وفد اقتصادي فرنسي يستكشف الفرص الاستثمارية الواعدة بجهة الداخلة وادي الذهب    برلمانية تنتقد لجوء الحكومة إلى مسطرة إصلاح 81 مستشفى عمومي دون منافسة علنية    مباحثات مغربية أمريكية لتعزيز التعاون العسكري    "لارام" تدشن خطا جويا مباشرا بين الدار البيضاء وميونيخ    خمس سنوات سجناً نافذاً لساركوزي بتهمة تمويل غير قانوني من ليبيا    وثيقة "مسربة" تكشف أسماء 30 ألف عسكري إسرائيلي متورط في إبادة غزة    الأمين العام لجامعة الدول العربية: فوز المغرب بكأس العالم لكرة القدم لأقل من 20 سنة إنجاز يستحق الإشادة والتقدير    بعد التتويج بكأس العالم.. هل خسر المغرب موهبة القرن أم ربح مشروعاً يصنع الأبطال؟    من ينقذ موسم سيدي بوعبد اللي..؟    تيزنيت: الأستاذ الجامعي عبد العزيز ياسين ينعش ذاكرته بين شتائل الثانوية التقنية ابن سليمان الرسموكي.    كنزة الغالي.. سفيرة بروح وطنية عالية تجسد الوجه المشرق للمغرب في الشيلي    تعيين مسؤولين ترابيين جدد في دكالة والشرق    المغاربة يترقبون ممراً شرفياً لكأس العالم للشباب في الرباط...    عاجل.. استقبال شعبي وملكي اليوم للمنتخب المغربي بعد إنجازه التاريخي في الشيلي    رياضي سابق يفارق الحياة في مقر أمني بأمريكا    تاكايشي أول رئيسة للوزراء باليابان    إسرائيل تؤكد تسلم جثة ضابط صف    القصر الكبير : حجز أزيد من 30 كيلوغراما من مادة محظورة داخل مرايا معدة للتصدير    كيوسك الثلاثاء | مشروع قانون المالية لسنة 2026 يكشف عن خطة الحكومة للتشغيل    تمديد آجال الترشيح للجائزة الوطنية الكبرى للصحافة    السكوري: نظام التكوين بالتدرج المهني مكن من توفير 39 ألف منصب شغل خلال شهري غشت وشتنبر    الملك محمد السادس يطلق جيلاً سياسياً جديداً: الدولة تموّل 75% من حملات الشباب لكسر هيمنة المال والنفوذ    تمديد آجال الترشيح للجائزة الوطنية الكبرى للصحافة    المعادن النادرة ورقة ضغط بخصائص صينية ...    عن أي سلام يتحدثون؟    أجواء حارة في توقعات طقس الثلاثاء بالمغرب    الصين تدعو الولايات المتحدة لحل الخلافات التجارية عبر الحوار    صحافة البؤس أو بؤس الصحافة!    عمور: المغرب يستقبل 15 مليون سائح ويسجل رقما قياسيا ب87.6 مليار درهم    زواج صناعة الألعاب الإلكترونية بالسينما    المغرب يعزز استقلاله الدفاعي: قانون المالية 2026 يرفع ميزانية القوات المسلحة نحو صناعة عسكرية وطنية متطورة    مؤسسة الدوحة للأفلام تعلن عن مجلس الأمناء الجديد    ميزانية القصر الملكي ترتفع بنسبة 2.5% في مشروع مالية 2026    الملك محمد السادس يفتح مرحلة جديدة من التحول: استثمار تاريخي في الإنسان والطاقة والدفاع    في إنجاز غير مسبوق .. أشبال الأطلس يكتبون التاريخ بالشيلي ويصعدون إلى قمة العالم    إلى ذلك الزعيم    لمن تذهب مليارات الإعفاءات الضريبية في مشروع مالية 2026؟    الخطوط الملكية المغربية وChina Eastern Airlines توقعان على اتفاق شراكة إستراتيجية لربط الصين بالقارة الإفريقية    من وحي المؤتمر الوطني الثاني عشر .. رسالة التجديد والثقة والإصلاح من أجل مغرب العدالة الاجتماعية    الملك محمد السادس يهنئ منتخب المغرب للشباب بعد تتويجه التاريخي بكأس العالم    توقيع مؤلفات جديدة في فعاليات ملتقى سينما المجتمع التاسع ببئر مزوي    هاجسُ التحديثِ في الأدب: دراسةٌ في النُّصوصِ الأدبيَّة لعبد الله العروي    التشكيلي المنصوري الإدريسي يمسك ب «الزمن المنفلت»    "مالية 2026" تكشف رؤية استراتيجية لترسيخ السيادة الدفاعية والرقمية    بورصة البيضاء تغلق بحصيلة إيجابية    اليوم الثالث من فعاليات المهرجان الوطني للفيلم يتميز بالمرأة والحرية والخيال    أونسا: استعمال "مضافات الجبن" سليم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    الكاف يشيد بالتتويج المستحق للمغرب بكأس العالم تحت 20 سنة    ساعة أمام الشاشة يوميًا تخفض فرص التفوق الدراسي بنسبة 10 بالمائة    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل سيهزم ابن كيران حكومة القصر؟
نشر في كود يوم 12 - 01 - 2012

الآن وقد نصبت حكومة العدالة والتنمية رسميا، وأدت القسم بعد مفاوضات ومشاورات شاقة، يكون ابن كيران قد أدرك معها ومن معه ممن دخلوا "دار المخزن" اليوم من بابها الواسع، بشكل رسمي وعلني، أن الأمر ليس سهلا كما قد يبدو، وأن الشعبوية وخطابات العلاقة العامة وأن الاعتماد على صلاحيات رئيس الحكومة الدستورية الجديدة، أو حتى على نتائج الانتخابات وشعبية الحزب لن يترك المركب تسير بسلام، فنظام الحكم في المغرب كبقية أنظمة الاستبداد له منطقه الخاص ورؤيته الخاصة للأشياء، فمنطق التحكم والضبط والربط وعدم ترك الفرصة للمفاجآت هو الحاكم المتحكم، لذا فلا داعي أن يوظف المحلل أو المتابع كل أدوات التحليل السياسي والأكاديمي، فلن تسعفه حتى أكثر المناهج اللامنطقية في فهم المشهد السياسي في المغرب، فالمخزن له حساباته الخاصة، واعتباراته التي لا يمكن أن تحيط بكنهها ولبها وجوهرها علوم السياسة ولا سياسة العلوم، فهو قد يقدم على الأمر ونقيضه ويقول القول ويفعل خلافه، وحتى حيال التناقض والتعارض لا يملك جوابا إلا احتمالات يبتدأ فيها بالجنون، وينتهى فيها بانفصام الشخصية، وفي أحسن الأحوال يمكن القول بتعدد مراكز القرار وتشاكس مراكز القوى، في بلد يحكمه ملك يحتكر كل السلطات والصلاحيات بمقتضى الدستور والواقع.

ما بين يوم التكليف في ميدلت في 29/11/2011 ويوم التنصيب الرسمي في 3/01/2012 وقعت أحداث وجدت حوادث، تعلم خلالها ابن كيران الكثير من الطقوس المخزنية والآداب السلطانية ليس أولها ربطة العنق، وليس آخرها انحناءة الركوع المحتشمة.

فقد شهدت هذه المدة الزمنية تعيين فؤاد عالي الهمة، وتعيين السفراء، وتعيين المستشارين، وتم تعديل عدد الوزارات، وتعددت اللقاءات مع الملك وتغيرت المواعيد، ووقعت مفاجآت تم الإعلان عن بعضها وسكت ابن كيران عن بعضها حفاظا على ماء وجهه، ومرت رسائل وإشارات المخزن إلى ابن كيران وغيره، مؤداها ومفادها أن المخزن هو لا غيره من يحكم ويتحكم، وأن الحكومة التي اختارها الشعب وباركها المخزن على مضض هي حكومة الواجهة، وحكومة امتصاص الصدمات، أما الحكومة الحاكمة التي تملك المفاتيح وتملك القرارات، هي من عينت السفراء على عجل -ضدا على أحكام الدستور- وقد ضلت مناصب بعضهم شاغرة لمدة تزيد عن الستة أشهر، وهي من حددت عدد الوزراء ورفعته بعد أن وعد ابن كيران أنه لن يتعدى 15 وزيرا، وهي من رقت الوجوه المرفوضة في الشارع المطلوبة للمحاكمة ومنها "صاحب ابن كيران" وجعلتهم مستشارين، وهي من حددت توقيت تنصيب الحكومة وتولت مفاوضات السر، وهي من قالت للسيد ابن كيران حالا ومقالا: "من لم يربه أبواه فالمخزن يربيه"، وجعلته يزن الكلام بالغرام.
ليس هذا تحاملا على حكومة العدالة والتنمية -معاذ الله- ولكنها الواقعية السياسية والحقائق المرة المؤلمة التي على مناضلي الحزب وقياداته أن يكونوا أول المؤمنين بها، لأن البسطاء من الناس والعوام يعلقون على حكومة ابن كيران الملتحية الآمال العراض ويغرقونها بالدعوات، فهم يثقون في رصيدها الأخلاقي وفي انتسابها للدين و في سلامة ذمة أعضائها، وهي ثقة غالية لا تملك الأحزاب عشر عشرها وستكون صدمة الناس كبيرة إن هم أفاقوا على واقع إن هذه الحكومة لا تملك من الأمر شيئا وأنها لا تستطيع تنفيذ ما وعدت به، وأن الحاكمين الحقيقيين يشتغلون خلف الستار ويعيقون مسيرة التغيير.

دعونا نقر أن حكومة ابن كيران مختلفة بكل المقاييس –ولا ينكر إلا مكابر أو معاند-، وأن ما ستقوم به من إجراءات أو ما قامت به من مبادرات، كزيارة الزعامات الحزبية، والأمناء العامين السابقين وبعض الشخصيات، والتعالي على الحسابات الحزبية الضيقة، وتقديم المصالح العليا، وتوسيع دائرة التشاور وفتح الحوار مع بعض الفاعلين السياسيين والاقتصاديين، والشفافية والانفتاح غير المسبوق على الصحافة خاصة الوطنية، وإشراك الرأي العام في خطوات تشكيل الحكومة، والخروج بالمفاوضات لأول مرة من الكواليس إلى دائرة الضوء ومسطرة اختيار الوزراء داخل الحزب، كلها إضافات نوعية إلى العمل السياسي والحزبي في المغرب، وتكريس لتقاليد ستبصم الحياة السياسية وستتعب كل من يأتي بعد العدالة والتنمية. لكن السؤال المطروح الآن إلى أي حد سيصمد "المعقول" بتعبير السيد ابن كيران أمام التحديات الموجودة: وضع اقتصادي متأزم، احتقان اجتماعي، معارضة متوثبة تريد استرداد جزء من شعبيتها، احتجاجات شارع مشتعل، أوراش تشريعية ودستورية مفتوحة، فساد مستشري، زبونية محسوبية، تعليم يحتضر، صحة مريضة، خدمات اجتماعية منعدمة؟ إلى أي حد سيصمد معقول ابن كيران وإخلاص وجدية حكومته أمام التحدي الأكبر الذي أمامها، وهو حكومة الظل وثعالبها العجوزة التي في واجهتها مستشاري الملك المعينين، فهنا المعركة الحقيقية، كيف ستمارس صلاحياتها في ظل وصاية المستشارين باعتبارهم الماسكين الحقيقيين بالملفات الحيوية، والواضعين للسياسات الإستراتيجية والخيارات الكبرى، فهي إما أن تناور بذكاء موظفة الأوراق التي بحوزتها الآن لتحشرهم في الزاوية، وتحد من تدخلاتهم في أشغالها، وإما أن تنبطح وتستسلم في البداية كسابقاتها، وتتمثل الأوراق التي يمتلكها العدالة والتنمية في:

1-تعاطف شعبي: لا يعول عليه طويلا، إن لم تقم الحكومة بإجراءات سريعة وفعالة في القطاعات الاجتماعية.
2-رصيد أخلاقي ومصداقية: لم تتلوث أيدي أغلب مناضلي الحزب بمعاملات مشبوهة أو نهب للمال العام.
3-أغلبية برلمانية مريحة: قد لا تصمد طويلا بسبب ما ستعرفه أحزاب الأغلبية الحكومية من انشقاقات أو من انسحابات في المستقبل.
نصوص دستورية: ترسانة دستورية على علاتها يمكن أن يشكل تطبيقها إحراجا للمخزن.
4- مباركة ملكية: رغم تشكيك البعض في ارتياح الملك للإسلاميين، انظر برقية السفير الأمريكي في تسريبات ويكيليكيس، وتصريحات محمد الطوزي مثلا.
5- واقع إقليمي ودولي جديد: يتميز بارتفاع الضغوط المطالبة بالتغيير السياسي والإصلاح الاقتصادي، والقبول بحكم الإسلاميين.
6- طاقم شاب كفؤ: فريق منسجم يمتلك من المؤهلات العلمية، والقدرات الصحية ما يؤهله لعمل ميداني دؤوب، فمعدل سن الوزراء في هذه الحكومة لا يتعدى 50 سنة.
كل هذه الأوراق إن أحسن الحزب لعبها فسيعزز الثقة بالحكومة، وسيخرج في الوقت نفسه الأفاعي من جحورها وسيكسب جولته الأولى ورهانه في معركة إسقاط الفساد، خاصة إن أعقبها بإشارات قوية للقطع مع الاستبداد والفساد، كتحريك ملفات المجلس الأعلى للحسابات الراقدة في الرفوف، وإقرار سياسة التقشف بإعطاء القدوة بوزراء وبرلمانيي العدالة والتنمية، وتوسيع هامش الحرية، وإطلاق سراح المعتقلين على خلفية سياسية، أوإعادة محاكمتهم محاكمة عادلة خاصة السلفيين، وإطلاق سراح رشيد نيني ومعتقلي الرأي بإصدار عفو برلماني، وإعادة التصريح للأحزاب التي حلت بالاشتغال، ورفع المضايقة الأمنية والإعلامية عن المعارضة المغربية الإسلامية والسياسية وفي مقدمتها العدل والإحسان، تفسير النصوص الدستورية بشكل يكرس الحرية والديمقراطية، إصدار قوانين تنظيمية أكثر تقدما، تخليق الحياة العامة، فتح حوارات قطاعية جادة ومسؤولة، والبحث عن الحلول الممكنة، وتفعيل الاتفاقات التي وقعتها الحكومات السابقة.
من دون شك أن المخزن يراهن على نجاح العدالة والتنمية كحكومة إطفائيين تعبر به مرحلة الحرائق الحالية بسلام وتجنبه الصدام مع الشارع، ولن يغامر بالاصطدام معها على المدى القريب، وهذه نقطة أخرى من نقاط القوة التي على العدالة والتنمية أن تجيد اللعب بها، ويراهن المخزن على نجاحها في تدبير الملفات لأن ذلك سيحسب له، وحتى إخفاقها - وهو ما لا نتمناه- هو أيضا نجاح على المدى البعيد للمخزن، لأنه يكون في النهاية إما تخلص مما يسمى "بديلا إسلاميا"، أو نجح في إدماجه في نظامه المخزني بعد أن عزله عن قاعدته الشعبية، والمخزن لن تعوزه الحيلة ولا الوسيلة فحرفته ترويض الأسود أما القرود فيجذبها الموز والبندق.
الرباط في
10/01/2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.