افتتح الدكتور الشيخ محمد بن عبد الكريم العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، وحسين إبراهيم طه، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، اليوم الأحد عن بعد، أعمال المنتدى الدولي الخاص بدعم القضية الفلسطينية، المنظم بشراكة بين الأمانة المساعدة للاتصال المؤسسي، واتحاد وكالات أنباء دول منظمة التعاون الإسلامي، تحت عنوان "الإعلام والحق الفلسطيني.. خطوات عملية في البناء على مبادرات الاعتراف بفلسطين". وانطلقت فعاليات المنتدى بمشاركة وكالات الأنباء في الدول الإسلامية، والاتحادات الإعلامية الدولية، ورؤساء وكالات الأنباء العالمية، ونخبة من الشخصيات الدبلوماسية والفكرية. وفي هذا الصدد، قال الشيخ محمد بن عبد الكريم العيسى، الأمين العام للرابطة، إن التغطية الإعلامية المِهنية والموضوعية للأحداث الدامية في غزة أصبحت أحد المرتكزات، التي أحيت النقاش الدولي حول ضرورة المسارعة بالحل العاجل والعادل والشامل للقضية الفلسطينية. وأضاف العيسى، خلال افتتاح أعمال المنتدى، أن ما يعانيه الشعب الفلسطيني من كوارث فاجعة واعتداءات صارخه سيبقى محفورًا في وجدان كل ضمير حيّ، وشاهدًا على مستوى كفاءة المجتمع الدولي في نصرة المظلوم وردع الظالم، وإرساء معايير العدالة الدولية، منوِّهاً بالسعي ليكون هذا المنبر منصّة فاعلة للضغط باتجاه إجراءات قوية وحازمة لوقف الجرائم المروعة بحق الشعب الفلسطيني. وأبرز أنَّ "الإعلام، بوسائله المختلفة وتقنياته الحديثة، له دور مهم في الإسهام بفاعلية نحو الأخذ بسفينة عالَمنا لشاطئ نجاته"، مشيرا إلى أنه منذ بدْء أحداث غزة ووسائلُ الإعلام المِهنية والصادقة تؤدي دوراً مهمّاً وبارزاً في تعرية جرائم العدوان الإسرائيلي، وتقديم صورةٍ مِهنية صادقة لمَا يَجري على المسرح الدامي من انتهاكاتٍ ظالمة في حق الشعب الفلسطيني. وأوضح أن "هذه الخُطوات الإيجابية والثمَرات الإعلامية الناجحة تزامنَت معها تحرّكاتٌ عربية إسلامية مكثّفة، قادَتها اللجنة الوزارية المكلَّفة من قِبل القمّة العربية الإسلامية المشتركة، التي ترأسَّتها المملكة العربية السعودية، حيث عمِلَت اللجنة على حَشْد الدعم الدولي من أجل إنهاء الحرب فَورًا في غزّة، وبحْث الخُطوات الملموسة والعملية لتنفيذ حَلِّ الدولتين، وإنهاء الصراع في المنطقة". وثمَّن المتحدث ذاته عالياً، باسم رابطة العالم الإسلامي، وباسم علماء الأمّة ومفكّريها والشعوب المسلمة المنضوية تحت مظلّتها الجامعة، "الجهود الكبيرة التي يبذلها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ووليّ عهده الأمين، رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، من أجل نُصرة القضية الفلسطينية، والوقوف بحزم إزاءَ الجرائم المروّعة في غزّة، والتي ظهرَت من خلال القِمم التاريخية التي استضافتها المملكة العربية السعودية لتوحيد الرأي العالمي في شأن حلّ القضية الفلسطينية بشكل دائم وعادل، وتفعيل المبادرة العربية حيالها، وإحياء مسار السلام في المنطقة". من جهته، ألقى حسين إبراهيم طه، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، كلمة افتتحها بالتشديد على أهمية انعقاد مثل هذا المنتدى لتكريس التعاون في خدمة قضية فلسطين والقدس الشريف، مبرزا "أهمية دور وسائل الإعلام في توثيق انتهاكات سلطات العدوان الإسرائيلي للقوانين الدولية والإنسانية، وعدم تورعها عن ارتكاب كافة أشكال العنف بشكل ممنهج ضد الشعب الفلسطيني". وأشار طه إلى "أهمية تدويل القضية الفلسطينية، والعمل المدروس من خلال المؤسسات واللجان الدولية المعنية في سبيل الحصول على اعترافٍ دولي بالدولة الفلسطينية، وفق خطةٍ نابعةٍ من رؤيةٍ دقيقة تُفضي إلى حل الدولتين بناءً على قرارات الأممالمتحدة ذات الصلة". وشدد على ضرورة التدخل الهادف في سبيل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي إسدال الستار عن الحقبة الاستعمارية كلها، وتجنّب الصمت على ما يجري في فلسطينالمحتلة، والمبادرة لاتخاذ خطواتٍ لترسيخ السلام. بدوره، أكد الوزير أحمد عساف، المشرف العام على الإعلام الرسمي في دولة فلسطين، أنَّ موجة الاعترافات الأخيرة بالدولة الفلسطينية، والمقصود اعترافات كل من إسبانيا وإيرلندا والنرويج وسلوفينيا، تمثل صحوة لرفض العالم للوحشية الإسرائيلية، التي تمارس بشكل منفلت في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. وسجل عساف أنه، في سياق قرارات محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية، يمكن القول بأن الزمن الذي يمكن أن تفلت فيه إسرائيل من المحاسبة والعقاب قد انتهى، كما لم يعُد مقبولاً أن تستمر سياسة الكيل بمكيالين. وأضاف أن "ما يجري في فلسطين الآن هو نكبة جديدة، وإلا ماذا يمكن أن نطلق على التدمير الشامل لقطاع غزة؟ على حرب الإبادة الجماعية؟ ما يقارب أربعين ألف شهيد، ومائة ألف جريح، من بينهم عشرات الآلاف الذين أصبحوا بإعاقات دائمة". وأكد أن "الإعلام بكل أدواته ووسائله له دور حاسم في عالم اليوم، وأنه- بالتحديد ما يتعلق بالقضية الفلسطينية- يمكنه أن يصنع الفارق، فجوهر الصراع هو على الرواية، وهو صراع صعب ومعقد لأنه متداخل مع ثقافات وأطماع". من جهته، دعا محمد بن عبد ربّه اليامي، المدير العام لاتحاد وكالات أنباء دول منظمة التعاون الإسلامي (يونا)، إلى استثمار المبادرات الدولية للاعتراف بفلسطين ومواكبتها بخطاب إعلامي يعززها، ويبرز أهميتها في إنهاء الصراع وإحلال السلام. وتضمن المنتدى عددًا من حلقات النقاش، التي بحث خلالها عدد من خبراء الإعلام وقادة اتحاداته الدولية جملةً من المحاور والقضايا، بما في ذلك "الخطوات العملية في التعاون الإعلامي لدعم مبادرات الاعتراف بدولة فلسطين"، و"المصطلحات الإعلامية ودعم الحق الشرعي للشعب الفلسطيني"، إضافة إلى "صحافة السلام وتعزيز دور الإعلام في حل الأزمات الدولية". 11 مبادرة تنفيذية لحشد دعم الإعلام الإسلامي والدولي للاعتراف بدولة فلسطين وأصدر المنتدى في ختام أعماله عدداً من التوصيات، تتضمن إحدى عشرة مبادرة تنفيذية تعزِّز الدعم الإعلامي الإسلامي والدولي للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، منها إنشاء منصة إعلامية تفاعلية متخصصة في الرصد والتوثيق للحراك الدولي والشعبي فيما يتعلق بالالتزام بالقرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، ونشر تقارير دورية موثقة حول ذلك، وتكثيف النشر الإعلامي حول المبادرات والإعلانات التي تصدر عن مختلف الدول حول العالم بشأن الاعتراف بفلسطين، وتقديم هذه الإعلانات بصورة إيجابية. كما خلص المنتدى إلى ضرورة إطلاق مدونة إلكترونية للمصطلحات الإعلامية المتداولة حول كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، تحدد المصطلحات المضلِّلة التي يشيع استخدامها في السرديات الإعلامية حول القضية الفلسطينية، وما يقابلها من مصطلحات دقيقة تستند إلى المرجعيات الدولية، إضافة إلى الإعلان عن مبادرة "إعلاميون من أجل السلام"، تضم متخصصين ونشطاء من مختلف أنحاء العالم، لبناء استراتيجية إعلامية شاملة تتضمن فعاليات وحملات وأنشطة تعزز مسار السلام والحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية. وشملت المبادرات عقد منتدى إعلامي دوري في إحدى العواصم العالمية لمناقشة الخطوات العملية لدعم القضية الفلسطينية إعلامياً، وتنسيق التحرك المشترك في هذا الشأن، وإطلاق فرع خاص ب"جائزة اتحاد وكالات الأنباء الإسلامية"، التي تم الإعلان عنها في نوفمبر الماضي، لتكريم أفضل الأعمال الصحافية التي تدعم القضية الفلسطينية، وتسهم في نشر الوعي الصحيح بشأنها، وإسناد ودفع الجهود الدولية الرامية إلى حلها. وتضمنت التوصيات كذلك تعزيز التعاون والتنسيق بين الأذرع الإعلامية للمنظمات الدولية المعنية بالقضية الفلسطينية مثل منظمة الأممالمتحدة، ومنظمة التعاون الإسلامي، ورابطة العالم الإسلامي، في التوعية الإعلامية بالقضية الفلسطينية، وتنظيم برامج وأنشطة مصمَّمة لهذا الغرض، والعمل على تكثيف الرصد الإعلامي للتصريحات المسيئة للشعب الفلسطيني، التي تصدر عن بعض المسؤولين الإسرائيليين وأحزاب اليمين المتطرف في إسرائيل، وإظهار ما تمثله هذه التصريحات من انتهاك لمواثيق حقوق الإنسان الدولية.