توقعات طقس الأحد بالمغرب    الأسود يواصلون التحضيرات لمواجهة البنين    تصفيات مونديال 2026 لكرة القدم.. المنتخب الإنجليزي يفوز على نظيره الأندوري (1-0)    الغوسي: تعديلات المسطرة الجنائية قد تعيد ربط المتابعة في جرائم المال العام بالسلطة التنفيذية    عامل إقليم الدريوش يتقدم الآلاف من ساكنة المدينة خلال صلاة عيد الأضحى وسط أجواءٍ روحانية مَهِيبَة    كلب مسعور تسلل من الناظور يستنفر سلطات مليلية المحتلة    عيد أضحى "مغاير" بمدينة الريصاني.. تقاليد أصيلة تلازم الإنسان الفيلالي    سفينة "أسطول الحرية" تقترب من غزة    5 قتلى في حادثي سير بجهة البيضاء    ابتدائية الحسيمة تدين شاباً بتهمة تسريب امتحانات البكالوريا    "الفيفا" تعتزم اعتماد تقنيات مبتكرة جديدة خلال منافسات كأس العالم للأندية    هولندا.. اكتشاف مزرعة سرية وحجز أضاحي في ثاني أيام العيد    هشام جيراندو.. وهوس "الأسماء"    الملك محمد السادس يتوصل ببرقيتين تهنئة من عاهل المملكة العربية السعودية وولي العهد محمد بن سلمان    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 54 ألفا و772 شهيدا منذ بدء الحرب    وفاة عبد الحفيظ أحتيت رئيس جماعة بني بونصار بالحسيمة يوم عيد الأضحى المبارك    رونالدو يعلن عدم مشاركته في كأس العالم للأندية    البرازيل تراهن على المغرب في صادراتها من المواشي الحية لعام 2025    أمير المؤمنين يؤدي صلاة عيد الأضحى ويقوم بنحر الأضحية نيابة عن الشعب    الملك محمد السادس يؤدي صلاة عيد الأضحى بتطوان    شركة طيران إسبانية توفر 10 آلاف مقعد عبر خطوطها نحو المغرب    برلمان أمريكا اللاتينية والكراييب يخصص استقبالا خاصا لوفد مجلس المستشارين    الدبيبة يحقق في اشتباك مسلح بليبيا    حليب الناقة ينعش آمال مناطق مهمشة في تونس    أداء "بورصة البيضاء" يواصل التقدم    هولندا.. إغلاق مجزرة سرية وحجز عشرات الخراف خلال عيد الأضحى    اطلاق مشروع لغرس 110 هكتار من اشجار الزيتون باقليم الحسيمة    ترميم "سور المعكازين" يثير الاستياء    يوميات حاج (9): بين منى ومكة .. الانعتاق من شهوات سنين الغفلة    أسود الأطلس يتفوقون على نسور قرطاج بثنائية في ودية فاس    الصراع مع ترامب يزيد خسائر ماسك    سجل يا تاريخ !    اليوم العالمي لسلامة الأغذية نحو غذاء آمن وصحة أفضل    برشلونة تدعم مغربية الصحراء وتبرز جدية مقترح الحكم الذاتي    زلزال بقوة 6,4 درجات يضرب شمال الشيلي    عيد الأضحى في إندونيسيا: مظاهر احتفالية روحانية في أكبر بلد إسلامي من حيث عدد السكان    أول أيام التشريق.. الحجاج يواصلون رمي الجمرات الثلاث    المنتخب المغربي لكرة القدم يتوفر على دكة احتياط حاسمة (وليد الركراكي)    جوكوفيتش يلمح أنه ربما خاض آخر مباراة له في رولان غاروس    الإصابة تُغيّب ديمبيليه وباركولا عن مواجهة ألمانيا في الأمم الأوروبية    كارثة عمرانية بسور المعكازين بطنجة.. ومطالب بمحاسبة الشركة المشرفة على الفضيحة!    باريس ومونتريال ونيويورك تحتضن فعاليات يوم الأمة القبائلية: دعوة مفتوحة من الحكومة المنفية لإحياء الذاكرة وتأكيد خيار الاستقلال    قناة إيطالية تشيد بالوثائقي المغربي "إشعاع مملكة" الذي تنتجه شركة "Monafrique Prodcom"    على هامش غياب الكاتب حسونة المصباحي    أطباء مغاربة يحذرون من تزايد حالات الاجتفاف نتيجة ارتفاع درجات الحرارة    محمد حماقي ينضم لنجوم الدورة ال20 لمهرجان موازين    طوابير الحجاج في مكة لحلاقة الشعر يوم عيد الأضحى    هشام جعيط وقضايا الهوية والحداثة والكونية...    الأدبُ المُعَاصِر هل هو مُتْرَعٌ ببُذُورَ الإحبَاط والسَّوْدَاوِيَّة والإكتئاب؟    الحجاج ينهون رمي الجمرات في أول أيام العيد    يوميات حاج (8): الهدي ورمي الجمرات .. تطهير النفس وتحرير الروح    الحجاج يبدأون رمي "جمرة العقبة" الكبرى في مشعر منى    "يمكن" عمل جديد للفنان زياد جمال – فيديو-    مهرجان كناوة 2025 بالصويرة .. تلاق عالمي بين الإيقاعات والروح    قتل الكلاب والقطط الضالة بالرصاص والتسميم يخضع وزير الداخلية للمساءلة البرلمانية    بداية عهد جديد في تدبير حقوق المؤلف.. مجلس إداري بتمثيلية فنية ومهنية لأول مرة    "الخرف الحيواني" يصيب الكلاب والقطط مع التقدم في العمر    









متمنيات سنة جديدة

بين سنة وأخرى تتأرجح الساعات في انثناءتها الأخيرة نحو المضي. الثانية عشرة ليلا لاتعني شيئا في نهاية المطاف إلا هذا اليوم واليوم الذي يليه. يبدأ العد العكسي. تنثال الدقائق تحت تراب الأبدية لاتعود, ويشرع الناس في الحساب. عشرة, تسعة....ثلاثة, إثنان, واحد, هابي نيو يير", وتبدأ الاحتفالات أو تنتهي. الأمر سيان ختاما.

في مثل هذه اللحظات لامفر من تذكر من لا يحتفلون, وإن كانت أغلبية شعبنا أصلا لاتعني لها الساعات القادمة شيئا. يوم آخر من أيام القتال ضد الحياة ينتهي, ويوم جديد يبدأ بمصاريفه, بالأشياء العالقة التي ينبغي تخليصها قبل أن تتفاقم, بالمشاكل اليومية وبثقوب الحياة التي ترفض الرتق, وتصر على أن تظل باستمرار فاتحة أفواهها إلى مالانهاية.

لنتذكر المرضى أولا. في مثيل هاته اللحظات يحسن أن يشكر الإنسان الحياة على الصحة التي ينعم بها وأن يلتفت جهة الآخرين الذين قد لايعني لهم العام الجديد إلا موعدا جديدا من مواعيد الطبيب. سيغيرون رقم 11 برقم 12, وسيواظبون كل مرة على تذكر الأشهر بالمواعد الطبية التي تحاصرهم. بعضهم في سن متقدمة, وبعضهم في بداية الحياة, وتجربة المرض بالنسبة إليهم ولعائلاتهم امتحان فعلي لاينتهي كل ثانية وكل دقيقة وكل ساعة, يخوضون من أجل الانتصار فيه المعارك البطولية الحقيقية التي لاتنقلها تلفزيونات ولا تهتم بها جرائد, ولا تعيرها إذاعات أدنى انتباه. لهم التحية والعام يلفظ أنفاسه. لهم كل التقدير.

لنتذكر الأمهات في هاته اللحظات المتأرجحة بين النهاية وبين البداية. يضعن بين الطرفين الأسفل والأعلى من العين الأبناء والعائلات, ويخضن الصراع تلو الصراع من أجل حياة كريمة تبدو لهن حقا عاديا, وتبدو للكثيرين غير ممكنة إلا للقلائل. حين يغمضن العين لوهلة لا يسترحن, يتذكرن أن عليهن الاستيقاظ مجددا من أجل أن يجهزن للصغار _ وإن كبروا وإن غزا الشيب منهم كل المفارق _ إفطار الصباح الشهي, وقهوة الاستفاقة وكل الآمال. لهن التحايا اللاتنتهي إلى آخر الأيام.

لنتذكر المحرومين من حريتهم بيننا. الناس الذين يوجدون لسبب أو لآخر وراء القضبان الآن. في مجتمع كالمجتمع الذي نحيا فيه من السهل جدا أن تفقد حريتك يوما وأن تصبح أنت الآخر سجينا أو أسيرا أو معتقلا. المبررات لهذا الأمر متوفرة "بالهبل" في السوق, ومايفعله المغاربة معها هو أن يدعون يوميا لكي تخرج الأمور _ ومعها السربيس الجماعي _ بخير وعلى خير, لذلك يبدو مشهد العديدين من أسرانا حاثا على تذكرهم, وتذكر الأيام الصعبة التي دفعت العديدين إلى تغيير المسار وإلى التحول إلى سكان لتلك الأمكنة المزروعة وراء الجدران, للإصلاح والتهذيب مثلما تقول الأسطورة الرسمية, للمزيد من التفنن في الإجرام مثلما تقول الوقائع كل يوم.

لنتذكر فقراءنا هذا اليوم. كم نحن في المغرب؟ نحن الأغلبية الغالبة. من رسم للمشهد المغربي شكله العام نسي أن إبقاء كل شيء في يد فئة واحدة ونسيان الآخرين أمر يقود فقط إلى الهلاك, واليوم والبلد يحاول رتق العيوب الكثيرة التي نتجت عن سنوات الدمار والتدمير, نفهم حجم المصاب. ومع كل كاريان نهدمه, وقربه يبنى كاريان جديد, نعرف أن حجم ماارتكبناه في حق بلدنا _ بطمع البعض منا وبسكوت البعض الآخر _ هو أكبر من أن يتم تضميده في قليل السنوات, ونزداد اقتناعا بأن المعركة الكبرى التي تنتظر الوطن ليست معركة الشعارات العظمى التي أرددها أنا وأنت وقلة قليلة من "القاريين", ولكنها معركة الكرامة اليومية للناس. أن لايلتفت أبناءهم جهة شيء يريدونه, وأن يرفعوا الأعين إلى الأعلى جهة الآباء فيجدوا الانكسار تلو الانكسار.
الشعب اللاكرامة له, واللاقدرة له على تلبية مطالب الصغار, هو شعب لايستحق الحياة.

لنتذكر شبابنا هذه السنة بامتياز. لنتذكر أنهم صنعوا تاريخا جديدا للبلد يوم العشرين, من شهر معين يقال له فبراير.

بغض النظر عن كل شيء, كانوا في الموعد حقا. استطاعوا على الأقل أن يرفعوا سقفنا عاليا فوق الرؤوس. الطبقة السياسية المتكلسة, والبئيسة والبليدة التي كانت لنا حتى هذه الأثناء توقفت عند لحظات توافقها الزائفة مع الرداءة والقبح المسيطران على المكان. الشباب من جهتهم اختاروا الخروج عن المألوف وقالوا الكلام الذي لم يقله أحد قبلهم. والنتيجة كانت ماذا؟
النتيجة كانت إيجابية للغاية. ريح جديدة هبت على البلد. ذكرت "الغمال" الذي استوطنه لسنوات أن "ضربة المقشة" آتية, وأنه قد آن الأوان لكي يذهب جيل ركيك للغاية وأن تأتي الأجيال الجديدة بكل عنفوان القوة فيها لكي تصلح خطأ الأسلاف. نعم, ركب متطرفون قدامى على الحركة, نعم أخطأت في بعض الأشياء، نعم ارتكبت هفوات البداية الضرورية, لكن لنعترف أنها هي التي زعزعت كل شيء, وهي التي أتاحت لنا البدء مما يشبه الصفر, وأعطتنا القدرة على الكثير من الكلام.
لنتذكر أن شباب المغرب الذي أدهشنا هذا العام قادر على المزيد من الإدهاش, ولنتذكر الآخرين الذين نسيناهم حتى ونحن نحاول التذكر, ولنقل لبعضنا البعض أمانينا بأن يكون العام المقبل أفضل من سابقيه, فالبلد كله لم يعد حمل أي رجوع للوراء.
سنة سعيدة للجميع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.