بريطانيا تجدد دعم مخطط الحكم الذاتي    دبي تحتضن أول مستشفى لأكديطال    تورك: استهداف المدنيين "جريمة حرب"    ألمانيا .. السجن مدى الحياة لسوري قاتل دعما لحكم الأسد    "النفايات أسقطت حكومات".. وزيرة تحذّر من تعثر مشاريع للأزبال المنزلية    جامعة وجدة تنفي شائعات متداولة    يوميات حاج (4): السعي .. درب الخوف واليقين بين الصفا والمروة    برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى أفراد أسرة المرحوم عبد الحق المريني    تشييع جثمان الراحل عبد الحق المريني بحضور الأمير مولاي رشيد    عطلة استثنائية للبنوك بمناسبة عيد الأضحى    رئاسة الأغلبية الحكومية تؤكد التزامها بمواصلة تنزيل الإصلاحات وتعزيز المسار الديمقراطي        خروف يتسبب في سحب رخصة الثقة من سائق طاكسي    حريق واحة "أفرا" بطاطا يتلف 500 نخلة على مساحة 3.4 هكتار    دعوات للاحتجاج ليلة عيد الأضحى بطنجة تضامنا مع الشعب الفلسطيني بغزة    السعودية تدعو الحجاج لالتزام خيامهم يوم عرفة تحسبًا للإجهاد الحراري    الناظور.. نفاد حقنة تحمي الرضع من أمراض الرئة    السكن.. التمويل التشاركي يصل إلى 26.2 مليار درهم في نهاية شهر أبريل (بنك المغرب)    الدكتورة إمان اضادي منسقة ومنظمة المؤتمر الدولي للغة العربية وتراثها المخطوط بفاس للاتحاد الاشتراكي    وداعا سميحة أيوب .. سيدة المسرح العربي ترحل واقفة    قطارات بلا تكييف ومشروع جديد في سيدي البرنوصي يلوح في الأفق    براهيم دياز خارج وديتي المغرب أمام تونس وبنين    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    وزارة برادة: أجواء إيجابية وهادئة ميزت الدورة العادية للامتحان الوطني الموحد لنيل شهادة البكالوريا    انسحاب حزب فيلدرز بسبب خلاف حول الهجرة يهدد استقرار الحكومة الهولندية بعد 11 شهراً على تشكيلها    الكونغرس البيروفي يحث حكومة بلاده على دعم سيادة المغرب على صحرائه    الفنانة سميحة أيوب تغادر بعد مسيرة فنية استثنائية    جامعة محمد الأول تنفي "الفضيحة البيداغوجية": مزاعم باطلة و"الحركية الدولية" خيار مشروع    فوضى المجازر ومحلات بيع اللحوم.. تهافتٌ غير مسبوق ولهيبٌ في أسعار اللحوم.. أين الجهات المختصة؟    توقيف ثلاثة قاصرين بسبب السياقة المتهورة بسلا    المغرب/المملكة المتحدة: توقيع مذكرة تفاهم لدعم تنظيم مونديال 2030    تأجيل محاكمة سعد لمجرد    مهرجان "أرواح غيوانية" يواصل فعالياته ببنسليمان بمشاركة أبرز رموز الأغنية الغيوانية        الصحراء المغربية بين الإنتصار للسيادة ورهانات البناء الداخلي    بوانو: الحكومة صرفت 61 مليارا على القطيع دون نتيجة وينبغي محاسبتها على حرمان المغاربة من الأضحية    المغرب يصحح الانزياحات المفاهيمية داخل الأمم المتحدة    35 ألف متفرج و520 كاميرا مراقبة.. مركب فاس جاهز لاستضافة المباريات الدولية    وفاة الفنانة سميحة أيوب "سيدة المسرح العربي" عن عمر 93 عاماً    مروان سنادي: حققت حلمي بارتداء القميص الوطني وعندما سمعت اسمي ضمن اللائحة شعرت بفرح كبير        تصريحات نارية للاعبين والطاقم التقني للمنتخب التونسي قبل مواجهة المغرب    بعض عرب يقودهم غراب    نقابيو ‬شركة ‬‮«‬سامير‮»‬ ‬يصعدون ‬من ‬جديد ‬    الساحة الفنية العربية تفقد سيدة المسرح الفنانة المصرية سميحة أيوب    السينما المغربية تتألق في مهرجان روتردام    الناخب والمدرب الوطنيين لحسن واسو وجواد خويا يحرزان أعلى شهادة يمنحها الاتحاد الدولي للمواي طاي إيفما    مقتل 3 جنود إسرائيليين في قطاع غزة    هانزي فليك مدرب برشلونة يظفر بجائزة الأفضل في الدوري الإسباني    كأس العالم للأندية: تشلسي يدعم صفوفه بالبرتغالي إيسوغو    الفيفا يكشف عن شعار النسخ الخمس القادمة لمونديال السيدات لأقل من 17 سنة بالمغرب    السعودية: إخراج أكثر من 205 آلاف شخص من مكة حاولوا الحج بدون تصريح    محمد الأمين الإسماعيلي في ذمة الله    "وقفات مع العشر".. عنوان حلقة جديدة من برنامج "خير الأيام" عبر يوتيوب    السجائر الإلكترونية المستخدمة لمرة واحدة تهدد الصحة والبيئة!    معهد للسلامة يوصي بتدابير مفيدة لمواجهة حرارة الصيف في العمل    البرازيل تحقق في 12 إصابة جديدة مشتبه بها بإنفلونزا الطيور    مخترع حبوب الإجهاض الطبي يغادر دنيا الناس    









الإخوان المسلمون.. ديمقراطيون أم نازيون؟: سؤال طرحته «الوطن الآن» على 7 مفكرين عربا ومغاربة

ثمة مشترك واحد في عمليات التحول التي عرفتها جل الأنظمة السياسية في بلدان «الربيع العربي»، ذلك أن الذين أسقطوا حكم الدكتاتور في كل من تونس ومصر وليبيا، أو الذين قادوا معركة التعديلات الدستورية في المغرب، ليسوا هم الإسلاميون، بل تحديدا الهيئات المدنية السياسية والنقابية والشبابية وشبكات التواصل الاجتماعي. أما الأصوليون بتنويعاتهم المذهبية والسياسية فقد كانوا في الظل يرتبون للخطط المحكمة للاستيلاء على الحكم.

هذا الموقف ليس سوء فهم أو سوء قراءة للمشهد السياسي من طرفهم، بل هو عنصر ثابت في سلوك الإخوان المسلمين منذ نشأتهم الأولى في عشرينيات القرن الماضي. ويمكن لقارئ مسار هذه النشأة وتطوراتها إلى اليوم أن يقف عند أبرز معالم تصورهم للعمل السياسي التي تتحدد على النحو التالي꞉

- السياسة عندهم كر وفر، إقدام وتراجع وتكتيك متعدد الأوجه والأقنعة، والدين اعتدال لا يخاصم الحاكم بالمطلق، ولا ينقلب عليه. أما الإستراتيجية الكبرى فهي تثبيت العمل من أجل تحقيق حكم الخلافة الإسلامية من طنجة إلى كوالالمبو.

هذا التصور المحكوم بالنفعية وبالذكاء الانتهازي هو ما تعمل التشكيلات الإسلاموية على تطبيقه في كل من مصر وتونس وغزة والمغرب، وهو الذي يحتمل حدوثه غدا في كل من الأردن والجزائر وسوريا... وهو ما كان سيحدث في اليمن لولا التدخل الخليجي-الأمريكي، وفي ليبيا لولا نجاح التحالف السياسي المدني في كبح الامتداد الإسلامي ولو لبرهة.

النتيجة المعطاة اليوم، والتي صارت عنوان الحراك العربي هو أن الديمقراطية قد سلمت المفاتيح لحكم الأصوليين. وهي نتيجة ديمقراطية فعلا إذ لا أحد بإمكانه أن ينازع في حكم صناديق الاقتراع. لكن المشكل الذي تطرحه هذه الدينامية السياسية الناشئة يكمن في كون الذين جنوا ثمار اللعبة الديمقراطية هم اللاديمقراطيون، نقصد هذه الحركة الأصولية التي بدا من خلال تمظهراتها الحالية أنها بواسطة العمل الديمقراطي تنسف القواعد الديمقراطية، بما هي الدليل العملي لتداول النخب السياسية حول السلطة، والفلسفة المثلى لإدارة التعدد ودعم الاختلاف، بعيدا عن كل نزعات الإقصاء أو منطق ديكتاتورية الأقلية على اعتبار أن كل حكومات الأصوليين (من المغرب إلى مصر) لم تحصل على الأغلبية الكاسحة، بل على أغلبية أقلية (إن جاز لنا استخدام هذا التعبير) بسبب العزوف عن المشاركة في الانتخابات وبسبب تشتت أصوات الديمقراطيين والحداثيين.

لقد أدى صعود حركة النهضة الإسلامية في تونس إلى التضييق على ظاهرة الاحتجاج السياسي، وحريات الإعلام وعلى الحركات النسائية الناهضة، وعلى عملية البناء الدستوري الذي تعثرت طويلا. وقد كان رئيس الوزراء السابق حمادي الجبالي واضحا في أحد تصريحاته حين تحدث عن مشروع الخلافة الإسلامية، قبل أن يتراجع عنه في تصريح لاحق بعد ضغط الفاعلين السياسيين والمدنيين. وفي مصر كان واضحا منذ التحرك الأول للرئيس الإخواني أنه بصدد انقلاب على الثورة بإقراره لدستور سريع يوطد فيه سلطاته الاستبدادية، وبمطاردة القضاة، وبالتضييق على الإعلام وخنق المجتمع المدني... أما في المغرب، فقد بدت الحصيلة الأولى من حكم العدالة والتنمية مشوبة بالغموض والارتباك والسلوك المزدوج. هناك أولا التراجع عن جل وعود برنامجهم الانتخابي بدءا من التخلي عن نسبة النمو الموعودة، والارتباك الحاصل في معالجة موضوع صندوق المقاصة، وانتهاء بتعطيل (أو غياب) المشاريع المرتبطة بالصحة والإعلام والشغل والأوراش الكبرى، مرورا بضحالة الحصيلة التشريعية التي لم يبد منها لحد الآن سوى القانون المتعلق بالتعيين في المناصب السامية، وهو قانون استعجلت الحكومة الملتحية إخراجه لتزرع الأوتاد الإخوانية في الإدارة المغربية. الأدهى من ذلك أن هذه الحصيلة الفارغة تتوازى مع خطاب شعبوي ملغوم يرسي سلوكا انتهازيا واضحا: حرب العدالة والتنمية مع الملك وضد المشاريع الملكية، ومع الشعب وضد طموحاته في العيش الرغيد، وحقه في العزة والكرامة، حيث ارتفعت الأسعار في هذه الفترة وتفاقمت التعبيرات الاحتجاجية المدنية، واحتدت موجة التسريحات الجماعية.

نخلص إلى القول إن ما يحدث من تتفيه للديمقراطية والانقلاب عليها ليس عارضا سياسيا، أو سوء تصرف في التمرينيات الديمقراطية، بل هو خطة محكمة في عمل الإسلاميين. وهو أمر خطير يطرح أسئلة حارقة حول الفكر الديمقراطي نفسه، حيث صار يبدو أن المسلكيات الديمقراطية في حاجة إلى دفتر تحملات بخطوط حمراء تصادق عليه كل التنظيمات السياسية التي تقرر دخول العمل السياسي. ولأن عيننا مفتوحة على ما يحدث في العالم، نستحضر أمثلة صارخة عن الانقلابات ضد صناديق الاقتراع: ألم يصعد لينين إلى الحكم بواسطة الانتخابات ليحول البلاد إلى حكم شمولي مطلق كانت الستالينية أقصى دراجات تجليه؟ نفس الشيء حصل في باكستان ودول عديدة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، وكذلك في ألمانيا بعد نجاح الحزب الاشتراكي الألماني بزعامة أدولف هتلر وهيمنته على السلطة قبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية، وانقلب هتلر على الديمقراطية، وأحكم قبضته على البلاد والعباد، وجر العالم إلى حرب عالمية لم تبق ولم تذر.

في أحد برامج القناة البريطانية «ب.ب.س»، نهاية الأسبوع الماضي، استهجن أحد المحللين غلاف مجلة أمريكية وضعت أردوغان بشارب هتلر، على اعتبار أن رئيس الوزراء التركي ليس ديكتاتورا ما دام قد خرج من صناديق الاقتراع. قد لا يذهب البعض إلى ما ذهبت إليه المجلة الأمريكية، لكن المؤكد أن هتلر نفسه كان إفرازا لصناديق الاقتراع، لكنه انقلب على تلك الصناديق وأقر أكبر نظام سياسي فاشي وعنصري ولاإنساني. وما أحداث ساحة «تقسيم» بإسطمبول إلا عنوانا على فصل جديد في الانقلاب على الديمقراطية بتركيا واحتجاجا على استغلال أردوغان لنتائج الانتخابات التي قام بتأويلها وكأنها رخصة لتحويل تركيا إلى قاعدة خلفية للحركة الإخوانية في العالم الإسلامي، وهي الرخصة التي شرع في تنفيذها فعلا بإيواء وتدريب أعضاء جبهة النصرة الإرهابية.

نستعيد هذه الوقائع مع الوعي بأن التاريخ لا يمكن أن يعيد نفسه بهذه الدرجة من التراجيديا، لكننا مع ذلك نصر على أن نسائل اللحظة السياسية الراهنة بالحذر الواجب اتخاذه إزاء ممارسات سياسية تبعث على القلق، وتوحي بأن هناك من يريد جرنا إلى الاقتناع بأن الديمقراطية قد تكون الطريق إلى الفاشية.




أسبوعية «الوطن الآن» ، العدد523

الخميس 13 يونيو 2013


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.