فقدان 157 ألف منصب شغل خلال 3 اشعر يضع وعود الحكومة على المحك    أزيد من 100 مظاهرة لدعم غزة بمختلف المغربية وإشادة بالتضامن الطلابي الغربي    وفد من حماس إلى القاهرة لبحث مقترح الهدنة في قطاع غزة    لقجع يكشف سبب إقالة خليلوزيتش قبل أشهر من انطلاق كأس العالم 2022 وتعيين الركراكي    حسابات الصعود تجمع الكوكب المراكشي وسطاد المغربي في قمة نارية    نفي وتنديد بتزوير باسم " الأيام24″    إصابة حمد الله تزيد من متاعب اتحاد جدة السعودي    شرطة الحسيمة تترصد المتورطين في محاولة تهريب أطنان من المخدرات    ورشة تكوينية بتطوان حول تسوية البنايات غير القانونية    موظف فالمحكمة الابتدائية بتاونات تدار تحت الحراسة النظرية: يشتبه أنه اختلس 350 مليون من صندوق المحكمة وغادي يتقدم للوكيل العام ففاس    بمشاركة مجموعة من الفنانين.. انطلاق الدورة الأولى لمهرجان البهجة للموسيقى    مؤجل الدورة 26.. المغرب التطواني في مواجهة قوية أمام نهضة بركان    إلغاء الزيادات الجمركية في موريتانيا: تأثيرات متوقعة على الأسواق المغربية    وزيرة المالية تجري مباحثات مع أمين عام منظمة "OECD"    مطار الداخلة.. ارتفاع حركة النقل الجوي ب 19 في المئة خلال الربع الأول من سنة 2024    توقعات طقس اليوم السبت في المغرب    حسن التازي يغادر أسوار "سجن عكاشة" بعد حكم مخفف    الصين تطلق المركبة الفضائية "تشانغ آه-6" لجمع عينات من الجانب البعيد من القمر    هيئة حقوقية تطالب عامل إقليم الجديدة بوقف سراء سيارتين جماعيتين بقيمة 60 مليون سنتيم    لقجع: ظلمونا في نهائيات كأس العالم    تقرير أمريكي يكشف قوة العلاقات التي تجمع بين المغرب والولايات المتحدة        كيف تساعد الصين إيران في الالتفاف على العقوبات الدولية؟    إعدام أشجار يخلف استياء بالقصر الكبير    الداكي يستعرض إشكالات "غسل الأموال"    وفرة المنتجات في الأسواق تعيق طيّ "صفحة الدلاح" بإقليم طاطا    أزيلال.. افتتاح المهرجان الوطني الثالث للمسرح وفنون الشارع لإثران آيت عتاب    ماركا الإسبانية: أيوب الكعبي الميزة الرئيسية لنتائج أولمبياكوس الجيدة    خبير تغذية يوصي بتناول هذا الخضار قبل النوم: فوائده مذهلة    تشييع جثمان النويضي .. سياسيون وحقوقيون يعددون مناقب الراحل (فيديو)    بانجول.. افتتاح سفارة المملكة المغربية في غامبيا    بالصور والفيديو: شعلة الحراك الطلابي الأمريكي تمتد إلى جامعات حول العالم    الأمثال العامية بتطوان... (589)    حموشي تباحث مع السفير المفوض فوق العادة للسعودية المعتمد بالمغرب بخصوص تطوير التعاون الأمني بين البلدين    صفعة جديدة لنظام العسكر.. ال"طاس" ترفض الطلب الاستعجالي لل"فاف" بخصوص مباراة بركان واتحاد العاصمة    منظمة دولية: المغرب يتقدم في مؤشر حرية الصحافة والجزائر تواصل قمعها للصحافيين    باكستان تطلق أول قمر اصطناعي لاستكشاف سطح القمر    دراسة… الأطفال المولودون بعد حمل بمساعدة طبية لا يواجهون خطر الإصابة بالسرطان    باستعراضات فنية وحضور عازفين موهوبين.. الصويرة تحتضن الدورة ال25 لمهرجان كناوة    المغرب يسجل 13 إصابة جديدة بكورونا    عكس برنامج حكومة أخنوش.. مندوبية التخطيط تكشف عن ارتفاع معدل البطالة في المغرب    "فاو": ارتفاع أسعار الغذاء عالميا    ريم فكري تكشف عن معاناتها مع اغتيال زوجها والخلاف مع والديه    الملك محمد السادس يهنئ رئيس بولندا    المغرب يفكك خلية كانت تحضر لتنفيذ اعمال إرهابية    سعر الذهب يواصل الانخفاض للأسبوع الثاني على التوالي    دراسة تربط الغضب المتكرر بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب    حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية الاسلامي يعلن ترشح رئيسه للانتخابات الرئاسية في موريتانيا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    تركيا توقف التبادل التجاري مع إسرائيل بسبب "المأساة الإنسانية" في غزة    اختتام الدورة الثانية لملتقى المعتمد الدولي للشعر    هل ما يزال مكيافيلي ملهما بالنسبة للسياسيين؟    مهرجان أيت عتاب يروج للثقافة المحلية    العقائد النصرانية    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدين والدنيا، من منهما في خدمة الآخر؟
نشر في هسبريس يوم 18 - 08 - 2009

ونحن كعادتنا نشارك رواد " مقهى المحيط " جمالية الموقع المطل على جانب من البحر و نتابع حركة أمواجه وهي كأسراب الخيل المتتابعة تؤثث الأفق وتأخذ بالأنظار ، وتنعش الروح وتطهرها من رواسب البر السحيق ، بادرني رفيقي بسؤال من أسئلته المحيرة كدائما ثم تركني أفرغ ما بجعبتي . أعرف أنه سيأخذ الكلمة من بعدي ليوضح فكرة أو ليطرح وجهة نظر أخرى .. قال:" هل الدنيا في خدمة الدين أم الدين في خدمة الدنيا ؟ ""
ابتسمت طأطأت رأسي ، ثم أخذت جرعة من قهوة . هو يدرك أنني فهمت قصده لأن صداقتنا الطويلة علمتنا كيف نقرأ أفكار بعضنا البعض ونفهم بسرعة المراد والقصد .
إن الدنيا عمليا – يا صديقي -هي في خدمة الدين إذا كان الإنسان مؤمنا محافظا على القيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية .ويقصد بالدنيا توفر الإنسان على أسباب العيش الكريم . فهو إما عامل أو تاجر أو موظف أو صاحب مزرعة أو مؤسسة صناعية ، وهو مسؤول عن نفسه وماله وعياله وأهله وطائفته إما بالنفقة أو الإحسان . فالذي حباه الله برزق حسن ما عليه إلآ أن يحافظ على طهارة ذلك الرزق وعلى تلك الروابط الحميدة التي تربطه مع الخلق . فمتاعه ( الدنيا ) يؤهله دون عناء - إن توفرت الرغبة طبعا- للقيام بواجباته الدينية من صلاة وصوم وحج والانخراط في جمعيات خيرية ويمهد له الطريق لجني الحسنات تلو الحسنات ، وإيتاء ذوي القربى واليتامى حقهم والمسكين وابن السبيل(غير لمبغاش يحاول يدخل جنة الرحمان ) .فمال الله كما يعتقد المؤمن هو قنطرة عبور للخير ولما ينفع الناس . ومن يخرج من القليل فهو قادر على أن يخرج من الكثير . وما الضيق الذي يشتكي منه العديدون ويقف حجرة عثرة أمام تحقيق واجباتهم نحو غيرهم ونحو دينهم إلا سجنا بنوه لأنفسهم ، بحيث أن هناك من الناس من اشتغل أكثر من ثلاثين سنة مثلا ،ولكنك تجده في ضيق سرمدي لا ينتهي ، وهو دائما يردد ( ملي يحن الله أفعل كذا وكذا ) أي أصدق وأصلي وربما أقوم بفريضة الحج وأحسن لأهلي ولغيري ... وما هو معروف ( أن الله ارخاها ، وابن آدم هو لكيقج راسوا ) . الله قال سبحانه " كلوا واشربوا ولا تسرفوا " الأعراف 31 . على أساس أن يستهلك المرء قسطا من ماله ويصدق جزءا منه ويوفر الجزء الباقي . لكن البعض قلب الآية رأسا على عقب فراح يستدين قرضا بعد قرض وحوّل من حيت يعلم أو لا يعلم حياته وحياة أهله إلى جهنم ( معيشة ضنكا ) .لماذا ؟لأنه لم يتبع قول الله :" لا تبسط يدك كل البسط ولا تجعلها مغلولة إلى عنقك فتقعد ملوما محسورا " .في هذه الحالة فإن" الدنيا "المال الذي رزقه الله للإنسان لن يكون عونا له للقيام وللحفاظ على دينه ، لأن الحياة – بمعنى العيش- ستكون خاوية من كل طمأنينة وحمدلة ، وسيكون الإنسان أسير مشاكله اليومية ، وربما تجده يصلي ولكن لا يركز ، وربما يريد فعل الخير فلا يجد الوسيلة . ولهذا تجد العديد من الناس يجرون وراء الأماني. يتمنون تحسين حالهم ثم في مرحلة ثانية سيثوبون أو سيستقيمون . وذليل ذلك تصرفات بعض الشباب الذي يسعى إلى تحسين حاله بالاتجار في الممنوعات أو الزواج بالأجنبي أو غير ذلك فقط من أجل تحسين وضعيته الاجتماعية وعلى أساس أن يثوب في مرحلة لاحقة .
لكن كيف يمكن للدين أن يخدم الدنيا ، مادام أننا تطرقنا إلى أن المال يسهل على المرء – إن أراد – القيام بكل متطلباته الدينية ؟ والجواب بسيط جدا " أتق الله حيثما كنت وخالق الناس بخلق حسن " هنا هذه الوصية جامعة مانعة ، فالذي يتقي الله وهو يدرس لابد وأنه سينجح لأن ليس هناك ما يلهيه .ومن يشتغل بتجارة وهو يتقي الله فلا بد أن زبناءه سيزيد عددهم، ومن ثم ستتضاعف أرباحه . ومن يتق الله وهو لا يعمل ولكن يخالق الناس بخلق حسن فلا بد أنه سيصل إلى مبتغاه بفضل خلقه . وكم من أناس رفعتهم أخلاقهم الحميدة إلى المراتب العليا . والأخلاق الحسنة ليس معناها ( الظرافة) ولكن أن يمتلك المرء لسانا حلوا ، وبسمة مدروسة وتفكيرا يقضا ويدا تساعد ورجلا تربط القريب بالبعيد .وبهذه الصفة سيكون الدين في خدمة الدنيا ( السعادة)، شريطة أن يداوم الإنسان على أن يتقي الله فيما أمر، وأن يقول باسم الله ويحاول فعل أي شيء ، فالأشياء الكبيرة التي نعرف اليوم ولدت بسيطة وصغيرة ثم تطورت .
قاطعتني " حنحنة " رفيقي، وكأن هناك شيئا كان عالقا بحنجرته ، بل بفكره وتزحزح ثم رد " جميل ، ولكن إكراهات المجتمع ، ضغوطات العمر والمكان تنقص من إيمان الإنسان ، وتدفعه لفعل أي شيء من أجل أن يعيش ". هنا أردفت الإيمان لا ينقص فهو تابت .لكن عند البعض يؤجل وعند البعض يستبدل " ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه".مشكلتنا ومشكلة العديدين من الشباب أنهم أسرى أفكار وأحكام قبلية ، وغالبيتهم محبطون ، ضحايا أنظمتهم التعليمية . فالوالدين يدخلان ابنهما وفي مخيلتهما أنه سيكون طبيبا أو محاميا أو موظفا ، ويساهمان في إدخال هذه الأمور في عقلية الطفل بقولهما( مل اتولي اطيبب ان شاء الله ) ( مل اتولي كومسير إن شاء الله ) وهكذا ، وبهذه الطريقة لن يقتنع رجل الغد ( طفل اليوم) بعمل في (البلدية) ، ولا في المعمل كعامل ، ولا كتاجر . ولكن إن كان الوالدين مؤمنين بأن الدنيا((ماشي هي الوظيفة )، فكم من موظف يقترض من عند تاجر الحي . ولكن المهم هو أن يتقي رجل الغد ربه ، ويسعى لرزقه بالبحث عنه ، لا أن يتنظر هو الرزق ( حتى يدق في الباب) فالسعي للدنيا عبر بوابة الدين هو الأساس وقد يترك الرجل تجارته( سبب رزقه) من أجل دينه،لأن الحفاظ على الدين هو حفاظ على الرزق. " فاسعوا إلى ذكر الله ودروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ".
"بحنحنة " ثانية متبوعة ب الله ينعل الشيطان واخلاص " طوى الرفيق جريدته ودعاني للمسجد . لقد أذن المؤذن لصلاة العصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.