ثلاثة مشاريع مراسيم تهم قطاع الصحة على طاولة المجلس الحكومي بعد غد الخميس    تقرير وزارة المالية: نمو متوقع بنسبة 4,5 في المائة سنة 2026    دول عربية وإسلامية تصدر بيانا حول إنهاء الحرب في غزة وتتمسك بدولة فلسطينية    الرباط.. متابعة 16 شابا من محتجي "جيل زاد" في حالة سراح بعد دفع كفالات مالية    الرجاء والوداد يوقعان على الصحوة على حساب الدفاع الجديدي ونهضة الزمامرة    حين تساءل المؤسسات عن الحصيلة!    فيدرالية اليسار الديمقراطي تدين "قمع الاحتجاجات السلمية" وتعلن فتح مشاورات مع قوى ديمقراطية    الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب تدين "العنف" ضد مسيرات "جيل Z" وتدعو إلى الحوار    أمن مراكش يوقف أجنبيا يشكل موضوع أمر دولي بإلقاء القبض    اعتقالات جديدة أمام محكمة الرباط تزامنا مع تقديم شباب "جيل Z" للنيابة العامة    تجميد مشروع شعبة الإعلام والاتصال بجامعة ابن طفيل يثير خيبة أمل الطلبة والأساتذة    "أسطول الصمود" يقترب من منطقة خطر الاعتراض الإسرائيلي    الأداء السلبي يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    مارسيل خليفة يهدي تكريم مهرجان وجدة السينمائي إلى غزة    مولاي الحسن يترأس افتتاح الدورة ال16 لمعرض الفرس بالجديدة    "فيفا" يعاقب جنوب إفريقيا ويعتبره خاسراً أمام ليسوتو بسبب إشراك لاعب غير مؤهل    كأس العالم لأقل من 20 سنة.. النرويج تفوز على نيجيريا وفرنسا تهزم جنوب إفريقيا    وزارة ‬الخارجية ‬الأمريكية ‬تبرز ‬مؤهلات ‬المغرب ‬ك»قطب ‬استراتيجي‮»‬ ‬للأعمال ‬والصناعة    نيكول كيدمان وكيث أوربان يصلان إلى الانفصال    أطباء يحذرون من أخطار بسبب اتساع محيط العنق    جيل زد المغربي.. احتجاجات تعيد رسم المخيلة السياسية    اتفاق جديد بين المغرب والاتحاد الأوروبي لتعزيز تسويق منتجات الأقاليم الجنوبية    وكالة "فيتش" تؤكد تصنيف المغرب عند "بي بي+" مع نظرة مستقبلية مستقرة    مباراة المغرب والبحرين.. بيع أزيد من 42 ألف تذكرة إلى غاية السادسة مساء    بلدية ميلانو تمنح الضوء الأخضر لبيع سان سيرو لميلان وإنتر    "كولومبيا U20" تفوز على السعودية    أسعار الذهب تسجل ذروة قياسية جديدة    تصعيد ‬عسكري ‬جزائري ‬ضد ‬المغرب    الصحراء المغربية.. هلال يرد "دون جدال أو عدائية" على تصريح وزير الخارجية الجزائري أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة    إيقاف شخص يحرض على الخروج للشارع من أجل الاحتجاج    طقس الثلاثاء ممطر في بعض مناطق المملكة    كيوسك الثلاثاء | المغرب الأول بشمال إفريقيا في الحد الأدنى للأجور    رشاوى ‬واختلاسات ‬لمسؤولين ‬جزائريين ‬كبار ‬أمام ‬القضاء ‬الإسباني ‬    "جيل Z" الجزائري يهدد بإعادة الشارع إلى الواجهة... والنظام العسكري في حالة استنفار    المغرب والولايات المتحدة يختتمان مناورات "ماروك مانتليت 2025" لمواجهة الكوارث    ممثلة مطورة بالذكاء الاصطناعي تغضب هوليوود    القوات العمومية تتدخل لمنع تجمهرات مجهولة المصدر دون تسجيل أي إصابات أو خسائر    المجلس الجماعي للجديدة يعقد دورة أكتوبر في جلستين    فريال الزياري: العيون.. مدينة الكرم والجمال الصحراوي الأصيل    طنجة.. السلطة تُنهي جدل تسعيرة "الطاكسي الصغير" وتُحدد الحد الأدنى في 7 دراهم    المغرب يحذر "الإيكاو" من خطورة المناطيد الهوائية على سلامة الطائرات                        القانون 272 يدفع المصابين بألأمراض المزمنة إلى الهشاشة الاجتماعية    علماء روس يبتكرون أدوية "ذكية" يتحول شكلها داخل الجسم    بنسعيد: الراحل سعيد الجديدي أغنى المكتبة الوطنية بإنتاجات أدبية وصحفية قيمة        "طريقة الكنغر" تعزز نمو أدمغة الأطفال المبتسرين    عرض "نشرب إذن" ينافس في بغداد    دراسة: الموسيقيون يتحملون الألم بشكل أفضل من غيرهم        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجلس الأعلى للحسابات وغضب مفتشي التعليم
نشر في هسبريس يوم 25 - 01 - 2014

في إطار مهامه الرقابية، قام المجلس الأعلى للحسابات بإنجاز تقارير عن تدبير واستعمال الأموال العمومية ببعض الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ومن بين ماتضمنته هذه التقارير مجموعة من الملاحظات والتوصيات عن ضعف أداء جهاز التفتيش مما أدى لردود غاضبة من المفتشين لأنهم يرونها مجانبة للصواب. فماذا يعاب على هذه التقارير؟ يرى جهاز التفتيش أن عملية التقويم لم تأخذ بعين الاعتبار سياق التقويم والأطر المرجعية القانونية، والتقويمات السابقة المنجزة من طرف الجهات المختصة؛ بالإضافة لتأكد المفتشين من مسألتي عدم المام خبراء المجلس بخصوصيات منظومة معقدة كمنظومة التربية والتكوين وعدم توفرهم على الكفاءة اللازمة لتقويم عمل هيأة التأطير والمراقبة التربوية حيث يحضر الهاجس التربوي ومفهوم الجودة ومصلحة التلميذ وتحسين مجالات الحياة المدرسية بدل الهاجس المالي والمادي. وسنحاول قدر الإمكان التطرق إلى ملاحظات المفتشين التربويين عن ملاحظات وتوصيات المجلس الأعلى للحسابات فقط، وفق رؤية بناءة للتقارير التقويمية المستقبلية.
يقوم عادة المجلس بتناول أداء المفتشين التربويين (هيئة التأطير والمراقبة التربوية) على هامش تتبع ومراقبة تنفيد القوانين المالية في الأكاديميات الجهوية، بما يعني أنه لا يمثل أولوية لدى المجلس، وهذا أمر عادي، إلا أنه مع توالي التقارير والتجارب لم يسجل أي تحسن مما يمكن تفسيره باعتبار المقوم لهذا المجال كمكمل، أو بعبارة أصح كنكهة الطعام التي تضاف عند الانتهاء من إعداد الوجبة. فالمجلس تغاضى عن أسباب ضعف الأداء المستنتج من الإحصاءات المعتمدة وعن أسباب عدم لجوء الإدارة للمحاسبة. ويجمع المفتشون على أنه بحكم تراكم التجارب كان من البديهي لخبراء المجلس من خلال فرص كثيرة تكوين فكرة واضحة عن تنوع وتعدد المهام الميدانية وبالتالي التأكد من أمر معروف لدى كل العاملين في الحقل التربوي مفاده أن التقويم بواسطة "مطبوع النشاط التربوي" أمر غير عادل ؛ ثم يتساءلون عن سبب إصرار المقوم على اعتماد معطيات ناقصة يترتب عليها تقويم سلبي يضر لا محالة بسمعة وصورة المفتش التربوي لدى هيئة التدريس والإدارة التربوية على المستوى المحلي والإقليمي والجهوي والمركزي ولدى الرأي العام. كما لوحظ أن لا قيمة مضافة للتقارير موضوع حديثنا فأي مفتش في بداية مشواره المهني يمكنه أن يقول بشكل رسمي أو غير رسمي أكثر مما قيل في؛ ولكن تلك التقارير بالمقابل أضافت ما أضافت للرأي العام لدفعه إلى تكوين نظرة سلبية عن المفتش التربوي لينحاز إلى صفوف اللوبيات المحاربة لجهاز التفتيش في منظومة التربية والتكوين.
وبالرجوع للمعايير المعتمدة في تقويم أداء المفتش التربوي، نكتشف أن المجلس اعتمد على معطيات محددة يتم تدوينها بشكل دوري في البيان الإجمالي لتقارير التفتيش والزيارات وفي مطبوع تحت اسم النشاط التربوي؛ و قد ذكر في تقاريره أطر مرجعية قانونية تثمتل في مذكرات وزارية (مناشير حسب تعبيره) وهي المذكرات رقم 113 و 114 و 115 لسنة 2004. ولكنه اعتمد كذلك عن معرفة أو عن جهل على مراجع متجاوزة لم يذكرها وبذلك فهو زاوج بين الاعتماد على الوثيقة الإطار لتنظيم التفتيش وممارسات الإدارات الإقليمية والجهوية المتمثلة في اعتماد مطبوع النشاط التربوي الذي لا يسمح بتدوين جميع المهام والأنشطة المنجزة. وهذا المطبوع يشكل إحدى الممارسات القديمة التي ترسخت (لدى الإداريين وتم توارثها دون مسايرة للمستجدات) منذ الثمانينات بسبب العمل وفق مذكرات وزارية أهمها المذكرتين الوزاريتين رقم 168 بتاريخ 18 أكتوبر 1989 ورقم 12 بتاريخ 5 فبراير 1993 ؛ والمذكرتين رقم 87 بتاريخ 26 يناير 1987 ورقم 134 بتاريخ 20 أكتوبر 1988 المتحدثتان عن البيان الإجمالي لتقارير التفتيش والزيارات؛ والمذكرة 86 بتاريخ 29 مايو 1986 بشأن التفتيش التربوي؛ وهذه المذكرات أصبحت متقادمة ومتجاوزة ( (obsolètes قانونيا مادامت تتضمن مساطر وإجراءات إدارية "انقرضت" أو تغيرت ومادامت التوجيهات التي تنص عليها تناولتها مذكرات جديدة وفق المستجدات ووفق التطور التاريخي للمنظومة التربوية ، خاصة بعد انطلاق عمل الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين سنة 2002 واعتماد الوثيقة الإطار لتنظيم التفتيش سنة 2004.
إن المهام الحقيقية الموكولة لمفتشي التعليم الابتدائي تتجاوز 16 مهمة (المذكرة 114)؛ وتلك الموكولة لمفتشي التعليم الثانوي تصل 14 مهمة، أغلبها تختزل ضمنيا مهاما متعددة (المذكرة 115). وهكذا لوحظ أن المجلس يجهل أو يتجاهل عدة مهام نذكر منها على سبيل المثال تتبع الدخول المدرسي، المساهمة في تأطير الطلبة المفتشين والطلبة الأساتذة ، المساهمة في تأطير ومراقبة وتقويم عمل أطر الدعم التربوي، المساهمة في تأطير المكلفين بالإدارة التربوية بالمِؤسسات التعليمية، دراسة واستثمار تقارير المجالس التعليمية، المساهمة في تنظيم الامتحانات المهنية وتقويمها، الاشراف الفعلي على ترسيم الأساتذة بترؤس لجن امتحانات الكفاءة التربوية، المساهمة في تنظيم وإجراء وتتبع تقويم الإمتحانات الإشهادية، تتبع ومراقبة المراقبة المستمرة، مراقبة جداول الحصص والمصادقة عليها مع التدخل لحل المشاكل المرتبطة بإسناد هذه الجداول للاساتذة، تتبع ومراقبة إنجاز المقررات الدراسية ومعالجة التأخرات المسجلة، مراقبة الوثائق التربوية والمؤسساتية لهيئة التدريس بالإضافة إلى الاستجابة لجميع المهام التي يتم تكليف المفتش بإنجازها أو المساهمة في إنجازها، وهذه المهام كلها أغفلها المجلس عن قصد أو غير قصد. صحيح أن فئة مهمة نسبيا من المفتشين لا تلجأ لتوثيق أنشطتها وتجعل مجهودها غير مرئي وهذا تقصير يجب تداركه ؛ إلا أن ما ينبغي الإشارة إليه هو أنه حتى في حالة توثيقها لا يتم تسجيلها في مجمل النشاط التربوي مادامت النيابات والأكاديميات تعتمد مطبوعا جاهزا يتضمن فقط عدد الزيارات والتفتيشات والدروس التجريبية والندوات واللقاءات التربوية والبحوث؛ وهذا ما جعل المجلس الأعلى للحسابات يرى من ثقب إبرة عمل المفتش التربوي.
الجدير بالذكر أن الأطر المرجعية القانونية لعمل المفتش التربوي ( النظام الأساسي والوثيقة الإطار لتنظيم التفتيش) لا تتحدث بتاتا عن مطبوع النشاط التربوي بالنسبة لمفتشي التعليم الابتدائي والثانوي حيث تم تعويضه ببرنامج العمل الشخصي (برنامج مفتش المنطقة التربوية) وبمهام أخرى مثبتة في المذكرات السالفة الذكر؛ زد على ذلك أن تلك الأطر المرجعية لا تتحدث بالمرة عن الندوات و اللقاءات التربوية والدروس التطبيقية أو التجريبية بالنسبة لمفتشي التعليم الثانوي وهي المهام التي تفنن المجلس الأعلى للحسابات في تقديم معطيات بشأنها. ثم كيف يستطيع جهاز التفتيش التوفيق بين المهام الكثيرة ذات الطابع الإداري والتي يتم تكليفه بها وهي التي تبقى غير مرئية وبين مهامه التربوية الرسمية مع العلم أن هناك مفتشين يعملون في أكثر من مائة مؤسسة تعليمية (دون احتساب مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي) وهناك من يعمل في ثلاثة أقاليم ؟ ثم لماذا لم يتم الاستئناس برأي المجلس الأعلى للتعليم في تطوير مهنة التفتيش للإحاطة بمجموعة من الإشكالات؟ ثم تماشيا مع مهامه الرئيسية وغاياته المعلنة، ألم يكن من المنطقي تدقيقه في مراقبة الاعتمادات المالية والمادية المخصصة لجهاز التفتيش وكيف يتم صرفها وتدبيرها وكيف أمكنه تهميش هذه النقطة الحساسة وأين اختفت ملاحظاته وتوصياته القيمة بهذا الخصوص ؟
وأخيرا لا يسعنا سوى توجيه الدعوة للمجلس الأعلى للحسابات لإعادة النظر في معايير تقويم جهاز التفتيش والعمل على ملاءمتها والقوانين الجاري بها العمل توخيا للمصداقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.