بعد أن طفح بهم الكيل، لم يجد عدد من سكان مراكش سوى الخروج إلى الشارع للاحتجاج على ارتفاع فواتير الماء والكهرباء، ولكن السلطة تدخلت ضدهم بعنف. لم تعرف الاحتجاجات الأسبوعية التي ينظمها سكان حي سيدي يوسف بنعلي ضد ارتفاع القيمة المالية لفواتير استهلاك الماء والكهرباء نهايتها الطبيعية، يوم الجمعة المنصرم، فقد تحولت الوقفة الاحتجاجية، التي نظمها حوالي 3000 متظاهر، بعد صلاة الجمعة، أمام مقر الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء (راديما) بالحي نفسه، إلى مسيرة باتجاه قصر البلدية بشارع محمد الخامس، حيث اعتصم المتظاهرون حتى حدود الساعة السادسة مساء، قبل أن يقرروا فك الاعتصام بعد أن أدوا صلاة المغرب.
حالة الاستنفار الأمني التي عاشتها مدينة مراكش يوم الجمعة المنصرم، وإغلاق كل الطرق المؤدية إلى قصر البلدية، بما فيها شارع محمد الخامس، وتطويق القوات العمومية لمسرح التظاهرات، فضلا عن حضور كبار المسؤولين الأمنيين ورجال السلطة، لم تكن سوى مقدمة لتدخل أمني عنيف على مشارف باب ايغلي، تسبب في إصابة أحد المحتجين بكسر في ساقه، وإصابة أربعة آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، نقلوا على إثرها إلى مصلحة المستعجلات بمستشفى ابن طفيل.
سكان الأحياء الشعبية بمراكش، خاصة حيي سيدي يوسف بنعلي والدواديات، والذين يشددون على أن احتجاجاتهم عفوية لا خلفية سياسية لها، ولا يحركها سوى مواجهة ما يصفونه ب«سيف الفواتير المسلط على رقابهم»، يطالبون بمراجعة فواتير الاستهلاك الأخيرة، وإلغاء نظام الأداء بالأشطر، وتخفيض سعر بعض الخدمات كالتطهير السائل، وتمليك العداد الذي يؤدي المشترك 7000 درهم مقابل ربط منزله به، وإلغاء ضريبة تأجيره وصيانته التي تفرضها راديما على المشتركين.
المتظاهرون، الذين رددوا شعارات من قبيل: «الشعب يريد إسقاط راديما» و«جوج بيوت وكوزينة.. الماء والضو غالي علينا» و«فيق فيق يا مسكين.. دار الضو دارت جنحين» و«علاش جينا واحتجينا.. الماء والضو غالي علينا»، يحملون المسؤولية لإدارة الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء، ويطالبون بالتحقيق ومحاسبة المسؤولين عما يعتبرونه «سوء تدبير مالي وإداري تعيشه الوكالة منذ سنوات»، فضلا عن مطالبتهم بالتحقيق في ارتفاع فواتير الاستهلاك الأخيرة، وتنديدهم بفرض الذعائر على المتخلفين عن الأداء، وبالانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي دون سابق إشعار، مرجعين ارتفاع قيمة الفواتير إلى عملية احتساب الاستهلاك الشهري، والتي تتم في الغالب عن طريق التقدير، بسبب الخصاص في الموارد البشرية العاملة بالوكالة، وهو الخصاص الذي يجزم المتظاهرون بأنه يُؤدى من جيوب المراكشيين.
وبينما يؤكد المحتجون أن راديما لم تلتزم ببنود الاتفاقية التي تعهدت بها أمام ممثليهم، خلال شهر مارس الفارط، تحت إشراف الوالي السابق للجهة، محمد امهيدية، يشدد بعض مسؤوليها على أنها قامت بمنح عدادات إضافية للمنازل التي تقطنها عدة أسر، نافين تحديد قيمة الفواتير على أساس عملية تقدير الاستهلاك الشهري، مؤكدين أن معاينة دقيقة تقوم بها الوكالة شهريا لجميع العدادات، ومرجعين ارتفاع الفواتير الأخيرة إلى تزامنها وفصل الصيف والشهر الفضيل. ويطالب المتظاهرون بالتزام راديما بما تعهدت به سابقا، في بلاغ مشترك مع ولاية الجهة، من خلال مراجعة الفواتير المرتفعة، ومنح تسهيلات في الأداء بتقسيطها على 12 شهرا، مع تخفيض لمبلغ غرامة إعادة الربط، وتمكين السكان من الربط الاجتماعي في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وإحداث خلايا على مستوى فروع الوكالة تتلقى الشكايات وتقدم الحلول في آجال لا تتجاوز 48 ساعة.