تفكيك شبكة إجرامية بالمغرب متورطة في سرقة هواتف محمولة خلال سطو مسلح بفرنسا    تساؤلات برلمانية حول نجاعة الإنفاق العمومي بقطاع تربية الأحياء البحرية    نمو مطار الحسيمة.. أزيد من 92 ألف مسافر في 8 أشهر    محاولة جماعية لعشرات القاصرين لاجتياز الحدود نحو سبتة المحتلة    مهرجان اللوز بآيت تكلا بأزيلال يكرس مكانته كرافعة للتنمية والتراث المحلي    هيئات صحفية ونقابية ترفض مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة        نائبة برلمانية للميداوي: رسوم دراسة الموظفين تكرس منطق المتاجرة في التعليم    بعثة المنتخب المغربي تصل إلى زامبيا    التوفيق: الذكاء الاصطناعي يثمن خطب الجمعة الموحدة    نشرة إنذارية.. زخات رعدية قوية ورياح عاصفية بعدد من أقاليم المملكة    العاهل الإسباني فيليبي السادس يلمح لزيارة مليلية        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    موسم "ذراع الزيتون" بالرحامنة.. ذاكرة المقاومة وتلاحم القبائل    مختبر المغرب و البلدان المتوسطية و مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي يوقعان اتفاقية شراكة    العلاقات المغربية التركية: دينامية متواصلة من أجل شراكة واعدة    مطار الداخلة... خلل في الخدمات يسيء لصورة وجهة سياحية واعدة    رقم قياسي جديد في المبادلات التجارية بين المغرب والصين    في رسالة مصورة: 'إنفانتينو' يصف تأهل المنتخب المغربي إلى نهائيات كأس العالم 2026 بالإنجاز الاستثنائي    الذكاء الاصطناعي يكشف توقعاته في تأهل المنتخبات العربية والإفريقية رفقة المغرب    مبابي يسير بثبات نحو "لقب" أفضل هداف في تاريخ المنتخب الفرنسي    انطلاق الدورة الخامسة للمهرجان الدولي للفن التشكيلي بتطوان    بادو الزاكي: الخسارة أمام المغرب "عادية".. فهو أفضل منتخب إفريقي    ميناء الحسيمة يسجل تراجعا في مفرغات الصيد البحري    لجنة تؤطر النموذج الجديد للصيدليات    ترامب يوقع على قرار يغير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب رسميا    آلاف المغاربة يتظاهرون ضد الحرب على غزة والتطبيع... والدولة تواصل تعزيز علاقاتها مع إسرائيل    افتتاح الدورة ال13 للمهرجان الدولي "ملحونيات" بأزمور    المفوضية الأوروبية تغرم "غوغل" 3,5 مليار دولار لانتهاكها قواعد المنافسة    حموشي يؤشر على تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بالمصالح اللاممركزة للأمن الوطني في عدد من المدن    ترامب يقول إن أمريكا تجري مفاوضات متعمقة مع حماس    كأس العالم 2026 .. المغرب القوة الصاعدة في سماء كرة القدم العالمية    ألمانيا تدشن الحاسوب الفائق "جوبيتر" لتعزيز قدرتها في الذكاء الاصطناعي    عدد مستخدمي "شات جي بي تي" يتجاوز 20 مليونا في غشت    تلميذة تنال شهادة الباكالوريا الفرنسية في سن التاسعة    سمكة قرش تقتل رجلا قبالة شاطئ سيدني        طنجة.. الدرك الملكي يوقف شابًا متورطًا في ترويج المخدرات وحبوب الهلوسة    تصفيات مونديال 2026: الخسارة أمام المغرب "نتيجة عادية" (بادو الزاكي)    ساكنة مدينة الجديدة تخرج لتجديد العهد على نصرة ف.ل.سطين    موهوزي كاينيروغابا .. جنرال أوغندي مثير للجدل يقود المعارك عبر "إكس"    مسعد بولس يلتقي دي ميستورا في واشنطن ويؤكد أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو "الحل الوحيد"    الزلزولي يتدرب منفردا مع ريال بيتيس    نقد مقال الريسوني    الصحة العالمية تقرر رفع حالة الطوارئ بخصوص جدري القردة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    حينما يتحدث جاد المالح، ينثر الابتسامات، يؤجج العواطف، ويؤكد ارتباطه العميق بالمغرب    بعد سنوات من الرفض.. أوروبا وأمريكا تعتمدان علاج مبتكر ضد ألزهايمر    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس        رضوان برحيل يعلن موعد إصدار جديده الفني    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    موجة جديدة من كوفيد-19 تضرب كاليفورنيا    سبتة تحتضن تقديم وتوقيع كتاب "محادثات سرية حول مدينة طنجة" لعبد الخالق النجمي    لحظات من الحج : 13- هنا روضة النبي،وهناك بيت الله‮    علماء يحددون البكتيريا المسؤولة عن أول جائحة في التاريخ البشري    دراسة: ثلاثة أرباع واد سبو في سيدي علال التازي تُصنف ضمن "التلوث المرتفع جدا"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عِندَما يجبُنُ صوتُ الثّقافة
نشر في دنيابريس يوم 05 - 04 - 2011


بقلم: زينب ع.م البحراني – السّعوديّة
لو دققنا النّظر في مُجتمعاتنا الثّقافيّة والأدبيّة في الوطن العربي، لوجدناها نُسخًا مُصغّرة عن مُجتمعاتنا العامّة في تفاصيل كثيرة. وفساد هذا المُجتمع المُصغّر، الذي يُفترض بأفراده أن يكونوا أطبّاء الرّوح لغيرهم، أحد أهمّ أسباب فساد المُجتمع الأكبر. فحين يفقد القلم سُلطته، وتُمسي الثّقافة دافعًا للجُبن بدلاً من أن تكون وقودًا لأرواحنا يشحنها شجاعةً وصدقًا وإيمانًا بضرورة الدّفاع عن الحقّ والصّواب كما يجب أن يكون، ويُعامل الكاتب كقاصِر يُفرض عليه ما يجب أن يقول أو لا يقول سواءً كان ذلك بصيغة التّهديد أو النّصيحة المبطّنة بالخُبث بلسان من يتوهّمون أنفُسهم أوصياء على صوته بحكم السّن أو المنصب أو الشهادة، وتترهّل الثّقافة و تلتهمها الشّيخوخة بعد أن كان العنفوان صمّام أمانها الذي لا يُقدّر بثمن، لا يسعنا أن نندهش حين يُستهتر بمكانة المُثقّف الكاتب على جميع الأصعدة ممن هبّ ودب على وجه البسيطة دون رادع.. وبقدر ما يكون الظلم خطيرًا، فإنّ استمراريّة السّكوت عنه اشدّ خطورة، لأنّ السّكوت عن الخطأ يعني المُساهمة في تعبيد الطّريق لنموّه واستمراريّته وتوحّشه، يذكر الكاتب التّركي السّاخر عزيز نيسين موجزًا لواحدةٍ من قصصه في كتابه ( آه منّا... نحن المُثقّفون الجُبناء) قائلاً: ” ذات يوم، في دولةٍ ما، صرخ رجل بأعلى صوته قائلاً: “يا إلهي.. لقد دخل خازوق بي” ولكنّ أحدًا لم يُعره انتباهه انطلاقًا من فكرة ” وما دخلي أنا بخازوق دخل بغيري؟!” ومع مرور الزّمن، ازداد عدد الذين يصرخون “لقد دخل خازوق بي”. بداية، كانت الخوازيق تدخل في أشخاص من عامّة الشّعب، وبعد ذلك بدأت الاستغاثات تنطلق من شخصيّات الدّولة رفيعة المُستوى جرّاء الخوازيق التي كانوا ينالونها الواحد تلو الآخر وراحوا يصرخون: “الحقوني.. يا إلهي.. أنقذوني من هذا الخازوق لا أستطيع تحمّله أكثر”. وبعد فترة من الزّمن راح الوزراء، الذين لم يكونوا يُصدّقوا أو يأبهوا بالخوازيق التي تدخل بغيرهم، يُطلقون أصوات الاستغاثة ويتلوون من الألم، وفي نهاية الأمر، لم يبق في الدّولة رجُل لم يذُق طعم الخازوق باستثناء الملك. وذات يوم دخل خازوق في الملك وراح يصرخ قائلاً: “يا إلهي، حتى أنا دخل الخازوق بي” وراح يتلوى من الألم”.
وهكذا فإننا إن اعتبرنا موقفًا من مواقف الاستهتار بحق مُثقف من مُثقّفينا، أو حتّى بحقّ أنفُسنا كأفراد مُثقّفين، قضيّةً تافهةً تستحقّ التجاوز، فإننا نسمح لتلك الكارثة بالتضخّم وإن كان ردّ فعلنا الصّامت عن حُسن نيّة، فالصّمت في مثل تلك المواقف رضًا بتقمّص أرواح الشياطين الخرساء، وإغراء لصبّ المزيد من الظلم علينا وعلى سوانا من الأبرياء، وهو ما وصفته الكاتبة السوريّة غادة السمّان في كتابها (كوابيس بيروت) بقولها: ” الأكثريّة الصّامتة هي الأكثريّة المُجرمة... إنّها تُشكّل إغراء لا يُقاوم لمُمارسة الظّلم عليها.. إنّها هي التي تستثير غريزة الشرّ في نفوس الذئاب البشريّة... المُسالمة هي تحريض على القتل، وتلك جريمة. المُسالمة هي شُروع في الانتحار، وتلك أيضًا جريمة”.
والأسوأ من الصّمت على الظلم هو مُحاربة الكلمة التي يُدافع بها المُثقّف المظلوم عن نفسه بحُججٍ ظاهرها رجاء الخير له، وباطنها حماية مصالح شخصيّة لا يستقيم فسادها بإظهار الحقائق، ففي القضايا الكبيرة التي منها السرقات الأدبيّة، والاعتداء على حقوق الملكيّة الفكريّة، أو مُعاملتهم من قِبل بعض رؤساء المنظومات الثقافيّة بسوء تهذيب وبجاحة لا تليق بمنصبهم الذي لا يستحقّونه، ولا يبقى أمام المُثقّف إلا قلمه كي يُدافع به عن نفسه وعن مُستقبل غيره، تقفز في وجهه كائنات من النّوع الذي يتوهّم أنّه وحده فقط على صواب بينما جميع خلق الله على خطأ!، ويستميتون في مُحاولة إقناعه بأنّه هو المُخطئ، بل وتبلغ بهم الوقاحة مداها حين يُلمّحون له من طرفٍ خفيّ بأنّه يجب أن يبتلع لسانه إن لم يتّخذ قرارًا عاجلاً بابتلاع السّم والموت الفوري كي تموت قضيّته معه!، كلّ هذا لأجل حماية كائنات أخرى تُشكّل خليّةً في منظومة فسادٍ يُديرها أو ينتمي إليها أولئك الأشخاص. لُعبة المصالح الشخصيّة لها دورها الكبير هُنا، فحين تُقلب الأمور، ويُدافع شخص يدّعي الثّقافة عن أفراد أو منظومات ظالمة، ويبذل أقصى جُده للتّستّر عليها، لا يسعنا غير أن نتأكّد أنّ “وراء الأكمّة ما وراءها”، ولولا ما وراء الأكمّة لاكتفى أولئك الأشخاص بالصّمت والمُحايدة كأسوأ تصرّف سلبي يجوز لهم ارتكابه.
يا أيّها الذين يتستّرون على الفساد الثقافي لأجل أسمائهم، ومناصبهم، وخرافاتهم، وترهّلهم النّفسي، وشيخوختهم الفكريّة، وغطرستهم الذّاتيّة، لا تندهشوا غدًا حين لا يستجيب الله لأمانيكُم بالحريّة والكرامة في مُجتمعات أوطانكُم؛ لأنّكم بتغذيتكُم بذور النّفاق ادّخرتم حمايةً لمُستقبل الظلم. ولا تُصعقوا حين يخذلكم الأقربون ذات نكبةٍ يُعاقبكم بها ربّ السّماء، لأنّكُم أنتُم من أقرض الأيّام قرضًا خبيثًا جوزي بمثله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.