تقرير: أخنوش يستخدم أمواله للسيطرة على الإعلام والصحافيون المستقلون يتعرضون لضغوط مستمرة    سوريا: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي "تصعيد خطير"    "اليونيسف": أطفال غزة يواجهون خطرا متزايدا من الجوع والمرض والموت    سفينة مساعدات لغزة تتعرض لهجوم بمسيرة في المياه الدولية قرب مالطا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    إجهاض محاولة لتهريب أزيد من 51 ألف قرص مخدر بميناء طنجة المتوسط    ظروف السكن تتحسن بجهة طنجة تطوان الحسيمة.. أرقام جديدة من المندوبية السامية للتخطيط    مقاطعة مديري مؤسسات الريادة للعمليات المصيرية يربك مشروع الوزارة في الإصلاح التربوي    المغرب يودّع أحد رموزه الفنية.. محمد الشوبي يترجل بعد مسار طويل من الإبداع    "موازين" يكشف عن أسماء فنانين عالميين وعرب جدد في برنامج دورته العشرين    كلية الآداب بالجديدة وطلبتها يكرمون الدكتورة لطيفة الأزرق    عبد الله زريقة.. علامة مضيئة في الشعر المغربي تحتفي به "أنفاس" و"بيت الشعر"    بوعياش تطالب بعدالة تعويضية شاملة لجبر ضرر الشعوب الإفريقية    الجامعة تحتفي بالمنتخب النسوي المتوج بكأس إفريقيا داخل القاعة    هل ينجو قمح المغرب من الجفاف ؟ توقعات جديدة تعيد الأمل للفلاحين    مجلس الدفاع في لبنان يحذر "حماس"    نجاح "خامس مهمة نسائية" خارج المحطة الفضائية الدولية    "الكورفاتشي" تستعد للتنقل إلى مدينة الدار البيضاء لحضور "الكلاسيكو" أمام الوداد    إيقاف سيموني إنزاغي و هاكان بسبب علاقتهما بمشجعين مرتبطين ب"المافيا"    الجيش الكونغولي يقتحم مقر مازيمبي بسبب خلاف سياسي مع رئيس النادي    تفاؤل تجاري ينعش أسعار النفط في الأسواق العالمية    لماذا لا تحتفل هولندا بعيد العمال (فاتح ماي) رغم عالميته؟    هل تشعل تصريحات بنكيران أزمة جديدة بين المغرب وفرنسا؟    في ساحة مسجد بدر بطراسة… رجل يقبّل طفلًا والأب يتصل بالشرطة    البكوري يقيم مأدبة غذاء على شرف جنود خفاء جماعة تطوان قبيل انطلاق الموسم الصيفي    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    رسالة مفتوحة إلى السيد محمد ربيع الخليع رئيس المكتب الوطني للسكك الحديدية    كوريا: الرئيس المؤقت يقدم استقالته لدخول سباق الانتخابات الرئاسية    العلاقات التجارية بين المغرب ومصر.. وفد اقتصادي مغربي يزور القاهرة    وفاة الممثل محمد الشوبي بعد صراع طويل مع المرض    الأمن يوقف مروجي كوكايين وكحول    العثور على جثة شخص داخل منزل بشارع الزرقطوني بعد اختفائه لثلاثة أيام .    الذهب يتعافى بعد بلوغ أدنى مستوى في أسبوعين    تفاصيل إحداث قطب تكنولوجي جديد بالدار البيضاء يوفر أزيد من 20 ألف منصب شغل    عيد العمال.. الكونفدرالية ببني ملال "تحتج" في مسيرة حاشدة    الحوار الاجتماعي بالمغرب بين الشكلية والفعالية    لجنة الأخلاقيات توقف العديد من المسؤولين عن كرة القدم بين سنة وثلاث سنوات بسبب اختلالات في التسيير    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    خُوسّيه سَارَامَاغُو.. من عاملٍ فى مصنعٍ للأقفال إلى جائزة نوبل    الفنان محمد شوبي يغادر الدنيا إلى دار البقاء    اللاعب المغربي الذي أبهر العالم بأدائه المجنون … !    الصين تدرس دعوات أمريكية لاستئناف الحوار بشأن الرسوم الجمركية    حين يتحول الانفعال إلى مشروع سياسي: في تفكيك خطاب بنكيران حول "القضية" و"الحمار"    كرة القدم.. توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    احتراق شاحنة على الطريق السيار طنجة المتوسط    منتجو الفواكه الحمراء يخلقون أزمة في اليد العاملة لفلاحي إقليم العرائش    الزلزولي يساهم في فوز بيتيس    هل بدأت أمريكا تحفر "قبرها العلمي"؟.. مختبرات مغلقة وأبحاث مجمدة    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    فوائد القهوة لكبار السن.. دراسة تكشف علاقتها بصحة العضلات والوقاية من السقوط    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغرب بعيون الأفارقة:إفريقيا تجمعنا والعنصرية تفرقنا؟
نشر في هسبريس يوم 16 - 03 - 2009

أصبح من العادي والمألوف، خاصة في وسط مدينة الدارالبيضاء، مشاهدة تسول عدد من المهاجرين الافارقة، سواء من الذكور أو الإناث، يستجدون بعض الدراهم من البيضاويين، بجمل دارجة حفظوها لاستدرار عطف المغاربة، تترواح جملهم بين "اعينو أخوكم المسلم"، أو "غير شوية تاع الفلوس" ...دارجة مكسرة، أدب شديد في التوجه إلى المغاربة...
وجوه غريبة غير مألوفة لأشخاص عابرون لبلدنا، وعازمون على لتوجه نحو الإلدرادو الإسباني الذي يعيش بدروه أزمته الاقتصادية الخاصة. لكن الصورة لا تتوقف عند هذا الحد، لأن التوقف فقط عند ظاهرة المهاجرين الأفارقة المتسولين سيكون ظلما لهم، هناك أيضا هؤلاء الذين أسسوا شركاتهم الخاصة، وأيضا الطلبة القادمين من جنوب الصحراء أو من وسط افريقيا، ايضا المهاجرون السريون، الجميع يوحدهم الخوف من الإبعاد وتقربهم الرغبة في الهروب إلى واقع أكثر أمنا، لكن كيف ننظر نحن كمغاربة إلى هؤلاء الزوار، كيف هي أحاسيسنا تجاههم، كيف ننظر إلى و جودهم في حياتنا؟ فالواقع يقول بأن القادمين من افريقيا أضحو يشكلون جالية حقيقية، لا يمكن تجاهلها، أو إلصاق بعض التهم بها، كما أن انعدام التواصل مع هذه الجالية، بحكم تقوقعها على نفسها، وتجنبها للمشاكل مع المواطنين المغاربة، قد يزيد من الأفكار المسبقة حولها، وقد يحولها في بعض الأحيان إلى جالية غريبة.
لكن ألا تذكرنا هذه النظرة بنفس النظرة التي يحملها بعض الأجانب عن أماكن تواجد العرب والمسلمين بأروبا؟ ألسنا بصدد تكرار تجاربنا مع العنصرية المبنية على سوء الفهم المسبق؟ أليست بعض الصور التي تنشرها الصحف المغربية على رأس صفحاتها الأولى، والتي تصور الأفارقة مكبلين وكأنهم حيوانات يلقى عليها القبض من طرف الدرك الملكي، هي صور مذلة للكائن البشري سواء كان افريقيا او عربيا، فمن بين العناوين التي تطالعنا في الصفحات الأولى لبعض الجرائد الوطنية نجد " المغرب يشن حربا جديدة على المهاجرين الأفارقة" مع ما يحمله لفظ الحرب من حمولات معادية، أو مثل هذه العبارة التي وردت في مقال حول المهاجرين السريين ونوردها كما جاءت بالحرف.." ولم تخف مصادر أن وجود المهاجرين الأفارقة أصبح يطر ح خطرا أمنيا في ظل وجود شبكات الجريمة والنصب والاحتيال على الطريقة الإفريقية"..ترى من هي هذه المصادر التي تقول ذلك، وما هي الطريقة الافريقية؟ وهل كل افريقي هو مجرم وينتمي لتنظيم اجرامي؟ هل نحن شعب يقبل التعدد، هل نقبل وجود أفارقة بأفكار وثقافة غريبة عنا.
في هذا المقال سوف نقترب من بعض الافارقة المقيمين بالمغرب لندرك مدى الضرر الذي تلحقه الأفكار المسبقة بالصورة التي يرسمها المواطنون المغاربة عن هؤلاء الزوار...كما أننا سنضع الصحافة المغربية في فوهة المدفع،فحسب الكثير من الشهادات، لمسنا أن الأفارقة خاصة الطلبة منهم، يحملون مسؤولية الصورة السيئة عنهم للصحافة، وخاصة الصحافة العربية،فما المفروض بالإعلام المغربي فعله كخطوة أولى اذن؟ يقول فرانس جانكنس وهو مدير التنوع التلفزة العمومية الهولادندية ورئيس لجنة الثقافات والتنوع للاتحاد الأوروبي للسمعي البصري، على هامش إحدى الندوات التي نظمها مركز الحريات والإعلام بالمغرب، والتي تدافع عن التنوع في المجتمع المغربي "على الصحافي أن يكون رسول الحقائق في مجتمعه، يجب عليه أن يكون منفتحاعلى كل الأفكار المختلفة داخل مجتمعه، يجب عليه أن يعرف ما يقوله الأفراد وما يخافون من الجهر به، ويجب أن يكون النظام السياسي لكل دولة يدافع عن حقوق الأقليات، كما أن عمل الصحافي هو الذهاب لكل الأماكين حتى لو لم تكن هناك حوافز لأننا بالاختلاف فقط نصبح أقوياء، فلا وجود لرؤية واحدة، ويجب أن يحمل كل صحافي هم البحث عن الحقائق الموجودة وإيصالها إلى المواطنين" ""
في إطار الشهادات المقدمة في يوم حول التنوع نظمه مركز حرية الإعلام، يقول باسيرو وهو طالب افريقي مقيم بالمغرب بأنه تفاجأ مثلا في قضية أحداث سبنة ومليلية بأن مسألة الهجرة السرية خرجت من سياقها واستغل الاعلام الوطني على حد قوله الموضوع لاثارة استرجاع المدينتين، كما لو كان المهاجرون مجرد كرة مضرب بين المغرب و بقية دول العبور والاستقبال لتحقيق مصالح خاصة، كما أورد باسيرو أمثلة لجرائد مغربية تنشر مقالات عن الأفارقة وتصورهم كأشخاص منحرفين يتعاطون المخدرات والدعارة ليتمكنوا من البقاء، وهو ما يمكن أن يولد لدى المواطن المغربي تخوفا من هذه الأقلية التي تقيم فوق أرضه، وينشر أفكارا خاطئة ويولد مشاعر كراهية ضد كل ما هو افريقي بغض النظر عن الحقيقة، وهو ما يعتبر، حسب بسيرو، خرقا لقانون الفيدرالية الدولية للصحافيين، مبينا أن على الصحافي عدم استعمال التمييز العنصري بناء على اللون او الدين، وأكد باسيرو بأن الافريقي يتحول في بعض الصحف المغربية إلى وحش يجب مطاردته، بل إن بعض المقالات لا تعير ا هتماما للأوصاف المستعملة في حق الأقلية الافريقية بالمغرب، لأنها تعتمد أساسا على محاظر الدرك الملكي، وتستعمل بدون التفكير في مدى ملاءمتها لمادة صحافية سيقرأها المواطن المغربي البسيط، وتساءل بسيرو عن السبب الذي يدعو الطلبة الأفارقة إلى حجز تذاكر عودتهم إلى بلدانهم بمجرد انتهاء امتحاناتهم، عوض البقاء ولو لفترة صغيرة كما يفعل كل الطلبة بالعالم من أجل بعض اللهو والترفيه بالبلد المضيف، بل أكد أنه شاهد فتاة من جنوب الصحراء تبكي في المطار أثناء عودتها من اجازتها ببلدها، لأنها ستعود إلى المعاناة من العنصرية في المغرب والألفاظ السيئة التي يتلفظ بها بعض المغاربة ضد ما هو افريقي، وحمل باسيرو المسؤولية في جزء كبير منها إلى الصحافة المغربية التي تنشر أخبارا غير صادقة عن الجالية الإفريقية وتنسب إليها بعض الأعمال الهمجية، وتتوقف عند الصورة السيئة متجاهلة المشاكل والأوضاع الذي تعيش فيها الجالية الافريقية بالمغرب، مما يدفع ببعض المواطنين العاديين لمعادتها، ويقدم باسيرو مثالا على ذلك موقف بعض الأطفال من الطلبة الجامعيين الأفارقة بإحدى الكليات بالرباط، على إثر نشر بعض الجرائد أخبارا عن وقوع حوادث يتهم فيها بعض الأفارقة، فبدأ الصغار يرشقونهم بالحجارة ويقولون بأنهم "كانيبال"، كما ذكر مأساة قتل طالب افريقي بالمغرب ونشر الصحافة لتقارير أمنية دون التحري من صحتها تقول بأن الدافع هو الانتحار.... مؤكدا بأن الكثير من الطلبة الأفارقة الذين درسوا بالمغرب يحملون مشاعر سيئة تجاهه، وهم نفسهم من سيشغل المناصب العليا خلال السنوات القريبة، وسيصبحون في مواقع القرار، مما سيسيئ إلى المغرب في إطار معاملاته الاقتصادية مع افريقيا، فمن يتعرض للإساءة في بلد ما لا يمكنه التعامل معه اقتصاديا أو انسانيا خلال المستقبل، وحتما ستذهب كثير من الاستثمارات الافريقية نحو بلدان أخرى بدلا من المغرب. علما أن عدد الطلبة الأفارقة ا لمتواجدين بالمغرب يتجاوز 12 ألف وهو عدد كبير يستحق اهتماما اعلاميا يليق به وبمشاكله ووضعيته.
بدوره اعتبر "ألان" وهو صحافي من أصل افريقي مقيم في المغرب منذ 14 سنة ويمارس الصحافة بإحدى كبريات الجرائد الفرنكفونية بالمغرب، بأن اهتمام الصحافة المغربية بالأفارقة أصبح أكثر فأكثر خاصة على مستوى القناة الثانية مثلا، معتبرا أن كون أغلب الجرائد المغربية عربية يعرقل مسألة التواصل بين المغاربة وبين الأفارقة المقيمين في المغرب، كما أن أغلبية الأفارقة لا يفهمون لماذا هنالك صورة مذلة جدا عنهن، تماما كما يحصل للمغاربة المهاجرون في بعض البلدان الأوروبية التي تنقل صورا سيئة عن العرب والمسلمين، وتعرص آلان للمشاكل التي يتعرض لها المقيمون والمهاجرون الأفارقة بالمغرب، وبعض التساءلات التي يهملها الصحافيون من المغاربة، والتي يمكن للإجابة عليها تقريب الصورة من المواطن المغربي، فمثلا هناك مشكلة التدريس وغلاء أسعار المدارس الخصوصية التي يقصدها الطلبة الأفارقة للدراسة، كما أن هناك مشكل الكراء، ولماذا لا يتواجد مواطنون أفا ر قة في الملاعب الكروية المغربية، فالأمر ليس طبيعا لأن الجميع يحب كرة القدم، كم قدم "الان" مثالا عن انعدام التواصل بين المغاربة والأفارقة بتأكيده على أنه ومنذ 10 سنوات لم تسجل أية حالة زواج مختلطة بين مغربي وجنوب افريقية أو العكس، وتساءل "ألان" في نهاية تدخله بمرارة، هل علينا أن ننتظر الإعلام الأجنبي ليطرح هذه المشاكل التي يعيشها المواطن الافريقي بالمغرب لكي نتسابق كصحافة مغربية على التطرق إليها؟
وإن كان شهادة كل من باسيرو وآلان كانتا قاسيتين، عرتا النظرة العنصرية التي يحملها الشارع المغربي تجاه الجالية الافريقية المقيمة بالمغرب، وكذا عدم احترام بعض المقالات الصحافية للمعايير المهنية اثناء تغطيتها للحوادث التي يكون المهاجرون الأفارقة جزءا منها، واستعمال بعض العبارات العنصرية من قبيل الصحافة أثناء وقوع حوادث متعلقة بالهجرة السرية، فإن بعض الشهادات الأخرى كانت مغايرة، مثل شهادة "فاتيمو" الجميلة السينغالية، التي تدرس في الدار البيضاء، وتشتغل في مركز للاتصال خلال النهار، مفضلة الدراسة الليلية كي توفر مصروفا يعينها على الكراء والعيش بالمغرب، تبدو فتامومرتاحة في حياتها، وتعيش فاتيمو في منطقة سيدي معروف مفضلة السكن بعيدا عن الأماكن الذي يقصدها أبناء بلدها، لأن الأمر من وجهة نظرها يوفر لها استقلالية اكبر، ولا تعاني سوى من المشكلة الذي يعانيه كل المغتربون في العالم، وهو الاشتياق إلى الوطن، وترى بأن حياتها بالمغرب مستقرة، معتبرة أن الشارع المغرب على العموم عنصري ضد كل النساء سواء كن مغربيات أو افريقيات، وأنها تعودت على التحرشات اللفظية البديئة في حقها، وأنها تقوم بتجاهلها، مؤكدة على أنها سترحل نحو بلدها بمجرد انتهاء دراستها، لأن الامكانيات هنالك هي أفضل من اروبا مثلا، نافية أن تكون قد عانت من مشاكل ما خلال دراستها أو في المكان الذي تشتغل فيه.
وإن كانت شهادة فاتيمو مغايرة، فظروفها أيضا مغايرة لأنها تأتي من طبقة برجوازية في السينغال، وليست مضطرة للتوجه نحو الأحياء الجامعية المغربية مثلا والعيش في مناخ قد يولد بعض التصادمات، ويفرز بعض الحقائق العنصرية بالنسبة للفئات المستفيدة من منحة دراسة غير كافية لسد حاجيات الطلبة القادمين من بعض الدول الافريقية.
وفي تعليق له على هذا الموضع اعتبر الاكاديمي المغربي جمال الدين الناجي"ينبغي لنا ان ننطلق من حقيقة وجود لبس حول مرجعية التنوع بالمغرب، وكذا الاعتراف بأننا مجتمع عنصري، وينبغي علينا تغيير الأمور والاهتمام بالجاليات المتواجدة بالمغرب بدلا من تجاهلها ونبذها واحتقارها في الاعلام المغربي،علما أننا بدورنا أفارقة ولسنا من جنس اخر" في حين ذهب سعيد السلمي مدير مركز حرية الاعلام إلى أن المغرب مطالب بالاقتداء بالنموذج الأوربي في تعامله الرسمي مع الأقليات، لاحتواء المشاكل التي تعيش فيها، والتعرف عليها، معتبرا أن الوضع بالمغرب يذهب باتجاه اعتبار الأقليات مشكلة غير واضحة المعالم حتى الساعة .
وتجدر الاشارة أنه وفقا لدراسة أنجزتها الجمعية المغربية للدراسات والبحوث حول الهجرة واللجنة الدولية من أجل تنمية الشعوب الموجودة في إيطاليا، يتراوح عدد المهاجرين السريين الأفارقة بالمغرب بين 10 و15 ألفا، يتقدمهم النيجيريون ب15.7% يتلوهم الماليون ب13.1% ثم السنغاليون ب12.8% وأخيرا مهاجرو الكونغو الديمقراطية ب%.10.4
وجاء في نفس الدارسة أن معدل بقاء المهاجرين الأفارقة بالمغرب هو سنتان ونصف، ثلاثة أرباعهم أفصحوا عن رغبتهم في السفر نحو أوروبا، وينوي 72.6% تحقيق مشاريعهم، بينما لا يريد العودة إلى بلادهم سوى 10.6% و2.3% يرغبون في البقاء بالمغرب.
هل أنت عنصري؟
طرحنا موضوع النظرة المتعالية التي يتبناها الشا رع المغربي تجاه الوجود الأفريقي في محيطة الاجتماعي على مجموعة من الشباب المغاربة، فكانت الشهادات التالية :
نادية طالبة جامعية 22 سنة : لا وجود للعنصرية ببلدنا...
لا أعتقد أننا شعب عنصري، ولم ألاحظ أن الطلبة الأفارقة أو المهاجرون السريون منهم يعانون من أ ية إشكالية في المغرب، خصوصا في المحيط الجامعي بالدار البيضاء، إننا شعب مسلم، وديننا ينهانا عن العنصرية، فلا فضل لأحد عن أحد سوى بالتقوى، وحتى لو كانت هناك تصرفات من هذا القبيل فيجب التوقف عنها، لأننا في النهاية أفارقة، لكنني أؤكد لك بأنني أستبعد هذه الأفكار المتعلقة بالعنصرية ولا أعتقد أنها موجودة، لكنني من جهة ثانية ألاحظ أن الطلبة الأفارقة منعزلون جدا، ولا يتكلمون مع المغاربة وهذه مسألة سيئة بالنسبة لطالب، عليهم الاندماج مع الطلبة المغاربة وتكوين صداقات والانفتاح على محيطهم بدل الانكماش والالتفاف حول بعضهم البعض، وصراحة أعتقد أنهم عنصريون وليس العكس، لكنني لا أؤكد ذلك بل مجرد إحساس، وشخصيا لا أحمل ضدهم أي شعور لكنني لم يسبق لي التعرف على أحدهم لأنهم منطوون جدا على أنفسهم، ولا يتعاطون معنا.
فؤاد طالب في مدرسة خاصة : انكار وجود العنصرية مجرد نفاق
العنصرية موجودة، وانكارها هو مجرد هر وب ومجرد نفاق اجتماعي، فالمغاربة، خاصة البيض منهم، ينظرون بكثير من التعالي للإنسان الأسود، وهناك عنصرية ضد السود المغاربة فما بالك بالأفارقة، أعرف بوجود هذه المشكلة، خاصة من طرف الأشخاص الأصغر سنا مثل المراهقين والأطفال، وينبغي أن تكون هناك توعية مدرسية وبيتية بخصوص هذه المشكلة، العنصرية مسألة بغيضة، و"حشومة" توجيه كلمات نابية وعنصرية للمهاجرين الأفارقة، يكفي ما يعانونه من مشاكل أثناء الاستقرار أو الدرا سة بالمغرب.
فاطمة تلميذة في الباكلوريا 18 سنة : الأفارقة يشكلون خطرا علينا
تقتصر معرفتي بالوجود الإفريقي في بعض الوجوه التي أراها تعبر الشارع أو أثناء تواجدي بوسط المدينة، لكن على العموم أعتقد أن المغاربة، خاصة المراهقين، يخشون من الأفارقة ويعتقدون أنهم يشكلون خطرا على حياتهم في حالة وجود مشكلة ما، ربما لذلك توجد بعض العنصرية تجاههم.
عزيز مدرس 33 سنة : على المهاجرين الاندماج في المجتمع المغربي
لا ينبغي تعميم هذه النظرة، لسنا شعبا عنصريا مائة بالمائة، ربما يلزم المزيد بالتوعية بالظروف القاهرة التي يعيشها الطلبة والمهاجرون الأفارقة بالمغرب، لكي يتم إصلاح الوضع، كذلك ينبغي التخفيف من هول مشاكل المهاجرين السريين وعدم استغلالهم لتحقيق مكاسب سياسية، فقضية المهاجرين السريين مثلا هي قضية إنسانية بالأساس، وأضع اللوم على الجمعيات لعدم تنظيم ندوات وأيام مفتوحة تعرف بمشاكل الأفارقة بالمغرب، كما أنني من جهة ثانية أعتقد أن على المهاجرين تعلم اللغة العربية أو الدارجة والتعاطي مع المغاربة وعدم الانزواء والتكثل في غيتوهات أو في مجموعات منغلقة على نفسها لأن ذلك يولد شعورا بالخوف منهم لدى البقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.