تحل يوم غدٍ الأربعاء 6 غشت 2025 الذكرى التاسعة عشرة لرحيل المناضل الفذ الدكتور عمر بن عبد السلام الخطابي. ففي صيف سنة 2001، شاءت الأقدار أن أكون من الأوائل الذين حضروا لقاء عُقد بأجدير. وجدت في الاستقبال الدكتور عمر، رحمه الله، مرحِّبًا كعادته. كان يسأل وأجيب، بحكم فارق السن والمقام، في جلسة مهيبة مع شخصه. سألني عن الهيئة الحقوقية التي كنت أتحمل فيها المسؤولية، وعن مختلف الفاعلين بالمنطقة ومِهَنِهم. كنت أتأمل وجهه المشرق البشوش، بعينيه الحالمتين المملوءتين إصرارًا وبراءةً وإيمانًا بمستقبل أفضل. كان مستندًا إلى عكازه الأوروبي الرشيق الصنع، بسبب معاناته الصحية، في شرفة مؤسسة أمير المجاهدين محمد بن عبد الكريم الخطابي للأبحاث والدراسات التاريخية، المُشرفة على البحر الأبيض المتوسط، قبالة جزيرة النكور التاريخية التي يحتلها الإسبان. الشيخ، الأسد الهصور، أحد رموز النضال الحقوقي والسياسي في مغرب سنوات الرصاص، تحدّثت عنه العديد من الكتابات والمذكّرات ذات الصلة بأدب السجون، ممن تقاسموا معه ألم ومحنة الاعتقال في "الكوربيس" و"درب مولاي الشريف"، مع اختلاف في الأساليب والظروف التي عاشها كل منهم. تحدث معي خلال الجلوس بلغة ريفية وأمازيغية أصيلة، ذات لكنة أسرية متجذّرة، توارثها من تربيته المنزلية، من قبيل: "أغوم" (الخبز)، و"ثمطيث" بمعنى المرأة، وغيرها من الكلمات الممزوجة بلغة عربية، شرقية ومصرية. وقبل أن تمتلئ القاعة بأحزاب الحركة الوطنية، والقوى اليسارية والإسلامية، والجمعيات المدنية، كان لديه تفاؤل كبير بخصوص فترة العهد الجديد، وتغيّر الأمور نحو الأفضل، خاصة فيما يتعلق بالوضعية القانونية لمؤسسته التي قضت السلطة القضائية بالحسيمة بحلها بعد حوالي ثلاث سنوات من وفاته، صيف سنة 2006. إنه الدكتور عمر الخطابي، من أوائل الأطباء المغاربة الذين تخرجوا كأطباء جرّاحين من سويسرا سنة 1960، في عهد الملك محمد الخامس، رحمه الله. ابن الشعب المغربي البار، الذي حظي بالاحترام والتقدير من مختلف القوى الوطنية والتقدمية، ومن شخصيات وهيآت داخل الوطن وخارجه.