ارسلت إسبانيا مؤخراً فرقاطة عسكرية إلى جزر الشفارين الواقعة قبالة الساحل المغربي، في خطوة وصفتها وسائل الإعلام الإسبانية بأنها "تعزيز للدفاع المشترك" و"تأكيد للسيادة"، بينما لا تتجاوز في الواقع طابعها الرمزي واللوجستي، في إطار روتيني مناوراتي اعتادت عليه مدريد منذ عقود في هذه المنطقة. الفرقاطة "إيسلا بينتو"، التابعة لقيادة البحرية بجزر الكناري، نفذت عملية مراقبة ودعم لوجستي لما تسميه إسبانيا "التمركز الدائم" لقوات الجيش بجزيرة إيزابيل الثانية، وهي الجزيرة الوحيدة المأهولة بالعسكريين ضمن أرخبيل الشفارين الخالي من السكان المدنيين والخاضع للاحتلال الإسباني منذ عام 1848. هذه العمليات تأتي ضمن ما تطلق عليه مدريد "عمليات الحضور والمراقبة والردع"، والتي لا تخرج عن نطاق تأكيد رمزي للوجود الإسباني في مناطق تعتبرها الرباط قضايا استعمارية عالقة. مصادر عسكرية إسبانية تحدثت عن "تعاون بين الجيش والبحرية" و"أهمية استراتيجية" للمنطقة، إلا أن طبيعة النشاط تبقى محدودة، إذ يتعلق الأمر أساساً بإعادة التزود بالمؤن والمياه، واستطلاع بحري بصري لا يحمل أبعاداً عسكرية تصعيدية حقيقية، خصوصاً في ظل عدم تسجيل أي تطور ميداني يستدعي هذا التحرك. وتأتي هذه التحركات في ظل ما تصفه بعض الدوائر الإعلامية والسياسية الإسبانية ب"التهديد التوسعي المغربي"، في إشارة إلى الموقف المغربي المبدئي من هذه الجزر وغيرها من الجيوب المحتلة شمال المغرب مثل مليلية وسبتة وبادس، وهي قضايا لم تُطرح رسمياً في أي مفاوضات مباشرة ولم تشهد أي تحرك مغربي ميداني يعكس تصعيداً أو تغييراً في السياسة. يُذكر أن جزر الشفارين تُعتبر محمية طبيعية مغلقة أمام المدنيين، ولا تضم سوى عناصر عسكرية محدودة العدد، يتم تناوبها دورياً. وتقتصر مهامهم على مراقبة المجال البحري وضمان حضور رمزي للدولة الإسبانية. أما العمليات الأخيرة فلا تشير إلى أي تغير استراتيجي ذي دلالة، بل تدخل في سياق إعادة إنتاج لممارسات اعتيادية، تكتسي طابعاً إعلامياً أكثر مما تعكس تحركاً عسكرياً فعلياً.