صدر حديثاً عن دار النشر "المثزارا" الإسبانية كتاب جديد بعنوان *"حرب الريف (1909-1927)"*، للمؤلف خافيير غارسيا دي غابيولا، يعيد من خلاله تسليط الضوء على واحد من أكثر فصول التاريخ الاستعماري دموية في شمال المغرب، ويكشف عن جوانب لم يتم تناولها من قبل، خاصة الدور الفرنسي في هذا النزاع العسكري. الكتاب يأتي تزامناً مع اقتراب الذكرى المئوية لإنزال الحسيمة الشهير في سبتمبر المقبل، وهي العملية التي شكلت، بحسب المؤلف، أول إنزال برمائي حديث تحت قيادة موحدة، وألهمت لاحقاً الجنرال الأميركي دوايت أيزنهاور في تخطيط إنزال النورماندي خلال الحرب العالمية الثانية. بمنهجية دقيقة وتحليل معمق، يتناول العمل الحملات العسكرية البحرية والجوية والبرية التي خاضها التحالف الإسباني-الفرنسي ضد المقاومة الريفية بقيادة محمد بن عبد الكريم الخطابي. ويُعد هذا الكتاب أول إصدار باللغة الإسبانية يعرض بالتفصيل العمليات العسكرية التي دارت في منطقة النفوذ الفرنسي، حيث كان الجنرال ليوطي وزير الحرب الفرنسي آنذاك على وشك الانهيار، قبل أن يتدخل المارشال بيتان ليقنع الديكتاتور الإسباني بريمو دي ريفيرا بعدم الانسحاب، ما أدى إلى حسم الحرب لصالح القوى الاستعمارية. ويسلط المؤلف الضوء كذلك على استخدام القوات الإسبانية للأسلحة الكيماوية ضد السكان الريفيين، لا سيما عن طريق الطائرات، في سابقة خطيرة لم تعرفها سوى الحرب العالمية الأولى باستخدام المدفعية. كما يوثق لأول مرة عملية عبور جوية من أوروبا إلى إفريقيا خلال هذا النزاع، إضافة إلى أول قصف جوي باستخدام أدوات بصرية متقدمة. الكتاب لا يقتصر على الجانب العسكري فقط، بل يستعرض الشخصيات التي صنعت هذه الحرب، من بينها الجنرال الإسباني سيلفستري، وزعيم المقاومة الريفية عبد الكريم الخطابي، والزعيم القبلي الريفي المثير للجدل أحمد الريسوني، إلى جانب نشأة وحدات عسكرية بارزة كالفيلق الإسباني والقوات النظامية "الريغولاريس" التي ما زالت تشكل عماد الجيش الإسباني إلى اليوم. يُذكر أن مؤلف الكتاب، خافيير غارسيا دي غابيولا، يقيم في مدريد ويعمل محامياً ومسؤولاً عن منطقة جنوب أوروبا في شركة أميركية متعددة الجنسيات، كما يساهم بانتظام في مجلات تاريخية متخصصة، وشارك في برامج إذاعية وثقافية متنوعة.