وفد قضائي وطني رفيع يزور جماعة الطاح بطرفاية تخليداً للذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء واستحضاراً للموقع التاريخي للملك الراحل الحسن الثاني    مؤسسة طنجة الكبرى: معرض الطوابع البريدية يؤرخ لملحمة المسيرة الخضراء    هنا المغرب    ألعاب التضامن الإسلامي (الرياض 2025).. المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة إلى النهائي بعد تجاوز المنتخب السعودي في نصف النهاية    لقاء الجيش و"الماص" ينتهي بالبياض    تراجع عجز السيولة البنكية إلى 142,1 مليار درهم    تتويج المغربي بنعيسى اليحياوي بجائزة في زيورخ تقديرا لالتزامه بتعزيز الحوار بين الثقافات    نبيل باها: عزيمة اللاعبين كانت مفتاح الفوز الكبير أمام كاليدونيا الجديدة    بنكيران: "البيجيدي" هو سبب خروج احتجاجات "جيل زد" ودعم الشباب للانتخابات كمستقلين "ريع ورشوة"    الأقاليم الجنوبية، نموذج مُلهم للتنمية المستدامة في إفريقيا (محلل سياسي سنغالي)    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    كرة القدم ..المباراة الودية بين المنتخب المغربي ونظيره الموزمبيقى تجرى بشبابيك مغلقة (اللجنة المنظمة )    نصف نهائي العاب التضامن الإسلامي.. تشكيلة المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة أمام السعودية    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    حماس تدعو الوسطاء لإيجاد حل لمقاتليها العالقين في رفح وتؤكد أنهم "لن يستسلموا لإسرائيل"    أيت بودلال يعوض أكرد في المنتخب    أسيدون يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية.. والعلم الفلسطيني يرافقه إلى القبر    بعد فراره… مطالب حقوقية بالتحقيق مع راهب متهم بالاعتداء الجنسي على قاصرين لاجئين بالدار البيضاء    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    بأعلام فلسطين والكوفيات.. عشرات النشطاء الحقوقيين والمناهضين للتطبيع يشيعون جنازة المناضل سيون أسيدون    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    شباب مرتيل يحتفون بالمسيرة الخضراء في نشاط وطني متميز    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغرب بعيون الأفارقة:إفريقيا تجمعنا والعنصرية تفرقنا؟
نشر في هسبريس يوم 16 - 03 - 2009

أصبح من العادي والمألوف، خاصة في وسط مدينة الدارالبيضاء، مشاهدة تسول عدد من المهاجرين الافارقة، سواء من الذكور أو الإناث، يستجدون بعض الدراهم من البيضاويين، بجمل دارجة حفظوها لاستدرار عطف المغاربة، تترواح جملهم بين "اعينو أخوكم المسلم"، أو "غير شوية تاع الفلوس" ...دارجة مكسرة، أدب شديد في التوجه إلى المغاربة...
وجوه غريبة غير مألوفة لأشخاص عابرون لبلدنا، وعازمون على لتوجه نحو الإلدرادو الإسباني الذي يعيش بدروه أزمته الاقتصادية الخاصة. لكن الصورة لا تتوقف عند هذا الحد، لأن التوقف فقط عند ظاهرة المهاجرين الأفارقة المتسولين سيكون ظلما لهم، هناك أيضا هؤلاء الذين أسسوا شركاتهم الخاصة، وأيضا الطلبة القادمين من جنوب الصحراء أو من وسط افريقيا، ايضا المهاجرون السريون، الجميع يوحدهم الخوف من الإبعاد وتقربهم الرغبة في الهروب إلى واقع أكثر أمنا، لكن كيف ننظر نحن كمغاربة إلى هؤلاء الزوار، كيف هي أحاسيسنا تجاههم، كيف ننظر إلى و جودهم في حياتنا؟ فالواقع يقول بأن القادمين من افريقيا أضحو يشكلون جالية حقيقية، لا يمكن تجاهلها، أو إلصاق بعض التهم بها، كما أن انعدام التواصل مع هذه الجالية، بحكم تقوقعها على نفسها، وتجنبها للمشاكل مع المواطنين المغاربة، قد يزيد من الأفكار المسبقة حولها، وقد يحولها في بعض الأحيان إلى جالية غريبة.
لكن ألا تذكرنا هذه النظرة بنفس النظرة التي يحملها بعض الأجانب عن أماكن تواجد العرب والمسلمين بأروبا؟ ألسنا بصدد تكرار تجاربنا مع العنصرية المبنية على سوء الفهم المسبق؟ أليست بعض الصور التي تنشرها الصحف المغربية على رأس صفحاتها الأولى، والتي تصور الأفارقة مكبلين وكأنهم حيوانات يلقى عليها القبض من طرف الدرك الملكي، هي صور مذلة للكائن البشري سواء كان افريقيا او عربيا، فمن بين العناوين التي تطالعنا في الصفحات الأولى لبعض الجرائد الوطنية نجد " المغرب يشن حربا جديدة على المهاجرين الأفارقة" مع ما يحمله لفظ الحرب من حمولات معادية، أو مثل هذه العبارة التي وردت في مقال حول المهاجرين السريين ونوردها كما جاءت بالحرف.." ولم تخف مصادر أن وجود المهاجرين الأفارقة أصبح يطر ح خطرا أمنيا في ظل وجود شبكات الجريمة والنصب والاحتيال على الطريقة الإفريقية"..ترى من هي هذه المصادر التي تقول ذلك، وما هي الطريقة الافريقية؟ وهل كل افريقي هو مجرم وينتمي لتنظيم اجرامي؟ هل نحن شعب يقبل التعدد، هل نقبل وجود أفارقة بأفكار وثقافة غريبة عنا.
في هذا المقال سوف نقترب من بعض الافارقة المقيمين بالمغرب لندرك مدى الضرر الذي تلحقه الأفكار المسبقة بالصورة التي يرسمها المواطنون المغاربة عن هؤلاء الزوار...كما أننا سنضع الصحافة المغربية في فوهة المدفع،فحسب الكثير من الشهادات، لمسنا أن الأفارقة خاصة الطلبة منهم، يحملون مسؤولية الصورة السيئة عنهم للصحافة، وخاصة الصحافة العربية،فما المفروض بالإعلام المغربي فعله كخطوة أولى اذن؟ يقول فرانس جانكنس وهو مدير التنوع التلفزة العمومية الهولادندية ورئيس لجنة الثقافات والتنوع للاتحاد الأوروبي للسمعي البصري، على هامش إحدى الندوات التي نظمها مركز الحريات والإعلام بالمغرب، والتي تدافع عن التنوع في المجتمع المغربي "على الصحافي أن يكون رسول الحقائق في مجتمعه، يجب عليه أن يكون منفتحاعلى كل الأفكار المختلفة داخل مجتمعه، يجب عليه أن يعرف ما يقوله الأفراد وما يخافون من الجهر به، ويجب أن يكون النظام السياسي لكل دولة يدافع عن حقوق الأقليات، كما أن عمل الصحافي هو الذهاب لكل الأماكين حتى لو لم تكن هناك حوافز لأننا بالاختلاف فقط نصبح أقوياء، فلا وجود لرؤية واحدة، ويجب أن يحمل كل صحافي هم البحث عن الحقائق الموجودة وإيصالها إلى المواطنين" ""
في إطار الشهادات المقدمة في يوم حول التنوع نظمه مركز حرية الإعلام، يقول باسيرو وهو طالب افريقي مقيم بالمغرب بأنه تفاجأ مثلا في قضية أحداث سبنة ومليلية بأن مسألة الهجرة السرية خرجت من سياقها واستغل الاعلام الوطني على حد قوله الموضوع لاثارة استرجاع المدينتين، كما لو كان المهاجرون مجرد كرة مضرب بين المغرب و بقية دول العبور والاستقبال لتحقيق مصالح خاصة، كما أورد باسيرو أمثلة لجرائد مغربية تنشر مقالات عن الأفارقة وتصورهم كأشخاص منحرفين يتعاطون المخدرات والدعارة ليتمكنوا من البقاء، وهو ما يمكن أن يولد لدى المواطن المغربي تخوفا من هذه الأقلية التي تقيم فوق أرضه، وينشر أفكارا خاطئة ويولد مشاعر كراهية ضد كل ما هو افريقي بغض النظر عن الحقيقة، وهو ما يعتبر، حسب بسيرو، خرقا لقانون الفيدرالية الدولية للصحافيين، مبينا أن على الصحافي عدم استعمال التمييز العنصري بناء على اللون او الدين، وأكد باسيرو بأن الافريقي يتحول في بعض الصحف المغربية إلى وحش يجب مطاردته، بل إن بعض المقالات لا تعير ا هتماما للأوصاف المستعملة في حق الأقلية الافريقية بالمغرب، لأنها تعتمد أساسا على محاظر الدرك الملكي، وتستعمل بدون التفكير في مدى ملاءمتها لمادة صحافية سيقرأها المواطن المغربي البسيط، وتساءل بسيرو عن السبب الذي يدعو الطلبة الأفارقة إلى حجز تذاكر عودتهم إلى بلدانهم بمجرد انتهاء امتحاناتهم، عوض البقاء ولو لفترة صغيرة كما يفعل كل الطلبة بالعالم من أجل بعض اللهو والترفيه بالبلد المضيف، بل أكد أنه شاهد فتاة من جنوب الصحراء تبكي في المطار أثناء عودتها من اجازتها ببلدها، لأنها ستعود إلى المعاناة من العنصرية في المغرب والألفاظ السيئة التي يتلفظ بها بعض المغاربة ضد ما هو افريقي، وحمل باسيرو المسؤولية في جزء كبير منها إلى الصحافة المغربية التي تنشر أخبارا غير صادقة عن الجالية الإفريقية وتنسب إليها بعض الأعمال الهمجية، وتتوقف عند الصورة السيئة متجاهلة المشاكل والأوضاع الذي تعيش فيها الجالية الافريقية بالمغرب، مما يدفع ببعض المواطنين العاديين لمعادتها، ويقدم باسيرو مثالا على ذلك موقف بعض الأطفال من الطلبة الجامعيين الأفارقة بإحدى الكليات بالرباط، على إثر نشر بعض الجرائد أخبارا عن وقوع حوادث يتهم فيها بعض الأفارقة، فبدأ الصغار يرشقونهم بالحجارة ويقولون بأنهم "كانيبال"، كما ذكر مأساة قتل طالب افريقي بالمغرب ونشر الصحافة لتقارير أمنية دون التحري من صحتها تقول بأن الدافع هو الانتحار.... مؤكدا بأن الكثير من الطلبة الأفارقة الذين درسوا بالمغرب يحملون مشاعر سيئة تجاهه، وهم نفسهم من سيشغل المناصب العليا خلال السنوات القريبة، وسيصبحون في مواقع القرار، مما سيسيئ إلى المغرب في إطار معاملاته الاقتصادية مع افريقيا، فمن يتعرض للإساءة في بلد ما لا يمكنه التعامل معه اقتصاديا أو انسانيا خلال المستقبل، وحتما ستذهب كثير من الاستثمارات الافريقية نحو بلدان أخرى بدلا من المغرب. علما أن عدد الطلبة الأفارقة ا لمتواجدين بالمغرب يتجاوز 12 ألف وهو عدد كبير يستحق اهتماما اعلاميا يليق به وبمشاكله ووضعيته.
بدوره اعتبر "ألان" وهو صحافي من أصل افريقي مقيم في المغرب منذ 14 سنة ويمارس الصحافة بإحدى كبريات الجرائد الفرنكفونية بالمغرب، بأن اهتمام الصحافة المغربية بالأفارقة أصبح أكثر فأكثر خاصة على مستوى القناة الثانية مثلا، معتبرا أن كون أغلب الجرائد المغربية عربية يعرقل مسألة التواصل بين المغاربة وبين الأفارقة المقيمين في المغرب، كما أن أغلبية الأفارقة لا يفهمون لماذا هنالك صورة مذلة جدا عنهن، تماما كما يحصل للمغاربة المهاجرون في بعض البلدان الأوروبية التي تنقل صورا سيئة عن العرب والمسلمين، وتعرص آلان للمشاكل التي يتعرض لها المقيمون والمهاجرون الأفارقة بالمغرب، وبعض التساءلات التي يهملها الصحافيون من المغاربة، والتي يمكن للإجابة عليها تقريب الصورة من المواطن المغربي، فمثلا هناك مشكلة التدريس وغلاء أسعار المدارس الخصوصية التي يقصدها الطلبة الأفارقة للدراسة، كما أن هناك مشكل الكراء، ولماذا لا يتواجد مواطنون أفا ر قة في الملاعب الكروية المغربية، فالأمر ليس طبيعا لأن الجميع يحب كرة القدم، كم قدم "الان" مثالا عن انعدام التواصل بين المغاربة والأفارقة بتأكيده على أنه ومنذ 10 سنوات لم تسجل أية حالة زواج مختلطة بين مغربي وجنوب افريقية أو العكس، وتساءل "ألان" في نهاية تدخله بمرارة، هل علينا أن ننتظر الإعلام الأجنبي ليطرح هذه المشاكل التي يعيشها المواطن الافريقي بالمغرب لكي نتسابق كصحافة مغربية على التطرق إليها؟
وإن كان شهادة كل من باسيرو وآلان كانتا قاسيتين، عرتا النظرة العنصرية التي يحملها الشارع المغربي تجاه الجالية الافريقية المقيمة بالمغرب، وكذا عدم احترام بعض المقالات الصحافية للمعايير المهنية اثناء تغطيتها للحوادث التي يكون المهاجرون الأفارقة جزءا منها، واستعمال بعض العبارات العنصرية من قبيل الصحافة أثناء وقوع حوادث متعلقة بالهجرة السرية، فإن بعض الشهادات الأخرى كانت مغايرة، مثل شهادة "فاتيمو" الجميلة السينغالية، التي تدرس في الدار البيضاء، وتشتغل في مركز للاتصال خلال النهار، مفضلة الدراسة الليلية كي توفر مصروفا يعينها على الكراء والعيش بالمغرب، تبدو فتامومرتاحة في حياتها، وتعيش فاتيمو في منطقة سيدي معروف مفضلة السكن بعيدا عن الأماكن الذي يقصدها أبناء بلدها، لأن الأمر من وجهة نظرها يوفر لها استقلالية اكبر، ولا تعاني سوى من المشكلة الذي يعانيه كل المغتربون في العالم، وهو الاشتياق إلى الوطن، وترى بأن حياتها بالمغرب مستقرة، معتبرة أن الشارع المغرب على العموم عنصري ضد كل النساء سواء كن مغربيات أو افريقيات، وأنها تعودت على التحرشات اللفظية البديئة في حقها، وأنها تقوم بتجاهلها، مؤكدة على أنها سترحل نحو بلدها بمجرد انتهاء دراستها، لأن الامكانيات هنالك هي أفضل من اروبا مثلا، نافية أن تكون قد عانت من مشاكل ما خلال دراستها أو في المكان الذي تشتغل فيه.
وإن كانت شهادة فاتيمو مغايرة، فظروفها أيضا مغايرة لأنها تأتي من طبقة برجوازية في السينغال، وليست مضطرة للتوجه نحو الأحياء الجامعية المغربية مثلا والعيش في مناخ قد يولد بعض التصادمات، ويفرز بعض الحقائق العنصرية بالنسبة للفئات المستفيدة من منحة دراسة غير كافية لسد حاجيات الطلبة القادمين من بعض الدول الافريقية.
وفي تعليق له على هذا الموضع اعتبر الاكاديمي المغربي جمال الدين الناجي"ينبغي لنا ان ننطلق من حقيقة وجود لبس حول مرجعية التنوع بالمغرب، وكذا الاعتراف بأننا مجتمع عنصري، وينبغي علينا تغيير الأمور والاهتمام بالجاليات المتواجدة بالمغرب بدلا من تجاهلها ونبذها واحتقارها في الاعلام المغربي،علما أننا بدورنا أفارقة ولسنا من جنس اخر" في حين ذهب سعيد السلمي مدير مركز حرية الاعلام إلى أن المغرب مطالب بالاقتداء بالنموذج الأوربي في تعامله الرسمي مع الأقليات، لاحتواء المشاكل التي تعيش فيها، والتعرف عليها، معتبرا أن الوضع بالمغرب يذهب باتجاه اعتبار الأقليات مشكلة غير واضحة المعالم حتى الساعة .
وتجدر الاشارة أنه وفقا لدراسة أنجزتها الجمعية المغربية للدراسات والبحوث حول الهجرة واللجنة الدولية من أجل تنمية الشعوب الموجودة في إيطاليا، يتراوح عدد المهاجرين السريين الأفارقة بالمغرب بين 10 و15 ألفا، يتقدمهم النيجيريون ب15.7% يتلوهم الماليون ب13.1% ثم السنغاليون ب12.8% وأخيرا مهاجرو الكونغو الديمقراطية ب%.10.4
وجاء في نفس الدارسة أن معدل بقاء المهاجرين الأفارقة بالمغرب هو سنتان ونصف، ثلاثة أرباعهم أفصحوا عن رغبتهم في السفر نحو أوروبا، وينوي 72.6% تحقيق مشاريعهم، بينما لا يريد العودة إلى بلادهم سوى 10.6% و2.3% يرغبون في البقاء بالمغرب.
هل أنت عنصري؟
طرحنا موضوع النظرة المتعالية التي يتبناها الشا رع المغربي تجاه الوجود الأفريقي في محيطة الاجتماعي على مجموعة من الشباب المغاربة، فكانت الشهادات التالية :
نادية طالبة جامعية 22 سنة : لا وجود للعنصرية ببلدنا...
لا أعتقد أننا شعب عنصري، ولم ألاحظ أن الطلبة الأفارقة أو المهاجرون السريون منهم يعانون من أ ية إشكالية في المغرب، خصوصا في المحيط الجامعي بالدار البيضاء، إننا شعب مسلم، وديننا ينهانا عن العنصرية، فلا فضل لأحد عن أحد سوى بالتقوى، وحتى لو كانت هناك تصرفات من هذا القبيل فيجب التوقف عنها، لأننا في النهاية أفارقة، لكنني أؤكد لك بأنني أستبعد هذه الأفكار المتعلقة بالعنصرية ولا أعتقد أنها موجودة، لكنني من جهة ثانية ألاحظ أن الطلبة الأفارقة منعزلون جدا، ولا يتكلمون مع المغاربة وهذه مسألة سيئة بالنسبة لطالب، عليهم الاندماج مع الطلبة المغاربة وتكوين صداقات والانفتاح على محيطهم بدل الانكماش والالتفاف حول بعضهم البعض، وصراحة أعتقد أنهم عنصريون وليس العكس، لكنني لا أؤكد ذلك بل مجرد إحساس، وشخصيا لا أحمل ضدهم أي شعور لكنني لم يسبق لي التعرف على أحدهم لأنهم منطوون جدا على أنفسهم، ولا يتعاطون معنا.
فؤاد طالب في مدرسة خاصة : انكار وجود العنصرية مجرد نفاق
العنصرية موجودة، وانكارها هو مجرد هر وب ومجرد نفاق اجتماعي، فالمغاربة، خاصة البيض منهم، ينظرون بكثير من التعالي للإنسان الأسود، وهناك عنصرية ضد السود المغاربة فما بالك بالأفارقة، أعرف بوجود هذه المشكلة، خاصة من طرف الأشخاص الأصغر سنا مثل المراهقين والأطفال، وينبغي أن تكون هناك توعية مدرسية وبيتية بخصوص هذه المشكلة، العنصرية مسألة بغيضة، و"حشومة" توجيه كلمات نابية وعنصرية للمهاجرين الأفارقة، يكفي ما يعانونه من مشاكل أثناء الاستقرار أو الدرا سة بالمغرب.
فاطمة تلميذة في الباكلوريا 18 سنة : الأفارقة يشكلون خطرا علينا
تقتصر معرفتي بالوجود الإفريقي في بعض الوجوه التي أراها تعبر الشارع أو أثناء تواجدي بوسط المدينة، لكن على العموم أعتقد أن المغاربة، خاصة المراهقين، يخشون من الأفارقة ويعتقدون أنهم يشكلون خطرا على حياتهم في حالة وجود مشكلة ما، ربما لذلك توجد بعض العنصرية تجاههم.
عزيز مدرس 33 سنة : على المهاجرين الاندماج في المجتمع المغربي
لا ينبغي تعميم هذه النظرة، لسنا شعبا عنصريا مائة بالمائة، ربما يلزم المزيد بالتوعية بالظروف القاهرة التي يعيشها الطلبة والمهاجرون الأفارقة بالمغرب، لكي يتم إصلاح الوضع، كذلك ينبغي التخفيف من هول مشاكل المهاجرين السريين وعدم استغلالهم لتحقيق مكاسب سياسية، فقضية المهاجرين السريين مثلا هي قضية إنسانية بالأساس، وأضع اللوم على الجمعيات لعدم تنظيم ندوات وأيام مفتوحة تعرف بمشاكل الأفارقة بالمغرب، كما أنني من جهة ثانية أعتقد أن على المهاجرين تعلم اللغة العربية أو الدارجة والتعاطي مع المغاربة وعدم الانزواء والتكثل في غيتوهات أو في مجموعات منغلقة على نفسها لأن ذلك يولد شعورا بالخوف منهم لدى البقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.