنيمة فهي ما يفرضه الغالب على المغلوب من إتاوات وضرائب، سواء كان الغالب أميرا أو قبيلة أو دولة. تقوم بدور العامل الاقتصادي في المجتمعات التي تعتمد على الخراج و الريع. والمقصود هنا ما كانت الدولة تأخذه كجباية: الفيء والجزية والخراج.
وأما العقيدة فيقصد بها فعل الاعتقاد والتمذهب، سواء كان على شكل دين موحى أو إيديولوجيا، إنه المنطق الذي يحرك الجماعة ليس على أسس معرفية مثل اللاشعور الجمعي أو المخيال الاجتماعي، بل على رموز تأسس الإيمان والاعتقاد.
وفي النهاية، يخلص الجابري إلى أن القبيلة والغنيمة والعقيدة محددات حكمت العقل السياسي العربي في الماضي ومازالت تحكمه في الحاضر، والنتيجة نكسات فتحت الباب أمام عودة المكبوت. وهكذا عادت العشائرية والطائفية والتطرف الديني والعقائدي لتسود الساحة العربية، ليجعل حاضرنا مشابها لماضينا. فأصبحت القبيلة محركا للسياسة، والريع- الغنيمة- جوهر الاقتصاد، والعقيدة دافعا للفعل وتبريرا للقمع.
القبيلة، الغنيمة، العقيدة، محددات أساسية للعقل السياسي العربي:
يعرض الجابري دور كل من القبيلة والغنيمة والعقيدة في تكوين العقل السياسي العربي زمن الدعوة المحمدية، وبالتالي دورها في تطور هذه الدعوة إلى دولة.
تذكر المصادر التاريخية أن الدعوة المحمدية كانت ذات مشروع سياسي واضح، رافقها منذ انطلاقتها وبقيت محتفظة به، و تعمل من أجل تحقيقه. ويتمثل هذا المشروع في إنشاء دولة عربية والقيام على دولتي الفرس والروم.
وفي المرحلة المكية، مرحلة الدعوة السرية التي دامت ثلاث سنين، من الدعوة المحمدية. كان العقل السياسي العربي يتحدد خلالها كما يلي: العقيدة من طرف الرسول، والقبيلة والغنيمة من طرف الملأ من قريش «أما في مكة فقد كان الخطاب فيها بصيغة"يا أيها الناس" خاصة، والمقصود عمليا هم سكان مكة لا بوصفهم قبائل بل بوصفهم أفرادا يطلب منهم الإيمان بالنبي محمد و بما أنزل عليه والانضمام إلى من سبقوهم في الإيمان،إلى أصحابه أو صحابته، الذين كانوا قد أخذوا يشكلون الجماعة الإسلامية الأولى».
فكانت الآيات الأولى التي نزلت من القران تتجه بالخطاب إلى النبي محمد تبشره بالرسالة وتحمله أثقالها، و تؤكد له نبوته وسلامة عقله وحسن خلقه وترد على قريش فيما تطعن به عليه.
وفي مقابل ذلك تناولت مختلف السور التي نزلت في المرحلة الأولى من الدعوة، تناولت بالتفصيل وبإلحاح الحياة الأخرى ومشاهد القيامة من حساب و جنة ونار، «فكان ذلك هو مركز الاهتمام الذي شد القران إليه في هذه المرحلة وعي المسلمين الأوائل و مخيالهم واستشرافاتهم».
أما مرحلة الجهر بالدعوة في مكة، فقد تضمنت برنامجا جديدا. يقوم على التأكيد على نبوة محمد، وعلى وجود حياة أخرى بعد الممات، والحث على الإنفاق على الفقراء والمساكين، التذكير بمصير الأقوام الماضية، لفت الانتباه إلى نظام الكون ككل وكأجزاء.
لكن...
لماذا لم يكن خصوم الدعوة المحمدية قادرين على التخلص من صاحبها ولا على إيذاء وتعذيب أو قتل أتباعها من العبيد والموالي؟
هذا ينقلنا إلى دور القبيلة ،سلبا أو إيجابا،في الممارسة السياسية،ممارسة سلطة الجماعة،التي تعرضت لها الدعوة المحمدية ،أو استفادت منها،من يوم قيامها إلى أن أصبحت لها دولة.
إن القبيلة -بحسب الجابري- قد قامت بالنسبة للدعوة المحمدية بدورين مختلفين: فمن جهة مكنت خصومها، وهم الملأ من قريش من ضرب حصار ضدها، وقد نجحوا في ذلك إلى حد كبير، إذ لم يتجاوز عدد من أسلموا في هذه المرحلة كلها154 فردا. ومن جهة أخرى وفرت القبيلة نفسها الحماية والمنعة للرسول أولا، ولأصحاب العشائر و القبائل من المسلمين ثانيا، فكانت من هذه الناحية عاملا أساسيا في بقاء الدعوة حية تبحث لنفسها عن طريق لكسر الطوق القبلي المفروض عليها.
«هذه العلاقات القبلية المعقدة لم تكن تسمح لقريش بتصفية رجال الدعوة المحمدية لأن أي اعتداء جسماني/دموي على أي فرد من أعضاء القبيلة كان سيفجر الوضع في مكة تفجيرا،سيشعلها حربا أهلية شاملة، و لذلك استطاعت الدعوة المحمدية أن تبقى حية تحت حماية نعرة الأقارب و نظام الجوار. غير أن هذه العلاقات نفسها لم تكن، من جهة أخرى، تسمح لتلك الدعوة بالانتشار والانتصار، لأن نجاحها يعني، في المخيال القبلي، ارتفاع بني هاشم إلى مركز السيادة على جميع القبائل، لأن النبي صاحب الدعوة منهم، وهذا ما لم يكن يقبله بنو عمومتهم الأقربون بنو أمية، والأبعدون بنو مخزوم».
إذا لم يعد للدعوة المحمدية أن تشق لنفسها طريقا للانتشار والانتصار، إلا إذا نجحت في كسر الطوق القبلي، وهذا ما لم يكن من الممكن حدوثه إلا بقيام قوة مسلحة تهاجم البنية القبلية المكية من خارجها، وتضربها في الأساس المادي الذي تقوم عليه.
وفي هذا السياق، تأتي هجرة الرسول إلى المدينة، وفيها يبدأ تأسيس الدولة، والصراع مع قريش -الذين حاربوا الدعوة المحمدية دفاعا عن مصالح معينة – سينتقل إلى مرحلة أرقى، مرحلة ضرب تلك المصالح نفسها.
فبالرغم من أن قريشا، وسكان الجزيرة العربية عموما، لم يكونوا يعطون للدين وزنا كبيرا في حياتهم، فقد أصرت على الدفاع عن آلهتها و أصنامها، ومهاجمة الدعوة المحمدية.
فأي ضرر كانت تشكله الدعوة المحمدية على قريش بهجومها على الأصنام؟ إن أصنام قريش وآلهتها كانت مصدرا للثروة وأساسا للاقتصاد: كانت مكة مركزا لآلهة القبائل العربية وأصنامها، تحج إليه وتهدي لها وتقيم أسواقا حولها أو قريبا منها، تبيع فيها وتشتري، فكانت مكة بذلك مركزا تجاريا للعرب أيضا. وأكثر من هذا، كانت في الوقت نفسه محطة رئيسية في طريق التجارة الدولية بين الشمال والجنوب والغرب والشرق. «إذن فالمس بآلهة قريش هو مس مباشر بتجارتها».
«إن قريشا كانت تدرك تماما الخطر الذي كانت تشكله الدعوة المحمدية على مصالحها الاقتصادية: إن نبذ الشرك معناه كف القبائل العربية عن الحج إلى آلهتها وأصنامها بمكة، وبالتالي توقف عائدات الحج والتجارة معا. لم يكن من الممكن إذن إقناع قريش بسخافة عبادة الأصنام ذاتها، بل الغنيمة التي من ورائها».
إذن،كانت هجرة النبي إلى المدينة لا خوفا ولا هربا، بل كانت من أجل مواصلة الدعوة بوسائل أخرى: توجيه السرايا وقيادة الغزوات لاعتراض قوافل قريش التجارية، الشيء الذي يعني ضرب الحصار الاقتصادي على مكة وصولا إلى استسلامها السياسي، وبالتالي الدخول في الإسلام. ولما كان ضرب الغنيمة يعقبه حتما الاستيلاء عليها وتوظيفها، ماديا ومعنويا لإعداد ضربات أخرى، فإنه لا مناص من أن يكون لها حضور ما في المرحلة الجديدة. «لقد كان و لا بد إذن من أن تدخل الغنيمة كجزء أساسي في الكيان المادي للدولة الناشئة، ومن ثمة في عقلها الاقتصادي، التشريع للغنائم».
غير أن دخول الغنيمة في كيان الجماعة، ولو في إطار خدمة الدعوة ورسالتها، كان و لابد أن يؤدي إلى دخولها في عقل الأفراد- السياسي والاقتصادي، ومن ثمة تصبح الغنيمة من جملة الحوافز التي تحرك البعض. و لذا صارت الغنيمة حاضرة في غزوات النبي وسراياه، يأخذها المسلمون ويوظفونها ليس فقط في تجهيز الجيوش بل أيضا في تحفيز النفوس على الجهاد.
وهكذا لم يعد الغزو بدافع العقيدة وحدها، بل لقد غدا لدى كثير من المسلمين الجدد، إن لم نقل عند جلهم، يخضع لاعتبارات القبيلة والغنيمة كما حدث في غزوة الخندق وشهدت به سورة الأحزاب، وشجبته ونددت به. وكما أيضا يوم حنين وغزوة تبوك.
ويخلص الجابري إلى انه في مرحلة الدعوة المحمدية (السرية والجهرية) كان الدور الأساسي للعقيدة. أما في مرحلة الدولة، فالدور الرئيسي قامت به القبيلة في طور النشأة، أما في الأطوار الأخرى اللاحقة فالمحرك الأساسي فيها هو الغنيمة.
القبيلة المرجع الأساسي لاختيار الخليفة:
كانت أول مشكلة سياسية داخلية واجهت الصحابة والمسلمين،هي مسألة خلافة النبي، فكيف عالجها الصحابة وحسموا فيها؟
«إن المرجعية التي حكمت الكيفية التي جرت بها الأمور عند بيعة أبي بكر خليفة للنبي، لم تكن لا العقيدة ولا الغنيمة، وإنما كانت الكلمة الأولى والأخيرة لمنطق القبيلة». ويشرح الجابري هذا الطرح بالقول: «لقد حاول الأنصار الانفراد بالأمر دون المهاجرين، ولكن تناقضات القبيلة الداخلية مزقت وحدتهم وأضعفت موقفهم فصار الأمر للمهاجرين. عند ذاك بايعت الأغلبية من الأنصار والمهاجرين أبا بكر، لا بسبب مركزه في الإسلام وحسب،بل أيضا بفعل اعتبارات قبلية-من قبيلة ضعيفة لم يكن يخشى منها أن تستبد ولا أن تتدخل في منافسة غيرها، في وقت كانت القبائل القوية متعادلة القوى- هذا إضافة إلى خبرته في مجال ممارسة السياسة في إطار القبيلة».
كما أن الكيفية التي تمت بها بيعة عمر بن الخطاب، فإنها تختلف تماما عن تلك التي تمت بها بيعة أبي بكر«أما استخلاف آبي بكر لعمر فلم يكن وصية بل كان بعد مشورة ، ولم تكن لوارث أو قريب بل كانت لشخص من قبيلة أخرى، كان على رأس المؤهلين للمنصب. ولم يكن هذا التدبير الذي سلكه أبو بكر مما ينافى التقاليد القبلية العربية، بل كانت من التقاليد المعمول بها أن الرئيس يعين أمير الحرب ومن يخلفه إن قتل و من يخلف هذا الأخير...».
أما عمر بن الخطاب فسيلجأ إلى تدبير آخر، إلى مسطرة أخرى في انتخاب من يخلفه، إذ اقترح على الناس ستة مرشحين سموا ذلك الوقت بأهل الشورى، كلفهم بانتخاب واحد منهم خليفة. وهؤلاء الستة هم علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان وعبد الله بن عوف وسعد بن أبي وقاص والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله.
إن وقائع الشورى تؤكد أن الصراع كان شديدا بين علي وأنصاره وعثمان و أهله، أي بين بني هاشم وبني أمية. إنه الصراع الذي كان قائما بينهما في الجاهلية، والذي غطى عنه الإسلام لمدة من الزمن، لينبعث بأقوى مما كان.
«إن الصراع خلال عملية الشورى لاختيار من يخلف عمر بن الخطاب كان،على مستوى القبيلة،بين بني هاشم ممثلين في علي بن أبي طالب،و بني أمية ممثلين في عثمان بن عفان».
الغنيمة سببا للفتنة:
حاول الجابري أن يجيب عن سؤال: دور كل من القبيلة والغنيمة والعقيدة في حوادث الفتنة زمن الثورة على عثمان بن عفان.
وبحسب الجابري فان الثورة على عثمان قد اكتست، على مستوى القبيلة، طابع ثورة العرب على قريش. كيف ذلك؟
إن بنية دولة الدعوة المحمدية قد أصبحت، بعد فتح مكة، بنية قرشية الطابع، يتولى السلطة الإدارية والمالية-العمال، وعمال الصدقات- فيها رجال من نفس القبيلة التي كانت لها السلطة الإدارية و المالية في مكة قبل الفتح: بنو أمية و حلفاؤهم. وتأتي حروب الردة، زمن أبي بكر لتضيف لهم السلطة العسكرية. فالقواد العسكريون الذين قاموا بقمع و تصفية حركات الردة و ادعاء النبوة كانوا من بني مخزوم و بني أمية أساسا، وهؤلاء القواد هم الذين قاموا أيضا بعمليات الفتح الكبرى في العراق والشام، ثم في فارس ومصر وافريقيا.
وهكذا، فبما أن خلافة النبي قد انتقلت إلى المهاجرين، أي إلى قريش، خلقت و ضعا جديدا تماما: قريش حاملة راية الإسلام هذه المرة تعيد تأسيس الدولة بسواعد أبنائها و دمائهم. وعلى رأس قريش الآن بنو أمية و حلفاؤهم من ثقيف و بني مخزوم. ومن هنا سيصبح التصنيف إلى قيس و كلب أوإلى مضر وربيعة أو بصورة عامة إلى عدنان وقحطان من التصنيفات الأساسية على مستوى القبيلة.
هذه التصنيفات والتعارضات والصراعات التي أخذت تهيمن على المخيال القبلي أثناء حروب الردة، لتشكل «محددا أساسيا في التفكير السياسي يومئذ، ستتكرس مع الفتوحات الكبرى».
وعندما أخذت جيوش المسلمين تتوغل شمالا لفتح العراق والشام بقيادة رجال من قريش، حرص أبو بكر على أن لا يشرك في عمليات الفتح القبائل التي كانت قد ارتدت، إذ لم يكن يثق فيها، فنشأ عن ذلك وضع قلق على صعيد الأمن الداخلي، إذ كان من الممكن أن يثور العرب في أية لحظة على حكم قريش و تعود الأمور إلى ما كان عليه الحال من قبل.
«و هكذا خلق الفتح زمن عمر و ضعية قلقة جديدة تتميز بتجميع القبائل في معسكرات –أمصار-كوحدات مستقلة و لكن في اتصال و احتكاك مباشرين،الشئ الذي كان يذكي العصبيات الخاصة داخل العصبيات العامة من جهة و يوقظ هذه بعضها بعضا من جهة أخرى».
فإذا كانت القبيلة الإطار الذي احتضن الثورة و أطرها، فان الغنيمة كانت المحرك و المحدد الأساسي لها.
وهنا يؤكد الجابري على أن الغنيمة كان لها شان كبير جدا، وبالتالي فلابد من «اعتبار دورها الأساسي في الأحداث التي شهدها عصر الخلفاء الراشدين الذي يمثل في مخيالنا الديني و التاريخي،نحن العرب والمسلمين، المدينة الفاضلة».
وبالعودة إلى زمن أبي بكر نجد أن الغنائم كانت قليلة نسبيا، إذ لم تبدأ غنائم الفتوحات الكبرى تصل إلى المدينة إلا في عهد عمر بن الخطاب، ابتداء من اليرموك و القادسية، و لهذا فإن توزيعها بالسوية، على أهل المدينة جميعهم، لم يكن ليعمق بشكل خطير الفوارق بين الأغنياء والمستضعفين، وإذا أضيف إلى هذا أن مدة خلافة أبي بكر لم تتجاوز السنتين وأربعة أشهر، يمكن أن نقول إن الوضعية الاجتماعية، من حيث الغنى و الفقر لم يطرأ عليها تغيير جوهري، وأنها بالتالي كانت على الحال نفسها التي تركها عليها النبي: فوارق في حدود المعتاد الذي لا يبعث في النفوس ما يمكن أن يعبر عنها ب"الحقد الطبقي".
غير أن الوضعية ستتغير رأسا على عقب زمن عمر بن الخطاب. «فالأموال التي كانت ترد إلى المدينة من كل جهة، بمبالغ كبيرة، كانت تتجاوز حدود المعاش بكثير. وتوزيعه بالتساوي معناه المساواة بين الناس في الفائض على الضروري للمعاش، في مجتمع وفي زمان كان معنى العدل فيه هو: إنزال الناس منازلهم. ومنازل الناس كانت يومئذ محكومة، بالمحددات الثلاثة: القبيلة والغنيمة والعقيدة، وبالتالي فتوزيع الغنيمة سيتم على أساس اعتبارهما معا، ذلك ما فعله عمر بن الخطاب: لقد فاضل بين الناس في العطاء على أساس القرابة من الرسول (القبيلة) وعلى أساس السابقة في الإسلام (العقيدة)».
إن ترتيب الناس في العطاء حسب القرابة من الرسول والسابقة في الإسلام، كان لابد أن يؤدي إلى تكديس الثروة في أيدي مجموعة معينة، وبالتالي كان لابد أن يورث فوارق كبيرة بين المسلمين في الثروة، فوارق تتسع باتساع حجم الغنائم و الخراج.
وهكذا، فما أن ولي عثمان حتى بدأت مظاهر الغنى في الانفجار، وسرعان ما استفحلت، وظهرت المنكرات. وزاد في انفجار الترف تزايد حجم المال المتدفق على المركز من الخراج، كما كان للإجراءات التي اتخذها عثمان أثرها الكبير فيما حصل من تفاحش الغنى والترف. لقد سمح بالخروج من المدينة لأولئك الذين كان عمر بن الخطاب قد حبسهم فيها من كبار الأغنياء، وترك الناس يمارسون التجارة بطرق مختلفة و قام هو نفسه بإقرار تدبير فتح الباب لأنواع من الاتجار والمضاربة في أسهم المقاتلين و أعطياتهم.
إضافة إلى ما تقدم فإن عثمان قد جعل عماله من بني أمية قبيلته، ومنهم من لم يكن لديه ما يكفي من المصداقية الإسلامية، بل بالعكس كان منهم من عرفوا بسلوك كان هدفا للطعن والانتقاد.
وقد كان من نتائج هذه التدابير أن تركزت ثروات هائلة في أيدي جماعة قليلة من الصحابة ورجال قريش فاتسعت الهوة بين الفقراء و الأغنياء، و زاد في اتساعها توقف الفتح وتكاثر النسل وهجرة الأعراب إلى الأمصار، إنه وضع يهدد بالانفجار، وقد حصل الانفجار فعلا.
«إن الثورة على عثمان لم تكن ثورة طبقية، بالرغم من أن الدور الأساسي المحرك فيها كان الغنيمة،أي العامل الاقتصادي، وبالضبط التفاوت الواسع والعميق بين الفقراء والأغنياء يومئذ. لم تكن هذه الثورة ثورة طبقية، لأن العلاقة بين الأغنياء والفقراء يومذاك لم تكن مؤسسة على استغلال طبقة لطبقة».
والفتنة لم تكن مجرد رد فعل ضد استئثار قريش القبيلة بأوفر نصيب من الغنيمة، بل كانت كذلك احتجاجا باسم العقيدة.
وفي هذا الصدد يقول الجابري إنه كانت هناك شخصيات من الجماعة الإسلامية الأولى أو "مسلمي العقيدة" (عمار بن ياسر و أمثاله من المستضعفين )هي من قادت المعارضة ضد عثمان باسم الإسلام الحقيقي الذي ترسخ في وجدانهم ووعيهم ومخيالهم منذ المرحلة المكية من الدعوة، أولئك الذين تحملوا صنوف الاضطهاد والعذاب على يد قريش التي أصبحت، زمن عثمان، تستأثر بالسلطة والغنيمة بقوة القبيلة.
هؤلاء الجماعة أصبحوا يمثلون الضمير الديني وسط ذلك الوضع الدنيوي، الممعن في الدنيا وثرواتها وترفها ونعيمها،على حساب الدين وقيمه ومثله،على حساب الآخرة، فرفعوا عقيرتهم بالاحتجاج.
«فعلا كانت هذه الجماعة تقاتل على التأويل، تأويل القران، بل تأويل الدين كله. لقد كانوا يصدرون عن وعي ومخيال تشكلا في المرحلة المكية من الدعوة المحمدية، مرحلة ما قبل الدولة، التي كانت خلالها قريش تسومهم سوء العذاب و التي لم يكن أمامهم أثنائها غير الاعتصام بالعقيدة وما تقدمه لهم من أمثال وعبر عن القرون الماضية وأوصاف و مشاهد عن يوم الحساب و القيامة». ومع أن عثمان قد عاش هذه المرحلة المكية، فانه كان «يمارس نوعا آخر من التأويل».
فشخصيات الجماعة الإسلامية الأولى كانت تفكر ب"منطق الثورة" ثورة الإسلام على الأصنام و الملأ من قريش و المترفين...بينما كان عثمان يفكر ب"منطق الدولة"،و هو منطق يجد مرجعيته و مصداقيته في الدين نفسه:في نصوصه و في سيرة النبي و سيرة أبي بكر و عمر. «فالتأويلان معا إذن عنصرين من العناصر المؤسسة للعقل السياسي في الإسلام».
تجليات العقل السياسي العربي
يبين الجابري كيف أن العقل السياسي العربي بعد الفتنة الكبرى قد تجلى في دولة الملك التي أسسها معاوية، حيث انتقل من دولة الشورى(دولة الخلفاء)التي يؤسس فيها الدين السياسة ويحكمها، تكون فيها السياسة تطبيقا للدين وخادما له،إلى دولة الملك القائم على القوة، دولة جديدة في الإسلام تقوم على منطق القبيلة،الخلافة فيها ليست للعرب كلهم في هذه الفترة، بل لقريش فقط، وليست لقريش كلهم، بل لبني عبد مناف وحدهم، وليست لعبد مناف كلهم، بل لبني أمية خاصة.
ولتثبيت منطق القبيلة، اتخذ بني أمية من الغنيمة كعنصر تحفيز للموالين وأداة لإغراء المعارضين والثائرين :«لقد كان العطاء السياسي من ثوابت السياسة الأموية، وقد تمكنوا بواسطته من شل خصومهم و ربطهم بهم، سواء كان هؤلاء الخصوم من الهاشميين أو من زعماء القبائل أو من الشعراء و رؤساء الموالي....فكان العطاء السياسي الوسيلة المفضلة لديهم لممارسة السياسة في القبيلة: لإسكات خصومهم وشل معارضتهم...وأن ذلك وسيلة من وسائل ضمان الاستقرار في البلاد».
كل ذلك مسنود بعقيدة جبرية لا ترحم:«كان الأمويون يقولون إن الله ساق إليهم الخلافة بسابق علمه، قضاء وقدرا، أي أنه كان يعلم منذ الأزل أنهم سيستولون على الحكم، وعلم الله نافذ، فيكون الله هو الذي حتم عليهم أن يقاتلوا على الخلافة وأن يرتكبوا ما ارتكبوه من الأعمال لأن ذلك كله جرى بسابق علمه».لقد وظف الأمويون فكرة الجبر ليبرروا استيلاءهم على السلطة أولا، ثم ليتهربوا من المسؤولية ثانيا فنسبوا أعمالهم كلها لله، وبذلك قالوا ليس على الخلفاء عقاب.
ولمزيد من تثبيت أركان الدولة قال المتكلمون و الفقهاء إن:«العمل ليس ضروريا في الإيمان» وهو قول يبقي الخلفاء الأمويين المتهمين بالزور والظلم والفسق خارج دائرة الإيمان، وبالتالي عدم الثورة ضدهم.
إنه تأسيس جديد لدولة استبدادية ترتدي جبة منع الفتنة، بالحفاظ على وجود كيان الأمة ككيان وعلى الإسلام كدين. وهو منظور يرى فيه الجابري نموذجا للدولة، بقي سائدا منذ ذلك الحين إلى اليوم. القبيلة إطار، والغنيمة محركه، والعقيدة غطاءه الروحي. «من هذه الزاوية يبدو ملك معاوية كإنقاذ،كتجاوز لوضعية تهدد الإسلام و دولته بالانقراض».«لابد أن يرى في ملك معاوية تأسيسا جديدا للدولة في الإسلام وإعادة بناء لها».«سنجد أن ملك معاوية كان فعلا دولة السياسة في الإسلام،الدولة التي ستكون النموذج الذي بقي سائدا إلى اليوم».
وإذا كان معاوية قد انتزع الحكم بقوة السلاح وفرض نفسه خليفة. وبما أنه كان يفتقد إلى الشرعية، فقد لجا إلى ادعاء رضى الله، فقال إن قضاء الله وقدره هو الذي ساق إليه الحكم. إن افتقاد الشرعية البشرية الديمقراطية قد جعله يدعي الشرعية الإلهية، في مسألة تركها الشرع الإلهي للناس،لاختيارهم ورضاهم.
أما مع العباسيين ستصبح منزلة الخليفة تنتمي إلى منزلة، منزلة لا تضاهيها منزلة الله، فهو شخص اختاره الله ليتصرف في إرادته الحرة، وهو في منزلة تعلو على التشبيه - في إطار إيديولوجيا سلطانية مطلقة- تضع الخليفة في منزلة الشخص المتأله.
إلى جانب الخليفة أصبح المجتمع العباسي يتألف من الخاصة (الأمراء،الوزراء،الفقهاء،قادة الجند،الكتاب..) ومهمتها حمل العامة على طاعة الأمير. والعامة (الجند و بقية الناس) ويخضعون للخليفة و للخاصة وعدم معارضتهم. لذلك انتهت السياسة في هذا المجتمع الخاضع الدليل لحاكمه.
لذلك يرى الجابري أن الأدبيات السلطانية التي سادت في العصر العباسي، هي أدبيات تم نقلها من الأدبيات السلطانية الفارسية. وساد في إطارها اتجاه المماثلة بين الله والخليفة، التي تتحول في الخطاب الأدبي إلى مطابقة تخلع فيها على الأمير صفة الألوهية المباشرة.«إن العقل السياسي العربي مسكون ببنية المماثلة بين الإله والأمير. البنية التي تؤسس على مستوى اللاشعور السياسي ذلك النموذج الأمثل للحكم الذي يجذب العقل السياسي العربي، منذ القديم إلى اليوم، نموذج المستبد العادل».
ولتجديد العقل السياسي العربي وتحديثه وتحريره من الأطر اللاعقلانية، طرح الجابري عدة حلول فكرية في خاتمة الكتاب:
- تعرية الاستبداد بالكشف عن مرتكزاته الإيديولوجية والاجتماعية، واللاهوتية والفلسفية التي هيمنت على العقل السياسي.
-إعادة النظر في أصول الفقه السياسي الإسلامي، وإقرار نظام دستوري ديمقراطي ينفي ويتجاوز المحددات التقليدية التي تحكمت في العقل السياسي العربي، لأن العصر الراهن لا يحتمل غير أساليب الديمقراطية الحديثة التي هي إرث الإنسانية كلها.
- تحويل القبيلة إلى تنظيم سياسي اجتماعي، لإيجاد مجال جديد تمارس فيه السياسة، ويكون فيه التمايز بين الدولة والمجتمع المدني.
تحويل الغنيمة إلى ضريبة، أي تحويل الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد إنتاج في إطار سوق عربية مشتركة تفسح المجال لقيام وحدة اقتصادية بين الأقطار العروبية،هي وحدها الكفيلة بإرساء الأساس الضروري لتمنية عربية مستقلة.
- تحويل العقيدة إلى مجرد رأي، فبدلا من التفكير المذهبي الطائفي المتعصب الذي يدعي امتلاك الحقيقة، يجب فسح المجال لحرية التفكير وحرية الاختلاف، وبالتالي التحرر من سلطة الجماعة المغلقة (دينية أو حزبية ..) وبعث آليات جديدة للتعامل يحركها عقل اجتهادي نقدي.
- القيام بعملية نقد جدري للمحددات التقليدية للعقل السياسي العربي وأصول الفقه، لأنه بدون ممارسة هذه الأنواع من النقد بروح علمية، سيبقى كل حديث عن النهضة والتقدم في الوطن العربي حديث آمال وأحلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.