مجلس النواب يصادق على مشروع قانون المالية 2026 برمته بأغلبية 165 ومعارضة 55 نائبا ولا أحد امتنع عن التصويت    الطرق السيارة بالمغرب.. افتتاح فرع مفترق سيدي معروف بمعايير هندسية وتقنية دقيقة    إطلاق المرحلة الثالثة من تذاكر "الكان"    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    أبوظبي.. ثلاثة أعمال أدبية مغربية ضمن القوائم القصيرة لجائزة "سرد الذهب 2025"    ملعب طنجة.. الصحافة الدولية تسميه "ابن بطوطة" ومطالب محلية بتثبيت الاسم رسميًا    أمطار رعدية ورياح قوية بعدة مناطق    مبديع أمام محكمة الاستئناف: معاملات فلاحية وراء ثروتي.. ولست "شفاراً"    ملعب طنجة الكبير، صرح رياضي عالمي بمعايير "فيفا 2030"    المكتب الوطني المغربي للسياحة يستقطب المؤتمر السنوي لوكلاء السفر الهولنديين إلى المغرب    وزارة الصحة تطلق حملة وطنية للكشف والتحسيس بداء السكري    أكثر من 170 لاعباً يحتجون في الدوري الكولومبي بافتراش أرض الملعب    إحباط محاولة لاغتيال أحد كبار المسؤولين الروس    جنوب إفريقيا تحتجز 150 فلسطينيا    فرنسا.. مقتل شقيق الناشط البيئي أمين كساسي في مرسيليا رميا بالرصاص    المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب يقوي ويؤمن تزويد مدينة طانطان والمناطق المجاورة لها بالماء الشروب    قتيل وجرحى في حادثة سير بإقليم سطات    بوانوو: بلاغ وزارة الصحة لم يحمل أي معطى حول شبهة تضارب المصالح ولم يشرح التراخيص المؤقتة للأدوية التي يلفها الغموض التام    الصناعات الغذائية.. مسؤول حكومي: "التعاون المغربي-الإسباني رافعة للفرص أمام المصدرين المغاربة"    شَرِيدٌ وَأَعْدُو بِخُفِّ الْغَزَالَةِ فِي شَلَلِي    متابعة "ديجي فان" في حالة سراح    بطولة اسكتلندا.. شكوك حول مستقبل المدرب أونيل مع سلتيك    دراسة: ضعف الذكاء يحد من القدرة على تمييز الكلام وسط الضوضاء    موقع عبري: الجالية اليهودية في المغرب تفكر في استخراج جثمان أسيدون ونقله إلى مكان آخر بسبب دعمه ل"حماس"    الملك يهنئ خالد العناني بعد انتخابه مديرا عاما لليونسكو    لوديي: تراجع حصة ميزانية الدفاع من الناتج الداخلي الخام رغم ارتفاع الغلاف المالي إلى 73 مليار درهم وإطلاق 10 مشاريع صناعية دفاعية    روما.. المغرب يمثل إفريقيا في اللجنة التنفيذية للدستور الغذائي    شركة الإذاعة والتلفزة تسلط الضوء على تجربة القناة الرابعة في دعم المواهب الموسيقية    حرائق غابات ضخمة في الجزائر تهدد حياة السكان والسلطات تتحرك    الحكم على سائق "إندرايف" سحل شرطيا ب11 شهرا حبسا وغرامة مالية    الإطار الاستراتيجي لتعامل الصحراويين مع مقترح الحكم الذاتي المغربي: دروس من التجربة الكتالونية    استفادة "تجار الأزمات" من أموال الدعم.. الحكومة تقر بوجود ثغرات وتؤكد ضرورة تصحيح اختلالات المقاصة    تصفيات مونديال 2026.. مدرب إيرلندا بعد طرد رونالدو "لا علاقة لي بالبطاقة الحمراء"    منتشين بفوزهم الساحق على كاليدونيا.. أشبال الأطلس يتحدون أمريكا لمواصلة الحلم    عمال راديسون الحسيمة يستأنفون احتجاجاتهم بعد فشل الحوار ويكشفون "مقترحات مجحفة" لإقصائهم    إدارة مستشفى محمد الخامس بالجديدة توضح: جهاز السكانير متوفر والخدمات الطبية مفتوحة للجميع    سعيد بعزيز: لوبي الفساد تحرك داخل البرلمان وانتصر في إدخال تعديلات لفائدة مقاولات التأمين    بأغلبية 165 صوتا.. مجلس النواب يقر الجزء الأول من مشروع قانون المالية    استغلال إصلاحات الإنارة يثير جدلا سياسيا بمكناس وحزب فدرالية اليسار يطالب بفتح تحقيق    بوعلام صنصال بعد الإفراج: "أنا قوي"    نقابات مركز التوجيه والتخطيط تتهم الإدارة بالتضليل وتطالب بالتحقيق في اختلالات التسيير    رشق الرئيس السابق لاتحاد الكرة الإسباني بالبيض في حفل إطلاق كتابه    استطلاع: 15% من الأسر المغربية تفضل تعليم الأولاد على الفتيات.. و30% من الأزواج يمنعون النساء من العمل    المركز الثقافي الصيني بالرباط يُنظّم حفل "TEA FOR HARMONY – Yaji Cultural Salon"...    منح 10 تراخيص لمشاريع الصناعة الدفاعية بقيمة 260 مليون دولار.. و5 أخرى قيد الدراسة (لوديي)    مدير المخابرات الفرنسية: المغرب شريك لا غنى عنه في مواجهة الإرهاب    تحطم مقاتلة يصرع طيارين في روسيا    المسلم والإسلامي..    الترجمة الفلسفية وفلسفة الترجمة - مقاربة استراتيجية    سدس عشر نهائي مونديال قطر لأقل من 17 سنة.."أشبال الأطلس" يرغبون في الزئير بقوة أمام المنتخب الأمريكي    نجاح واسع لحملة الكشف المبكر عن داء السكري بالعرائش    ثَلَاثَةُ أَطْيَافٍ مِنْ آسِفِي: إِدْمُون، سَلُومُون، أَسِيدُون    دراسة: لا صلة بين تناول الباراسيتامول خلال الحمل وإصابة الطفل بالتوحد    مرض السل تسبب بوفاة أزيد من مليون شخص العام الماضي وفقا لمنظمة الصحة العالمية    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا تغادر المكان إلا و أنت شخص آخر!
نشر في شمالي يوم 16 - 04 - 2024

وقرت بخاطري رغبة زيارة جنة من جنان الأرض منابع أم الربيع ،وما العيب في عدم وصفها بجنة الارض؟ أليس خرير الماء و نضارة خضرة الشجر و النسيم الطيب أشياء من سمات الجنان إبتسم !أنت في الوادي، الذي يدخل فيه المرء محملا بأثقال الدنيا ،ويخرج منه خفيف الظل مرتاح الخاطر، قنوعا، عاشق ،مطبعا حتى حين ببساطة أهاليه إن هو اخلص النية لله ..
اليوم الأول :
أدركنا الليل بالوادي،لا نلوي على شيء غير قوت و شربة ماء،ونحن على متن القنطرة فوق النهر، فطن ميلود من متاعنا بحدس تجربته أننا بصدد البحث على مكان يأوينا، و مستقر نرمي به جثثنا الصلصال، التي نال منها العياء. ظل الأمازيغي الحر يتنقل بنا من موضع لاخر..لم يدع رقم هاتف إلا ورن عليه..لم يترك منزلا إلا طرق بابه..وكلما إعتذرنا له بادرنا بالقول "أنا راني جوال ولمجال ميحس بقيمة الرجال ".
الليل هادئ والسماء مزينة كجل الليالي الربيعية بعقود النجوم الماسية المختلفة الأشكال ،هلال العيد يتراءى من علياء السماء ،وخرير المياه لا زمة رئيسية للمكان لا محيد عنها..بعدما لم نجد ناحيته من مكان شاغر للمبيت ،سلمنا لصديقه الأمازيغي الجندي من جنود الرحمان..رجل خدوم لا ينطق لسانه غير بمرحبا.. يا مسهل.. يا كريم يا رحمان ..
إنتهى بنا المطاف بعد طول بحث بالمبيت في عشة. كون المآوي السياحية إمتلئت عن أخرها بالزوار.إنزعجنا بادئ ذي بدء، لكن سرعان ما آنست أرواحنا الموضع ،حتى شقت علينا فيما بعد المغادرة لما نسجه بنا الفضاء من شعور السكينة.رفض صديق ميلود الذي صاحبنا أن ننقده اجر الخدمة مجيبا :"ليس كل شيء يقابله مال "دعوة صادقة لله تكفي.
لا تغادر المكان إلا وأنت شخص أخر!
اليوم الثاني: شق نور الصباح كبد السماء ،كاشفا عن عورة الفضاء الذي يحوطنا، فزادت الدهشة من المنظر الخلاب للعقول .كانت ليلى ذات الخامسة عشرة ربيعا،قد إستيقظت قبل بزوغ الشمس لتكنس المواضع وتفرشها .فيما دبت حركة صيادي سمكة "التروتة" الذين إصطفوا على جنبات النهر .شكرت للفتاة شاي الليلة ،والتمست منها تهيئ آخر مشبشب ،إبتسمت بوجه وضاء مبشر ،و أجابت بمرحبا.ما أحوج البلد لجديتك وحيائك الاستثنائي يا ليلى !
عندما وصلت صينية الشاي ، كانت روحي قد فنت مع الشجر والماء ،و الغدير نتيه تسبيحا في ملكوت الرحمان . إذا كانت جنتك بالأرض متعة..فكيف تراها جنة الفردوس الأعلى يا غفار ذو العرش المتين..
لا تغادر المكان الا وانت شخص أخر!
أنعم الله علينا بمنزل أعلى التلة بثمن زهيد ، يلزم بلوغه صعود درج ترابي طويل .عندما وصلنا قبيل الزوال وجدنا حسناء عاكفة على تنظيف الباحة، وما إن لمحتنا حتى جاءت على إستحياء تسلمنا المفاتيح، وكالعادة ، قوبلنا بتحية وتسليم وسلام.دخلت البيت الجبلي ، غرفة النافذة تطل على كرمة عنب ،وفرن طين أبيض، وجبل شامخ يتنفس إكليلا.خلف الباب، جبل أخر مقابل لا يقل شموخا على الجانب من تحته نهر أم الربيع .الخضرة تحوطك من كل زاوية.أنخنا قليلا لنستريح وما هي إلا لحظات أخذنا وضوءنا و قصدنا المسجد للصلاة .كانت الزحمة على أشدها..لم يتسع المكان لولوج كل المصلين ، في خطبته المقتضبة إستطاع الفقيه بكلمات لها حجية، أن يثلج الخواطر ويهذب النفوس، .إستهلها بمنزلة الاحسان للوالدين موردا حادثة الرجل الذي أغضب والديه ومضى يرنو جهادا فلم حدث الرسول الكريم بذلك، طلب منه أن يرجع للبيت ويكرم مثواهما.. ، تلى فقيه الوادي خطبته بالحديث عن مظاهر الرحمة بالمرأة و العباد والحيوان في سلوك رسولنا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم..
لا تغادر المكان إلا وأنت شخص أخر !
تركت المكان لعائلة طنجوية تقية ،بعدما أعجبهم الموضع ذاك .إستغرب الرجل ودهش من ذلك..فعقبت !شممت فيكم رائحة أهل طنجة الكرام و البوغاز كريمة بضيوفها ،وأقل شيء يمكن تقديمه لهاهو إكرام أهاليها..ولو بشيء بسيط ضحك ضحكة طنجاوية أصيلة وصاح" فيفا الخوا"
لا تغادر المكان إلا وأنت شخص أخر !
طلبت من حمو إعداد طاجين ريثما اعود من جولتي المعتادة، وبينما أنا واقف باحد الزوايا لفت إنتباهي فتاة تعلو النضارة طلعتها .يطلبها شاب بيضاوي للخطبة ملحا بأعلى صوته، وهي تعتذر أن لا رغبة الله اليوم ..قبل أن تتقدم بعض برهة سيدة أخرى لنفس الموضوع لست أبالغ! ..قال لي حمو أن جارته ذو رزق عظيم في عروض الزواج، لكنها تعتذر كل مرة عن ذاك اولا لصغر سنها ولانها بصدد إتمام الدراسة ..
لحمو عشة بزاواية بانورامية جميلة ..فضل الرجل الزواج والاستقرار وطلب الرزق بما تجود عليه الطواحين اللذيذة المذاق ،يشعرك الرجل أنك وسط أهلك و ذويك .سألته إن كان لا يفكر في الهجرة قال أن ليست له رغبة بذلك وأنه غير قادر على التضحية بسعادته وهنائه لاجل زحمة و توترات المدينة ..ومن ذا الذي يزهد بالجنان يا حمو !
لا تغادر المكان الا وانت شخص أخر!
اليوم الثالث:
لا يتسع المجال لسرد كل التفاصيل، هي تجربة خاصة في جنة من جنان المغرب العظيم والجنان مهما وصفتها لن تفيها حقها ، تتطلب مكوثا ..وصبرا لتأنس روحك المكان فكل مرة يرجع المرء للوادي يحس أنها المرة الاولى التي يزوره فيها ، ومتى أذن الله له بالخروج يخرج آمنا ، بمشقة نفس لتعلقه الشديد به ، ويغادره وقد غسل خرير ماء مربيع ما علق بروحه به من الشوائب ..حتى إذا عبرت البوابة بالمنعرج الغابوي أحسست أن الشخص الذي دخل بداخلك مجيئا قد صار أخر عند المغادرة.
عشة حمو -منابع أم الربيع -المغرب العظيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.