الحكومة تكشف حصيلة المستفيدين من الدعم المباشر لمربي الماشية    المغرب يدعو لمحاربة تجنيد الأطفال    بورصة البيضاء تغلق التداولات بخسارة    المغرب يترأس المجلس الدولي للزيتون    تكريم فريق جمعية الأوائل للأطفال للأطفال في وضعية إعاقة إثر ظفره بكأس العرش لكرة القدم داخل القاعة    تحقيق إسباني يكشف استعمال النفوذ للحصول على صفقات في المغرب وخلفيات ذكر اسمي اعمارة ورباح    وزارة الصحة تطلق المنصّة الوطنية لرصد وفيات الأمهات والمواليد الجدد    أجهزة قياس السكر المستمر بين الحياة والألم: نداء أسر الأطفال السكريين لإدماجها في التغطية الصحية    أشبال الأطلس ضد البرازيل: معركة حاسمة نحو نصف النهائي    سيراليون ترحب بالقرار الأممي 2797 خلال مباحثات بوريطة وكابا بالرباط    بايتاس: 756 ألف مربي ماشية استفادوا من دعم بقيمة 3,17 مليار درهم    الحكومة تقر "تنظيم مهنة العدول"    مجلس الحكومة يصادق على تعيينات جديدة في مناصب عليا    المغرب يحل ثالثا وفق مؤشر الأداء في مجال التغير المناخي (CCPI)            النيابة العامة توجه منشورا لتوضيح مستجدات المسطرة الجنائية    جمعية "السرطان... كلنا معنيون" بتطوان تشارك في مؤتمر عالمي للتحالف الدولي للرعاية الشخصية للسرطان PCCA    الفنان المغربي إِلياه والنجم المصري محمد رمضان يجتمعان في أغنية جديدة    السكتيوي يعلن الجمعة لائحة الرديف    النيابة العامة تفك خيوط تزوير عقود "فيلا كاليفورنيا" وتلتمس إدانة المتهمين    فرنسا تعرض نشر قوة درك في غزة    في الحاجة إلى فلسفة "لا"    تفكيك شبكة لترويج المخدرات بطنجة وحجز أكثر من 4400 قرص مخدر    برلمانية تسائل وزير التجهيز والماء حول "سرقة المياه الجوفية" بتارودانت    بونو وحكيمي يجسدان المجد المغربي    منظمة الصحة العالمية تحذر من الزيادة السريعة في استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية    ناسا تكشف عن صور جديدة للمذنب 3I/Atlas القادم من خارج النظام الشمسي    الأمن الوطني ينفي شائعة تعرض طفل للعنف داخل مدرسة بالمغرب ويؤكد تداول الفيديو وقع خارج البلاد    الإنصاف أخيرا لأشرف حكيمي..    وزارة الاقتصاد والمالية تصدر ميزانية المواطن لسنة 2026    تدشين غرفة التجارة المغربية بإيطاليا في روما    غوغل تطلق أداة جديدة للبحث العلمي    مناورات مشتركة بين قوات المارينز الأميركية ونظيرتها المغربية تختتم في الحسيمة    المنتخب النسوي للفوتسال يجري آخر حصة تدريبية قبل لقاء الأرجنتين    الملك يبارك اليوم الوطني لسلطنة عمان    منتخبات ‬وفرق ‬وطنية ‬تواصل ‬التألق ‬وتخطيط ‬متواصل ‬يجعل ‬من ‬كرة ‬القدم ‬رافعة ‬تنموية ‬كبيرة    مونديال 2026.. جزيرة كوراساو الضيف المفاجأة    تقرير: نصف عبء خدمة الدين الطاقي في إفريقيا تتحمله أربع دول بينها المغرب    أوكسفام: "ثروات الأثرياء" في ارتفاع    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    منظمة الصحة تحتاج إلى مليار دولار    لفتيت: الدولة تقف على مسافة واحدة من الجميع والمنظومة الجديدة تحصّن الانتخابات    كأس ديفيس: المنتخب الايطالي يتأهل لنصف النهاية على حساب نظيره النمساوي    معمار النص... نص المعمار    لوحة لغوستاف كليمت تصبح ثاني أغلى عمل فني يباع في مزاد على الإطلاق    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يعلن عن تشكيلة لجنة التحكيم    "صوت هند رجب" يفتتح مهرجان الدوحة السينمائي2025    مهرجان الناظور للسينما والذاكرة المشتركة يخلد اسم نور الدين الصايل    الأكاديمية الفرنسية تمنح جائزة أفضل سيرة أدبية لعام 2025 إلى الباحث المغربي مهدي أغويركات لكتابه عن ابن خلدون    القصر الكبير تاريخ مجيد وواقع بئيس    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    ارتفاع معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احتفالات "ايض ايناير2967" بين النظرة الفلكلورية والتسويق السلبي للثقافة الأمازيغية.

لا نختلف البتة في الأصول الأمازيغة لشعوب شمال إفريقيا، لا نختلف في تنوع المورد الثقافي الأمازيغي لسكان المغرب الأحرار، لا نختلف إذا ما أعدنا صيانة تركيبة بناء التاريخ الامازيغي المغربي المسكوت عنه بالتغاضي مرة، أو بالمسح عنوة من ذاكرة الهوية الجماعية مرات عديدة.
نعم، الطفرة النوعية والكمية للحريات بالمغرب، أنشأت معها أعمدة نور جديدة كاشفة عن الموروث الثقافي الامازيغي المغربي، أنشأت معها جمعيات من المنتظم المدني تحمل هم إعادة تشكيل بناء هرمية التاريخ المغربي القديم. لكن الأمر الذي لا يستساغ عند التفكير في حدوده المعرفية، تلك البهرجة الاحتفالية الزائدة على النمط الحياتي الامازيغي، لنقر ولو بالشك أن تلك الأنشطة الاحتفالية الدخيلة هي التي تساهم في قتل وطمس الرصيد الرزين للمأثور الثقافي الامازيغي المغربي.
لما آثارنا طرح فرضيتنا الأولى بكشف مسلك مخالفتنا لإخواننا في الجمعيات المدنية الأمازيغية العاملة في الحقل الاجتماعي/ البيئي ، لما نتوجس خوفا من فقداننا لأصدق التعبيرات الاحتفالية للأسر الامازيغة البسيطة؟، لما نركب الفلكرة الزائفة ونسوق منتوج صورة تجانب حقيقة الهوية الامازيغية الشامخة بالمغرب؟، لما نغرق الذاكرة المغربية بنمذجة من "الشطيح" في حين المغرب العميق يعيش أزمة حياة كرامة وعدل وإنصاف؟ لما لا نجمع بالنبش عن شتات المأثور الشفهي الامازيغي ببساطته وحمولته التاريخية كذاكرة هوية دون موائد مستديرة؟.
من حق كل الشعوب عيش لحظة فرح واحتفال، من حقنا جميعا الاعتراف بثقافة الآخر والتساكن معها بالمعروف. لكن ليس من حقنا تقزيم ثقافة شعب برمته والاحتفال به فوق منصات مشعة بالأنوار، ليس من حقنا سحب بساط الاحتفال من الأسر الأمازيغية المغربية البسيطة إلى الفنادق المصنفة، ليس من حقنا إعدام ثقافة الاحتفال الأسرية الداخلية وتحويلها إلى الساحات العمومية. هي ذي الحقيقة التي تغيب عنا وتنكص الفعل الثقافي الامازيغي المتجذر في قدم الماضي ، هي ذي الحقيقة التي تعادينا من كشف غطاء المستور والمسكوت عنه داخل الأسر المغربية الأمازيغية.
نتساءل بخفة روح، هل نحن أدمنا الاحتفالات عبر مهرجانات ومنصات "الشطيح" والخطابات المنمقة؟، هل نحن نساهم في إحياء ثقافة الأمجاد أم نضحي بها قتلا بشهب اصطناعية؟ لما نحتفي ببذخ وترف في فنادق مدينة مصنفة ونتحدث عن الديك الرومي "ايض ايناير2967" عند الأسر الامازيغية البسيطة في البوادي؟، هل نحن نزكي الفكر النخبوي داخل الموروث الثقافي الامازيغي المغربي بين احتفالات "جمعيات"مدن، وأسر امازيغية توجد عند كل نقطة أبعد في المغرب العميق؟.
ممكن أن كلامنا لحدود التساؤلات الوصفية الثانية التي أوردناها، لم ولن تروق لكل القيمين بربوع الوطن من المنظمات المدنية والجمعوية - (العاملة ضمن الحوض الثقافي الامازيغي) - التي جعلت من امتداد مهامها الأساسية احتفالات بحلول رأس السنة الامازيغية الجديدة تحت أضواء كاشفة وكاميرات توثق الانفصام القطعي عن الوضعية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمكون الامازيغي المغربي الحقيقي.
فلن نبتعد كليا إذا ما شمل حديثنا مفهوم الوجود الامازيغي وأثره. وجود لن يغطيه غربال الاحتفال بالشهب الاصطناعية، وجود لن يرفع عن كل أمازيغي بأعالي الجبال الإكراهات ووضعيات التهميش الذي يكابدها يوميا في حياته الفردية والجماعية، وجود لن نتلاعب به سياسيا ولا ثقافيا ولا لغويا، بل حق القول من الوجود الذي نبحث عنه هو تمرد على الواقع البئيس لأوضاع المغرب العميق، هو البحث عن صون الكرامة بأعمق نقط في الخريطة الوطنية، هو العدل في الفرح وملذات العيش، هو الإنصاف في الرفع من المستوى المعيشي للمغرب الجانبي والهامشي، هو تضامننا المطلق مع الأسر التي تعيش الكفاف والبرد وقلة حيلة اليد ونحن بربطة العنق ندعوها للاحتفال والتفكير في الهوية الورقية، أية قيمة عملية لتلك الهوية؟ إنها المفارقات الآتية.
ميزانية الاحتفالات بحلول السنة الأمازيغية الجديدة تزيد حجما سنة بعد سنة بربوع المملكة عند الجمعيات التي تتزعم النهوض بالثقافة الامازيغية. احتفالات نقلت من العفوية الأولية إلى خدمة أجندات خفية وعلنية إلا لماما. انتقلت من إحياء الذاكرة الجماعية الامازيعية بوسطها الطبيعي، إلى سرقتها بالجر من الوسط الأسري وتقديمها في طابق برنامج فولكلوري هجين بمنصات نصبت بمكبرات الصوت. إنها ميزانيات تصرف بين ليلة وضحاها وتنمحي ذاكرتها من الذكرى.
لنفترض ثانية لو كانت هناك نيات حسنة مجتمعة في غاية التأسيس وبمؤشرات وظيفية سليمة، لكانت تلك الميزانيات المحصل عليها للاحتفال تكون دعما اجتماعيا لأسر أمازيغة لا تحتاج خاتم الاحتفال، وإنما هي في حاجة ماسة إلى لباس وسكن وتطبيب، وتعليم جيد، وفك لعزلة طولت عقودا من الزمن.
ألف تحية بحلول "ايض ايناير2967" لكل مواطني المغرب بالشمل والتعايش السلمي، وكل عام وأنتم بخير، يا من أوتادكم لا زالت تدق في أرض الأجداد زيتونا، يا من تحتفلون في وسط أسري وقبلي بسيط، يا من يجعل من القيمة الجوهرية لرأس السنة الامازيغة منطلقا للتضامن والتآزر بين الأسر والقبائل الامازيغية.
دعوتي الصادقة، اتركوا للأسر الامازيغية تقاليدها الحصينة بالنقل الشفهي والمناولة البسيطة، اتركوا للعادات التاريخية بهجتها السليمة في نفوس كل الأمازيغ، دعوتي بالفطرة، بأن لا تسرقوا فرحة أمازيغ المغرب العميق بتسويق باذخ واحتفالات مفبركة تساهم في قتل الموروث الثقافي الامازيغي المغربي العام لا في إحيائه، دعونا جميعا من البهرجة المعيارية فوق منصات ليس لها مع "ايض ايناير2967" إلا ليلة واحدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.