طنجة: وفاة الأربعيني الذي أضرم النار في جسده بشارع أهلا متأثرا بحروقه البليغة    بنك المغرب: ارتفاع الديون المتعثرة ب4,5 في المائة    700 مليون درهم لدعم مربي الماشية وإعادة تكوين القطيع الوطني    وزارة الصحة الإيرانية تعلن مقتل 627 شخصا في الهجمات الإسرائيلية    أولمبيك الدشيرة يحرز لقب أول نسخة من كأس التميز    تفاصيل الحكم بالسجن على بطل الكيك بوكسينغ جمال بن صديق في بلجيكا    موجة حر غير مسبوقة تضرب المغرب لستة أيام متتالية.. الأرصاد الجوية تحذر وتعلن مستوى يقظة برتقالي    أسبوع دموي على الطرقات.. 23 قتيلاً ومئات الجرحى في أزيد من 2000 حادثة سير بالمغرب    مأساة.. أربعيني يُضرم النار في جسده ويفارق الحياة بعد 24 ساعة من المعاناة    الداخلية تشرع في إعداد لوائح المجندين الجدد تنفيذا للتعليمات الملكية    موازين.. الفناير تراهن على التراث والتجديد لمواجهة ضغوط السوشيال ميديا    كأس العالم للأندية.. مبابي يستأنف تدريباته الجماعية مع ريال مدريد    مونديال الأندية.. دورتموند يقهر أولسان وفلومينينسي يفلت من كمين صنداونز    عكس باقي مدن الشمال .. حملات محتشمة بإقليم الحسيمة لتحرير الشواطئ    إعلام فرنسي: أشرف حكيمي قدم موسما استثنائيا ويستحق الكرة الذهبية    نزاع حول حقوق هولوغرام عبد الحليم حافظ يشعل مواجهة قانونية بين XtendVision ومهرجان موازين    ولد الرشيد يجري مباحثات مع نائب رئيس جمهورية السلفادور حول سبل تعزيز التعاون الثنائي    توقعات طقس الأربعاء في المغرب    لجنة مركزية من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تحل بشفشاون لمواكبة التلقيح ضد الحصبة    أول مصنع من نوعه خارج القارة الآسيوية .. المغرب يدخل عصر البطاريات الخضراء باستثمار 20 مليار درهم    انقلاب شاحنة على الطريق الوطنية رقم 2 باقليم الحسيمة يخلف اصابات    بعد وفاة مؤسسه بنعيسى... موسم أصيلة الثقافي الدولي يواصل مسيرته بصيغة صيفية حافلة بالفنون    ابتلاع كيس يحتوي على مخدرات يودي بحياة موقوف بطنجة خلال تدخل أمني    السياحة المغربية تحقق أداء قويا في 2025 بارتفاع العائدات وعدد السياح    انطلاق أول عملية توريق للديون المتعثرة وأخرى قيد الإعداد    اجتماع بوزارة الداخلية لتحديد معايير استخراج أسماء المدعوين لأداء الخدمة العسكرية برسم الفوج المقبل للمجندين    ارتفاع حصيلة شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 56 ألفا و156 منذ بدء الحرب    إيران تؤكد أن منشآتها النووية "تضررت بشدة" جراء الهجمات الأميركية    الملك محمد السادس يهنئ أمير قطر بذكرى توليه الحكم    مبادرة مدنية ترفض حرمان الجمعيات من التبليغ عن الفساد وتعتبره دوسا على الدستور والالتزامات الدولية للمغرب    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة            كأس العالم للأندية.. طاقم تحكيم كندي بقيادة درو فيشر يدير مباراة العين الإماراتي والوداد الرياضي    المنتخب المغربي النسوي يبدأ تحضيراته استعدادا لكأس أمم إفريقيا    بنكراد: معظم المحتجين في 20 فبراير بمجرد ما عرضت عليهم المناصب ذهبوا لها وانفضوا    بكين.. مؤتمر يستكشف أوجه التعاون الصيني – المغربي في قطاع السياحة    مع استمرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران جيش الاحتلال يواصل استهداف غزة واتصالات لوقف الحرب وسط وعود جديدة لترامب        طنجة.. كلب يهاجم فتاة وسائق يدهس شابا ويلوذ بالفرار    عودة الدواجن البرازيلية إلى الأسواق المغربية بعد زوال المخاطر الصحية    مقتل 6 من جنود اسرائيليين في قطاع غزة    أكاديمية المملكة تنظم تظاهرة دولية    مجلس النواب الأميركي يرفض مبادرة لعزل ترامب    الجواهري: الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي بسبب تصاعد حالة اللايقين العالمية    ترامب يؤكد مجددا أن المواقع النووية في إيران "دمرت بالكامل"    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. فلامنجو البرازيلي يتعادل مع لوس أنجلوس الأمريكي (1-1)    أموال الناظور تمول مدنا أخرى.. أين الأبناك من تنمية المنطقة ودعم الرياضة والثقافة كما أرادها جلالة الملك؟    مجموعة بريكس تدعو إلى "كسر حلقة العنف" في الشرق الأوسط    والي بنك المغرب يدعو الحكومة إلى إنجاح برامج تمويل المقاولات الصغرى    مؤسسة أحمد الوكيلي تطمح إلى إخراج "الآلة" من النخبوية الموسيقية    بعد غياب طويل.. عودة الإعلامية لمياء بحرالدين للساحة الإعلامية بشكل جديد    قهوة بالأعشاب الطبية تثير فضول زوار معرض الصين – جنوب آسيا في كونمينغ    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما هي أخلاقيات النضال الشريف ؟
نشر في شورى بريس يوم 11 - 03 - 2018

لعلنا نتفق بداية أن لكل نضال أخلاقيات وقيم ، و لعلنا نتفق أيضا بأن استمرارية الأعمال وعظمتها مرهونة بأخلاقياتها وقيمها ، فأخلاقيات الشعوب والأمم هى التى تبقيها وتميزها على غيرها .
و عليه فالنضال المثالى والمطلوب فى تصورى هو الذى يرتكز على مجموعة من الأخلاقيات التى بوجودها يكون النضال مشروعا وواجبا ، وحتى لو لم يكلل هذا النضال بالنصر ولم يحقق أهدافه المنشودة ، فأنا واثق -- بأذن الله -- من أن التاريخ سيذكرنا بحروف من نور كما كان الحال فى جهاد أبائنا وأجدادنا .
* فما هى أخلاقيات النضال التى نعنيها هنا؟
* وما هى مستلزمات كل منها؟
ما أقصده هنا بالقيم الاخلاقية هى كل المقاييس المعنوية التى يقاس بها المناضل وسلوكه الإنسانى خلال مرحلة نضاليه ، ولعل من أهم هذه القيم التى يمكن أن يشترك ويتفق عليها كل المناضلين الشرفاء أينما كانوا هى :
1 التواضع... 2 و الاحترام... 3 و الصدق... 4 و العدل... 5 و النقد... 6 و الأمانة... 7و العمل......
فى هذه المقالة سيتركز حديثي -- بأذن الله -- على هذه الأخلاقيات السبع والتى أرى ضرورة توافرها إذا أردنا لعملنا النجاح والتوفيق سوى ان حققنا أهدافنا أم لم نحققها.
أولا : التواضع :
و لعلنى لست فى حاجة الى توضيح هذه الصفة ولكن فليسمح لى القارئ الكريم على التأكيد -- وبأختصار شديد ، على أن ما أقصده بالتواضع فى مرحلة النضال هو عدم تزكية النفس والابتعاد عن التصنيف الظالم للغير وغير المفيد للجميع .
فالتواضع هو شرط أساسى وضرورى لكل مناضل يريد النجاح ، وذلك لأن الإعجاب بالنفس هو من أكبر اّفات النضال . وما أقصده بالإعجاب هو السرور أو الفرح المفرط بالنفس وبما يصدر عنها من أقوال أو أعمال أو سلوكيات ، مما يؤدى الى تعدّى أو تجاوز الآخرين من الناس ومن ثم إيذاءهم أو احتقارهم أو استصغارهم ، وهنا يجب أن يكون شعارنا قول الله تعالى: "فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن أتقى."(1)
وقول رسورنا الكريم : "إن الله أوحى الىّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ، و لا يبغى أحد على أحد ."(2)
فعلى المناضل ألا يمنّ ولا يفتخر بما يقوم به مهما كان هذا العمل عظيما ، وذلك لأن المنّ له موقع سيئ على النفوس وهو من أكبر عوامل الهدم فى العلاقات الإنسانية ، وهو فى العادة يقود إلى تشتت الجهود وتفريق الجماعة ، فمن المتعارف عليه أن الناس فى العادة ينفرون من الذى يمنّ ويضيقون به ذرعا .
وفى النهاية يقود المنّ إلى الإذلال ، والإذلال مرفوض من كل الناس العقلاء ، وفى هذا الصدد يقول الشاعر : لا تسقنى ماء الحياة بذلة {} بل فاسقنى بالعز كأس الحنظل .
وعليه فلابد أن نتذكر فى هذه المراحل النضالية الآتى:
1. إننا فى النهاية نناضل لأنفسنا لا للغير .
2. يجب ألا نغتر بسبب أى نجاح نحرزة مهما كان هذا النجاح .
3. يجب ألا نستخدم ما أنجزناه كأداة مزايدة على أحد وخصوصا الذين يختلفون معنا فى الوسائل والأساليب مهما كان نوع أو حدة هذا الاختلاف ، و مهما كان عدم رضانا عليه .
4. لابد أن ندرك بأن الاختلاف فى الوسائل أو صيغ العمل بين المناضلين لا يعنى اختلافا فى الغاية أو فى الهدف بل اختلاف فى الفهم ، والإمكانيات ، وتصور الوسائل الأنسب والأنجح لتحقيق الأهداف المنشودة .
وعليه فيجب ألا نستخف بأي جهد مهما كانت أساليبه أو نتائجه ، ففى النهاية العبرة ليست بالنتائج ولا بالأساليب طالما انها مشروعة وفى سبيل القضاء على كل أنواع الظلم فى بلادنا ، و إنما العبرة بالنوايا والأعمال . فالسؤال الحقيقى هو : ماذا قدم كل منا ؟
5. لابد أن نعي بأن التواضع هو من أهم إن لم يكن أهم الوسائل لتوحيد الكلمة ، وجمع الشمل ، وإشاعة المودة ، و الغاء التفاوت الطبقى بكل أشكاله .
6. وأخيرا لابد أن نؤمن بأن : "من تواضع لله رفعه."
ثانيا : الاحترام :
إلى جانب التواضع وعدم تزكية النفس لابد على المناضل أن يكون محترما لنفسه ، ولرفاقه ، وحتى لخصومه ، ولعل من من أول شروط الاحترام هو الابتعاد عن السخرية والاستخفاف بالغير .
و السخرية ببساطة هى الحكم بالوضاعة أوالحكم بلا دليل ولا حجة على من يُسخر (بضم الياء) منه ، أو بمعنى اّخر السخرية تعنى الاستهتار بالآخرين دون مراعاة لأي ضوابط أو حدود ، والسخرية هى ظاهرة أخلاقية شاذة ومرفوضة عند كل العقلاء ، ولهذا نجد ديننا الحنيف ينهى عن السخرية ويجعل الابتعاد عنها شرط من شروط الاحترام بين كل الناس .
يقول تعالى : "يا أيها الذين اّمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ، ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن."(3)
إن المناضلين الشرفاء يناضلون دائما من أجل القضاء على الأخطاء ، ومعركتهم الحقيقية هى ضد الظلم وليس مع الأفراد . وعليه لابد أن نتذكر بأن الاحترام هو شرط كل شىء . فإذا غاب الاحترام غاب كل شىء ، فلا يمكن أن توجد حرية بدون أحترام ، وباختصار شديد يمكن القول مرة أخرى بأن المناضل الحقيقى هو إنسان محترم لنفسه ، ولرفاقه .و حتى لعدوه .
ثالثا : النقد :
فى تصورى إن أحوج ما تحتاجه "المعارضة" اليوم هو ممارسة وتشجيع ظاهرة النقد وخصوصا النقد الذاتى والبناء ، و ما أقصده هنا هو محاولة تذكير بعضنا البعض بالأخطاء والعيوب التى تشوب أعمالنا أو أقوالنا أو سلوكياتنا بالحكمة والموعظة الحسنة . وأن يكون نقدنا من أجل الإصلاح لا الهدم ، ولا يجب أن يكون من أجل إثبات الذات والانتصار للنفس . وأن يكون شعارنا دائما قول رسولنا(صلى الله عليه و سلم) : "المؤمن مرآة أخيه ." فالمراّة تكشف كل العيوب ولكن فى صمت ليس إلا.
إن ما تعيشه "معارضتنا" فى هذا الشأن (ممارسة ظاهرة النقد) هو أمر محزن لكل إنسان غيور . فتحت شعار النقد ارتكبت الكثير من الأخطاء نحو بعضنا البعض .
فعلى سبيل المثال نجد بعض إخواننا يشطحون فى نقدهم الى الدرجة القريبه من الكذب أو المبالغة التى لا تحتمل التصديق .
إن نقد الآ خر من أجل إقصائة والانفراد بالساحة وأخيرا إعلان النصر من طرف واحد ، "فالنقد الذاتى" لا وجود له إلا بصور شكلية وهامشية، أو من أجل إضفاء الصبغة الديمقراطية على العمل . و فى تصورى لكى يمكننا ممارسة النقد البناء وتشجيع النقد الذاتى لابد من التأكيد على النقاط التالية:
(1) التأكيد على أن السؤال والاستفسار هو مفتاح المعرفة وشرط من شروط نجاح النضال . فإذا غاب هذا الشرط سيغيب جزء كبير من المعرفة .
(2) أن يكون النقد على أساس الاحترام . بمعنى يجب أن يكون النقاش والتشكيك فى تصرفات الغير من أجل البناء موضوعي ، ولا يجب أن يكون من أجل إثبات الذات .
(3) يجب أن يبنى النقد على الأدلة والوقائع والبراهين . ويجب أن نتحلى بآداب النقد وأن نبتعد عن النقد غير الموضوعى ، و أن نتجنب أسلوب الإقصاء والأسلوب الأحادى فى التفكير .
(4) الابتعاد عن الجدل والتنازع ، الإنسان المجادل هو الذى لا يسعى من أجل الحقيقة وكل الذى يهمة هو انتصار رأيه ولو كان ذلك على الباطل . والجدل هو الانسياق وراء قضايا كلامية وثرثرة مقيتة . و لعل من مضار الجدل هو الانقياد الى الانشغال بأمور ووسائل جانبيه ، وفى العادة يقود الى ترتيب قضايانا ترتيبا يتفق وأهواءنا .
وفى اعتقدى الإنسان الذى يجادل هو إنسان لا يعمل ، فأكثر المجادلين هم أناس عاجزون عن العمل ، وذلك لأن العاملين ليس لديهم وقت للجدال .
رابعا : الصدق :
هو أن يكون مبدأنا : "أن الصدق أقرب طريق للحق." و أن "الرائد لا يكذب أهله." بمعنى اّخر لابد من رفض مقولة : "الغاية تبرر الوسيلة" أو كما يعبر عنها بعض رفاقنا فى النضال بقول : "اللى تغلب به، ألعب به."
فى تصوري يجب الالتزام بالصدق والمصداقية فى كل أقوالنا وأعمالنا ، و من المعروف أن من أكبر اّفات النضال هى اّفة "الكذب". والكذب هو الأخبار المزيفة على الواقع ، وإعطاء صورة للسامع تخالف الحقيقة والواقع الموضوعى . و هى عملية هدم مقصود للحقيقة ، و محاولة تجهيل للسامع ومخادعتة وذلك بتصوير الواقع بصورة تخالف الحقيقة . والكذب هو أخطر أمراض الكلمة وأكثر استعمالاتها المنحرفة خطرا وتخريبا فى نفسية الفرد والمجتمع .
و يشتد خطر الكذب كلما ارتفع مصدره ، فكذب المسؤول هو أكثر تأثيرا وخطرا من كذب العضو العادي .
و الكذب هو من أكبر أنواع الظلم ، يقول تعالى: "فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدى القوم الظالمين."(4) ولقد وصف الكذاب بالمنافق والظالم والمضل ، ومن حزب الشيطان . ففى الحديث الشريف: "اّية المنافق ثلاث : اذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا أئتمن خان ."(5)
ومن ثم فإن الاعتماد على الكذب يقود فى النهاية الى الندامة والخسران : يقول تعالى : "ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين."(6)
و عليه فلابد أن نتحلى بالصدق فى كل شىء وأن تكون المصداقية هى أكبر وأهم سلاح فى معركتنا . ويجب أن نتذكر دائما بأنة اذا ضاعت مصداقيتنا فحتما ستضيع معارضتنا . فلابد أن نكون صادقين فى كل أقوالنا، وأعمالنا، وسلوكياتنا ، يقول تعالى:
"يا أيها الذين اّمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين."(7)
باختصار شديد ان قضيتنا فى تصورى هي قضية مصداقية وقول الحق ، و لابد أن نعي بأننا سننتصر بإذن الله لأننا صادقون و عادلون و منصفون .
خامسا : الإنصاف :
أما القيمة الأخلاقية الخامسة التى أرى ضرورة توافرها فى نضالنا فهى قيمية "الإنصاف." ونعني به الإنصاف مع أنفسنا ، ومع خصومنا ، ومع كل رفاقنا الذين نتفق معهم أو نختلف . و
أن يكون شعارنا دائما قول الله تعالى : "يا أيها الذين أمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلو ، اعدلوا هو أقرب للتقوى ، واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون."(8)
فاذا كنا فعلا نريد تخقيق العدل فى المستقبل فلابد أن نمارس العدل الاّن . ولا يجب أن يكون العدل مجرد شعار نزايد به على الخصم بل يجب أن نحوله الى سلوك وتصرف وواقع معاش ، فالإنسان المنصف هو الإنسان الذى يكون عادلا فى أقواله ، و أفعاله ، و سلوكياته فى كل الأماكن وكل الأزمان .
سادسا: الأمانة :
أما القيمة السادسة التى أرى ضرورة توافرها فى نضالنا هى قيمة الأمانة . فالمناضل الشريف لابد أن يكون أمينا ، فليس من صفات النضال أيا كان نوعه أن يفشى الإنسان أسرار أءتمن عليها مهما كان السبب ، إلا فى حالات الضرورة القصوى ، فخيانة الأمانة ليست من صفات النضال الشريف . فالمناضل الشريف هو إنسان أولا و قبل كل شيء أمين واذا أءتمن لا يخون .
و الحقيقة أن الكثير من التنظيمات المعارضة و خصوصا فى منطقتنا تعانى اليوم من فقدان هذا الشرط الأخلاقى المهم لنجاح أى عمل .
إن إفشاء الأسرار هو تصرف لابد أن يرفضه كل إنسان . و هنا لابد أن نذكر كل المناضلين بأن يلتزموا وأن لا يخلطوا بين مسؤولية حفظ الأمانة ومسؤولية الانتماء التنظيمى . فقد يختلف الإنسان مع الاّخرين فى كيفية العمل ووسائله ولكن يجب ألا يكون هذا الاختلاف على حساب الأمانة التى قبل الإنسان أن يحملها . فى هذا الصدد لعله من المناسب أن نذكر كل المناضلين بمقولة سيدنا الحسين عليه السلام عندما خانة بعض أهل العراق يوم كربلاء ، قال لهم قولته المشهورة :
"... إذا لم يكن لكم دين ... ولا أخلاق ... فكونوا رجال ..."
وعليه فيجب أن نحافظ على الأمانة ... ويجب ألا نخون ، وأن نرفض كل الخونه حتى الذين لم يكن لهم دين ولا أخلاق لأننا نتوقعهم أن يكونوا رجال هذا هو الحدّ الأدنى فى النضال .
سابعا : العمل :
أما القيمة الأخلاقية السابعه و الأخيرة فى هذا المقالة التى أرى ضرورة توافرها فى نضالنا فهى قيمة العمل . وهنا ربما سيقول البعض أنها محصول حاصل ولكن فى الحقيقة أنا أعتبر هذه القيمة من أهم القيم الأخلاقية فى مرحلة النضال . وهذة القيمة حتى الآن لم تعطى حقها ويعتبرها البعض فى حكم المسلمات .
إن غياب العمل الجادّ هو أحد الأسباب التى أفقدت معارضتنا الكثير من مصداقيتها فى داخل الوطن وخارجه . وعليه اذا أردنا لمعارضتنا النجاح فلابد أن نعمل أكثر مما نتكلم ، وإذا عملنا يجب ألا نزايد على الغير ، وأن يكون شعارنا قول الله تعالى : "وقل أعملوا ...." ويجب ألا نقول ما لا نعمل و لا نطلب من الغير بالقيام بشىء نحن غير قادرين بالقيام به حتى لا ينطبق علينا قول الله تعالى:
" يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون."(9)
فدعونا نعمل فى صمت و صبر و استمرار . ودعونا نتفق على أن العمل هو أكبر و أقوى أداة لتجميعنا وتوحيد كلمتنا وجمع شملنا .
ثامنا: الخاتمة :
بعد هذا السرد السريع والمختصر جدا لبعض أخلاقيات النضال يمكننى القول بأنه لو كل مناضل شريف من الموقع الذى هو فيه التزم بهذه القيم الأخلاقية السب7ع فى كل سلوكياته وتصرفاته وأعماله النضالية فإنى واثق بأننا سنخوض معركة (أو معارك) نضالية مشرفة وسيكتبها لنا التاريخ بحروف من نور .
و سوف نقدم درسا لكل من سيأتوا بعدنا فى كيفية النضال الشريف وسوف تكون كلمتنا كالكلمة الطيبة التى أصلها ثابت وفرعها فى السماء كما وصفها لنا القراّن الكريم عندما قال : " ... كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها فى السماء ...."
و عليه يجب علينا جميعا أن نتواضع فى كل أعمالنا وذلك لأنه من تواضع لله رفعه ، وأن تكون كل معاملاتنا قائمة على أساس الاحترام المتبادل بين الجميع ، وأن نكون منصفين و عادلين حتى مع الخصم ، و أن يكون عملنا قائم على الصدق والأمانة ، و إذا اختلفنا فيجب أن ننتقد بعضنا البعض بأسلوب حضاري وبنّاء ، وفوق كل هذا وذاك لابد أن تسبق أعمالنا أقوالنا ، ولنترك للاّخرين الحكم على كل ما قمنا به ، و أن نكون واثقين بأن الله لا يضيع أجر المحسنين .
و ختاما إن جاز لي أن أصف الإنسان المناضل الشريف فيمكننى أن أصفه على أنه :
* الانسان الذى يعمل فى صمت و باستمرار .
* وإذا تكلم لا ينطق إلا صدقا .
* و يتعامل مع الناس بإنصاف واحترام وأمانة .
* و هو الذى لا يمن على الغير ولا يزكى نفسه .
* و هو الذى يؤمن بالنقد البناء و يمارس النقد الذاتى على نفسه .
فهل تنطبق علينا هذه الصفات ؟ .
هذا ما يجب و أتمنى أن يسأله كل مناضل شريف لنفسه .
وهذه هى نقطة البداية من أجل الخير والتغيير .
والله المستعان .
________________________________________________
1. سورة النجم : اّية 321
2. رواة مسلم والبخارى
3. سورة الحجرات : اّية 113
4. سورة الانعام : اّية 1444
5. رواة البخارى و مسلم5
6. سورة الحجرات : اّية 66
7. سورة التوبة : اّية: 1197
8. سورة الماثدة: اذية 88
9. سورة الصف : اّيات 2-3


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.