الملك يعزي أسرة الفنان المغربي الراحل الشوبي    حادث مروع في ألمانيا.. ثمانية جرحى بعد دهس جماعي وسط المدينة    المغرب يبدأ تصنيع وتجميع هياكل طائراته F-16 في الدار البيضاء    حجز 4 أطنان من الشيرا داخل ضيعة فلاحية... واعتقال متزعم الشبكة في سن ال66    ابنة الناظور حنان الخضر تعود بعد سنوات من الغياب.. وتمسح ماضيها من إنستغرام    أخنوش يطلق من الداخلة "مسار الإنجازات": أنجزنا في 4 سنوات ما عجزت عنه حكومات متعاقبة    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    مجموعة أكديطال تعلن عن نجاح أول جراحة عن بُعد (تيليجراحة) في المغرب بين اثنين من مؤسساتها في الدار البيضاء والعيون    وصول 17 مهاجراً إلى إسبانيا على متن "فانتوم" انطلق من سواحل الحسيمة    العد التنازلي بدأ .. سعد لمجرد في مواجهة مصيره مجددا أمام القضاء الفرنسي    الوافي: بنكيران لا يواكب المرحلة    الملك: الراحل الشوبي ممثل مقتدر    كلية العلوم والتقنيات بالحسيمة تحتضن أول مؤتمر دولي حول الطاقات المتجددة والبيئة    مؤسسات فلسطينية في اليوم العالمي لحرية الصحافة: نشهد أكثر مرحلة دموية بتاريخ الصحافة    الإمارات وعبث النظام الجزائري: من يصنع القرار ومن يختبئ خلف الشعارات؟    تير شتيغن يعود لحراسة مرمى برشلونة بعد غياب 7 أشهر بسبب الإصابة    دار الطالب بأولاد حمدان تحتضن بطولة مؤسسات الرعاية الاجتماعية    الدرهم يرتفع بنسبة 0,18 في المائة مقابل الأورو    العصبة تفرج عن برنامج الجولة ما قبل الأخيرة من البطولة الاحترافبة وسط صراع محتدم على البقاء    كازاخستان تستأنف تصدير القمح إلى المغرب لأول مرة منذ عام 2008    بيزيد يسائل كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري حول وضعية مهني قوارب الصيد التقليدي بالجديدة    إسرائيل تعيد رسم خطوط الاشتباك في سوريا .. ومخاوف من تصعيد مقصود    تونس: محكمة الإرهاب تصدر حكما بالسجن 34 سنة بحق رئيس الحكومة الأسبق علي العريض    الملك محمد السادس يبارك عيد بولندا    الأزمي: لم تحترم إرادة الشعب في 2021 وحكومة أخنوش تدعم الكبار وتحتقر "الصغار"    الإقبال على ماراثون "لندن 2026" يعد بمنافسة مليونية    الداخلة-وادي الذهب: البواري يتفقد مدى تقدم مشاريع كبرى للتنمية الفلاحية والبحرية    منحة مالية للاعبي الجيش الملكي مقابل الفوز على الوداد    يونس مجاهد يكتب: حرية الصحافة المزعومة    أصيلة تسعى إلى الانضمام لشبكة المدن المبدعة لليونسكو    اللحوم المستوردة في المغرب : هل تنجح المنافسة الأجنبية في خفض الأسعار؟    الكوكب يسعى لوقف نزيف النقاط أمام "الكاك"    "كان" الشباب: المنتخب المغربي ينهي تحضيراته استعدادا لمواجهة نيجيريا وسط شكوك حول مشاركة الزبيري وأيت بودلال    "هِمَمْ": أداء الحكومة لرواتب الصحفيين العاملين في المؤسسات الخاصة أدى إلى تدجينها    استقدمها من علبة ليلية بأكادير.. توقيف شخص اعتدى على فتاة جنسيا باستعمال الضرب والجرح بسكين    كبرى المرافئ الأميركية تعاني من حرب ترامب التجارية    غوارديولا: سآخذ قسطًا من الراحة بعد نهاية عقدي مع مانشستر سيتي    كيوسك السبت | الحكومة تكشف بالأرقام تفاصيل دعم صغار الفلاحين و"الكسابة"    الموت يغيّب المنتج المصري وليد مصطفى    قصف منزل يخلف 11 قتيلا في غزة    زيارة صاحبة السمو الملكي الأميرة للا أسماء لجامعة غالوديت تعزز "العلاقات الممتازة" بين الولايات المتحدة والمغرب (الميداوي)    توقيع اتفاقية إطار بشأن الشراكة والتعاون من أجل تطوير الحكومة الإلكترونية وتعميم استخدام ميزات الهوية الرقمية    حين تصبح الحياة لغزاً والموت خلاصاً… "ياقوت" تكشف أسراراً دفينة فيلم جديد للمخرج المصطفى بنوقاص    أشغال تجهيز وتهيئة محطة تحلية مياه البحر بالداخلة تبلغ نسبة 60 بالمائة    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    "إغلاق أخضر" في بورصة البيضاء    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"عَقْلِيَّاتٌ" تُعِيقُ الْإِصْلَاحَ التَّرْبَوِيَّ
نشر في اشتوكة بريس يوم 30 - 10 - 2016


" إن إصلاح الإدارة يتطلب تغيير السلوكات والعقليات"
(من الخطاب الملكي ليوم الجمعة 14 أكتوبر2016)
لم يسبق للمغرب التربوي أن عاش على وقع دخول مدرسي مرتبك، وحارق، كما وقع مع الدخول المدرسي لهذا الموسم. فباستثناء الإجراءات العادية والمعتادة التي يعرفها كل دخول مدرسي؛ لم يعش المجتمع المدرسي، في عز تنزيل مقتضيات الإصلاح الجديد، على وقع مستجدات باصمة تحول الاهتمام صوب المدرسة المغربية، سواء من خلال الخطاب الرسمي الذي اعتاد أن يململ الاهتمام إلى هذا المكون المجتمعي الأصيل والاستراتيجي، ولا من خلال دعوات من يهمهم أمر المدرسة المغربية، من خبراء، ومسؤولين على ملف الإصلاح، إلى مساءلة الانخراط فيه، وتتبع خطوات تنزيله، وتفعيل أجندات المراقبة والتقييم لهذه المرحلة الأولى التي اقتحمها صناع القرار التربوي بالكثير من الجدية، وبغير قليل من الاستعجال الذي فوت الكثير من الاتقان، وترسيخ جودة التفعيل، أثناء التنزيل التجريبي للتدابير ذات الأولية خصوصا التدبير الثاني (1)، وبغير قليل من التلكؤ بخصوص التدبير الأول الذي كان مقررا تعميمه خلال هذا الموسم الدراسي على جميع المؤسسات التربوية، قبل أن يتم الاكتفاء بمواصلة التجريب، لموسم جديد، في مؤسسات إضافية محدودة جدا.
كما شكل عائق الخصاص في الموارد البشرية، في مختلف التخصصات، والمهام، والمسؤوليات، القشة التي قصمت ظهر البعير، وحولت التفكير في تنزيل مقتضيات هذا الإصلاح، إلى مجرد حُلْمِ أمام كَمِّ المشاكل التي ترتبت عن هذا الخصاص. كما حولت تنزيل تدابير الإصلاح على أرضية مدرسة الاكتظاظ، وإدارة قلة الأطر، وفساد أغلب العقليات المؤتمنة على تنزيل هذا الإصلاح؛ إلى مضيعة للوقت، وخبط في عمىً.
فرغم نزول صناع القرار التربوي، أخيرا، عند مطلب القاعدة الواسعة للمنظومة التربوية في التشاور حول مشاكل المنظومة وعرضها، والتأسيس لمعالجتها، انطلاقا من تجربة القاعدة التربوية التعليمية المحتكة، أكثر من سواها، بالهم التربوي القاعدي، ومعرفتها بالأولويات الملحة القمينة بانتشال المنظومة، ومعها المدرسة المغربية من وحل الأزمة، عبر المشاورات إياها؛ فإن انفراد صناع القرار التربوي باختيار الإجراءات، والتدابير القمينة بتنزيل الإصلاح، مع التدخل في تعديل البنيات التربوية، والخرائط المدرسية، وعدم إيجاد حلول جذرية لظواهر الاكتظاظ، وتعدد المستويات، والمساهمة في تكريس الخصاص من الموارد البشرية بعدم تعويض المتقاعدين منهم، والذين قُدروا، خلال هذا الموسم، بعدة آلاف، بالإضافة، وهذا هو الأخطر، إلى الاستمرار في انتهاج سياسة " عفى الله عما سلف"، وتكريس ظاهرة "الإفلات من المحاسبة" في حق العديد من الذين أجرموا في حق المنظومة التربوية خلال تنزيل الإصلاحات السابقة، ولا زالوا يواصلون تدبير الشأن التربوي من مواقع مختلفة،... سيزيد في تأبيد الوضع التربوي الحالي، ومراوحته في مكانه، وفقدان الثقة فيه، كما سيُنعش مقاومات الإصلاح التي تواصل جولاتها في التهاون، واللامبالاة، والاغتناء، وفرملة النهوض.
إن استمرار مثل هذه "العقليات"، كما سماها الملك في خطابه الأخير، في قيادة المنظومة، والتدبير لشأنها، واقتراح الحلول لإشكالاتها، دون محاسبة، ولا مطالبة بتقديم الحساب؛ سيُبقي إصلاحاتنا تراوح في مكانها، وتتخبط معها المدرسة المغربية في مسلسل من الإحباطات التي لا تنتهي.
لقد وضع الملك محمد السادس الأصبع على الداء الحقيقي الذي تعاني منه الإدارة المغربية، وعرَّى "الطابو" الذي ظل الكثيرون يتسترون عليه، حتى فاحت رائحته، وأزكمت الأنوف، حينما اعتبر الإصلاح الإداري رهينا بتغيير العقليات والسلوكات :" إن إصلاح الإدارة يتطلب تغيير السلوكات والعقليات". ولخص أهم معاناة الإدارة في:" التضخم (...) وقلة الكفاءة، وغياب روح المسؤولية لدى العديد من الموظفين".
فالإدارة الوصية، بمختلف درجاتها، تتحمل الكثير من المسؤولية في فشل الإصلاحات التي توالت على المدرسة المغربية منذ الاستقلال، ولم يستطع معها المغرب التربوي أن ينتشل المنظومة من مؤخرة الترتيب العالمي؛ بل العربي، رغم التعديلات الجوهرية التي عرفتها المناهج، والبرامج، والمقررات، فضلا عن استيراد الإصلاحات الناجحة التي عرفها الغرب والشرق، والاعتمادات الضخمة التي تصرف على ذلك، كما على إقامة فعاليات التكوينات، والملتقيات، والمشاورات،...رغم كل ذلك، لا زالت المنظومة تعاني، ولا زال الإصلاح يراوح مكانه.
فأين الخلل؟
الخلل، في اعتقادنا، كامن في بعض العقليات المؤتمنة على هذا الإصلاح، والتي حوَّلت ساحة المنظومة التربوية إلى ساحة للمزايدات السياسوية، والنقابوية، ومجالا للاغتناء السريع، مع الإفلات من العقاب، والمحاسبة.
فلقد كثر الحديث، مع هذا الإصلاح، وقبله، عن الحكامة الرشيدة، والحكامة المحلية الرائدة والمُؤَسَّسَة، واختيرت الحكامة كأحد المحاور الرئيسة للتدابير ذات الأولوية، والكل يُظْهِر انخراطه في التخليق، ونشر القيم، وترسيخ السلوك المدني، ومحاربة الفساد، بدون استثناء، حتى تعذر التمييز بين المصلح المحب لقميص بلده، والغيور على أبناء وطنه، المعول عليه في انتشال المنظومة من وهدة الفساد، والإفساد، وسواه ممن يبغي الركوب على الإصلاح، وحلب "عسيلته"، والاغتناء الرخيص من مشاريعه، وتأطيراته، وتكويناته، وسفرياته، وصفقاته، وامتيازاته،...
لقد أصبح الكل يتحدث نفس اللغة، ويخاطب الناس بنفس الخطاب الخشبي المليء بالكثير من الإرشاد الأخلاقي، والوعظ الفلسفي الحالم، ولا أحد ينبري ليعترف بمسؤوليته فيما آلت إليه المنظومة.
ففي الاجتماعات التربوية الرسمية، والتي تجمع أصنافا من مسؤولي هذه المنظومة، وصناع قرارها، لا تسمع إلا خطابا واحدا: المعرقل للإصلاح هو الآخر!. وغالبا ما يكون هذا الآخر هو المجتمع المدرسي؛ المدير، المفتش، الأستاذ، الآباء،... وإذا وقع ان اجتمعت هذه الاصناف مع بعضها، تحول الخطاب إلى تراشق مباشر بالمسؤولية عن الأزمة، بين المسؤولين الكبار، وسواهم. حيث يتحول المجلس إلى قاعة محاكمة حقيقية يتبرأ فيها كل واحد من "جريمته" ويرميها على غيره... !!
ختاما...ما السبيل؟
السبيل الصحيح، القمين، في اعتقادنا، بتأسيس بداية سليمة في درب الإصلاح الحقيقي، يكمن في أمور:
1. الاعتراف الأخلاقي بالمسؤولية على الأزمة. إذ المسؤولية يتقاسمها الجميع بدون استثناء. فالكل مطالب بالاعتراف بمسؤوليته فيما آل إليه الوضع التربوي بهذا البلد... وسيكون هذا الاعتراف الأخلاقي اللبنة الأولى في الطريق الصحيحة نحو البداية السليمة. أما التملص من المسؤولية، واعتبار الجحيم هو الآخر، فلن يخدم الإصلاح في شيء.
2.القطع مع حشر هذه القضية الوطنية في صلب مُشاغباتنا التي لا تنتهي، وتحويلها إلى سيادة الدولة المغربية بعيدا عن الصراعات السياسوية، والنقابوية، والمصلحية،.. للحد من جشع عديمي الضمير، وتقليص التلكؤات الذاتية التي تفرمل مسار الإصلاح، وتحُدُّ من انطلاقه ودَيْمُومَته.
3. ترسيخ آلية للحكامة من خلال مجلس حكامة مستقل عن الوزارة الوصية، يضطلع بعمليتي التتبع والتقييم لسيرورة الإصلاح ومخرجاته، في ارتباط مع مردودية الإدارة والموظفين، مع إنشاء آلية مستقلة للمحاسبة.
4. الكشف عن ملفات الفساد، وتحريك مسطرة المتابعة القضائية في حق أصحابها، لإعادة الثقة إلى عموم موظفي وأطر القطاع، وسائر المتدخلين فيه.
5. إعادة النظر في معايير ومساطر اختيار وانتقاء موظفي القطاع، وأطره الإدارية بما يؤسس لفرق إدارية ومهنية ذات كفاءات مؤهلة، وماض علائقي وأخلاقي خالٍ من كل موانع تحمل المسؤولية، ليصبح الولوج إلى الإدارة مُؤَسَّسا على "الكفاءة والاستحقاق وتكافؤ الفرص"، كما شدد على ذلك الملك محمد السادس في خطابه الأخير.
وسوى ذلك، سنبقى مُرْتَهَنِين إلى الأرض، يلعن بعضنا بعضا، ويتهم بعضنا بعضا، ويترفع بعضنا عن بعض،... إلى إشعار آخر!
دمتم على وطن..!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.