الحسيمة.. البام ينتدب ممثليه في المؤتمر الوطني السادس لمنظمة شباب    المكتب الوطني للسكك الحديدية يعتمد مواقيت جديدة للقطارات بداية من الغد    جيش إسرائيل يدمر برجين في غزة    غارات إسرائيلية عنيفة على غزة تزامنا مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي    إقصاء العدائين المغاربة فؤاد المسعودي، حفيظ رزقي وأنس الساعي في سباق 1500م    أندية الريف تجدد دعمها لعبد اللطيف العافية لولاية جديدة على رأس عصبة الشمال    نادي اتحاد طنجة لكرة اليد يجدد ثقته في خالد الفيل لقيادة الفريق للموسم الثاني    انتخاب ذ. محمد اعمو رئيسا للنادي الرياضي القصري لكرة اليد النسوية    حادثة سير مميتة تودي بحياة أستاذ شاب نواحي أزيلال    غرق سفينة صيد موريتانية قبالة الرأس الأبيض وفقدان خمسة بحارة    شباب المسيرة يجدد الثقة في المدرب التونسي فريد شوشان وعينه على تحقيق الصعود    عملية جراحية تبعد حدراف عن الجيش الملكي لثمانية أسابيع    تعثر انطلاق أسطول الصمود المغاربي من ميناء بنزرت نحو غزة    مدوّن عالمي يكشف عرضا سريا لدعم ديمبلي في سباق الكرة الذهبية    تفكيك شبكة احتيال على الراغبين في الهجرة بفاس    تفعيل التعاون المغربي الموريتاني في مجال أمن الحدود ومكافحة التهديدات العابرة    تحقيق في فرنسا بحق رئيس الوزراء اللبناني السابق نجيب ميقاتي    سقوط قتيل في انفجار حانة بالعاصمة الإسبانية    الجمارك تنعش خزينة الدولة ب65 مليار درهم في ثمانية أشهر    الدار البيضاء: تتويج الفرس 'كازا دي شامبو' بلقب النسخة الرابعة للجائزة الكبرى لإفريقيا 2025 لسباقات الخيول    الكتبيون يستنكرون ممارسات تضر بالمهنيين من شركة لتوزيع كتب الريادة    مجلس حقوق الإنسان: منظمات غير حكومية تحذر من استمرار العبودية في مخيمات تندوف    صدور القانون الجديد للمسطرة الجنائية في الجريدةالرسمية ومهلة3 أشهر قبل دخوله حيز التطبيق    المهرجان الدولي لسينما الجبل بأوزود يحتفي بالاعلامي علي حسن    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    فرنسا.. رئيس الوزراء الجديد يتخلى عن مقترح إلغاء عطلتين رسميتين ويدعو اليسار إلى التعاون    حماة المستهلك ينتقدون الزيادات المفاجئة في الرسوم البنكية    تراجع مفرغات الصيد بميناء الداخلة بنسبة 21٪    المغرب يحتل المرتبة 107 عالميا في مؤشر الديمقراطية    رحلة عذاب لركاب قطار الجديدة البيضاء.. ركاب عالقون حتى الثالثة صباحا    تصاعد العدوان على غزة وارتفاع الحصيلة إلى 32 شهيدا    كوريا تؤكد أول حالة إصابة بأنفلونزا الطيور شديدة العدوى هذا العام    تدخل بطولي لرجل أمن بانزكان لتحييد خطر جانح يتحوز سلاحا أبيض    تفاؤل كبير لدى الفلاحين بسبب التساقطات المطرية خلال شتنبر    إسبانيا :الموسم السياسي ينطلق بانتعاشة واضحة للحزب الحاكم وتنامي الخطاب العنصري للأحزاب القومية    أوكرانيا تقول إنها تحتاج 120 مليار دولار للدفاع    بعقْلية الكسل كل أيامنا عُطل !    بحضور لشكر.. برلماني: الناس وخا منديرو لهم والو غيصوتو علينا والمقعد مضمون غي تهناو!    تحضيرا للمونديال.. المغرب يطمح لاقتناء نحو 7000 حافلة صينية جديدة بحلول عام 2030، نصفها يعمل بالطاقة الكهربائية    الداخلة.. حجز 6,8 طن من الأسماك واعتقال 12 شخصاً: ملف جديد يسلّط الضوء على التهريب البحري    موريتانيا وإسبانيا.. نحو شراكات اقتصادية واعدة    العدالة والتنمية بتطوان يطلق مجموعة من الأوراش السياسية وعلى رأسها ملف الانتخابات    الأخطبوط في فترة استراحة: تدابير صارمة لضمان الاستدامة البحرية    المطبخ المغربي يتألق في القرية الدولية لفنون الطهي بباريس    حياة الكلاب..حياة الماعز    منظمة الصحة العالمية تسجل ارتفاع حالات الإصابة والوفاة بالكوليرا    دراسة : التدخين يزيد خطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري    "باراماونت" تنتقد تعهد فنانين بمقاطعة مؤسسات سينمائية إسرائيلية    ابن الحسيمة الباحث عبد الجليل حمدي ينال شهادة الدكتوراه في الكيمياء العضوية    ارتفاع حالات الكوليرا حول العالم        سفير المغرب يفتتح معرض الفن العربي بواشنطن بدعم مغربي    دراسة: "حمية الكيتو" قد تساعد في علاج الاكتئاب    ناصر الزفزافي يرسل رسالة مؤثرة من داخل سجنه بطنجة بشأن جنازة الفقيد والده    الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي    أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضيعني كارل ماركس!
نشر في كود يوم 28 - 02 - 2013

لم أتعلم من فكرة اليسار أن أكون ماركسيا، ومازلت، لحد الساعة، تستهويني كتب الدين أكثر من أدب الواقعية الاشتراكية .
لقد سقط عليّ اليسار كقدر إلهي وهاأنذا أتحمل المشيئة .

لما خرجت من بطن أمي وجدتني مقذوفا في أسرة تضم بين أحضانها شيوعيين، اشتراكيين وقوميين، وأنا، دخيل وفي غفلة من أمري، كل جبهة تصوب نحوي قذائفها، ضائع في غابة من الأرجل والمواقف .

لم أعثر على موطئ لقدمي، وكان علي أن أتخذ موقفا حاسما، فانضممت إلى صف الوالدة، لأنها تحب الله أكثر من كارل ماركس، وتعتبر مطالب هذا السيد، موجودة بشكل أفضل في السماء، أعلى من رؤوسنا جميعا، دون حاجة لدكتاتورية جديدة اسمها البروليتاريا، فالاستبداد استبداد ولو كان من الملائكة .

كانت أمي تقدمية جدا أفضل منا جميعا، متسامحة، وتؤمن بالاختلاف، أشد ما كرهت تلك الأغاني (الملتزمة) في أشرطة مهترئة تداولتها أكف كل شعوب العالم المقهورة، تقول عنها إنها تجلب النحس لهذا البيت، وبطردها من المسجلة ستدخل البهجة إلى قلوبنا، وقد كانت على حق، أشخاص لا علاقة لهم بالغناء إلا أنهم يحملون عودا ويدندنون بما يشبه الموسيقى، لهم أصوات كأنها خرجت من قبر، يتجولون بها في الجامعات ومقرات الأحزاب والنقابات .
عذبني المغنون (الملتزمون) وأفسدوا ذوقي الفني، فشكرت انهيار المعسكر الشرقي والمطارق الشجاعة التي حطمت جدار برلين، وشكرت غورباتشوف والإمبريالية العالمية لأنها خلصتني منهم .

كان أخي الأكبر يتلقى دعما ماليا كبيرا من الاتحاد السوفياتي، بعملة تسمى الروبل (لا أعرف سهلة أم صعبة)، ويستقبل كتبا حمراء لدار التقدم، مترجمة ترجمة رديئة، كي تسود الستالينية في المغرب، وقد نجانا الله من شر فعله، أما الذي يأتي بعده مباشرة فهو عميل للصين، درجة أن مطبخنا كان لا يخلو من الأرز الماوي، إضافة إلى إخوة آخرين يشتغلون جواسيس قوميين للعراق وسوريا .

إنك ضيعتني يا كارل ماركس، يا مفسد طفولتي، يا نبي العدل فوق الأرض، جعلتني لا أعرف هل أخرج للهو مع أقراني، أم أخرج في مظاهرة، جعلتني بدل أن أقرأ قصص الصغار أتهجى بيانك الشيوعي، بدل أن أحفظ أغنيات تفوح منها رائحة الورد رددت أناشيد تنز دما .

وأحبك على الرغم، لأنك لم تكن تقصد، كان نيتك سليمة . منذ ذلك الوقت صرت حذرا، صارت أرداف مغنيات الكليبات أجمل عندي من مطلق شعارات يزعم أنه سيحرر فلسطين، وأجمل من صوت نشاز يجعل الصغار يبللون فراشهم ويحلمون بالكوابيس .

قلت لم أتعلم أن أكون ماركسيا، بقيت تائها بين أحضان أسرتي التي تضم خصوما سياسيين، تائها بين دول حليفة تقتل الناس باسم الثورة وتسجن شاعرا بجرم قصيدة مفرطة في الذاتية .

كبرت ضائعا ودائخا ومرفوضا من الجميع، إلى أن عرفت أن كارل ماركس هو الآخر لم يكن ماركسيا، أنه هو القائل (كل صلب يتبخر)، أنه يستغل الخادمة ويخون زوجته معها، حتى وقعت الواقعة وحبلت منه، فجرى يستجدي صديقه الطيب انجلز كي يخلصه من هذه الورطة، بأن يدعي أنه هو من نام معها وحصل ما حصل .

كارل ماركس أيضا مستهتر وسكير، تذهب زوجته لتأتي له ولأطفالهما بالمال من عائلتها الميسورة، فيصرفه في الملذات تاركا الأسرة عرضة للجوع والحاجة .
مرة ثانية أصارحك يا سيد ماركس، يا صاحب اللحية الخالدة، يا مسيلمة، يا كذاب، أصارحك أني أحببتك، أحببت كذبك على البشرية لأنها مغفلة وتستحق أكثر مما جرى لها، فقررت أن أبقى يساريا رغم أمريكا وكل الحاقدين، لكن على طريقتي :

معنى أن أبقى يساريا هو شكل قبلة أرسمها على خد فتاة .
هو أن أخلص للشعر كما يخلص مناضل لقضيته .
هو أيضا أن أغيظ اليسار
أن أقول للأصولي لست معك
هو أن أقول للعقل أنت إرهابي خيال
أن أعتبر العدم تاج الحرية
أن أضحي بفكرة اليسار إن كانت تقف أمام حريتي
هو أن أبغض العمل بنفس حماس دفاع اليسار عنه
أن أشجع الجماهير على الكسل والنوم
هو أن آخذ ورقة وأعترف بعدم فهمي
أن أعي أن دولة اليسار لا تتحقق مثلها مثل حلم جميل، ولأنها كذلك تبقى
مطلبا مشروعا
أن اليسار هو الجنة
وهو الجحيم لمن أراده أن يكون جحيما
أن الله معي في كل ما أفعل
أن اليسار دهشة دائمة موجهة نحو المستقبل
أنه اكتشاف أن الحقيقة كذبة كبيرة أشاعها رجل يميني
أنه تطرف في الحب
أنه مقاطعة بضائع البغض بالمعنى الروحي
أن اليسار إيمان أن اليقين أفيون الشعوب
أنه أيضا حق العمال ليس في الإضراب فقط، بل في اللعب أيضا
أنه غرق في المتعة التي تربك اليمين
أنه بلا نصيحة يقدمها لأحد
أنه ثورة على الرتابة
ويؤسفني، نعم، يؤسفني اليساريون لأنهم غير يساريين
أنا خائنكم وتحريفيكم
وابنكم البار
فارحموا نزقي أيها الرفاق .

كتب هذا النص في بداية الألفية الثالثة، وكان مؤسسا لمواقفي الرجعية والمحافظة، وقبل ظهور حركة 20 فبراير بأكثر من عقد، وهو ما تأكد بالملموس اليوم، دون أن أعي الأسباب الحقيقية لتحولي وانمساخي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.