الدبلوماسية الملكية ترسم طريق المصالحة: زيارة زوما للمغرب تجسد تحولاً تاريخياً في علاقات الرباط وبريتوريا    ارتفاع جديد في اسعار المحروقات في محطات البنزين بالمغرب    بورصة الدار البيضاء .. تداولات الافتتاح على وقع الارتفاع        حصيلة مواجهات السويداء ترتفع إلى 248 قتيلا        لامين يامال يواجه عاصفة حقوقية في إسبانيا بعد حفل عيد ميلاده ال18    توقعات أحوال الطقس لليوم الأربعاء    هيئة أطباء الأسنان الوطنية تدعو إلى تعزيز الثقة في ممارسة المهنة    تفاصيل حكم إدانة "جيراندو" في كندا    دراسة: تناول البيض بانتظام يقلل خطر الإصابة بمرض الزهايمر    مشروع القرن ينطلق من المغرب: الأنبوب العملاق يربط الطاقة بالتنمية الإفريقية    المجلس الجماعي لمرتيل يعقد دورة استثنائية ويقيل أحد أعضائه لأسباب اعتُبرت موضوعية    20 قتيلا قرب مركز مساعدات في غزة    قمة أورومتوسطية مرتقبة في المغرب.. نحو شراكة متوازنة بين ضفتي المتوسط    مقتل مهاجر مغربي طعنًا في اسبانيا    إغلاق مطار فانكوفر الكندي لفترة وجيزة بعد "خطف" طائرة    إسبانيا.. قادة الجالية المغربية في توري باتشيكو يدعون للتهدئة بعد اشتباكات مع اليمين المتطرف    نقاش مفتوح حول إشكالية نزع الملكية والاعتداء المادي: محكمة الاستئناف الإدارية تسعى لصون الحقوق وتحقيق التوازن.    باريس سان جيرمان يضم الموهبة المغربية محمد الأمين الإدريسي    كيوسك الأربعاء | معالجة نصف مليون طلب تأشيرة إلكترونية خلال ثلاث سنوات    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    زوما يصفع من الرباط النظام الجزائري: ندعم مغربية الصحراء ونرفض تقسيم إفريقيا تحت شعارات انفصالية    لقجع: المداخيل الجبائية ترتفع ب25,1 مليار درهم حتى متم يونيو 2025    فضيحة دولية تهز الجزائر: البرلمان الأوروبي يحقق في "اختطاف" للمعارض أمير دي زاد    دراسة: المشي اليومي المنتظم يحد من خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة    مشروع ضخم لتحلية المياه يربط الجرف الأصفر بخريبكة لضمان استدامة النشاط الفوسفاطي    قراءة في التحول الجذري لموقف حزب "رمح الأمة" الجنوب إفريقي من قضية الصحراء المغربية    تعاون جوي مغربي-فرنسي: اختتام تمرين مشترك يجسد التفاهم العملياتي بين القوات الجوية    الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمجلس المستشارين تنتقد الحصيلة الاقتصادية للحكومة وتدعو إلى إصلاحات جذرية    الدفاع الجديدي يرفع شعار التشبيب والعطاء والإهتمام بلاعبي الأكاديمية في الموسم الجديد …    لقاء تنسيقي بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة استعداداً للدخول المدرسي 2025-2026 واستعراضاً لحصيلة الموسم الحالي    طنجة ضمن المناطق المهددة بحرائق الغابات.. وكالة المياه والغابات تدعو للحذر وتصدر خرائط تنبؤية    ميناء أصيلة يسجل تراجعاً في مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي خلال النصف الأول من 2025    مطار طنجة: إحباط محاولة تهريب أزيد من 32 كيلوغرام من الحشيش داخل حقائب سفر        مجلس النواب يصادق على مشروع القانون المتعلق بإحداث "مؤسسة المغرب 2030"    الاتحاد صوت الدولة الاجتماعية    "طقوس الحظ" إصدار جديد للكاتب رشيد الصويلحي"    "الشرفة الأطلسية: ذاكرة مدينة تُباد باسم التنمية": فقدان شبه تام لهوية المكان وروحه الجمالية    "دراسة": الإفراط في النظر لشاشة الهاتف المحمول يؤثر على مهارات التعلم لدى الأطفال    لامين جمال يثير تفاعلاً واسعاً بسبب استعانته ب"فنانين قصار القامة" في حفل عيد ميلاده    المنتخب المغربي يواجه مالي في ربع نهائي "كان" السيدات    قارئ شفاه يكشف ما قاله لاعب تشيلسي عن ترامب أثناء التتويج    العيطة المرساوية تعود إلى الواجهة في مهرجان يحتفي بالذاكرة وينفتح على المستقبل    "فيفا": الخسارة في نهائي مونديال الأندية لن يحول دون زيادة شعبية سان جيرمان    الإفراط في النظر لشاشات الهواتف يضعف مهارات التعلم لدى الأطفال    "مهرجان الشواطئ" لاتصالات المغرب يحتفي ب21 سنة من الموسيقى والتقارب الاجتماعي        الذّكرى 39 لرحيل خورخي لويس بورخيس    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    مهرجان ربيع أكدال الرياض يعود في دورته الثامنة عشرة    تواصل ‬موجات ‬الحر ‬الشديدة ‬يساهم ‬في ‬تضاعف ‬الأخطار ‬الصحية    وفاة الإعلامي الفرنسي تييري أرديسون عن عمر ناهز 76 عاما    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما القيمة المضافة التي قدما "دستور 2011" للأمازيغية؟
نشر في شبكة دليل الريف يوم 03 - 05 - 2015

طرحنا لهذا السؤال ومحاولة الإجابة عنه، أتى ايمانا منا بأن "دستور يوليوز 2011" لم يقدم أي قيمة مضافة للقضية الأمازيغية على مستوى "العملي" لا "الشعاري" -الشعارات-، ولتبيان ذلك، سنحاول مقاربة الموضوع من خلال خطاب الحركة الأمازيغية وتطور مطالبها التاريخية من جهة، ثم ما تم التنصيص عليه في "الوثيقة الدستورية" المعلنة من جهة أخرى.
يجب التذكير في البداية بأن طرح "الإشكال الدستوري" في جل الحالات المقارنة دائما ما يكون تعبيرا عن رغبة مجتمعية وسياسية لتجاوز "إنسداد سياسي" في مجتمع ما، أو من أجل تدبير مطالب سياسية مجتمعية ملحة وذات أولوية وراهنية، وذلك رغبة من المجتمع في الإنتقال إلى بناء مجتمع ديمقراطي يتمتع فيه الشعب بحقوقه وحرياته ومواطنته الكاملة، ويواكب التحول والتطور السياسي الإقليمي والدولي، وهذا غالبا ما يأتي كفرصة تاريخية مجتمعية لتدارك مجموعة من النواقص الديمقراطية وتحقيق قفزة نوعية في مجال ممارستها السياسية والحقوقية الحداثية في الدولة والمجتمع.
ظل "الاشكال الدستوري" في المغرب، منذ 1956، محور "طابو سياسي" في مطالب معظم "الفرقاء السياسيين" والاجتماعيين والثقافيين، من "أحزاب" وتنظيمات يسارية ودينية، بما فيهم الحركة الأمازيغية التي طورت نظرتها للإشكالية الدستورية من خلال قفزها على مقاربة ثقافية ترتكز على اللغة والثقافة والهوية منذ ميثاق أكادير، إلى مقاربة شمولية تحوي جميع الأبعاد المجتمعية، السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية فضلا عن الثقافية واللغوية...
هكذا طورت ووسعت الحركة الأمازيغية "مطالبها الدستورية" ورفعت من سقفها، لتكتسي صبغة سياسية تتماشى والخيار الديمقراطي الحداثي، وذلك من خلال المطالبة بدستور ديمقراطي شكلا ومضمونا يقر بالمغرب دولة أمازيغية مدنية فيدرالية علمانية، وبترسيم اللغة الأمازيغية كلغة وطنية ورسمية في جميع التراب الوطني ووتدريسها والتدارس بها وبحرفها "ثيفيناغ" لجميع المواطنين سواء كانوا ناطقين بها أو غير ناطقين -معربين-، ثم دسترة مؤسسة وطنية مستقلة تعنى بالأمازيغية لغة وثقافة وهوية وحضارة، تخول لها كل إمكانيات ووسائل التدخل في تسطير السياسة اللغوية ، الثقافية ، التاريخية وتنفيذ مقرراتها، ثم مطلب اعتبار الأعراف الأمازيغية الإيجابية مصدرا من مصادر التشريع الوطني، واعتماد مبدأ سمو القانون الدولي على القوانين الوطنية...
إذن، فلنساءل "دستور 2011" حول مدى استجابته لمطالب الحركة الأمازيغية التاريخية منذ أن برزت ثقافية -لغوية-هوياتية، إلى أن تحولت إلى مطالب اقتصادية-اجتماعية ثم سياسية تتعلق بالسلطة وشروط ممارستها الديمقراطية، ولكي نأكد ما قلناه في البداية بكون هذا "الدستور" لم يقدم أية قيمة مضافة للأمازيغية بالمقارنة مع خطاب إيمازيغن وتصوراتهم ومطالبهم السياسية والثقافية... نتوقف عند النقاط التالية التي تضع بشكل واضح، التصورات السياسية للحركة الأمازيغية ومطالبها في مقابل الاستجابات الدستورية المعدلة والمعلنة:
- حول دسترة اللغة الأمازيغية
هو تصور ومطلب تؤرخ له الحركة الأمازيغية بالمغرب من خلال مجموعة من الأرضيات واللجان والمذكرات، أولها "ميثاق أكادير 1991" ثم "بيان الاعتراف بأمازيغية المغرب" و"اللجنة الوطنية لدسترة وترسيم اللغة الأمازيغية" ثم "بيان الريف من أجل الترسيم"، أمام كل هذه المذكرات وما حملته من تصورات سياسية في شأن ترسيم اللغة الأمازيغية وإعتراف بأمازيغية المغرب، أتى الرد الدستوري في 2011 بالشكل التالي: (تعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة)، بعد الإعتراف ب "اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة"، فالنص الدستوري هنا، بقدر ما ينص على "البعد الرسمي للغة الأمازيغية" بقدر ما يجعلها في موقع ثانوي بالقياس مع اللغة العربية، أضف إلى هذا، "تقييد الترسيم بالقانون التنظيمي" قد لا يصدر إلى الأبد، إذن بمقارنة ما تم التنصيص عليه وتصور الحركة الأمازيغية للترسيم، نجد أن المخزن تجاهل وتحايل عن الترسيم الحقيقي للأمازيغية كما بات يطالب به إيمازيغن، اذن لا قيمة مضافة للأمازيغية بخصوص الترسيم، بل نفس سياسة خطاب "أجدير 2001" من حيث التعامل مع مطالب الحركة الأمازيغية.
-حول سمو القوانين الدولية على التشريعات الوطنية
تصور تؤرخ له الحركة الأمازيغية من خلال، "التقارير الموازية للمنظمات الحقوقية الأمازيغية في المحافل الدولية حول الملائمة والسمو لما هو دولي، في إطار العهد الدولي للحقوق الاجتماعية الاقتصادية والثقافية، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية واللجنة الأممية لمناهضة التمييز العنصري" وذلك بما يتماشى دائما والدولة الديمقراطية الحداثية، إلى أن الرد الدستوري جاء بالشكل التالي: (جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملائمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة)، أية قيمة مضافة إذن في ظل هذه التناقضات المتباينة بين سمو القانون الدولي على التشريعات الوطنية؟ فبقدر ما تقر الدباجة بسمو القوانين الدولة تكبدها بشروط قابلة للتأويلات عدة، وبعيدة عن الدقة ولم تحسم بين المشروع الحداثي الديمقراطي والمشروع الاستبدادي المحافظ المكبد والمقيد لكل تشريعات العهد الدولي وسموها، وهذا ما عبرت عنه بشكل واضح الجملة الإستدراكية التي تقول: (العمل على ملاءمة هذه التشريعات مع ما تتطلبه تلك المصداقية)، معناه ما هو وطني يسمو على ما هو دولي وليس العكس.
هاذين المثالين كافيين لنحسم أن "دستور 2011" لم يقدم أي قيمة مضافة للقضية الأمازيغية ولا بخصوص تعامله مع مطالب ايمازيغن وفق تصوراتهم السياسية، فضلا عن تجاهله وعدم تبنيه أي من المطالب السياسية الأخرى للحركة الأمازيغية، سواء مطلبها بالتنظيم الفيدرالي الذي يقتضي إعادة النظر في التقسيم التراب وتوزيع السلطة والثروة بين المناطق، وكذا تجاهله مطلب العلمانية وفصل الدين عن السياسة، ثم اعتماد الأعراف الأمازيغية الايجابية في التشريع، ومطلب دسترة مؤسسة وطنية مستقلة تعنى بالأمازيغية في شموليتها، أما المطلب الهوياتي فتعامل معه "الدستور المعدل" بنوع من "الجهل" جمع فيه كل المتناقضات وكل الحساسيات مشتتة بين لغة "المكون" و"الرافد" و"الثابت" و"الراسخ"...
كل هذا، جعلنا نطرح السؤال أعلاه حول ما القيمة المضافة التي قدمها الدستور المعدل للأمازيغية؟
لنخلص إلى أنه لم يقدم أي شيء جديد، ما عدا استعمال الأمازيغية كمطية لشرعنة السلطة وتكميم أفواه ايمازيغن، وبالأخص إذا استحضرنا "اللحظة التاريخية" التي كان يمر منها المخزن والربيع الديمقراطي، فلم يكن للمخزن فيها من هدف سوى الالتفاف والتحايل على المطالب الديمقراطية وليس الانتقال الديمقراطي والقطع مع واقع الاستبداد والتحكم.
إذن نحن أمام دستور ممنوح غير متعاقد عليه وغير تشاركي فرض بمنطق فوقي اعتمد منطق "المنحة" بعد الاستشارة الشكلية ل"الأحزاب السياسية" التي تضطر للتصويت بنعم في استفتاءات شكلية، وبالتالي هو دستور غير ديمقراطي، لم يستجيب لأي من المطالب الديمقراطية للحركة الأمازيغية والقوى الديقراطية والتقدمية في المغرب ولا لمطالب "الشارع" المطالب بالحرية والعدالة والكرامة ومحاربة الفساد والاستبداد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.