يشهد قطاع التعليم العالي في المغرب جدلا متصاعدا عقب القرارات الأخيرة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، خاصة بعد الإعلان عن إلغاء بحوث الإجازة وإعادة هيكلة بحوث الماستر، مع تعويضها بتداريب ميدانية داخل مؤسسات وإدارات ومقاولات. خطوة وصفت بأنها غير محسوبة وأثارت مخاوف من انعكاسها على جودة التكوين والبحث الأكاديمي. وجاء القرار في سياق عرض مشروع القانون 59.24 المتعلق بالتعليم العالي، الذي اعتبره أساتذة وطلبة وممثلوهم النقابيون محاولة لتمرير إصلاحات جوهرية دون إشراك الفاعلين المباشرين في الجامعة. فقد نص المشروع على إحداث مجلس للأمناء بصلاحيات واسعة، من دون أي تمثيلية للأساتذة أو الطلبة، وهو ما اعتبر مساسا باستقلالية الجامعة وضربا لمبدأ الديمقراطية الجامعية. في البرلمان، نبهت النائبة فاطمة التامني عن فيدرالية اليسار الديمقراطي إلى أن غياب المقاربة التشاركية في صياغة المشروع أدى إلى احتقان غير مسبوق داخل الجامعات. وشددت على أن الحل يكمن في سحب النص المطروح وإعادة صياغته على أسس تضمن استقلالية الجامعة ومجانية التعليم العمومي، داعية الوزارة إلى فتح حوار عاجل مع ممثلي الأساتذة والطلبة لتفادي موسم جامعي مضطرب. من جانبها، اعتبرت النائبة خديجة الزومي عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية أن إلغاء بحوث الإجازة "قرار غير محسوب العواقب"، متسائلة عن مدى اعتماده على دراسات دقيقة، وعن الجهة التي ستضمن تكوينا بيداغوجيا متكاملا للطلبة. وأكدت أن الجامعة لا يمكن أن تتخلى عن دورها الأساسي في إنتاج المعرفة، مشيرة إلى أن البحث الأكاديمي لم يكن أبدا سببا في اختلالات المنظومة الجامعية. وترى أصوات كثيرة داخل الحرم الجامعي أن الأزمة لا تتعلق فقط بجانب تنظيمي أو قانوني، بل تمس جوهر الشرعية في اتخاذ القرارات، وتؤشر على خلل بنيوي في طريقة تدبير قطاع التعليم العالي. ومع استمرار رفض الأساتذة الانخراط في الإصلاحات البيداغوجية، يظل شبح شلل الموسم الجامعي المقبل قائما.