ثمن تحالف ربيع الكرامة قرار المحكمة الدستورية، المتعلق بعدم انسجام مواد من المسطرة المدنية مع أحكام الدستور وضماناته المرتبطة بالحق في المحاكمة العادلة، والمساواة أمام القضاء، وحماية حقوق الدفاع، وطالب بامتداد الرقابة الدستورية إلى قانون المسطرة الجنائية الذي صادقت عليه المؤسسة التشريعية مؤخرا. وتأسف التحالف في بلاغ له كون المسطرة الجنائية حافظت على نفس الفلسفة التمييزية التي تهدد حقوق المواطنات، وتكرس الإفلات من العقاب. فقد تجاهل القانون الجديد بعد النوع في مختلف أبوابه، ولم يعالج الثغرات التي طالما نبهت إليها الحركة الحقوقية والنسائية.
وتوقف ذات المصدر على جملة من الثغرات، على رأسها ما تضمنته المادة 3 من المسطرة الجنائية والتي ما زالت تحصر حق تقديم الشكايات ومباشرة المتابعات في أطراف محددة، مقصية الجمعيات النسائية والحقوقية من لعب دورها في مؤازرة الضحايا وفضح مرتكبي الجرائم، خاصة في قضايا العنف المبني على النوع. كما أن المادة 7، يضيف "ربيع الكرامة" تبقي على قيود غير مبررة في ولوج الضحايا للعدالة، وتفتح الباب أمام إسقاط المتابعات بطرق تؤدي إلى الضغط على النساء للتنازل أو الصلح القسري. كما انتقد التحالف الجمعوي غياب أي تنصيص واضح على حماية الضحايا والشهود في قضايا العنف القائم على النوع، مما يدفع العديد من النساء إلى الإحجام عن التقاضي خوفا من الانتقام أو الوصم. وعبر عن رفضه لمختلف المواد التي لا تراعي بعد النوع في الشق المسطري لمختلف مراحل التقاضي. وأكد البلاغ أن هذه الاختلالات ليست مجرد تفاصيل تقنية، بل هي مساس مباشر بالدستور وبالتزامات المغرب الدولية، وتؤدي عمليا إلى تحصين المعتدين من المساءلة، وتقويض الثقة في المنظومة القضائية. كما أنها تتناقض مع التزامات المغرب الدولية، ومع الاستحقاقات الوطنية في أفق سنة 2030 التي حددتها الأممالمتحدة كسقف للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء والفتيات. ونبه التحالف إلى أن الإبقاء على مقتضيات تمييزية في قانون المسطرة الجنائية يمثل خطوة خطيرة للوراء ويضرب في العمق التزامات المغرب في مجال المساواة والعدالة. وعبر التحالف المدني عن رفضهالقاطع لمجموعة من المواد التي تكرس التمييز والإقصاء تجاه الحركة الحقوقية والنسائية في سعيها للانتصاف للضحايا، وخاصة المادتين 3 و7، بالإضافة الى جميع المواد التي تخل بمبدأ المساواة أمام القانون، مما يعيق تحقيق العدالة والديمقراطية، ودعت إلى ملاءمة جميع القوانين مع المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب. ودعا التحالف المحكمة الدستورية إلى ممارسة رقابة استباقية على قانون المسطرة الجنائية الجديد، لإعمال عدم دستورية العديد من بنوده وإسقاط كل المقتضيات التي تنتهك مبدأ المساواة وحماية الضحايا. وأكد التحالف على ضرورة إطلاق حملة وطنية ضاغطة للدفع بعدم دستورية المواد التي تم إقرارها والتي تكرس التمييز وتقوض دعائم مسطرة جنائية عادلة ومنصفة للجميع، مبرزا أن الإصلاح الحقيقي لا يكتمل بإسقاط مواد معيبة من المسطرة المدنية فقط، بل بمواءمة جميع القوانين الإجرائية مع الدستور، لضمان عدالة لا تستثني أحدا، وتحمي كرامة النساء والرجال على حد سواء.