الجزائر توظف ورقة النفط والغاز لعرقلة موقف أمريكا من الصحراء المغربية    العلمي: "حل الدولتين" يوقف التطرّف    ولد الرشيد يثمن دعم "البرلاسين" للمغرب    نتائج بورصة البيضاء اليوم الخميس    مشاريع "اتصالات المغرب" و"وانا"    مشاريع استثمارية تبلغ 51 مليار درهم    مشروع قانون أمريكي: الجبهة إرهابية    مقتل 44 فلسطينيا بقصف إسرائيلي    سانشيز: غزة تشهد "إبادة جماعية"    الهزيمة الثالثة.. الوداد يودع مونديال الأندية بخسارة أمام العين الإماراتي    هيئة البت في قضية "إسكوبار الصحراء" تستدعي الفنانة لطيفة رأفت    تفكيك شبكة للهجرة السرية بالحسيمة    تعيين بنجلون مديرا للمركز السينمائي    ضجة الاستدلال على الاستبدال    كأس العالم للأندية: الوداد الرياضي ينهي مشاركته بهزيمة أمام العين الإماراتي    الوالي التازي يواصل حملة تحرير الشاطئ البلدي لطنجة    حفل جماهيري ضخم.. ديانا حداد تحقق رقمًا قياسيًا في الحضور بالمغرب    6 مليارات دولار و200 شركة تكنولوجية صينية في الأفق: المغرب يجذب استثمارات صينية غير مسبوقة في الصناعة والتكنولوجيا    الوزارة تدعم العمل الثقافي والمهرجانات بأزيد من 9 ملايين درهم سنة 2025    بولعجول يوضح شروط لوحات الترقيم للسير الدولي ويطمئن المسافرين المغاربة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    النيابة العامة تتحرك لتتبع صعوبات المقاولات    مرسوم جديد لتحديث وضعية أساتذة كليات الطب والصيدلة    الزيات يعلن ترشحه لرئاسة الرجاء ويعد بمرحلة جديدة مع تفعيل الشركة    المهندسون يحتجون في الرباط لتحسين أوضاعهم المهنية    بعد غياب 6 سنوات..المعرض الوطني للكتاب المستعمل يعود في نسخته الثالثة عشر بالدارالبيضاء    ادريس الروخ يشرع في تصوير مسلسل درامي جديد    الطالب الباحث عبد الفتاح موليم ينال شهادة الماستر في القانون العام بميزة مشرف جدا    الصحافي رضا بن جلون مديرا للمركز السينمائي المغربي            الحسيمة.. تحويط حريق بغابة "ثاندا إفران" وجهود متواصلة لإخماده    المجلس الأعلى للحسابات يشارك بجوهانسبورغ في قمة الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة لدول مجموعة العشرين    في الأمم المتحدة.. المغرب يدعو لتحرك جماعي لحماية المدنيين من الفظائع    عواصف عنيفة تضرب فرنسا وتخلف قتلى ودمارا واسعا    وفاة رجل أضرم النار في جسده وسط الشارع العام بطنجة إثر خلاف تجاري    مونديال الأندية.. إنتر يتفوق على ريفر بليت ويعتلي الصدارة ومونتيري يعبر برباعية    جمعيات تحذر الوزارة الوصية من "تفويت" 54 مركزا للشباب    عبد الكبير الخطيبي: منسي المثقفين    أسعار الذهب ترتفع وسط تراجع الدولار الأمريكي    الدين العام الفرنسي يتجاوز 3.3 تريليون يورو متجاوزا 114% من الناتج المحلي    إدانة رابطة مغربية لتأخير رحلة Ryanair بمطار الرباط    قضيتنا الوطنية.. حين يشيخ الخطاب وتتمرد المرحلة    توقعات طقس اليوم الخميس بالمغرب    مغاربة العالم يعقدون ندوة حوارية بباريس حول الورش الملكي الخاص بالجالية    معرض يستحضر الأندلس في مرتيل    "الحسنية" تأذن بسفر المدرب الجديد    الرباط تحتضن دوري الراحل بوهلال    طفل في كل فصل دراسي مولود بالتلقيح الصناعي ببريطانيا    احذر الجفاف في الصيف .. هذه علاماته وطرق الوقاية منه    سوق الكوكايين العالمية تحطم أرقاما قياسية    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. فلومينينسي يعبر إلى ثمن النهائي عقب تعادل سلبي أمام صنداونز    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة    عودة الدواجن البرازيلية إلى الأسواق المغربية بعد زوال المخاطر الصحية    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القراءة المجيزة
نشر في بيان اليوم يوم 05 - 06 - 2015

لا يخفى على أحد أن قراءة النص الأدبي متعددة بتعدد القراء والاتجاهات التي يمثلونها في القراءة، ولذلك يمكننا الحديث عن عدة قراءات للنص الواحد.
إن قراءة رواية مثلا مع التلاميذ في الإعدادي أو الثانوي، ليست هي القراءة نفسها التي أقوم بها مع طلبة الماجستير أو الدكتوراه، لكل قراءة أهداف ومقاصد محددة، لكن تقديم قراءة في ندوة ستختلف عن أخرى تقدم في محاضرة، وأحرى أن نتحدث، أيضا، عن قراءة أكتبها في جريدة أو مجلة سيارة، أو محكمة، أو أعدها لتكون في كتاب، قد تكون الخلفية النظرية التي أنطلق منها في أي قراءة واحدة، لكن تصريف تلك الخلفية يختلف بحسب المقام والسياق والتلقي، ومن بين هذه القراءات ما أسميها: القراءة المجيزة. استعملت مفهوم «القراءة المجيزة» أول مرة، حينما دعيت من لدن المركز الثقافي السعودي في الرباط لتقديم محاضرة، بعد ظهور نتائج أعمال لجنة جائزة البوكر للرواية التي راحت إلى محمد الأشعري ورجاء عالم، للحديث عن ملابسات أعمال اللجنة، ولماذا كان الاتفاق حول الروايتين، فكرت في هذا النوع من القراءة منذ مدة، لكن التجارب التي عرفتها في العديد من اللجان، وآخرها جائزة «كتارا للرواية العربية»، دعتني إلى اعتبار هذه القراءة ذات خصوصية، وبدون الانتباه إليها ستظل كل الأحاديث عقب نتائج أي جائزة تثير تحفظات ونقاشات لا طائل وراءها.
أعني بالقراءة المجيزة نوعا من القراءة يتصل بأعمال لجان الجوائز الأدبية عامة، التي تنتهي بمنح جائزة ما لعمل من بين عدة أعمال مترشحة، لقد تبين لي أن هناك عدة عوامل تتدخل في جعلها تؤشر على ترجيحها لفائدة عمل دون آخر، ومجموع هذه العوامل التي تكمن وراءها هي التي تحدد هذه القراءة، وقد تميزها عن غيرها.
إن أهم سمة تختلف بها القراءة المجيزة هي أنها أولا: جماعية (لجنة القراءة) لعدة أعمال بهدف فرز عمل متميز بمنحه الجائزة، قد تكون هناك مبادئ خاصة تحددها الأمانة العامة للجائزة «كتارا» مثلا، إما على شكل شبكة تقويمية تتحدد من خلالها عناصر معينة وتعطى لكل منها علامة، ومجموع العلامات هو الذي يحدد النص والفائز (ة) بحسب الترتيب، أو اعتماد مبادئ عامة تدققها لجنة الجائزة حسب أعضائها، وبما أن الأعضاء عادة ما يكونون متعددي المشارب والاتجاهات، فإن القراء سيختلفون بالضرورة في التقويم حسب الحساسيات النقدية والثقافية المتعددة، وهذه هي السمة الثانية، وتبعا للقدرة على الإقناع أو الدفاع عن وجهة نظر ما، من خلال النقاش الذي يكون بين أعضاء اللجان، يحصل التوافق عبر الإجماع أحيانا، أو التصويت أحيانا أخرى، فتذهب الجائزة إلى طرف دون آخر، وقد يؤدي التوافق إلى الحجب، السمة الثالثة.
تكشف هذه السمات الثلاث أننا أمام مفارقة: قراءة جماعية، مختلفة الحساسيات، تسعى إلى التوافق، قد يكون هذا الاختلاف إيجابيا حينا، وسلبيا حينا آخر، وهنا تكمن المفارقة: حصول التوافق بين المتخالفين والمختلفين، فلو كانت الجائزة يمنحها قارئ واحد لكان لردود الفعل «السلبية» ما يبررها؟ لكن القراءة الجماعية لا يمكن إلا أن تعكس آراء الجماعة، حسب رجحان كفة أصحابها، لذلك فالمعول عليه، ليس هو البحث عن لجنة لا تقوم على الاختلاف، ولكن على لجنة ذات مصداقية، وهذه هي المعضلة الكبرى التي تعترض الأمانات العامة المنظمة للجوائز.
لا تبرز مصداقية اللجنة فقط في ضوء أسماء أعضائها أو تخصصهم، ولكن أيضا، في مدى الالتزام بخصوصية القراءة المجيزة وملاءمتها لأهداف الإجازة، وعندما لا تكون المصداقية مرتبطة بقيمة العمل في ذاته، بغض النظر عن صاحبه، تتدخل الحساسيات المختلفة والمتناقضة، التي يخطئها العد، في التقويم: بعضهم يريد الجائزة لعضو من قطره، وآخر لا يريدها لأي كان ينتمي إلى قطره، كما أن بعضهم يستبعد آخر لأسباب شخصية أو سياسية أو ثقافية، وآخر ينطلق من الأسباب نفسها لجعلها لفائدة أحدهم، وهكذا دواليك، تتعدد الأسباب والفوز واحد؟
من الصعوبة بمكان الحديث عن «موضوعية» القراءة المجيزة، سواء كانت غربية أو عربية، غير أنه متى تم تغليب الموضوعية على الذاتية كان عمل اللجنة موفقا، وقد يحظى بالقبول على المستوى العام، لكن متى غلبت الذاتية كان ذلك مضرا بالجائزة، وكانت القراءة المجيزة موجهة لأسباب خاصة لا تخدم أغراضها النبيلة.
إن الارتقاء بالقراءة المجيزة، وتدقيق مبادئها لتتلاءم مع أهدافها البعيدة (ترجمة، تحويل إلى عمل درامي) من لدن ممارسيها، إلى المستوى المنشود مطلب حيوي، لأنه يبين بالملموس أن المكافأة ترصد للأعمال الجادة والجيدة، لأنها تسهم في تطوير الإنتاج العربي وتقدمِه خدمةً للمستقبل العربي، وحين يبرز من خلال نتائج لجان الجوائز ما يبرهن على مصداقيتها يرفع ذلك من مستوى الجائزة بين المترشحين، ويحد ذلك في الوقت نفسه من الترشح لأي كان لأنه سيدرك، من تلقاء نفسه، أنه دون المنافسة، وعليه بذل المزيد من الجهد قبل أن يترشح، وإلا فإنها ستتحول إلى «ضربة حظ» يرى كل واحد نفسه، مهما كان إنتاجه، مؤهلا لمصادفتها، وقد تصادفه؟
*عن الصفحة الاجتماعية للكاتب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.