جدل حول "تعيين المديرة لطيفة أحرار لنفسها" أستاذة في المعهد العالي للفن المسرحي    من غوادالاخارا... تأملات في زمن الرقمنة والمسؤولية القانونية    فتاح: مشروع مالية 2026 يترجم إرادة ترسيخ مسيرة "المغرب الصاعد"    كوريا: انطلاق قمة أبيك على وقع التوافقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين    بوتين: يوم الوحدة يجسد تماسك الروس    طقس الجمعة: كتل ضباب وسحب منخفضة بعدد من الجهات    كيوسك الجمعة | 12 ألف مستفيد من برنامج فرصة وتحفيزات جديدة في الأفق    زيارة متطوعين وخبراء هولنديين لمنطقة الريف:    المفتش العام يقود افتحاصا وزاريا للمؤسسات التعليمية بالحسيمة    توقيف شخصين متورطين في اختطاف واحتجاز فتاة قاصر    الحسيمة تحتضن النسخة 4 من ملتقى المقاولة تحت شعار "العدالة المجالية والتنمية الاقتصادية"    مجلس الأمن يصفع بقوة النظام الجزائري وبوليساريو: الحكم الذاتي أساس التفاوض حول قضية الصحراء    الجزائر بين المناورة والخيانة: كيف انقلب النظام الجزائري على روسيا بعد الحرب الأوكرانية؟    أرفود.. توزيع جوائز تقديرية على عدد من العارضين في الملتقى الدولي للتمر    نقاش حاد في "لجنة المالية" حول التخفيضات الجمركية للأدوية المستوردة    السمارة تشجع على "تعاون الجنوب"    نادية فتاح: مشروع قانون مالية 2026 يجسد مسيرة "المغرب الصاعد"    لقجع: المغرب بحث عن تنظيم كأس العالم لمدة 30 سنة وأول الالتزامات المقدمة ل "الفيفا" كانت في القطاع الصحي    البطولة: الفتح الرياضي يرتقي إلى المركز السابع بانتصاره على أولمبيك آسفي    خاص l مشروع قرار أممي يدعو إلى مفاوضات "بدون شروط مسبقة" استنادًا إلى مقترح الحكم الذاتي المغربي (نص توصيات المشروع)    ميناء الداخلة الأطلسي، مشروع ضخم يفتح عهدًا جديدًا للربط والتجارة البينية الإفريقية (وزيرة خارجية إسواتيني)    إيداع مالكة حضانة ومربية السجن على خلفية وفاة رضيعة بطنجة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بشأن المجلس الإداري للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي    الركراكي يكشف عن لائحة الأسود لمواجهة الموزمبيق وأوغندة في 6 نونبر القادم    تقرير حكومي يعلن اكتشافات "مشجعة" للذهب في الصحراء    "المطاحن" تبدي الاستعداد لكشف حقيقة "التلاعبات في الدقيق المدعم"    علي بوعبيد ينتقد استمرار تولي وزير داخلية تكنوقراطي بلا شرعية انتخابية اعداد القوانين الانتخابية    إيقاف أنشطة ميناء العرائش بسبب سوء الأحوال الجوية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    سرقة متحف اللوفر.. توقيف خمسة مشتبه بهم جدد وفق المدعية العامة بباريس    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    وفاة نجم" ذا فويس" بهاء خليل عن 28 عاما    الرباط تستعد لاحتضان الدورة 30 للمهرجان الدولي لسينما المؤلف    تصويت فرنسي ضد اتفاقية مع الجزائر    مرسيليا يعلن أن لاعبه المغربي بلال نذير "في صحة جيدة" بعد حادث سقوطه    بعثة المنتخب الوطني لأقل من 17 سنة تحل بالدوحة استعداداً للمشاركة في نهائيات كأس العالم    مقتل شخص في توغل إسرائيلي بجنوب لبنان والرئيس عون يطلب من الجيش التصدي    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي بفارق كبير عن الآخرين    تيزنيت : التعاون الوطني ينظم نهائي البطولة الوطنية الرياضية 49 للمؤسسات والمراكز الاجتماعية بالإقليم    فادلو: الشهب الاصطناعية أفسدت إيقاع الديربي أمام الوداد    ترامب يعلن تخفيض "رسوم الصين"    فيلمان مغربيان ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان بروكسيل للفيلم    عرض فني بالدارالبيضاء بمناسبة المؤتمر العالمي للفلامنكو    "أكاديمية المملكة" تصدر موسوعة "مناظرة العلوم الإنسانية والاجتماعية" في 4 مجلدات    مهرجان الدوحة السينمائي يعلن عن لجنة تحكيم المسابقة الدولية للأفلام الطويلة    بنسعيد يترأس حفل تنصيب لجنة تحكيم الجائزة الكبرى للصحافة    شيخوخة اللسان!    مندوبية السجون تعلن الإغلاق النهائي لسجن عين برجة    النمل يمارس التباعد الاجتماعي عند التعرض للأمراض والأوبئة    دراسة حديثة تحذر من مغبة القيادة في حالة الشعور بالإرهاق    مواد سامة وخطيرة تهدد سلامة مستعملي السجائر الإلكترونية    اكتشاف خطر جديد في السجائر الإلكترونية يهدد صحة الرئة    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    المجلس العلمي الأعلى يضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"سْعَّايْ" على باب السلطان
نشر في هسبريس يوم 14 - 01 - 2014

بدل أن يرتدي صلاح الدين بصير "سبرديلة" لقدميه، وهو الأمر الذي عهدنا عليه ابن "درب غلف" أيام كان يبث الفرح في نفوس أبناء و بنات هذا الوطن المكلوم بمناسبة كل هدف يضعه في شباك "الخصوم"، لبس بصير "سبرديلة" في وجهه و خرج علينا في حوار صحفي يقول : لا أنكر أني كمواطن عادي التقيت بالملك محمد السادس المعروف بكرمه على رعيته وتقدمت بطلب من أجل الحصول على أرض ولم أرى في الأمر عيبا أو شيئا يضر مصلحة فريق الرجاء البيضاوي.. كذا !
يعلم الجميع أن صلاح الدين بصير ليس بال"المخصوص"، زاده الله من فضله، و أن الشاب الذي يبدأ كل تصريحاته الصحفية ب"فابسم الله الرحمان الرحيم" يملك مختبرا حديثا للتصوير، يحمل إسمه و يديره أحد إخوته، في مدار من المدارات الرئيسية التي تعلن انتهاء شارع بئر إنزاران بحي المعاريف، غير بعيد عن أحياء الفقر التي ترعرع بينها. كما يعلم مرتادو مركز العاصمة الاقتصادية أن بصير، الذي يحمل دينارا على جبهته من أثر السجود، يحمل أيضا دنانير عده، في جيبه و داخل أرصدته البنكية، مصدرها مداخل المقهى الجميل المسمى "أميستاد" والمزروع في قلب شارع الزرقطوني وسط واحد من أرقى أحياء الدار البيضاء و أغلاها عقارا.
مختبر التصوير و المقهى، دون جرد باقي الممتلكات لان هذا ليس هدف المقال، كفيلان أن يجعلا السيد رئيس اللجنة التقنية لفريق الرجاء البيضاوي يعيش مواطنا عفيفا ضامنا لكرامته حافظا لعزة نفسه أمام الملوك و الوزراء و الولاة و رؤساء المقاطعات إلا أن السعاية "بلية" وثقافة اخترقت عقلية مجتمع بأكمله فأصبح معظم من فيه مُطّبِعاَ مع الركوع و الاستجداء و لا يرى ضيرا في الوقوف على أعتاب القصور منتظرا من الأمير التفاتة "مولوية" أبعد من أن تكون كريمة.
وحتى يعلم السيد بصير، الذي خانته البصيرة، فداحة فعله فليسمح لي بأن أسرد عليه حدوتة كروية مصرية. سنة 1998 استقبل الرئيس المصري السابق منتخب الفراعنة بعد إنجازهم الكبير في كأس أمم إفريقيا ببوركينافاصو فوشح صدور "اللّعِيبَهْ" بأوسمة الثناء عرفانا بجميل ما صنعت أقدامهم.
بين ابتسامات أعضاء الفريق لاحظ حسني مبارك سحنة المدرب الجوهري يعلوها شيء من الحزن فاقترب الرَيِّسْ من الكابْتِنْ سائلا إياه عن سبب "الزَعَلْ". أخبر المدرب رأس الدولة بفرحته بالاستقبال و أوضح أن الفرحة ستكون فرحتين إن أعطى مبارك تعليماته بترميم مدرسة تتواجد بإحدى قرى المنوفية، مسقط رأس محمود الجوهري.
مات المدرب، بأحد مصحات الأردن، و لم يعد أحد يتذكر غير كبريائه و المدرسة التي حملت إسمه بعد الترميم و إنجازه الكبير عندما سجل فريقه، ضد فريق جنوب إفريقيا، هدفين نظيفين نظافة يد المدرب و الجندي الذي حمل السلاح على جبهات حرب أكتوبر 1973.
بصير اليوم، و للأسف الشديد، ليس حالة منفردة أو معزولة في وسطنا الرياضي و الفني و داخل الفضاءات التي تصنع "نجوما" أو "أبطالا"، بل هو تَجَلٍ فاضح لعقلية جيش عرمرم من الرخويات التي إبْتُلِيَ بها المغرب و التي تَنْزَعُ عمودها الفقري و تضعه فوق الثلاجة قبل الخروج من المنزل و التوجه لتلبية دعوة الديوان في الحضور لاستقبال ملكي.
إن الملوك استعملوا العطايا و الهبات تاريخيا لاستقطاب النخب فكانت المنة جزءا من الأدب السلطاني في القرون الوسطى و كذلك في أيامنا الحالية بالنسبة للأوطان التي لم تستطع بناء نموذج الدولة الحديثة و بقيت متخلفة تعيش تحت نير الفساد و الاستبداد غير أن المطلوب من "الأبطال" أن يترفعوا عن "لْحيسْ الكَابّة" و أن يشكلوا قدوة يُحْتدى بها من طرف آلاف المعجبين المحتاجين لتعلم قيم الإنتاج بدل الاتكال و الارتهان للريع الذي وضع المغرب في قعر التقارير الدولية المرتبطة بالنزاهة و مؤشرات التنمية.
وبما أن بَّا بصير متدين جدا و يداوم على الصلاة، فوق حصير من سعف حتى اسود جبينه، فليسمح لي بأن أقص عليه قصة أخيرة من تراثنا الإسلامي تقول: أن عالما تكلَّم على أمير المؤمنين بما لا يُعجبه ويرضيه أمام الرعية، فأمر حاشيتَه أن يعزلوه عن وظيفته، قالوا: ليس له وظيفة يا أمير المؤمنين، قال: احرموه من العطايا، قالوا: لا يأخذ عطايا، قال: إذًا؛ أوقفوا عنه الهبات، قالوا: لم يأخذ هبةً قط، قال: امنعوا عنه الأموال من بيت مال المسلمين، قالوا: لا يأخذ شيئًا يا أمير المؤمنين، فاستشاط غضبًا وقال: إذًا؛ كيف يأكل؟ قيل له: لديه حِرفة يكسب منها.
عزيزي بصير، لديك حرفة كسبت منها و نلت بالقدم ما لم ينله جحافل المعطلين، المكسورة رؤوسهم، بالقلم. فهل كان لزاما عليك أن تتحول إلى "سعاي" و إن على باب سلطان؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.