الجيش الإسرائيلي يبدأ إجلاء 100 ألف غزّي من رفح وحماس تراه "تصعيداً خطيراً"    ‮«‬حلف ‬شمال ‬إفريقيا‮»‬ ‬بديلا ‬للاتحاد ‬المغاربي    شقير يدرس مركزة القرار السياسي بالمغرب في مؤلف جديد    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    ارتفاع أسعار النفط مع تضاؤل الآمال في وقف العدوان على غزة    ارتفاع أسعار الذهب مع استمرار التوترات في الشرق الأوسط    متجاوزا الصين واليابان.. المغرب يصبح المورد الرئيسي للاتحاد الأوروبي في قطاع السيارات    إضراب لثلاثة أيام يشل حركة المحاكم في مختلف المدن    بعشرات الصواريخ.. حزب الله يستهدف قاعدة إسرائيلية في الجولان    البرلمان الأوروبي يُقرّ تغييرات بحرية الحركة داخل منطقة "شنغن"    وفاة مدرب الأرجنتين السابق لويس مينوتي بطل مونديال 1978    الدوري الإسباني .. النصيري يواصل تألقه    إسماعيل الصيباري يتوج بطلا للدوري الهولندي رفقة بي إس في آيندهوفن    تفاصيل جديدة حول عملية نقل "درب عمر" إلى مديونة    هزة أرضية بنواحي مدينة وزان    الدورة الأولى من مهرجان مشرع بلقصيري للسينما    مهرجان الجونة السينمائي يفتح باب التسجيل للدورة السابعة من "منصة الجونة السينمائية"    "الثّلث الخالي" في القاعات السينمائية المغربية إبتداء من 15 ماي الجاري    عادل تاعرابت كان غايسلخ كاكا: غوت عليا وشنقت عليه    بعد الاتفاق الاجتماعي.. مطالب بالزيادة في معاشات المتقاعدين    وزير الدفاع الإسرائيلي لنتنياهو: حنا للي مسؤولين على إعادة الأسرى والمقترح المصري مزيان    فيدرالية ارباب المقاهي تنفي الاتفاق على زيادة اثمان المشروبات وتشكو ارتفاع الأسعار    الموت يغيّب الشاعر محمد حنكور "الهواري" أيقونة الشعر الأمازيغي.. هذه قصة حياته وموعد الجنازة    حماة المال العام كيطالبوا بتحريك مسطرة "غسل الأموال" واتخاذ إجراءات حازمة فحق اللصوص والمفسدين    المشاهد الجنسية في أفلام هوليوود تراجعات بنسبة 40% وها علاش    طلبة الطب في مسيرة وطنية اليوم بالرباط ردا على إغلاق وزير التعليم العالي باب الحوار    هذا ما قررته المحكمة في قضية كريمة غيث    بطولة اسبانيا: بيتيس يعزز حظوظه بالمشاركة القارية    يهم نهضة بركان.. الزمالك المصري ينهزم قبل مباراة نهائي كأس "الكاف"    الاتحاد السعودي يعاقب عبد الرزاق حمد الله    توقعات أحوال الطقس اليوم الاثنين    عنف المستوطنين يضيق الخناق على الفلسطينيين في الضفة الغربية، و دول غربية تتصدى بالعقوبات    "الجزيرة" ترد ببيان ناري على قرار إغلاق مكاتبها في إسرائيل    باحثة: الضحك يقدر يكون وسيلة واعرة لعلاج الناس    عندها الزهر لي كيهرس الحجر.. مرا ربحات 2 مرات فالقمر فقل من 3 شهر    دعوة من بيت الذاكرة لترسيخ التنوع الثقافي من أجل إشاعة قيم السلام    الإنتحار أزمة نفسية أم تنموية    سيدات مجد طنجة لكرة السلة يتأهلن لنهائي كأس العرش.. وإقصاء مخيب لسيدات اتحاد طنجة    اعتصامات طلاب أمريكا...جيل أمريكي جديد مساند لفلسطين    دراسة مواقف وسلوكيات الشعوب الأوروبية تجاه اللاجئين المسلمين التجريد الصارخ من الإنسانية    الأرشيف المستدام    رأي حداثي في تيار الحداثة    العفو الملكي    دراسة أمريكية: السجائر الإلكترونية قد تسبب ضررا في نمو الدماغ    دراسة حديثة تحذر المراهقين من تأثير السجائر الإلكترونية على أدمغتهم    رئيس جمهورية غامبيا يستقبل المدير العام للإيسيسكو في بانجول    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    "فنون شعبية على ضفاف درعة".. وثائقي يسلط الضوء على التحولات التي شهدتها فنون زاكورة (فيديو)    فيلم "من عبدول إلى ليلى" يفوز بالجائزة الكبرى لمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    وصل لأعلى مستوياته التاريخية.. التداول النقدي فات 400 مليار درهم    جواد مبروكي: الحمل والدور الحاسم للأب    منظمة تدعو لفتح تحقيق في مصرع عامل بمعمل تصبير السمك بآسفي    المغرب يسحب أول دفعة من قرض 1.3 مليار دولار من صندوق النقد الدولي    قلعة مكونة تحتضن الدورة 59 للمعرض الدولي للورد العطري    الأمثال العامية بتطوان... (589)    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسلمون واليهود في تطوان المغربية...تاريخ طويل من التعايش السلمي
نشر في شورى بريس يوم 05 - 09 - 2016

التعددية الثقافية في مدينة تطوان المغربية - حوار مع المؤرخ محمد بن عبود
المسلمون واليهود في تطوان المغربية...تاريخ طويل من التعايش السلمي
محمد بن عبود مؤرخ يعرف مدينة تطوان المغربية عن ظهر قلب. وهو أيضاً مُلِمّ بالتغيرات الكبيرة التي مرت بها خلال القرن الماضي. ناتالي غاليزنه تحدثت معه حول التاريخ الطويل للتعايش بين المسلمين واليهود في هذه المدينة.
متى بدأ التواجد اليهودي في المغرب؟
محمد بن عبود: بداية التواجد اليهودي في المغرب يختلف بحسب المدينة والمنطقة. ففي بعض المناطق، يعود هذا التواجد إلى آلاف السنين، بينما لا يتعدى في مناطق أخرى بضعة قرون. يهود تطوان، على سبيل المثال، وصلوا مع الأندلسيين العرب عندما أعادوا بناء المدينة في نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر، إذ ساعد هؤلاء اليهود على نشر الثقافة الأندلسية في المنطقة. كما حافظ اليهود على التقاليد والمخطوطات الأندلسية في تطوان على مرّ القرون.
لقد أطلق على المدينة اسم "الحمامة البيضاء"، إضافة إلى "القدس الصغيرة". كما أن مقبرة اليهود في تطوان تقع أمام مقبرة المسلمين. لقد كانت هناك استمرارية كبيرة في الوجود اليهودي بالمغرب عبر العصور، إذ استقرّ اليهود في مدن مثل تطوان وفاس وطنجة والشاون وعسيلة والرباط ومراكش والصويرة، بالإضافة إلى مناطق الريف.

يتميز المغرب بتاريخ طويل من التعايش السلمي بين اليهود والمسلمين. وطبقاً لمحمد بن عبود، قام سلاطنة المغرب خلال أوقات عصيبة في تاريخ البلاد بحماية الطائفة اليهودية. في الصورة: تجمع للمسلمين واليهود أمام باب الملاح، وهي بوابة في مدينة فاس.
هل هجر اليهود المغرب بأعداد كبيرة في وقت ما، كما فعلوا في الجزائر بعد حصول البلاد على الاستقلال؟
محمد بن عبود: بدأ اليهود في مغادرة المغرب في ستينيات القرن الماضي، بحثاً عن فرص أفضل في فرنسا وإسبانيا وكندا وفنزويلا وغيرها، أو ذهبوا للاستيطان في إسرائيل، خاصة وأن الدعاية الصهيونية أصبحت قوية للغاية منذ مطلع الستينيات.
يعتبر المغرب من الدول العربية القليلة التي أدركت أهمية الثقافة اليهودية لهويتها. ما الذي يعنيه ذلك عملياً؟
محمد بن عبود: هناك مغاربة مسلمون ومغاربة يهود. مواطنو كلا الديانتين يعتبرون مغاربة، وهم ينظرون إلى أنفسهم كمغاربة على كل الأصعدة، ولهم تاريخ طويل من العيش المشترك.
خلال بعض الأوقات الصعبة في تاريخنا، حمى سلاطنة المغرب اليهود، مثل الملك محمد الخامس عندما كان المغرب تحت وصاية حكومة فيشي الفرنسية. كما أن الملك الحسن الثاني وابنه، الملك الحالي، لم يغيرا من مواقفهما تجاه اليهود.
إن حقوق اليهود في ممارسة شعائرهم الدينية وفي التعليم متجذرة في الدستور المغربي. ولليهود مدارسهم ومعابدهم الخاصة. كما أن العديد من اليهود الذين هاجروا إلى إسرائيل حافظوا على تقاليدهم المغربية، كالمطبخ والموسيقى والعادات المغربية.
علاوة على ذلك، فإن يهود المغروب موالون للملك، وبعضهم تقلّد مناصب هامة، مثل أندري أزولاي، الذي كان المستشار الاقتصادي للملكين الحسن الثاني ومحمد السادس. كما تقلّد بعضهم مناصب وزارية. وأغلب اليهود في المغرب يتكلمون الدارجة (اللهجة المغربية العربية).

يتميز المغرب بتاريخ طويل من التعايش السلمي بين اليهود والمسلمين. وطبقاً لمحمد بن عبود، قام سلاطنة المغرب خلال أوقات عصيبة في تاريخ البلاد بحماية الطائفة اليهودية. في الصورة: تجمع للمسلمين واليهود أمام باب الملاح، وهي بوابة في مدينة فاس.
هل لديك ذكريات شخصية حول الوقت الذي كان فيه تعايش بين المسلمين واليهود في المدينة؟
محمد بن عبود: نعم. لي عمّان كانا تاجرين كبيرين، وكان لهما شركاء يهود مهمون كانا يستقبلانهم في مكاتبهما ويدعوانهم لتناول الطعام في منازلهما. كما أن أولاد عمومتي درسوا في مدرسة تابعة لمنظمة التحالف الإسرائيلي العالمي بتطوان، وبعض أهم المتاجر في المدينة، مثل محلات بيع المجوهرات والأزياء والأحذية العالية الجودة، كان يملكها يهود. هذا وكانت السيدات اليهوديات ينتجن الملابس التقليدية وكانت تربطهن صداقات بالسيدات المسلمات. اليهود كانوا متواجدين في كافة الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية وكانوا يعيشون في أكبر حيّ يهودي بالمغرب.
ماذا عن المجتمع اليهودي في تطوان اليوم؟ هل انحسر بشكل كبير، مثلما حصل في طنجة؟
محمد بن عبود: المجتمع (اليهودي) في تطوان انحسر بشكل أكبر من نظيره في طنجة. حالياً يعيش في المدينة عدد قليل للغاية من اليهود فقط. كما أن ممثل الطائفة اليهودية في تطوان، السيد مومو حيّون، لديه نفوذ روحي واجتماعي أقل مما كان لممثلي الطائفة في السابق، خاصة وأن بعض الحاخامات كانوا في الماضي يتمتعون بمكانة اجتماعية كبيرة ليس فقط ضمن الطائفة اليهودية، بل بين الإسبان والمسلمين أيضاً.
إلى أي الدول هاجر يهود تطوان والمغرب؟
محمد بن عبود: كثير من يهود تطوان هاجروا إلى مدريد ومدن أوروبية أخرى، وإلى كندا وأمريكا اللاتينية. لكن في الوقت الراهن، يزور كثير منهم تطوان وفي قلوبهم حنين كبير. هناك أيضاً يهود من أصول مغربية يأتون من إسرائيل كل عام لزيارة ضريح قديس في المقبرة اليهودية بالمدينة.
الحاخام بنغاليد، على سبيل المثال، يتمتع باحترام كبير. وبيته – الذي هو كنيس في الوقت نفسه – الواقع في حيّ الملاح أصبح اليوم متحفاً تديره الطائفة اليهودية بتطوان. كما أن بعض اليهود من مدينة سبتة يزورون تطوان أيضاً، خاصة وأن المدينتين تبعدان 40 كيلومتراً فقط بعضهما عن بعض. أعتقد أن يهود تطوان يشبهون كثيراً نظراءهم المسلمين، فالعديد من المسلمين أيضاً هاجروا من المدينة، الأمر الذي سبب تحولاً جذرياً في البنية الاجتماعية لمدينتنا بعد الاستقلال.

ارتبطت مدينة تطوان، الواقعة على البحر الأبيض المتوسط قرب مضيق جبل طارق، بعلاقات وثيقة مع إسبانيا. فقد تم احتلالها من قبل الجيش الإسباني سنة 1860 وكانت عاصمة المحمية الإسبانية في شمال المغرب ومنطقة الصحراء بين عامي 1912 و1956.
هل كانت تطوان مدينة متعددة الثقافات، مثل طنجة؟
محمد بن عبود: لقد كانت تطوان مدينة متعددة الثقافات بسبب مكانتها الدولية. إنها مدينة فريدة من نوعها في المغرب، إذ كانت تطوان ترتبط دائماً بعلاقات وثيقة مع إسبانيا، ليس فقط بفضل جذورها وصلاتها بالأندلس فحسب، بل أيضاً بسبب احتلالها من قبل الجيش الإسباني سنة 1860 ودورها كعاصمة المحمية الإسبانية في شمال المغرب ومنطقة الصحراء بين عامي 1912 و1956.
لقد كان المجتمع الإسباني مهماً للغاية، إذ ما تزال تطوان، الواقعة على بعد 40 كيلومتراً من مدينة سبتة، تضم مقر القنصلية الإسبانية وبها ثلاث مدارس إسبانية، إضافة إلى معهد ثربانتس للثقافة الإسبانية ومستشفى إسباني وشبكة تجارية واسعة النطاق مع سبتة، وكذلك عدد من الشركات وقنوات التلفاز ومحطات الإذاعة الإسبانية. ويزور سكان سبتة الإسبان مدينتنا ومنطقتنا بشكل دوري، ويمكن سماع اللغة الإسبانية في شوارع المدينة. ويعشق سكان تطوان كرة القدم الإسبانية، خاصة ناديي برشلونة وريال مدريد. الفرق بين تطوان وطنجة هو أن عدد الإسبان في تطوان يفوق أي جنسية أوروبية أخرى، على العكس من طنجة.
هل تحنّ إلى أيام التعايش بين المسلمين واليهود هنا؟
محمد بن عبود: لا يمكننا إعادة عقارب الساعة إلى الوراء. الماضي هو الماضي، وقد كانت تلك حقبة رائعة. لكننا نعيش الآن في حقبة مختلفة. لكن يجب القول بأن التغير في تطوان ليس مقصوراً على العلاقة بين المسلمين واليهود. لقد تغيرت المدينة بشكل دراماتيكي على كافة الأصعدة – اجتماعياً وثقافياً واقتصادياً وفنياً. لقد باتت الآن مدينة متعددة الثقافات من طراز آخر بفضل موقعها الاستراتيجي. لذلك، يجب علينا الآن التطلّع نحو المستقبل.

حاورته: ناتالي غاليزنه . بابل/قنطرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.