"البسيج" يفكك خلية إرهابية خططت لتنفيذ أخطر عمليات إرهابية بالمغرب    بوريطة يتباحث ببانجول مع وزيرة الاندماج الإفريقي والشؤون الخارجية السنغالية    موزمبيق.. انسحاب قوات مجموعة تنمية افريقيا الجنوبية يفتح الطريق أمام حالة من عدم اليقين    "يونسكو" تحتفي بالصحافة الفلسطينية    قطاع الخدمات والصناعة والبناء.. إحداث 122 ألف منصب شغل في بداية 2024    أسعار الذهب تتجه للانخفاض للأسبوع الثاني تواليا    توقف أشغال طريق بين مكناس وبودربالة يثير غضب السكان بالمنطقة    النفط يتجه لتسجيل أكبر انخفاض أسبوعي في 3 أشهر    "الفاو": أسعار الغذاء العالمية تواصل الارتفاع للشهر الثاني في أبريل    احتجاجات أمام القنصلية الأمريكية بالدار البيضاء تضامنا مع طلاب الجامعات الداعمين لغزة    اليونسكو تمنح الصحافيين الفلسطينيين جائزة حرية الصحافة    عدلي يشيد بتألق "ليفركوزن" في روما    الكعبي يسجل "هاتريك" ويقود أولمبياكوس للفوز أمام أستون فيلا في دوري المؤتمر الأوروبي    نزار بركة… وضع خارطة طريق في مجال البنيات التحتية    توقعات طقس اليوم الجمعة في المغرب    المكتب المركزي للأبحاث القضائية يعلن تفكيك خلية إرهابية من 5 عناصر    المحامي عزوزي دفاع ضحايا مدير ثانوية التقدم ل"كود": القضية بانت فيها مستجدات جديدة والضحايا كيعيشو ضغوط نفسية والنيابة العامة تعطات مع الملف بسرعة    اختتام الدورة الثانية لملتقى المعتمد الدولي للشعر    برقية تعزية من الملك محمد السادس إلى رئيس دولة الإمارات إثر وفاة سمو الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان    برنامج مباريات المنتخب المغربي الأولمبي بأولمبياد باريس 2024    غامبيا.. بوريطة يتباحث مع نظيره الغابوني    حركة حماس تقول إنها تدرس "بروح إيجابية" مقترح الهدنة في قطاع غزة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    بنك المغرب…66 في المائة من أرباب المقاولات الصناعية المغاربة يعتبرون الولوج إلى التمويل "عاديا"    شمس الضحى أطاع الله الفني والإنساني في مسارها التشكيلي    إيقاعات الجاز تصدح بطنجة بحضور مشاهير العازفين من العالم    أوريد: العالم لن يعود كما كان قبل "طوفان الأقصى"    تركيا تعلن وقفا كاملا للتعاملات التجارية مع إسرائيل    "حرية الصحافة"..المغرب يرتقي في التصنيف والصحافة المستقلة مهددة بالانقراض بالجزائر    المرة اللولى منذ 2009.. واحد من الحزب الإسلامي المعارض كيترشح للانتخابات الرئاسية ف موريتانيا    "تقدم إيجابي" فمفاوضات الهدنة.. محادثات غزة غتستمر وحماس راجعة للقاهرة    الفرقة الجهوية دالجندارم طيحات ريزو ديال الفراقشية فمدينة سطات    زلزال جديد يضرب دولة عربية    ريم فكري تفاجئ الجمهور بأغنية "تنتقد" عائلة زوجها "المغدور"    تكريم حار للفنان نعمان لحلو في وزان    انهيار طريق سريع جنوب الصين: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 48 شخصا    الدوري الأوربي: ليفركوزن يعود بالفوز من ميدان روما وتعادل مرسيليا واتالانتا    بلاغ هام من وزارة الداخلية بخصوص الشباب المدعوين للخدمة العسكرية    هل ما يزال مكيافيلي ملهما بالنسبة للسياسيين؟    رسالة هامة من وليد الركراكي ل"أسود" الدوريات الخليجية    مناهل العتيبي: ما تفاصيل الحكم على الناشطة الحقوقية السعودية بالسجن 11 عاماً؟    إقليم الصويرة: تسليط الضوء على التدابير الهادفة لضمان تنمية مستدامة لسلسلة شجر الأركان    عقب قرارات لجنة الأندية بالاتحاد الإفريقي.. "نهضة بركان" إلى نهائي الكونفدرالية الإفريقية    مهرجان أيت عتاب يروج للثقافة المحلية    تطوان: إحالة "أبو المهالك" عل سجن الصومال    الإبقاء على مستشار وزير العدل السابق رهن الاعتقال بعد نقله إلى محكمة تطوان بسبب فضيحة "الوظيفة مقابل المال"    عمور.. مونديال 2030: وزارة السياحة معبأة من أجل استضافة الفرق والجمهور في أحسن الظروف    العقائد النصرانية    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة    باحثون يكتشفون آليات تحسّن فهم تشكّل الجنين البشري في أولى مراحله        الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    "دراسة": زيادة لياقة القلب تقلل خطر الوفاة بنحو 20 في المائة    عبد الجبّار السحيمي في كل الأيام!    دراسة: مجموع السجائر المستهلكة "يلتزم بالثبات" في إنجلترا    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الأمثال العامية بتطوان... (586)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقاش هادئ مع مناصري إعلان حالة الاستثناء
نشر في فبراير يوم 06 - 09 - 2017

راجت على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا وخاصة بعد الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش مجموعة من النقاشات تدافع أو تهاجم إمكانية إعلان « حالة الاستثناء » بمبررات مختلفة، على رأسها العجز المؤسساتي الملحوظ في التفاعل مع أحداث الحسيمة، وأن حالة الاستثناء التي يمكن تفعيلها بتطبيق الفصل 59 من الدستور قد تكون جوابا مرحليا لإعادة التوازن المؤسساتي المطلوب لمباشرة الإشكالات الكبرى داخليا وخارجيا كما ذهبت إلى ذلك الباحثة في القانون الدستوري شريفة لموير، التي نشرت مقالا مفصلا معنونا ب « أجوبة للمتسائلين حول ماهية « حالة الاستثناء » بالمغرب »، وهو مرافعة عن وجهة نظر محترمة –رغم اختلافي معها- تدافع عن إمكانية إعلان حالة الاستثناء لإعادة الأمور إلى مسارها الطبيعي.
وسنحاول في هذه المقالة مناقشة الأسس التي بنت عليها الباحثة وجهة نظرها ومن خلالها المدافعين عن إمكانية إعلان حالة الاستثناء، بما يستوجبه النقاش الهادئ دون تنقيص أو تبخيس لوجهة النظر هذه التي نتحفظ عليها، وذلك من خلال تفكيك العناصر التي بني عليها الرأي المراد مناقشته قانونيا وسياسيا.
أولا: إعلان حالة الاستثناء ورفعها بقيت بنفس الصيغة القانونية دون تغيير منذ دستور 1962.
أكدت الباحثة في مقالتها المشار لها أعلاه « أن التعاقد الدستوري الأخير غير في المبنى والمعنى، يقتضي معه التسلح بزاد نظري ومعرفي بعيدا عن الفهم الكلاسيكي الذي بات لا يتلاءم مع الواقع » والحال أن الدستور الأخير في فصله 59 الذي ينص على أنه « إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة، أو وقع من الأحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات الدستورية، يمكن للملك أن يُعلن حالة الاستثناء بظهير، بعد استشارة كل من رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، ورئيس المحكمة الدستورية، وتوجيه خطاب إلى الأمة.
ويُخول الملك بذلك صلاحية اتخاذ الإجراءات،التي يفرضها الدفاع عن الوحدة الترابية، ويقتضيها الرجوع، في أقرب الآجال، إلى السير العادي للمؤسسات الدستورية.
لايحل البرلمان أثناء ممارسة السلطات الاستثنائية.
تبقى الحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور مضمونة.
تُرفع حالة الاستثناء بمجرد انتفاء الأسباب التي دعت إليها، وباتخاذ الإجراءات الشكلية المقررة لإعلانها ».
حافظ على نفس الصيغة – فيما يخص حالة الاستثناء- التي كتبت بها كل الدساتير لسنوات 1962-1970-1972-1992-1996 التي تنص في الفصل 35 منها على أنه « إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة أو إذا وقع من الأحداث ما من شأنه أن يمس بسير المؤسسات الدستورية فيمكن للملك أن يعلن حالة الاستثناء بمرسوم ملكي بعد استشارة رئيسي المجلسين وتوجيه خطاب للأمة . وبسبب ذلك فإن له الصلاحية رغم جميع النصوص المخالفة في اتخاذ التدابير التي يفرضها الدفاع عن حوزة التراب ورجوع المؤسسات الدستورية إلى سيرها العادي.
تنتهي حالة الاستثناء باتخاذ نفس الإجراءات المتبعة لإعلانها ». وهو ما نبين بصدده ما يلي:
* أن حالة الاستثناء مرتبطة بتحقق أحد الأمرين: إما أن يكون تهديد خارجي محدق بالبلد يستلزم تجميع السلطات وتوحيد الجهة المقررة للجواب على الظرف الطارئ. أو أن تقع أحداث داخلية تعرقل بشكل جلي السير الطبيعي للمؤسسات الدستورية بشكل يستلزم تدخل رئيس الدولة لتصحيح الوضع، أو أن يقع الأمرين معا كما هو مشروط في الحالة الفرنسية التي تستلزم وجود تهديد خارجي حقيقي وأن يمس هذا التهديد بالسير العادي للمؤسسات الدستورية.
* النص الدستوري حدد شكليات الإعلان عن حالة الاستثناء وكذلك شكليات رفعها التي هي نفس شكليات إعلانها. والمتمثلة في استشارة « رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، ورئيس المحكمة الدستورية، وتوجيه خطاب إلى الأمة » وهو ما يبين أنه تم توسيع دائرة المؤسسات المستشارة فقط، التي كانت في الدساتير السابقة لسنوات 1962-1970 و1972 مقتصرة على البرلمان لتشمل ابتداء من دستور 1992 رئيس المجلس الدستوري أيضا.
وهنا يمكن أن نطرح السؤال عن القيمة القانونية للاستشارة؟ هل هي ملزمة أم أنها مجرد إجراء شكلي ومسطري دون أن يكون لمضمونها أي أثر في قرار إعلان أو عدم إعلان حالة الاستثناء؟؟
* إعلان حالة الاستثناء منذ دستور 1962 لا يمكن معها حل البرلمان:
أكدت الباحثة أن « المشرع الدستوري عمل على الإلزام بإبقاء البرلمان وعدم حله « أثناء ممارسة السلطات الاستثنائية »، وفق ما تتضمنه الفقرة الثانية من الفصل 59، وطرح السؤال حول سبب بقائه الناجم عن الخلط الذي يعترض البعض بين حالة الاستثناء في الدساتير السابقة ودستور 2011 » فهل حقيقة في الدساتير السابقة إعلان حالة الاستثناء يمكن معها حل البرلمان؟
إن الجواب هو النفي طبعا، لأن كل الدساتير منذ 1962 تنص على أن » تنتهي حالة الاستثناء باتخاذ نفس الإجراءات المتبعة لإعلانها » ومن الإجراءات المنصوص عليها في الإعلان، استشارة رئيسي مجلسي البرلمان، فكيف يمكن استشارتهما لرفع حالة الاستثناء كإجراء شكلي دستوري مطلوب والبرلمان غير موجود؟ والحال أن ما وقع بعد 1965 هو إعلان حالة الاستثناء ورفعها بشكل غير دستوري، وليس بسبب أن الدستور يتيح إمكانية حل البرلمان أثناء سريان حالة الاستثناء. وهو ما تم تداركه منذ دستور 1992 الذي نص بشكل واضح لا يدع مجالا للشك والتأويل على أن « لا يترتب على حالة الاستثناء حل مجلس النواب ».
وهو ما يبين أن عدم حل البرلمان أثناء سريان حالة الاستثناء ليس مستجدا دستوريا، وأن الفصل المتعلق بحالة الاستثناء لم يطله أي تغيير باستثناء توسيع دائرة الفئات المستشارة لإعلان ولرفع حالة الاستثناء فقط.
* ضمانات الحريات والحقوق أثناء سريان حالة الاستثناء: سارعت الباحثة إلى طمأنة المتخوفين من إعلان حالة الاستثناء واعتبرت أنها لا تمس بالحقوق والحريات المحمية بموجب الدستور الذي نص في الفقرة الثالثة من الفصل 59 على أن « تبقى الحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور مضمونة ». وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الدستور هو وليد سياق حركة 20 فبراير التي طالبت بتوسيع مجال الحرية والحقوق وعدم المس بها، لذا يمكن اعتبار النص تصريحا بالنوايا قد لا يجد طريقه إلى التفعيل، وهو ما أكد عليه الملك نفسه في خطاب العرش حين أكد أن النموذج الدستوري متقدم لكنه لا يطبق. كما تؤكده الأحداث اليومية المتعلقة بطرق فض التجمعات العمومية التي لم يسلم منها حتى رجال ونساء الإعلام في الحالة العادية، فما بالك أثناء حالة الاستثناء.
ثانيا: مناقشة الأسباب والمبررات المستند عليها لتبرير إعلان حالة الاستثناء.
طرحت الباحثة ثلاث أسباب شكلت في نظرها مبررات موضوعية لتفعيل المقتضى الدستوري المتعلق بحالة الاستثناء، وهذه المبررات هي « حراك الحسيمة، والتزامات المغرب تجاه افريقيا ثم تعطيل آليات الرقابة لإثارة المسؤولية السياسية للحكومة ».
* هل يشكل حراك الحسيمة تهديدا حقيقيا بتعطيل المؤسسات الدستورية يستوجب إعلان حالة الاستثناء؟
الجواب في نظرنا هو لا، لأن المغرب عرف بعد آخر حالة استثناء التي رفعت بدستور 1972 اضطرابات اجتماعية أخطر من حراك الحسيمة، خاصة سنوات 1984 و1990 التي عرفت استعمال الرصاص وسقوط قتلى، بل إن حوزة التراب الوطني كانت مهددة بسبب الحرب مع جبهة البوليساريو التي لم يتم الاتفاق معها على وقف إطلاق النار إلا سنة 1990.
كما عرف المغرب بعدها عدة مخاطر داخلية، أهمها الأحداث الإرهابية لسنة 2003 بالدار البيضاء، ومخيم اكديم ايزيك سنة 2010 بالعيون والذي سقط فيه قتلى من الجنود المغاربة، وآخرها حركة 20 فبراير التي اجتاحت كل مدن المغرب… ورغم ذلك لم يتم الإعلان عن حالة الاستثناء ولم تتم المطالبة بها. بل إن تحدي استرجاع الصحراء هو الذي خلق الإجماع وأعاد المسلسل الديمقراطي والانتخابي من جديد سنتي 1976 -الانتخابات المحلية- و1977 -الانتخابات التشريعية-. بمعنى آخر لقد شكل الخطر فرصة لإعادة وإحياء وتوسيع فضاء الديمقراطية وليس خنقها.
* الوفاء بالتزامات المغرب تجاه أفريقيا في الحاجة لمؤسسات قوية أم لحالة استثناء؟.
هنا يمكن طرح السؤال، هل الحكومة فاعل مستقل على مستوى العلاقات الخارجية أم أنها تابعة للسياسة التي يرسمها الملك أساسا؟ إن المتتبع يلاحظ أن السياسة الخارجية مجال محفوظ للملك، بل حتى وزير الخارجية هو شخص تقنوقراطي تدرج في الإدارة وليس في الأحزاب السياسية، والعلاقات الخارجية تكاد تكون المجال الأكثر احتكارا من لدن الملك، على اعتبار أن عودة المغرب لافريقيا زكته مختلف الأطراف السياسية، وبالتالي فالوفاء بالتزامات المغرب تجاه القارة السمراء لا يمكن أن يكون مبررا لإعلان حالة الاستثناء، بل إنه يحتاج إلى تحريك وتعبئة كل أدوات الدبلوماسية الرسمية والموازية، وهو ما لا يمكن أن يتم إلا في ظل بنية ديمقراطية حقيقية وليس ضمن حالة الاستثناء.
* مدى صحة تعطيل آليات الرقابة لإثارة المسؤولية السياسية للحكومة.
ذكرت الباحثة في هذه النقطة أن « الطبقة السياسية عموما طبقة هشة، وهشاشتها تفسر أن واقع الانشطار بين الفرقاء السياسيين وداخل القواعد الحزبية حال دون لعبها دورها الأساسي كواسطة بين الدولة والمجتمع… ، وتسييس القضية عطل الآليات الطبيعية لتحريك المسؤولية السياسية فعجز البرلمان بغرفتيه عن تشكيل لجان تقصي بسبب الصراعات داخل الأغلبية والمعارضة، مما حال دون تحريك المسؤولية، سواء منها الفردية بالنسبة لأعضاء الحكومة، أو الجماعية بالنسبة للحكومة ككل. »
صحيح أن حراك الريف ساهم في تعميقه غياب الحكومة، وليس الصراعات بين حزبين، لأن المجال السياسي بطبعه هو مجال خلافي/صراعي وليس بالضرورة توافقي. لكن القول أن هذا الواقع عطل تحريك المسؤولية وتشكيل لجان تقصي الحقائق فيه نوع من التسرع، لماذا؟
أولا: إن القانون التنظيمي رقم 085.13 المتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق لم يحصر تشكيل لجان تقصي الحقائق على مجلسي البرلمان فقط، بل يمكن أيضا للملك اتخاذ مبادرة تشكيلها، حيث تنص المادة الثانية على أنه « يمكن أن تشكل بمبادرة من الملك أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب أو ثلث أعضاء مجلس المستشارين، لجان نيابية لتقصي الحقائق… » وهو ما ينفي أن هناك تعطيل للآليات الطبيعية لتحريك المسؤولية السياسية عن طريق تشكيل لجنة نيابية لتقصي الحقائق بسبب الصراع الموجود بين حزبين.
ثانيا: إن المانع من تشكيل لجنة نيابية لتقصي الحقائق هو قانوني وليس سياسي، ذلك أن الوقائع التي يمكن تشكيل لجنة نيابية بشأنها هي محل بحث قضائي لا يزال ساريا، والقانون التنظيمي يمنع تشكيل لجنة نيابية بشأن وقائع هي محل متابعات قضائية، حيث تنص الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة الرابعة من القانون التنظيمي رقم 085.13 المتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق على أنه » لا يمكن أن يكون طلب تشكيل لجنة تقصي الحقائق موضوع مناقشة إذا أفاد رئيس الحكومة أن المتابعات القضائية قد فتحت في شأن الوقائع التي أسس عليها الطلب. وتوقف المناقشة فورا إذا كان قد شرع فيها.
لا يجوز للمجلسين تشكيل لجنة لتقصي الحقائق بخصوص نفس وقائع، كما لا يجوز لهما ذلك عندما تكون هذه الوقائع موضوع متابعات قضائية، طالما أن هذه المتابعات جارية. وتنتهي مهمة كل لجنة، سبق تشكيلها، فور فتح تحقيق قضائي في وقائع معينة أو في تدبير مصلحة أو مؤسسة أو مقاولة عمومية كلفت بالتقصي في شأنها » إنتهت المادة. فهل يجوز إذن من الناحية القانونية تشكيل لجنة لتقصي الحقائق والحال أن الملف بين يدي القضاء؟؟
ختاما، إن التخوف من إعلان حالة الاستثناء تخوف مشروع، مرتبط أساسا بالصورة السلبية التي تكونت على حالة الاستثناء في السابق، بسبب الممارسات التي وقعت أثناءها رغم الضمانات القانونية المتوفرة. كما أن الأسس القانونية والوقائع المادية التي بنى عليها المدافعون عن حالة الاستثناء رأيهم، تبقى غير مقنعة –من وجهة نظري- وبالتالي فإن الحل لا يمكن أن يتأتى بإعلان حالة الاستثناء، بل يكمن في ضرورة توسيع فضاء الديمقراطية وتقوية دور الأحزاب السياسية والمؤسسات المنتخبة، وتطبيق الفصول الدستورية المتعلقة بربط المسؤولية بالمحاسبة، وضخ دماء جديدة في المشهد السياسي ورفع اليد عنه وجعله يخلق مجاله وديناميته الخاصة. أما حالة الاستثناء فهي رسالة سلبية للخارج وخاصة إفريقيا، وتضع الاستثناء المغربي على محك أسئلة حقيقية ومحرجة للبلد ولمساره.
العربي ايعيش، باحث في القانون العام والعلوم السياسية الرباط/أكدال


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.