“جرائم قتل وايت تشابل”.. تحفل سجلات الشرطة البريطانية، بملفات تحمل هذه الكلمات، كعنوان لمجموعة من الجرائم التي وقعت بين عامي 1888، و1891، دون تدخل الشرطة أو القبض على القاتل. ويعرف القاتل الذي تنسب إليه بشكل مؤكد 5 جرائم قتل، من بين 11 جريمة وقعت ضد النساء، في الطرف الشرقي من مدينة لندن، خلال الفترة المذكورة، باسم “جاك السفاح”، فيما أكدت التقارير أن جميع الضحايا كنّ من العاهرات.
واليوم وبعد مرور 130 عاما، على تلك الجرائم البشعة، تنفي المؤرخة “هالي روبينهولد”، الهوية الاجتماعية، التي جمعت بين الضحايا “جاك السفاح”، وذلك في كتاب بحثي جديد لها أطلقت عليه اسم “الخمسة”.
وألقى تقرير نشرته صحيفة “ذا تليغراف” البريطانية، الضوء على كتاب المؤرخة “هالي روبينهولد”، الذي تشير فيه إلى أن رجال الشرطة والباحثين، ارتكبوا خطأ كبيرا في تحقيقاتهم، حول ضحايا “جاك السفاح” الخمس وهن: ماري آن نيكولز، وآني تشابمان، وإليزابيث سترايد، وكاثرين إدوديس وماري جين كيلي، اللاتي وصفن جميعا بأنهن عاهرات.
وقالت في كتابها إن التركيز على الوصول إلى معرفة القاتل، أدى إلى إهمال بعض الحقائق، مثل أن 3 نساء من الضحايا، كان لديهن وظائف شريفة ولم يكنّ جميعهن عاهرات.
وقالت “هالي” إن هذه الفترة الزمنية، كانت فترة قاسية على المرأة التي لم تحظ بالاحترام آنذاك، وكانت تعامل كمواطنة من الدرجة الثانية، وكتبت على صفحتها الخاصة بموقع التغريدات القصيرة “تويتر”: “ماري جين كيلي كانت تعمل في بيوت الدعارة، ومن غير المؤكد ما أشيع عن أن إليزابيث سترايد مثلها، لكن الثلاثة الآخرين لم يكنّ عاهرات نهائيا”.
“الجرائم الخمس”.. أكثر طرق القتل بشاعة وقعت جرائم قتل كثيرة ضد النساء في تلك الحقبة الزمنية، إلا أن خمس جرائم منها، نُسبت بآراء الخبراء، إلى الشخص ذاته، الذي عُرف باسم “جاك السفاح”، والذي تميزت جثث ضحاياه بوجود جروح عميقة في الحلق، وتشويهات في الأعضاء التناسلية والبطن، وإزالة الأعضاء الداخلية، وتشويه الوجه، وكل جرائمه كان يرتكبها ليلاً.
وعثر على جثة “ماري آن نيكولز” يوم 31 غشت عام 1888، في طريق باك في وايت تشابل، وكان حلقها مقطوعا بجرحين عميقين، وكان الجزء السفلي من بطنها ممزقا ومجروحا بعمق خشن، كما كانت هناك عدة جروح أخرى، في بطنها جرحت بها باستخدام السكين نفسه.
أما “آني تشابمان” فعثر على جثتها يوم 8 سبتمبر عام 1888، في شارع هانبيري سبيتالفيلدز، وكان حلقها مقطوعا بجرحين عميقين أيضا، وبطنها كان مفتوحا بالكامل، وتبين فيما بعد أن رحمها أزيل أيضا.
وفي أواخر سبتمبر، من العام ذاته، عثر على الضحيتين الثالثة والرابعة معا، “إليزابيث سترايد”، و”كاثرين إدوديس” في وايت تشابل، حيث قتلت “سترايد” بقطع واحد وواضح للشريان الرئيس الموجود في الجانب الأيسر من الرقبة، ولم يكن لديها جروح في البطن، ومن المرجح أن شيئا ما تسبب في مقاطعة السفاح أثناء عملية القتل، أما “إيدوس” فقد عثر على جثتها بعد قرابة ساعة، وكان حلقها مقطوعا، وكان بطنها مفتوحا بجرح طويل عميق وخشن، وكانت كليتها اليسرى وجزء كبير من رحمها أزيلا، وأطلق على هذه الجريمة “الحادث المزدوج”.
وفي التاسع من نوفمبر من نفس العام، عثر على جثة “ماري كيلي” مشوهةً تشويهاً شنيعاً، حيث تم تقطيع وجهها بشكل مقزز، وكانت ملقاة على السرير في الغرفة التي كانت تعيش فيها، وكان حلقها قد قطع وصولاً إلى العمود الفقري، وفُرغ بطنها من أعضائه كلها تقريباً، كما أن قلبها كان مفقوداً.
“جاك السفاح”.. طبيباً أم جزاراً.. أم من القصر الملكي؟! وظهر اسم “جاك السفاح” مع ظهور رسالة كتبها شخص يدّعي أنه القاتل، ونشرت في وسائل الإعلام، لكن يعتقد بقوة أن هذه الرسالة كانت مجرد خدعة، وفي ذلك الوقت، اشتبهت الشرطة في أن السفاح ربما يكون جزارًا، نظرًا للطريقة التي قتل بها ضحاياه، واكتشاف جميع الجثث بالقرب من أحواض بناء السفن.
وبما أن جرائم القتل كانت تكثر في عطلة نهاية الأسبوع والعطلات الرسمية، وتنتشر في شوارع قريبة من بعضها البعض، اعتقد الكثيرون أن السفاح كان موظفا في وظيفة منتظمة، وأنه كان من سكان المنطقة المحليين، وكان يعتقد أيضا أن “جاك السفاح” طبيب حيث قطع أجساد ضحاياه بشكل محترف، وأزال أجزاء منها، وكان من أبرز المشتبه بهم السير “ويليام جول” الطبيب الملكي.
واعتقد آخرون أن القاتل كان رجلاً مثقفاً، من الطبقة العليا يأتي إلى “وايت تشابل” من منطقة أكثر رقياً، لذا كان هناك أكثر من 100 رجل اعتبروا من المشتبهين المحتملين آنذاك، من أشهرهم الكاتب “لويس كارول”، ومن بين الأسماء التي ارتبطت بالسفاح من القصر الملكي، كان جراح الملكة فيكتوريا السير “جون وليامز”، بل وصل الأمر إلى الاشتباه في الأمير “ألبرت فيكتور” دوق كلارنس، وحفيد الملكة فيكتوريا.
ورغم كل هذه الأسماء التي اشتبه بها، فإن الشرطة البريطانية لم تتمكن من العثور على أي خيط يقود إلى دليل مؤكد يصل بها إلى الجاني ويكشف هويته.