الملك: "الأطلسي" تعزز التعاون الإفريقي    رويترز: قطر قد تغلق المكتب السياسي لحماس في الدوحة كجزء من مراجعة أوسع لوساطتها بحرب غزة    دياز يقرب ريال مدريد من لقب "الليغا"    لقجع يكشف سبب إقالة خليلوزيتش قبل أشهر من انطلاق كأس العالم 2022 وتعيين الركراكي    ربحو بطولة الصبليون: دياز توج بأول لقب مع ريال مدريد    الدور السري لنجم المنتخب المغربي في إقناع لامين يامال باللعب للأسود    تعاون مغربي إسباني يحبط تهريب الشيرا    افتتاح معرض يوسف سعدون "موج أزرق" بمدينة طنجة    حكومة أخنوش في مرمى الانتقاد اللاذع بسبب "الاتفاق الاجتماعي"    برلمانية تجمعية تنوه بدور "فرصة" و"أوراش" في الحد من تداعيات كورونا والجفاف على التشغيل    فرنسا.. قتيل وجريح في حادث إطلاق نار في تولوز    ابتدائية مراكش تصدر أحكامها في قضية وفاة فتاة بإحدى الفيلات الراقية والجمعية تستنكر الأحكام المخففة    استيراد الأضاحي سيفيد المنتجين الاوروبيين اكثر من المستهلكين المغاربة    ارتفاع حركة النقل الجوي بمطار الداخلة    سمرقند تحتضن قرعة مونديال الفوتسال    بونو يقترب من رقم تاريخي في السعودية    "دعم السكن" ومشاريع 2030 تفتح صنابير التمويل البنكي للمنعشين العقاريين    تونسيون يتظاهرون لإجلاء جنوب صحراويين    مادة سامة تنهي حياة أربعيني في تزنيت    تعيينات جديدة فال"هاكا".. وعسلون بقى فمنصب المدير العام للاتصال    كأس الكونفدرالية الافريقية .. طاقم تحكيم كيني يدير مباراة نهضة بركان ضد الزمالك    تتويج الفائزين بالنسخة الثانية من جوائز القدس الشريف للتميز الصحافي في الإعلام التنموي    تحديات الذكاء الإصطناعي.. وآليات التوجيه    هل تبخر وعد الحكومة بإحداث مليون منصب شغل؟        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    الوكالة الحضرية لتطوان تواصل جهود تسوية البنايات غير القانونية    العصبة المغربية لحقوق الإنسان تدعو لحماية الصحفيين وتوسيع مجال الحرية    106 مظاهرات في عدة مدن مغربية لدعم غزة والإشادة بالتضامن الطلابي الغربي    صناديق الإيداع والتدبير بالمغرب وفرنسا وإيطاليا وتونس تعزز تعاونها لمواجهة تحديات "المتوسط"    عبد النباوي كيطالب من المحامين باش يساهموا فمكافحة جرائم "غسل الأموال" وبغا يكون التزام أخلاقي ومهني على تقييم المخاطر    سيناريو مغربي ضمن الفائزين بالدعم في محترفات تطوان    كنوز أثرية في تطوان.. فيسفاء متولوجية وأمفورات ونقود قديمة    بطل "سامحيني" يتجول في أزقة شفشاون    صندوق الإيداع يشارك في اجتماع بإيطاليا    مهرجان الدراما التلفزية يفتتح فعاليات دورته ال13 بتكريم خويي والناجي (فيديو)    وزير العدل طير رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية فتاونات بعد فضيحة اختلاس 350 مليون من الصندوق    صديقي يزور مشاريع تنموية لقطاع الورد العطري بإقليم تنغير    انتهى الموضوع.. طبيب التجميل التازي يغادر سجن عكاشة    بمشاركة مجموعة من الفنانين.. انطلاق الدورة الأولى لمهرجان البهجة للموسيقى    وزيرة المالية تجري مباحثات مع أمين عام منظمة "OECD"    مؤجل الدورة 26.. المغرب التطواني في مواجهة قوية أمام نهضة بركان    إلغاء الزيادات الجمركية في موريتانيا: تأثيرات متوقعة على الأسواق المغربية    الصين تطلق المركبة الفضائية "تشانغ آه-6" لجمع عينات من الجانب البعيد من القمر    تقرير أمريكي يكشف قوة العلاقات التي تجمع بين المغرب والولايات المتحدة        كيف تساعد الصين إيران في الالتفاف على العقوبات الدولية؟    أزيلال.. افتتاح المهرجان الوطني الثالث للمسرح وفنون الشارع لإثران آيت عتاب    خبير تغذية يوصي بتناول هذا الخضار قبل النوم: فوائده مذهلة    الأمثال العامية بتطوان... (589)    دراسة… الأطفال المولودون بعد حمل بمساعدة طبية لا يواجهون خطر الإصابة بالسرطان    المغرب يسجل 13 إصابة جديدة بكورونا    دراسة تربط الغضب المتكرر بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب    العقائد النصرانية    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة استباقية في رواية «الجنيس» لعبد الحميد البجوقي
نشر في شمال بوست يوم 11 - 01 - 2021

أن يهديك ذو قلم كتاباً له حديث النشر، فتلك سُنّة سار عليها معشر الأدباء والمبدعين مذ أن كانوا. أمّا أن يهبك أخو ثقة آخر بنات إبداعاته الأدبية وهي لاتزال تحت مخاض الطبع، فتلك لعمري مبادرة لا يفعلها إلّا أديبٌ مثقفٌ أصيل، سخيّ الجانب، ثمين المعدن، صادق السريرة، من طينة الكاتب المفكّر، والمناضل الملتزم، والناشط السياسي والحقوقي، السيد عبد الحميد البجوقي.
هكذا أبى هذا الجواد الشهم الكريم إلا أن يُشرفّني بنسخة رقمية من آخر إنجازاته السردية قبل أن تُخرجها مطابع «سليكي أخوين» ورقيّا إلى عموم القرّاء. وهي التفاتة نبيلة تحمل أكثر من دلالة، لاأملك للتعبير عن وقعها الجميل على مشاعري سوى الشكر الجزيل والامتنان الكبير لأخينا وصديقنا عبد الحميد على هذه الثقة الاستثنائية الغالية.
تحمل الرواية عنوانا جذّابا يتألف من كلمة واحدة فقط، (الجنيس)، وهي أول مرة يتخلّص فيها المبدع عبد الحميد من العناوين المزدوجة التي طبعت رواياته السابقة. وعلى امتداد فصول الرواية الخمسة والعشرين، يعود الكاتب مرّة أخرى إلى طرق موضوع المنفى والتشظي والاغتراب الذي لازمه طيلة ثلاثيته الرائعة: (عيون المنفى أو المورو خايمي)، (حكايات المنفى أو عبسليمو النصراني)، (موت في المنفى أو المشي على الريح)، وهي الثلاثية التي منحت عبد الحميد البجوقي ما يُشبه التخصّص، بين الروائيين المغاربة الحاليين، في صياغة تجربة المنفى والهُويّة والانتماء صياغة تخييلية جمالية بامتياز.
عوالم مضطربة ومتصارعة يعمل الكاتب على ضبط إيقاعها بسرد سينمائي رشيق
تتألّف (الجنيس)،حسب النسخة الرقمية التي بين يديّ، من مائة واثنين وستين صفحة. وهذا ما يجعلها على الحدود بين الرواية القصيرة (Nouvelle) والطويلة (Roman). وعبر صفحاتها المتوسطة الطول، تنسج الرواية حكاية «سهيل» و«سهام»، الأخوين اللذين قذفت بهما قوارب الموت من شواطئ أقصى الشمال المغربي إلى أراضي الجارة الإيبيرية، ليجدا نفسيهما في قلب العاصمة مدريد محاصرين بين مطرقة قوانين الهجرة غير الشرعية، وسندان تهمة الاعتداء البدني العنيف على مواطنة إسبانية.
حكاية «سهام» وأخيها، ذكّرتني بحكاية «بيانكا» وشقيقها في رواية قصيرة للروائي التشيليني الكبير «روبيرطو بولانيو» تحمل عنوان (حكاية هامشية)، حيث يواجد البطلان المراهقان اليتيمان، داخل السراديب السفلى للعاصمة الإيطالية روما، عالما يسوده الانحراف والجريمة وتبدّل منطق القيم. وعلى الرغم من الاختلاف التيماتي والبنائي والأسلوبي بين روايتي «بولانيو» و«البجوقي»، فإنّ ما يجمعهما دلاليا، هو هذا النزول إلى العوالم التحتية للشخصيات الروائية، والرغبة في استكشاف تلك المناطق المُعتّمة من المصائر البشرية حيث تعمل قوى الشرّ على تدمير الكائن البشري وتجريده من آخر ما تبقّى له من آدميته.
رواية (الجنيس) رغم قصرها، فهي غنيّة بتعدّد موضوعاتها (مآسي الهجرة السرية، نضالات الدفاع عن حقوق المهاجرين، التسامح والاستغلال الديني، مواقف اليمين واليسار الإسباني من قضية الهجرة .. )، وتنوّع فضاءاتها (مدريد، الدار البيضاء، تطوان، مرتيل ..)، وفسيفساء شخصياتها (مهاجرون، سماسرة، ناشطون حقوقيون، محامون، ضباط مباحث، رجال دين ..). عوالم مضطربة ومتصارعة يعمل الكاتب على ضبط إيقاعها بسرد سينمائي رشيق، يعمد فيه إلى تقطيع الحدث المحوري إلى مجموعة من المشاهد واللقطات تكسّر خطية الزمن، وتبعثر تفاصيل الحكاية الواحدة التي على القارئ إعادة ترتيب عناصرها وتوليف أجزائها وفق نسق متجانس يستجيب لمنطق أفق انتظاره .
رواية (الجنيس)، وهي تُعيد طرح أسئلة سابقة حول إشكالية المنفى والاغتراب ومعنى الوطن، إنّما تبادر في نهايتها بالإعلان عن انتصار الحب على الكراهية، وميلاد حياة جديدة تخرج من رحم الرحيل والعذاب والموت، لتنطلق في رحاب أوسع تحفُّها المحبة والحرية والكرامة الإنسانية.
فهنيئا للمبدع عبد الحميد البجوقي بهذا المنجز الروائي الذي لا يليق سوى بالكبار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.