إدراج ملف جمهورية القبائل في الأمم المتحدة يزلزل أركان الجزائر    ماكرون يعلن إطلاق سراح الفرنسي كاميلو كاسترو الموقوف في فنزويلا منذ أشهر    أمينة الدحاوي تمنح المغرب ذهبية في التايكواندو ضمن ألعاب التضامن الإسلامي    دراسة علمية تؤكد أن الشيخوخة تمنح الجسم حماية من الأصابة بالأورام السرطانية    تفكيك شبكة دولية لقرصنة تطبيقات المراهنة.. الامن يوقف خمسة اجانب بمراكش    حكم قضائي يقضي بإفراغ محلات بالمحطة الطرقية "أولاد زيان"    من الاستثمار إلى التحالف: زيارة سفيرة كينيا على رأس وفد هام إلى العيون تفتح فصلًا جديدًا في العلاقات الثنائية    سفير أنغولا: تكريم الملك الراحل الحسن الثاني يعكس عمق الصداقة التاريخية بين المغرب وأنغولا    الاتحاد البرتغالي يستأنف طرد رونالدو    طقس الأحد.. أجواء غائمة مع نزول أمطار بعدد من مناطق المملكة    "تلوثٌ في منطقة الفوسفاط يفوق الحدود المسموح بها".. دراسة تكشف ما يحدث في تربة آسفي الصناعية    مديرية الأمن الخارجي بفرنسا تشيد بتعاون المغرب في مجال مكافحة الإرهاب    سيدات الجيش الملكي يواجهن مازيمبي الكونغولي في نصف نهائي أبطال إفريقيا    هل تمت تصفية قائد الدعم السريع في السودان فعلا؟    إيران تدعو إلى الأخوة والسلام بالمنطقة    بلباو تُهدي فلسطين أمسية تاريخية.. مدرجات تهتف والقلب ينبض    لبنان سيقدم شكوى ضد إسرائيل لبنائها جدارا على حدوده الجنوبية تجاوز "الخط الأزرق"    عمر هلال: الدبلوماسية المغربية، تحت القيادة المستنيرة لجلالة الملك، ترتكز على فلسفة العمل والفعل الملموس    حموشي يقرر ترقية استثنائية لمفتش شرطة بآسفي تعرّض لاعتداء عنيف    الذكاء الاصطناعي يراقب صناديق القمامة في ألمانيا لضبط المخالفين    حكيمي يطمئن المغاربة بصور جديدة    أكنول: افتتاح الدورة التاسعة لمهرجان اللوز    اليونان تفوز على اسكتلندا في تصفيات كأس العالم    أكاديمية محمد السادس، قاطرة النهضة الكروية المغربية (صحيفة إسبانية)    ابن الحسيمة نوفل أحيدار يناقش أطروحته حول تثمين النباتات العطرية والطبية بالريف    الناظور .. افتتاح فعاليات الدورة 14 للمهرجان الدولي لسنيما الذاكرة    أمين نقطى: زيارة أخنوش لمديونة سنة 2021 آتت أكلها بتنفيذ عدة مشاريع لفائدة الساكنة    ألعاب التضامن الإسلامي (الرياض 2025): البطلة المغربية أمينة الدحاوي تتوج بذهبية التايكواندو لفئة أقل من 57 كلغ    سيدات الجيش في نصف نهائي الأبطال    العلمي يهاجم "العقول المتحجرة" .. ويرفض توزيع صكوك الغفران السياسية    عمر هلال: الدبلوماسية المغربية تقوم على الفعل الملموس بقيادة جلالة الملك    البرازيل تزيد تصدير اللحوم للمغرب    المحروقات للربع الثاني من 2025 .. الأسعار تتقلب وهوامش الربح تستقر    في ظرف ثلاثة أشهر .. أنترنت الجيل الخامس (5G) يغطي 60 مدينة بالمغرب    المغرب... دولة الفعل لا الخطاب    رياض السلطان يقدم مسرحية الهامش وموسيقى لؤلؤة البحيرات العاجية ولقاء فكري حول ذاكرة المثقف    عامل العرائش و السلة الفارغة: كيف أنهى الأسطورة و تحققت نبوءة الانهيار!    ارتفاع سعر صرف الدرهم ب 0,2 في المائة مقابل الدولار الأمريكي ما بين 6 و12 نونبر 2025    ترامب: آمل بانضمام السعودية إلى "اتفاقات أبراهام" قريبا... وبن سلمان يزور واشنطن الأسبوع المقبل    استفادة الجيش الصيني من "علي بابا" تثير الجدل    لحمداني ينال "جائزة العويس الثقافية"    وزارة الثقافة تعلن الإطلاق الرسمي لمشروع تسجيل "فن زليج فاس وتطوان" على قائمة يونسكو للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية    تطور جديد في ملف "إنتي باغية واحد".. متابعة دي جي فان بتهمة تهديد سعد لمجرد    نواب "العدالة والتنمية" يطالبون بلجنة تقصّي حقائق في صفقات الدواء وسط اتهامات بتضارب المصالح بين الوزراء    ترامب يلمح لقرار بشأن فنزويلا والجيش الأمريكي يبدأ عملية ضد تجار المخدرات في أمريكا اللاتينية    إطلاق الموسم الفلاحي الجديد مع برنامج بقيمة 12.8 مليار درهم وتوزيع 1.5 مليون قنطار من البذور المختارة    "ترانسافيا" تطلق أربع رحلات أسبوعياً بين رين وبريست ومراكش على مدار السنة    منظمة الصحة العالمية تعترف بالمغرب بلدًا متحكمًا في التهاب الكبد الفيروسي "ب"    أبوظبي.. ثلاثة أعمال أدبية مغربية ضمن القوائم القصيرة لجائزة "سرد الذهب 2025"    وزارة الصحة تطلق حملة وطنية للكشف والتحسيس بداء السكري    دراسة: ضعف الذكاء يحد من القدرة على تمييز الكلام وسط الضوضاء    المسلم والإسلامي..    دراسة: لا صلة بين تناول الباراسيتامول خلال الحمل وإصابة الطفل بالتوحد    مرض السل تسبب بوفاة أزيد من مليون شخص العام الماضي وفقا لمنظمة الصحة العالمية    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجلس الأعلى للحسابات وغضب مفتشي التعليم
نشر في هسبريس يوم 25 - 01 - 2014

في إطار مهامه الرقابية، قام المجلس الأعلى للحسابات بإنجاز تقارير عن تدبير واستعمال الأموال العمومية ببعض الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ومن بين ماتضمنته هذه التقارير مجموعة من الملاحظات والتوصيات عن ضعف أداء جهاز التفتيش مما أدى لردود غاضبة من المفتشين لأنهم يرونها مجانبة للصواب. فماذا يعاب على هذه التقارير؟ يرى جهاز التفتيش أن عملية التقويم لم تأخذ بعين الاعتبار سياق التقويم والأطر المرجعية القانونية، والتقويمات السابقة المنجزة من طرف الجهات المختصة؛ بالإضافة لتأكد المفتشين من مسألتي عدم المام خبراء المجلس بخصوصيات منظومة معقدة كمنظومة التربية والتكوين وعدم توفرهم على الكفاءة اللازمة لتقويم عمل هيأة التأطير والمراقبة التربوية حيث يحضر الهاجس التربوي ومفهوم الجودة ومصلحة التلميذ وتحسين مجالات الحياة المدرسية بدل الهاجس المالي والمادي. وسنحاول قدر الإمكان التطرق إلى ملاحظات المفتشين التربويين عن ملاحظات وتوصيات المجلس الأعلى للحسابات فقط، وفق رؤية بناءة للتقارير التقويمية المستقبلية.
يقوم عادة المجلس بتناول أداء المفتشين التربويين (هيئة التأطير والمراقبة التربوية) على هامش تتبع ومراقبة تنفيد القوانين المالية في الأكاديميات الجهوية، بما يعني أنه لا يمثل أولوية لدى المجلس، وهذا أمر عادي، إلا أنه مع توالي التقارير والتجارب لم يسجل أي تحسن مما يمكن تفسيره باعتبار المقوم لهذا المجال كمكمل، أو بعبارة أصح كنكهة الطعام التي تضاف عند الانتهاء من إعداد الوجبة. فالمجلس تغاضى عن أسباب ضعف الأداء المستنتج من الإحصاءات المعتمدة وعن أسباب عدم لجوء الإدارة للمحاسبة. ويجمع المفتشون على أنه بحكم تراكم التجارب كان من البديهي لخبراء المجلس من خلال فرص كثيرة تكوين فكرة واضحة عن تنوع وتعدد المهام الميدانية وبالتالي التأكد من أمر معروف لدى كل العاملين في الحقل التربوي مفاده أن التقويم بواسطة "مطبوع النشاط التربوي" أمر غير عادل ؛ ثم يتساءلون عن سبب إصرار المقوم على اعتماد معطيات ناقصة يترتب عليها تقويم سلبي يضر لا محالة بسمعة وصورة المفتش التربوي لدى هيئة التدريس والإدارة التربوية على المستوى المحلي والإقليمي والجهوي والمركزي ولدى الرأي العام. كما لوحظ أن لا قيمة مضافة للتقارير موضوع حديثنا فأي مفتش في بداية مشواره المهني يمكنه أن يقول بشكل رسمي أو غير رسمي أكثر مما قيل في؛ ولكن تلك التقارير بالمقابل أضافت ما أضافت للرأي العام لدفعه إلى تكوين نظرة سلبية عن المفتش التربوي لينحاز إلى صفوف اللوبيات المحاربة لجهاز التفتيش في منظومة التربية والتكوين.
وبالرجوع للمعايير المعتمدة في تقويم أداء المفتش التربوي، نكتشف أن المجلس اعتمد على معطيات محددة يتم تدوينها بشكل دوري في البيان الإجمالي لتقارير التفتيش والزيارات وفي مطبوع تحت اسم النشاط التربوي؛ و قد ذكر في تقاريره أطر مرجعية قانونية تثمتل في مذكرات وزارية (مناشير حسب تعبيره) وهي المذكرات رقم 113 و 114 و 115 لسنة 2004. ولكنه اعتمد كذلك عن معرفة أو عن جهل على مراجع متجاوزة لم يذكرها وبذلك فهو زاوج بين الاعتماد على الوثيقة الإطار لتنظيم التفتيش وممارسات الإدارات الإقليمية والجهوية المتمثلة في اعتماد مطبوع النشاط التربوي الذي لا يسمح بتدوين جميع المهام والأنشطة المنجزة. وهذا المطبوع يشكل إحدى الممارسات القديمة التي ترسخت (لدى الإداريين وتم توارثها دون مسايرة للمستجدات) منذ الثمانينات بسبب العمل وفق مذكرات وزارية أهمها المذكرتين الوزاريتين رقم 168 بتاريخ 18 أكتوبر 1989 ورقم 12 بتاريخ 5 فبراير 1993 ؛ والمذكرتين رقم 87 بتاريخ 26 يناير 1987 ورقم 134 بتاريخ 20 أكتوبر 1988 المتحدثتان عن البيان الإجمالي لتقارير التفتيش والزيارات؛ والمذكرة 86 بتاريخ 29 مايو 1986 بشأن التفتيش التربوي؛ وهذه المذكرات أصبحت متقادمة ومتجاوزة ( (obsolètes قانونيا مادامت تتضمن مساطر وإجراءات إدارية "انقرضت" أو تغيرت ومادامت التوجيهات التي تنص عليها تناولتها مذكرات جديدة وفق المستجدات ووفق التطور التاريخي للمنظومة التربوية ، خاصة بعد انطلاق عمل الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين سنة 2002 واعتماد الوثيقة الإطار لتنظيم التفتيش سنة 2004.
إن المهام الحقيقية الموكولة لمفتشي التعليم الابتدائي تتجاوز 16 مهمة (المذكرة 114)؛ وتلك الموكولة لمفتشي التعليم الثانوي تصل 14 مهمة، أغلبها تختزل ضمنيا مهاما متعددة (المذكرة 115). وهكذا لوحظ أن المجلس يجهل أو يتجاهل عدة مهام نذكر منها على سبيل المثال تتبع الدخول المدرسي، المساهمة في تأطير الطلبة المفتشين والطلبة الأساتذة ، المساهمة في تأطير ومراقبة وتقويم عمل أطر الدعم التربوي، المساهمة في تأطير المكلفين بالإدارة التربوية بالمِؤسسات التعليمية، دراسة واستثمار تقارير المجالس التعليمية، المساهمة في تنظيم الامتحانات المهنية وتقويمها، الاشراف الفعلي على ترسيم الأساتذة بترؤس لجن امتحانات الكفاءة التربوية، المساهمة في تنظيم وإجراء وتتبع تقويم الإمتحانات الإشهادية، تتبع ومراقبة المراقبة المستمرة، مراقبة جداول الحصص والمصادقة عليها مع التدخل لحل المشاكل المرتبطة بإسناد هذه الجداول للاساتذة، تتبع ومراقبة إنجاز المقررات الدراسية ومعالجة التأخرات المسجلة، مراقبة الوثائق التربوية والمؤسساتية لهيئة التدريس بالإضافة إلى الاستجابة لجميع المهام التي يتم تكليف المفتش بإنجازها أو المساهمة في إنجازها، وهذه المهام كلها أغفلها المجلس عن قصد أو غير قصد. صحيح أن فئة مهمة نسبيا من المفتشين لا تلجأ لتوثيق أنشطتها وتجعل مجهودها غير مرئي وهذا تقصير يجب تداركه ؛ إلا أن ما ينبغي الإشارة إليه هو أنه حتى في حالة توثيقها لا يتم تسجيلها في مجمل النشاط التربوي مادامت النيابات والأكاديميات تعتمد مطبوعا جاهزا يتضمن فقط عدد الزيارات والتفتيشات والدروس التجريبية والندوات واللقاءات التربوية والبحوث؛ وهذا ما جعل المجلس الأعلى للحسابات يرى من ثقب إبرة عمل المفتش التربوي.
الجدير بالذكر أن الأطر المرجعية القانونية لعمل المفتش التربوي ( النظام الأساسي والوثيقة الإطار لتنظيم التفتيش) لا تتحدث بتاتا عن مطبوع النشاط التربوي بالنسبة لمفتشي التعليم الابتدائي والثانوي حيث تم تعويضه ببرنامج العمل الشخصي (برنامج مفتش المنطقة التربوية) وبمهام أخرى مثبتة في المذكرات السالفة الذكر؛ زد على ذلك أن تلك الأطر المرجعية لا تتحدث بالمرة عن الندوات و اللقاءات التربوية والدروس التطبيقية أو التجريبية بالنسبة لمفتشي التعليم الثانوي وهي المهام التي تفنن المجلس الأعلى للحسابات في تقديم معطيات بشأنها. ثم كيف يستطيع جهاز التفتيش التوفيق بين المهام الكثيرة ذات الطابع الإداري والتي يتم تكليفه بها وهي التي تبقى غير مرئية وبين مهامه التربوية الرسمية مع العلم أن هناك مفتشين يعملون في أكثر من مائة مؤسسة تعليمية (دون احتساب مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي) وهناك من يعمل في ثلاثة أقاليم ؟ ثم لماذا لم يتم الاستئناس برأي المجلس الأعلى للتعليم في تطوير مهنة التفتيش للإحاطة بمجموعة من الإشكالات؟ ثم تماشيا مع مهامه الرئيسية وغاياته المعلنة، ألم يكن من المنطقي تدقيقه في مراقبة الاعتمادات المالية والمادية المخصصة لجهاز التفتيش وكيف يتم صرفها وتدبيرها وكيف أمكنه تهميش هذه النقطة الحساسة وأين اختفت ملاحظاته وتوصياته القيمة بهذا الخصوص ؟
وأخيرا لا يسعنا سوى توجيه الدعوة للمجلس الأعلى للحسابات لإعادة النظر في معايير تقويم جهاز التفتيش والعمل على ملاءمتها والقوانين الجاري بها العمل توخيا للمصداقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.