لا يعني تشجيع السياحة الداخلية أن لا تبرح بيتك. وأن لا تسافر. وأن لا تركب الطائرة. وأن لا تكتشف العالم. وأن لا تذهب إلى زنجبار. وأن لا تغير الجو. لا يعني تشجيع السياحة الداخلية أن تكون ملزما أنت أيضا بالاصطياف في مير اللفت. أو الاتجاه إلى الشمال. والازدحام مع الناس في الرينكون. أو إلى شاطىء النحلة. فما ذا أصابك أيها المغربي حتى صرت ضد حق الوزراء في العطلة. وفي السفر. و ضد الحرية. ماذا أصابك أيها المغربي حتى صرت تتدخل في ما لا يعنيك. وفي أهواء الوزراء ورغباتهم واختياراتهم وأذواقهم. وحتى لو كنت مسؤولا عن قطاع السياحة. وتروج للسياحة الداخلية. فأنت لست ملزما بأن تقضي عطلتك في المغرب. وأن تتأزم. وأن تبتئس. وأن تتضامن. وأن تفرض على نفسك ما لا ترغب فيه. فقط كي يعتبر ما تقوم به تشجيعا منك للسياحة الداخلية. لأن لا أحد قال إن على كل المغاربة أن يسيحوا في المغرب. ويكتفوا به. وألا يغادروه. وأن يغلقوا على أنفسهم تشجيعا منهم لسياحته الداخلية. ليس هذا هو الهدف. ومن ضُبِط في الخارج فهو خائن. ومن عثر عليه في زنجبار فلا يلوم إلا نفسه. لا أحد قال هذا. ولا أحد قال إن سافرت الوزيرة إلى الخارج فهي بفعلتها هذه ضد ما تدعيه. وضد ما تحاول تحقيقه. ومتناقضة. وضد مصالح بلدها. ليس هكذا. وليس بهذا الاختزال. وليس بهذه الشعبوية من الدرجة الثالثة. يمكننا أن نعارض. فلا قانون يمنع المغربي من السفر. وهو حر في اختيار الوجهة التي يريد. سواء كان وزيرا. أو وزيرة. أو مواطنا عاديا. وحر في عطلته. وأين يفضل أن يقضيها. وأظنه الفراغ هو الذي يجعلنا نقود هذه الحملة ضد وزيرة السياحة. وهو الذي يجعل صورة لها مع أفراد أسرتها تستفزنا إلى هذا الحد. وتثير غضبنا. فلا موضوع لنا في الصحافة نتابعه. والحرية تضيق يوما بعد يوم في هذه المهنة. والموضوعات التي مازال من حقنا الاقتراب منها قليلة جدا. و لا شيء يحدث. ولا سياسة في البلد. و لذلك وبمجرد أن ظهرت الصورة تلقفناها. كهدية من السماء. وكتب موقع عن"عطلة باذخة". لوزيرة السياحة في زنجبار. كأنه كان معها. كأنه وصي عليها. وكي يضفي على هجومه على الوزيرة مصداقية. فلا بد أن تكون العطلة باذخة. كأنه ليس من حقها أن تقضي عطلتها في الخارج. وكتب موقع آخر أن الوزيرة أنفقت في رحلتها إلى زنجبار بالعملة الصعبة(هكذا). كأن تحويل الدرهم إلى عملة صعبة ممنوع قانونا. و لا أسهل من التصويب في اتجاه وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي. لا أسهل من الهجوم عليها. ومن المشاركة في حملة التخلص منها. والكل الآن ضدها. الكل متفق على انتقادها وعلى قذفها بالحجارة. الكل يشارك في ذلك. الكل يساهم في إسقاط الوزيرة. كل من موقعه. وكل واحد لدوافعه. لكن أين الخطأ في ما قامت به. أين الخطأ في أن تقضي وزيرة عطلتها في البلد الذي تريد. في فترة يوجد فيها عدد غير قليل من الطبقة المتوسطة في إسبانيا وفي تركيا ولا أحد يعلم أين يقضي أغنياؤنا عطلتهم. ومنهم من له زنجبار هنا في الداخل. زنجبار لا تظهر بالعين المجردة. بينما لا أحد يسائلهم. ولا أحد يرى البذخ. ومنهم من له خارج في الداخل.. فأي منطق هذا. و أي عقل مغربي صار يرى في مجرد عطلة لوزيرة مع أسرتها فرصة للنيل منها. وربما زنجبار هي السبب. ربما عجائبية الاسم والمكان هو الذي يجعلنا نحتج على الوزيرة. ولو سافرت إلى أمريكا مثلا. أو إلى باريس. أو إلى أي مكان آخر. لما أثار ذلك أحدا. بينما زنجبار لا. زنجبار هذه مستفزة. وعلى الوزيرة أن لا تسافر عليها. ومادامت تشجع السياحة الداخلية. فعليها أن تسافر في الداخل. عليها أن تبتئس. عليها أن تظل في المغرب إلى أن تتحسن سياحته. عليها أن تسافر داخل الذات كما قال لنا وزير سابق. عليها أن تكون قدوة. عليها أن تحزن. وتتألم. وتغطي سعادتها. عليها أن تبكي. كي تنال إعجابنا. عليها أن تسافر في السر. عليها أن تسبح في "المون" مع أفراد أسرتها. عليها أن تختبىء. ومع أن أخطاء هذه الوزيرة بالجملة. ومع أنها أخطأت الانطلاقة والظهور الأول. ومع أنه السهام موجهة إليها من الصديق والعدو على حد السواء. كما لو أنه تم التضحية بها. ومع أن الهجوم عليها سهل ومطلوب في الوقت الحالي. ومع كل هذا فلا شيء يبرر هذه الحملة ضدها لمجرد أنها نشرت صورة لها مع أفراد أسرتها في زنجبار. كأن السفر إلى أي مكان في العالم مقبول بينما زنجبار لا.