أسدلت غرفة جرائم الأموال الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط، أول أمس الخميس، الستار على واحد من أكثر الملفات القضائية إثارة للجدل خلال السنوات الأخيرة، والذي تفجّر بعد تسريبات خطيرة نسبت لزوجة قاض بمحكمة الاستئناف بتطوان، متهمة إياه بالتورط في بيع أحكام قضائية. وأسفر الحكم عن إدانات شملت قضاة ومحامين ومقاولين، مع توزيع عقوبات سالبة للحرية وغرامات مالية ثقيلة. وأدانت المحكمة القاضي السابق بغرفة الجنايات بتطوان، والذي يوصف بالمتهم الرئيسي، بثلاث سنوات حبسا نافذا وغرامة قدرها 300 ألف درهم، فيما أصدرت عقوبة الحبس سنتين في حدود سنة نافذة وموقوفة التنفيذ بحق كل من محاميَين بهيئة تطوان، وغرمتهما بمبلغ إجمالي بلغ 37 مليون سنتيم. كما قضت بسنتين حبسا في حدود سنة نافذة في حق مقاول بتطوان ومحام بهيئة الدارالبيضاء، مع تغريمهما ب25 مليون سنتيم و10 ملايين سنتيم على التوالي. وبالنسبة لباقي المتهمين السبعة المتابعين في حالة سراح، فقد أدين قاض مستشار بمحكمة الدارالبيضاء بسنتين حبسا، منها سنة نافذة، وغرامة مالية ب175 ألف درهم. كما أدين موثق وهو نجل القاضي السابق بسنتين موقوفة التنفيذ، إلى جانب شقيقته المحامية بهيئة الجديدة بنفس العقوبة. فيما حكم على محام آخر بهيئة تطوان بستة أشهر موقوفة التنفيذ، وتمت تبرئة المتهم العاشر وهو موظف باستئنافية الحسيمة. وتميّزت جلسة المحاكمة التي عقدت يوم الاثنين الماضي واستمرت حتى الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، بكشف الزوجة المبلِّغة عن معطيات دقيقة، أعادت فيها سرد كل ما قدمته في شكايتها الأولى سنة 2023، بما في ذلك تفاصيل تلقي الرشاوى، وقائمة القضايا التي تم التلاعب بها، إضافة إلى ممتلكات زوجها المتهم وعلاقاته المتشعبة داخل المنظومة القضائية. وأسفرت التحقيقات التي باشرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدارالبيضاء بتنسيق مع النيابة العامة، عن توقيف القاضي الرئيسي ومحامين اثنين في حالة اعتقال، بعد إجراء مواجهات مباشرة بين المتهمين والاستماع إلى تسجيلات الزوجة، فضلا عن إخضاع الهواتف والحسابات البنكية لخبرات تقنية دقيقة، وهو ما مهّد الطريق أمام قاضية التحقيق لإحالة الملف على المحكمة في صيغته النهائية. وضمّت لائحة المتهمين قاضيين متقاعدين من مواليد الخمسينات، اشتغلا بمحكمة الاستئناف بتطوان، وموظفا قضائيا من الحسيمة، ومحامية من هيئة الجديدة، إضافة إلى موثق ومقاول، وربة بيت كانت موظفة جماعية. كما شملت أربعة محامين آخرين من تطوانوالدارالبيضاء، ما يعكس مدى تشعب القضية وامتداداتها داخل وخارج أسوار العدالة.