"عشر دقائق فقط، لو تأخرت لما تمكنت من إخباركم قصتي اليوم" مراسل بي بي سي في غزة    "العدالة والتنمية" يندد بدعوات إلى استقالة ابن كيران بعد خسارة انتخابات جزئية    فريق يوسفية برشيد يتعادل مع "الماط"    مدرب بركان يعلق على مواجهة الزمالك    "العدالة والتنمية" ينتقد حديث أخنوش عن الملك خلال عرض حصيلته منددا بتصريح عن "ولاية مقبلة"    كلمة هامة للأمين العام لحزب الاستقلال في الجلسة الختامية للمؤتمر    مرصد يندد بالإعدامات التعسفية في حق شباب محتجزين بمخيمات تندوف    البطولة: المغرب التطواني يضمن البقاء ضمن فرق قسم الصفوة وبرشيد يضع قدمه الأولى في القسم الثاني    مكناس.. اختتام فعاليات الدورة ال16 للمعرض الدولي للفلاحة بالمغرب    بايتاس: ولوج المغاربة للعلاج بات سريعا بفضل "أمو تضامن" عكس "راميد"    طنجة تسجل أعلى نسبة من التساقطات المطرية خلال 24 ساعة الماضية    ماذا بعد استيراد أضاحي العيد؟!    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس الجائزة الكبرى لجلالة الملك للقفز على الحواجز    اتحاد العاصمة ما بغاوش يطلعو يديرو التسخينات قبل ماتش بركان.. واش ناويين ما يلعبوش    تعميم المنظومتين الإلكترونييتن الخاصتين بتحديد المواعيد والتمبر الإلكتروني الموجهة لمغاربة العالم    الدرهم يتراجع مقابل الأورو ويستقر أمام الدولار    أشرف حكيمي بطلا للدوري الفرنسي رفقة باريس سان جيرمان    بعد كورونا .. جائحة جديدة تهدد العالم في المستقبل القريب    حماس تنفي خروج بعض قادتها من غزة ضمن "صفقة الهدنة"    بيدرو سانشيز، لا ترحل..    مقايس الامطار المسجلة بالحسيمة والناظور خلال 24 ساعة الماضية    طنجة.. توقيف شخص لتورطه في قضية تتعلق بالسرقة واعتراض السبيل وحيازة أقراص مخدرة    الأسير الفلسطيني باسم خندقجي يظفر بجائزة الرواية العربية في أبوظبي    جمباز الجزائر يرفض التنافس في مراكش    محكمة لاهاي تستعد لإصدار مذكرة اعتقال ضد نتنياهو وفقا لصحيفة اسرائيلية    "البيغ" ينتقد "الإنترنت": "غادي نظمو كأس العالم بهاد النيفو؟"    الفيلم المغربي "كذب أبيض" يفوز بجائزة مهرجان مالمو للسينما العربية    اتفاق جديد بين الحكومة والنقابات لزيادة الأجور: 1000 درهم وتخفيض ضريبي متوقع    اعتقال مئات الطلاب الجامعيين في الولايات المتحدة مع استمرار المظاهرات المنددة بحرب إسرائيل على غزة    بيع ساعة جَيب لأغنى ركاب "تايتانيك" ب1,46 مليون دولار    بلوكاج اللجنة التنفيذية فمؤتمر الاستقلال.. لائحة مهددة بالرفض غاتحط لأعضاء المجلس الوطني    نصف ماراطون جاكرتا للإناث: المغرب يسيطر على منصة التتويج    دراسة: الكرياتين يحفز الدماغ عند الحرمان من النوم    حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي على عزة ترتفع إلى 34454 شهيدا    التاريخ الجهوي وأسئلة المنهج    توقيف مرشحة الرئاسة الأمريكية جيل ستاين في احتجاجات مؤيدة لفلسطين    طنجة "واحة حرية" جذبت كبار موسيقيي الجاز    تتويج الفائزين بالجائزة الوطنية لفن الخطابة    الفكُّوس وبوستحمّي وأزيزا .. تمور المغرب تحظى بالإقبال في معرض الفلاحة    شبح حظر "تيك توك" في أمريكا يطارد صناع المحتوى وملايين الشركات الصغرى    المعرض الدولي للفلاحة 2024.. توزيع الجوائز على المربين الفائزين في مسابقات اختيار أفضل روؤس الماشية    نظام المطعمة بالمدارس العمومية، أية آفاق للدعم الاجتماعي بمنظومة التربية؟ -الجزء الأول-    خبراء "ديكريبطاج" يناقشون التضخم والحوار الاجتماعي ومشكل المحروقات مع الوزير بايتاس    مور انتخابو.. بركة: المسؤولية دبا هي نغيرو أسلوب العمل وحزبنا يتسع للجميع ومخصناش الحسابات الضيقة    المغرب يشارك في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    صديقي: المملكة قطعت أشواط كبيرة في تعبئة موارد السدود والتحكم في تقنيات السقي    مهرجان إثران للمسرح يعلن عن برنامج الدورة الثالثة    سيارة ترمي شخصا "منحورا" بباب مستشفى محمد الخامس بطنجة    خبراء وباحثون يسلطون الضوء على المنهج النبوي في حل النزاعات في تكوين علمي بالرباط    ابتدائية تنغير تصدر أحكاما بالحبس النافذ ضد 5 أشخاص تورطوا في الهجرة السرية    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النخب المغاربية وأسئلة الإصلاح: موضوع ندوة علمية وفكرية بكلية الحقوق بسطات

نظم مختبر الأبحاث حول الانتقال الديمقراطي المقارن وكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة الحسن الأول بسطات، بشراكة مع المؤسسة الألمانية هانس سايدل الندوة المغاربية الثالثة حول موضوع " النخب المغاربية وأسئلة الإصلاح و ذلك يومي الجمعة والسبت 15 و16 نونبر 2013 بمدرج الندوات بالكلية. وتندرج هذه الندوة التي شارك فيها ثلة من الباحثين من الأقطار المغاربية الخمسة (تونس، الجزائر، ليبيا، موريتانيا والمغرب). في إطار سلسلة من الأنشطة والندوات الوطنية والدولية والمغاربية التي يعتزم مختبر الأبحاث حول
الانتقال الديمقراطي المقارن القيام بها، وفي إطار "تعميق النقاش الأكاديمي حول دور النخب في قيادة وتأطير ومواكبة مسلسلات الإصلاح المتعثرة ومواجهة تحديات العولمة" .
وبعد كلمات الافتتاح الترحيبية لنائب رئيس جامعة الحسن الأول بسطات السيد رياض فخري، وكلمة السيد المسكيني السعيد نائب عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وكلمة السيدة جوليت بورزنبرجر ممثلة المؤسسة الألمانية هانس سايدل، وكلمة الدكتور عبد الجبار عراش مدير مختبر الأبحاث حول الانتقال الديمقراطي المقارن تلا الدكتور نجيب الحجيوي رئيس شعبة القانون العام بكلية الحقوق سطات ونائب مدير مختبر الأبحاث حول الانتقال الديمقراطي المقارن باسم المختبر التقرير التمهيدي للندوة المغاربية الذي ركز في مستهله المختبر أن الثورات العربية قد طرحت عدة أسئلة وعلامات استفهام خصوصا بعدما تسربت العديد من الشكوك إلى وعينا المشترك والمرتبطة بعدم قدرة المجتمعات الثائرة على الخروج من فلسفة الفوضى وبراثن الفتنة. تم أن العديد من هذه التوجسات يقول التقرير التمهيدي للندوة نابع من انقلاب الثورة على نفسها وخروجها عن أهدافها المفترضة والتي تتجلى على الأقل في عدة عوامل منها تفكيك البنيات السلطوية والاستبدادية واستبدالها ببنيات ليبرالية وديموقراطية، وتأسيس مشروع مجتمعي ودولتي قادر على إحداث تغييرات جذرية، مع الرفع من مؤشرات التنمية البشرية والسياسية، وخلق مؤسسات منتخبة قادرة على تمثيل المواطنين والتعبير عن هواجسهم و الإجابة عن مطالبهم العمومية، واسترجاع المواطن لسلطته المفقودة حتى يتمكن من الانخراط في السياسات العمومية.
إن هذه الرهانات وغيرها تبدو صعبة المنال على الأقل في المدى القريب وذلك بسبب التخوفات الناتجة عن عدم قدرة النخب المغاربية على تأطير زمن ومسار الثورة ، وعدم امتلاك هذه النخب للأجوبة على القضايا الكبرى للدولة والمجتمع، مع تميز الفكر السياسي المغاربي بالتناقض و التسرع و الغرق إما في الأصولية أو في المرجعيات الغربية و انقسام بنيات العقل المغاربي إلى بنيات مغلقة وإقصائية وبنيات سلطوية ومستبدة .
أمام هذه التحولات والتخوفات العامة، تطرح العديد من الأسئلة بالنسبة للمنطقة المغاربية، على اعتبار أن بلدان المغرب والجزائر وموريطانيا لم تعرف ثورات كما عرفتها كل من ليبيا وتونس. والصحيح هو أن هذه الأنظمة التي لم تشهد ربيع الثورات، بل عرفت بالمقابل محاولات وحركات احتجاجية تجاوبت معها هذه الأنظمة بشكل متفاوت.
فالنسبة للمغرب، تجاوبت المؤسسة الملكية مع مطالب الشارع العام بشكل مستمر، عبر خطب ثورية قوية ، مما أدى إلى إحساس المواطن المغربي بنوع من الارتياح السيكولوجي وأن النظام السياسي جاد فيما يقترحه، زد على ذلك أن القوات الأمنية استطاعت أن تؤطر مختلف الحركات الاحتجاجية بنوع من الحيطة والحذر والابتعاد عن المنطق الأمني الصارم. لكن المؤسسة الملكية لم تكتف بالخطاب فقط، بل سارعت إلى إنتاج مخرجات مهمة ومنها:
- تشكيل لجنة مكلفة بوضع دستور جديد يجسد المطالب العمومية، عبر تلقي مذكرات من مختلف الفعاليات، ناهيك عن
إجراء انتخابات برلمانية بمؤشرات النزاهة والمصداقية، وصعود الإسلاميين إلى الحكم مما أدى بالمقابل إلى التحكم نسبيا في الشارع العام.
أما في الجزائر، فإن جل الحركات الاجتماعية الاحتجاجية كانت من جهة حركات هشة لم تستطع إنتاج خطابات مضادة للنظام الجزائري، ومن جهة أخرى فإن مختلف القوات العمومية احتلت بالكامل جغرافية الاحتجاج وأحكمت قبضتها بشكل صارم على جميع مدخلات الثورة، والغريب هو أن النظام السياسي الجزائري لم يبادر إلى إنتاج أي مؤشر للإصلاح والتغيير ( لا تعديل دستوري ولا نتائج انتخابية نزيهة ) بل ظل المواطن الجزائري يدور في حلقة مفرغة وكأن الأمر لا يعنيه .
أما في موريتانيا، فإن الوضع أسوء ويدعو للاستغراب ذلك أنه رغم بعض الحركات الاجتماعية التي اتخذت طابعا احتجاجيا، فإن الأمر لم يسفر عن أي تهديد للنظام السياسي الموريتاني، فلا الحركات استمرت في مطالبها ولا النظام بادر إلى إنتاج مخرجات على الأقل لإحداث نوع من الاطمئنان للشعب الموريتاني.
أمام هذه الحالات الصعبة، يلاحظ أن هناك شعوبا قد ثارت ولم تحقق أهداف الثورة، وشعوبا لم تثر وحققت التغيير والإصلاح النسبيين، وشعوبا تخوفت من الثورة، وشعوبا بدأت فتراجعت. في هذا الصدد، تثار أسئلة عدة من قبيل أنه كيف يمكن للباحثين والفاعلين تأطير ما يقع والإجابة عن مختلف الحالات والوضعيات خصوصا في منطقتنا المغاربية ؟ ولماذا ثارت بعض الشعوب ولم تثر أخرى ؟ هل تعتبر الشعوب التي ثارت أحسن حال من غيرها ؟ تم لماذا لم تستطع هذه الشعوب الخروج بسرعة من دائرة العنف و الاغتيالات ؟ وماهو الفرق بين الثورة والفتنة والحرب الأهلية ؟ تم ما الذي يحول دون تحقيق أهداف الثورة خصوصا في المجتمعات المركبة والمتناقضة ؟ وإلى أي مدى ساهم التوظيف السياسي للربيع الديمقراطي في إفراز تغيير مستدام للعلاقة بين المواطنين والمجال السياسي؟ و هل حدث تغيير في تركيبة النخب؟ تم ما هو دور النخب في إحداث التغيير ومقاومة الترددات والتراجعات ؟ وما هو دور النخب خصوصا الفكرية والسياسية في تأطير زمن وتموجات الثورة ؟ تم هل تمتلك هذه النخب الجديدة القدرة والإرادة لتأطير التغيير؟ وهل تعكس هذه الصراعات تصارع النخب وتضارب مصالحها ؟.
لقد أبانت الثورات العربية والمغاربية بالتحديد أن النخب تتخبط في أزمة تتلخص في عدم وعيها باللحظة التاريخية، في ضعف فهمها للحركات الاحتجاجية، وبالتالي في عدم قدرتها على تأطير ما يقع ، وترسخت القناعة بأن الأمر مرتبط أشد الارتباط بسوسيولوجية معقدة تفسر بكون الشعوب العربية لم تشهد لا صدمات تاريخية ولا ثورات مفاجئة ولا قطائع حضارية وبأن الأنظمة العربية لم تراكم مرجعيات ديموقراطية في مجال السلطة السياسية والحكم يمكن الرجوع إليها. إن صدمة الثورات وفجائيتها وعدم توقع النخب السياسية للحراك الشعبي ولدت بالمقابل وبعد مرور أزيد من سنتين من الحلقات المفرغة، شعورا أن الثورة تحتاج إلى شروط ومرجعيات ونخب قادرة على ضبط انحرافات و انزلاقات ومتاهات الحماس الزائد بغية معرفة الخيوط والحدود الفاصلة بين الثورة والفتنة والحرب الأهلية وتفادي انهيار الدولة وتفكك الشعوب.
تأسيسا عليه، يلاحظ أن الشعوب الأخرى التي لم تثر، أصبحت تتوجس من منطق الثورة ، والشعوب التي بدأت بدت وكأنها تردد كلمة '' يا ليتني ما بدأت '' في حين أصبحت الشعوب التي ثارت تكرر كلمة '' لو كنت أعرف خاتمتي ماكنت بدأت ''.
إن الفكر السياسي المغاربي وبسب افتقاره إلى مشروع مجتمعي ( اقتصادي ، سياسي ، ديني واجتماعي ) سيظل يعاني ومعه الشعوب العربية، فهو فكر شارد، فكر افتراضي يشتغل على الورق وليس على الواقع ، فكر إما أنه غارق في الأصولية المفرطة أو مسحور بالحداثة الغربية، إنه لم يستطع إنتاج فكر بديل قادر على تأطير خصوصيات المجتمعات العربية وضبطها وربطها بالحداثة العقلانية .
وإذا كان من الصعب إصدار أحكام قاطعة اتجاه لحظة الثورات العربية واتجاه لحظات التحولات الديمقراطية كما هي بادية في بعض الأنظمة العربية وأيضا اتجاه بعض حالات الاحتباس والتردد، بسبب عدم اكتمال المؤشرات الموضوعية وتباعد المسافات، فإن الشكوك بدأت بالمقابل تتسرب إلى أذهاننا و قلوبنا بسبب تداخل واختلاط الوضعيات التالية: الثورة، الانقلاب، نصف ثورة ونصف انقلاب، الفتنة، الحرب الأهلية، الفوضى اللاسلم، اللاحرب ، وضعية لا غالب ولا مغلوب ...
والتوجس العميق هو أن تستمر هذه الحالات أكثر مما نتصور. وقد شهدت الندوة المغاربية الثالثة تقديم مداخلات قيمة مقسمة عبر ثلاث محاور أساسية وهي:المحور الأول والذي يتحدث عن ديناميات وأليات إنتاج النخب في الأنظمة المغاربية، تم المحور الثاني الذي يهم خصائص النخب المغاربية ومرجعيات الإصلاح، وأخيرا المحور الثالث المتعلق بعوائق التغيير والانتقال .
حيث كان للمشاركين في الندوة المغاربية موعدا مع عشرون مداخلة علمية وزعت على أربع جلسات، وقد تر أس الجلسة الأولى للندوة الأستاذ والدكتور عبد المجيد اسعد نائب رئيس الجامعة وهمت مداخلات السادة المحاضرين الأستاذ والدكتور رجب الضو خليفة المريض أستاذ بكلية الاقتصاد جامعة الزيتونة ببني وليد في موضوع " تجارب انتقال السلطة في دول الثورات العربية"، والأستاذ الدكتور حسن طارق أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسطات حول موضوع " الدولة المدنية وإشكالية العلاقة بين الدين والدولة في سياق الربيع العربي"، ومداخلة الأستاذ الدكتور عبد الرحمان شحشي أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسطات حول موضوع " النخبة مقارنة في المفهوم" تم مداخلة الأستاذ الدكتور محمد شفيق صرصر أستاذ مدير شعبة العلوم السياسية بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس حول موضوع " النخبة والانتقال الديمقراطي في تونس بين ضرورة التوافق ونزعات الهيمنة".
أما الجلسة الثانية التي ترأس أشغالها الأستاذ والدكتور عبد الجبار عراش مدير مختبر الأبحاث حول الانتقال الديمقراطي المقارن فقد عرفت تدخل الدكتور صالح الزياني أستاذ ورئيس مخبر الأمن في المتوسط قسم العلوم السياسية كلية الحقوق بجامعة باتنة الجزائر في موضوع" النخب في الجزائر وإشكالية التفاوض على سياسة التغيير" ومداخلة الأستاذ والدكتور محمد الرضواني أستاذ بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور، جامعة محمد الأول بوجدة في موضوع "العلاقة بين النخب والجماهير والتحول الديمقراطي" ومداخلة الأستاذ الدكتور عبد الرحيم منار السليمي، أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية جامعة محمد الخامس أكدال الرباط في موضوع "حالة الإصلاح في الدول المغاربية سنتين بعد الربيع العربي". ومداخلة الأستاذ الدكتور ولد محمد سيف أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية جامعة نواكسوط موريتانيا في موضوع " تدوير النخب وصعوبات الانتقال الديمقراطي بموريتانيا"، ومداخلة الأستاذ الدكتور محمد الغالي أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية جامعة القاضي عياض مراكش في موضوع " بروز نخبة التقنوقراط بين الهيمنة الحكومية ونكوص الشرعية السياسية"
وفي اليوم الموالي كان للمشاركين موعدا مع جلستين علميتين حيث ترأس السيد الدكتور شفيق صرصر أستاذ مدير شعبة العلوم السياسية بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس الجلسة الثالثة التي عرفت تدخل الأستاذ الدكتور حسن زواوي أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكادير حول موضوع " الانتقال الديمقراطي المغربي وأزمة النخبة السياسية" ومداخلة الأستاذ الدكتور محمد مونشيح، أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة في موضوع " الإصلاح الدستوري بين النخب الحزبية وحركة 20 فبراير" ومداخلة الأستاذ الدكتور عبد الجبار عراش أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسطات ومدير مختبر الأبحاث حول الانتقال الديمقراطي المقارن في موضوع " إكراهات صناعة النخب السياسية الحزبية بالمغرب "، ومداخلة الأستاذ الدكتور نور الدين الزاهي، باحث في علم الاجتماع حول موضوع " النخبة السياسية والمسألة الاجتماعية" ومداخلة الأستاذ الدكتور بوحنية قوي مدير مخبر الديمقراطية التشاركية، أستاذ وعميد كلية الحقوق والعلوم السياسية ورقلة الجزائر في موضوع " عجز المجتمع المدني عن صناعة النخب – حالة الجزائر" ومداخلة الأستاذ الدكتورعبد السلام زاقود، أكاديمي ومفكر عربي من ليبيا في موضوع " دور المثقف المغاربي في المراحل الانتقالية لدول الربيع العربي".
أما الجلسة الرابعة والأخيرة والتي ترأس أشغالها الأستاذ والدكتور نجيب الحجيوي رئيس شعبة القانون العام بكلية الحقوق سطات ونائب مدير مختبر الأبحاث حول الانتقال الديمقراطي المقارن فقد عرفت تدخل الأستاذ الدكتور ادريس الكريني، أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية جامعة القاضي عياض بمراكش ومنسق مجموعة الأبحاث والدراسات الدولية حول تدبير الأزمات في موضوع " الحرية الأكاديمية في ضوء الحراك العربي" ومداخلة الأستاذ الدكتور محمد الغزالي، أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية بسطات في موضوع " صناعة النخب الإدارية من خلال المرسوم المتعلق بالتعيين في المناصب السامية" ومداخلة الأستاذ الدكتور عبد العالي بنلياس، أستاذ بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس في موضوع " النخبة العسكرية والسياسة في الوطن العربي" ومداخلة الأستاذ الدكتور دحمان بن عبد الفتاح، أستاذ رئيس مخبر الاندماج الاقتصادي الجزائري الإفريقي ونائب مدير جامعة أدرار بالجزائر في موضوع " البعد الاقتصادي والمؤشرات الكمية – هل من دور للنخب الاقتصادية؟" والمداخلة الأخيرة في الندوة المغاربية الثالثة كانت للأستاذ الدكتور مولاي الحسن تمازي، أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسطات حول موضوع" مكانة الثقافة الضريبية لدى النخب ومطلب الإصلاح الجبائي".
وإجمالا فالندوة العلمية والفكرية تحدثت عن مفهوم " النخبة " عامة والمغاربية خاصة لأن إشكالية النخب تعد من المواضيع الأساسية التي يهتم بدراستها علم الاجتماع السياسي من حيث السيطرة السياسية و القيادة و الاتجاهات و الصراعات، و يهتم بالخصوص بدراسة النخبة في إطار دقيق جدا يتعلق بالتراتب الاجتماعي . وذكر المتدخلون في الندوة أن مفهوم النخبة أطلق لأول مرة لوصف السلع ذات الخصائص الممتازة وهو الاستعمال الذي كان شائعا خلال القرن 17. وأول استعمال لمفهوم النخبة في اللغة الانجليزية هو ذاك الوارد في " قاموس أكسفورد " و الذي يرجع إلى سنة 1823 ، حيث أطلق على فئات اجتماعية متميزة، و لم يستعمل المفهوم استعمالا واسعا في الكتابات السياسية و الاجتماعية في أوربا حتى فترة متأخرة من القرن 19، بل إنه لم يصبح كذلك في بريطانيا و الولايات المتحدة الأمريكية حتى سنة 1930 عندما انتشر عبر نظريات النخبة.
هذا عن مفهوم النخبة في الثقافة الغربية، أما المفهوم في الثقافة العربية الإسلامية فيعني الصفوة أو الخاصة أو أهل الحل و العقد أو أهل الشورى، و هي الفئات التي تمتاز بالوجاهة و الخبرة و الحظوة و القرب من السلطان نتيجة لأصولهم الاجتماعية أو موقعهم الاقتصادي أو مكانتهم العلمية أو الدينية وكل من يقدر على التأثير بصفة مباشرة على القرارات السياسية. تم أن هناك تعريف ضيق للنخبة يرتبط بفكرة الضبط و السيطرة السياسية، بيد أن التعريف الواسع للنخبة يشير إلى أي جماعة من الأفراد تتميز بخصائص لها قيمة محددة، كالمقدرة العقلية و الفكرية أو ما يطلق عليه " الأنتلجنسيا " أو النخبة الإدارية التي تصنع القرارات الإدارية و هي ما تسمى ب " التيقنوقراط "، إلى غير ذلك من الوظائف التي تشغلها النخب سواء في المجالات المدنية أو العسكرية أو الدينية ...
يستنتج من مختلف التعاريف أن النخبة تتميز بتعدد معانيها و حمولاتها و تطرح عاملي الصراع و التطور و تلتقي في إعطاء المفهوم، ذلك البعد المتمثل في القدرة على التأثير في مختلف مراحل اتخاذ القرار السياسي، و ذلك من وقت ظهور المشكل إلى صياغة الحل فالاعتماد، إلى التنفيذ ثم التقييم.
كما تتعدد أشكال النخب و تتنوع بتنوع المعايير، فعلى سبيل المثال لا الحصر يمكننا أن نميز النخب من حيث الانغلاق أو الانفتاح، ومن حيث الدور واتساع المجال الترابي أو ضيقه، ومن حيث ممارسة النخبة للحكم و كذلك من حيث الحداثة أو التقليد، وإذا كان سبب ظهور نظرية النخبة هو انتقاد الديمقراطية التمثيلية باعتبارها مظهرا كاذبا تعطي صورة مزيفة عن الديمقراطية الحقيقية، فتعتبر الانتخابات بالتالي و التمثيل السياسي مجرد " وهم " لخداع الجماهير، أما توزيع السلط في الدستور فيبقى شكليا وبدون معنى . كما أن نظرية النخبة تم إعدادها أيضا بالتعارض مع الماركسية. و بالتالي فأن منظروها سعوا إلى تحديد من يحكم في الواقع . إلا أن نظرية النخبة وجهت لها مجموعة من الانتقادات أهمها : تكريسها للفوارق الاجتماعية و اللامساواة ، تم كون أن روادها لم يكن تنظيرهم بريئا بل أيديولوجيا في خدمة هيمنة البورجوازية.
إن النخبة التي تنظر بعمق إلى الخارطة العربية والمغاربية خصوصاً، ترى أنها هناك نوع من التكالب والتقايض على الثروات، الأمر الذي يفرض بعض التحديات الاستراتيجية الحامية للمقدرات الاقتصادية المغاربية التي يجب أن تسهم فيها النخبة المغاربية في الظروف الحالية ومنها:
التحسيس بأهمية عقلنة الإنفاق الحكومي واستقلالية أجهزة الرقابة والتدقيق على الإنفاق العمومي، والتحسيس بأهمية المساءلة واستخراج الانحرافات بشكل دوري، وهذا قد يخص الدول المغاربية ذات الإنفاق العمومي الذي يعرف ارتفاعاً ملحوظاً. تم التحسيس الفكري والإعلامي بمخاطر الفساد على البنيان الاجتماعي الاقتصادي والسياسي والتحسيس بأهمية إرساء مقاربة أمنية مغاربية مشتركة لحماية الثروات المغاربية ذات الأطماع الأجنبية بشكل أخص. ناهيك عن التحسيس الفكري والإعلامي لمخاطر التهديدات العابرة للحدود والمتمثلة في المتاجرة بالأسلحة، المخدرات، الحركات الإرهابية، الهجرة غير الشرعية المرتبطة بالجريمة المنظمة.
ورأى المتدخلون أن أهم تحد يواجه الدول المغاربية، وقد يقف حائلاً أمام قطف ثمار التغيير الواعي والهادف هو مدى مقدرة سير القيادات المنتخبة ديمقراطياًً نحو التقارب وتحقيق الاندماج الاقتصادي المأمول، وذلك بالدفع بالمجتمع المغاربي نحو رسم خارطة طريق حقيقية للتكامل الاقتصادي، أخذاًً بفكرة: "أن التحول الحضاري لا يتم على يد بطل، أو حاكم، ولكنه يتم على يد الحكمة الجماعية وهي من المصلحين وقادة الفكر"، ونعتقد أن النخبة المغاربية ستكون حاضنة لهذا التحول، وهذا ما يحقق نهضة للمجتمع المغاربي بقدرته على الخروج من أحقاد مخططة له من طرف غيره، وفلسفة الفوضى وبراثن الفتنة، ليتأسس مشروع مجتمعي قادر على إحداث تغييرات جذرية على المستوى القطري وعلى المستوى المغاربي.
تم أنه ارتباطا بالنخب فإن الممارسة الديمقراطية إنما تتم عبر مؤسسات المجتمع المدني، فممارسة الحقوق الديمقراطية :"حق حرية التعبير،وحرية إنشاء الجمعيات والأحزاب،والنقابات والشركات والتعاونيات ،والحق في الملكية والحق في العمل،والحق في المساواة،وتكافؤ الفرص و بممارسة هذه الحقوق تنشأ مؤسسات المجتمع المدني،وبتغلغلها في جسم المجتمع تتعمق الممارسة الديمقراطية بدورها.
إن وقوف المجتمع المدني كحاجز إسفنجي بين الدولة والمجتمع،يجنب الدولة تفاعلات الوجه لوجه والصراعات المكلفة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا،لذلك فان إحياء مؤسسات المجتمع المدني " يشكل خطوة أساسية على طريق منع الصراعات من تدمير ما تبقى من عناصر التوحيد الوطني والقومي" ومن ثم فان " خروج الدولة من مأزقها البنيوي في المدى المنظور ليس بالأمر السهل ما لم يرد الاعتبار إلى المؤسسات المجتمع المدني ”.
وسنعود بالتفصيل في مداخلات السادة الأساتذة الذين أبرزوا في مداخلاتهم لدور النخب العلمية والفكرية والسياسية، والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفنية والرياضية والتقنوقراطية، والنخب السرية والعسكرية وتساؤلاتهم العلمية عن فحوى الإصلاح أيضا في مراسلة أخرى، كما تجدر الإشارة أن مختبر الأبحاث حول الانتقال الديمقراطي المقارن بسطات سيتكلف بطبع كتيب الندوة، وأن أشغال الدورة المغاربية الرابعة ستحتضنها مدينة ورقلة الجزائرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.