المشاركون في مؤتمر التحالف من أجل الحكم الذاتي في الصحراء يقومون بزيارة لميناء الداخلة الأطلسي    عبد النباوي: العقوبات البديلة علامة فارقة في مسار السياسة الجنائية بالمغرب    نجاح باهر للنسخة الثامنة من كأس الغولف للصحافيين الرياضيين الاستمرارية عنوان الثقة والمصداقية لتظاهرة تراهن على التكوين والتعريف بالمؤهلات الرياضية والسياحية لمدينة أكادير    الاستيلاء على سيارة شرطي وسرقة سلاحه الوظيفي على يد مخمورين يستنفر الأجهزة الأمنية    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة.. وهبي: "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    مأسسة الحوار وزيادة الأجور .. مطالب تجمع النقابات عشية "عيد الشغل"    تجار السمك بالجملة بميناء الحسيمة ينددون بالتهميش ويطالبون بالتحقيق في تدبير عقارات الميناء    موتسيبي: اختيار لقجع قناعة راسخة    سلطات سوريا تلتزم بحماية الدروز    القصر الكبير.. شرطي متقاعد يضع حداً لحياته داخل منزله    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية ورياح عاتية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    المغرب يتلقّى دعوة لحضور القمة العربية في العراق    الدولي المغربي طارق تيسودالي ضمن المرشحين لنيل جائزة أفضل لاعب في الدوري الاماراتي لشهر أبريل    تأخيرات الرحلات الجوية.. قيوح يعزو 88% من الحالات لعوامل مرتبطة بمطارات المصدر    الإنتاج في الصناعات التحويلية.. ارتفاع طفيف في الأسعار خلال مارس الماضي    المغرب يواجه حالة جوية مضطربة.. زخات رعدية وهبات رياح قوية    مُدان بسنتين نافذتين.. استئنافية طنجة تؤجل محاكمة مناهض التطبيع رضوان القسطيط    الشخصية التاريخية: رمزية نظام    فلسفة جاك مونو بين صدفة الحرية والضرورة الطبيعية    هذه كتبي .. هذه اعترافاتي    وزارة الأوقاف تحذر من الإعلانات المضللة بشأن تأشيرات الحج    العراق ولا شيء آخر على الإطلاق    المغرب ينخرط في تحالف استراتيجي لمواجهة التغيرات المناخية    إلباييس.. المغرب زود إسبانيا ب 5 في المائة من حاجياتها في أزمة الكهرباء    مسؤول أممي: غزة في أخطر مراحل أزمتها الإنسانية والمجاعة قرار إسرائيلي    تجديد المكتب المحلي للحزب بمدينة عين العودة    الصين تعزز مكانتها في التجارة العالمية: حجم التبادل التجاري يتجاوز 43 تريليون يوان في عام 2024    انطلاق حملة تحرير الملك العام وسط المدينة استعدادا لصيف سياحي منظم وآمن    الحكومة تلتزم برفع متوسط أجور موظفي القطاع العام إلى 10.100 درهم بحلول سنة 2026    العلاقة الإسبانية المغربية: تاريخ مشترك وتطلعات للمستقبل    الإمارات تحبط تمرير أسلحة للسودان    كيم جونغ يأمر بتسريع التسلح النووي    ندوة وطنية … الصين بعيون مغربية قراءات في نصوص رحلية مغربية معاصرة إلى الصين    رحلة فنية بين طنجة وغرناطة .. "كرسي الأندلس" يستعيد تجربة فورتوني    السجن النافذ لمسؤول جمعية رياضية تحرش بقاصر في الجديدة    ابن يحيى : التوجيهات السامية لجلالة الملك تضع الأسرة في قلب الإصلاحات الوطنية    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    المغرب يروّج لفرص الاستثمار في الأقاليم الجنوبية خلال معرض "إنوفيشن زيرو" بلندن    تقرير: 17% فقط من الموظفين المغاربة منخرطون فعليا في أعمالهم.. و68% يبحثون عن وظائف جديدة    مارك كارني يتعهد الانتصار على واشنطن بعد فوزه في الانتخابات الكندية    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    إيقاف روديغر ست مباريات وفاسكيز مباراتين وإلغاء البطاقة الحمراء لبيلينغهام    جسور النجاح: احتفاءً بقصص نجاح المغاربة الأمريكيين وإحياءً لمرور 247 عاماً على الصداقة المغربية الأمريكية    دوري أبطال أوروبا (ذهاب نصف النهاية): باريس سان جرمان يعود بفوز ثمين من ميدان أرسنال    الأهلي يقصي الهلال ويتأهل إلى نهائي كأس دوري أبطال آسيا للنخبة    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    نجاح اشغال المؤتمر الاول للاعلام الرياضي بمراكش. .تكريم بدرالدين الإدريسي وعبد الرحمن الضريس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سنة محمدية على نهج علوي - 2 -
نشر في هسبريس يوم 28 - 09 - 2009


أدلة الشيعة على فضل أهل البيت وإمامتهم ""
ليس لي إلاّ ذكر غيض من فيض بخصوص تلك الأدلّة. وهي أدلة سنية لم يختص بها الشيعة إلاّ عملا فيما هي مبثوثة في مظان السنة يقرّون بها نظرا. والمقصود بإمامة أهل البيت هنا إمامة الإثنا عشر منهم حسب ما ورد في أدلّة السنّة. والمقصود بالفضل سائر أهل البيت كلّ بحسب مرقاه في العلم والسلوك. فالوصية كانت لأئمتهم المعيّنين فيما الوصية سارية بعمومهم. ولا يخفى أن القول بإمامتهم يعم ولايتهم وتقديمهم واتباعهم وترجيح بيانهم للشريعة.
وسأتحدث هنا من زاويتين:
فضل أهل البيت بالجملة
الدليل على إمامتهم
فضل أهل البيت
إنه عبث، أن الصلاة على محمد وآل بيته في التشهد في كل صلاة المسلمين ، لا تعبر عن شأنية أهل البيت وخصائصهم التي فاقوا بها كل من عداهم. وقد عبّر الشافعي عن ذلك بأن من لم يأتها لا صلاة له. لأنه قائل بالبطلان مع تركها. وتلك هي مفخرة أهل البيت وأسد الأدلة على فضلهم. فأما الصلاة على محمد فهي واضحة معلومة المقاصد، فما معنى الصلاة على آله إن لم يكن لهم شأنية في الإسلام. وإن المقصود بالصلاة هنا هم الأئمة المخصوصين منهم لا مطلق من له علقة نسب لأن ذلك لا ينصرف على العموم لأن منهم المنحرفين والفساق كما لا يخفى . فكان ذلك هو أسد الأدلة في نظري على إمامة الأئمة منهم، لأنها لو كانت صلاة عامة لخالفت المقصود الشرعي ، لكنها لا تتفق إلا مع تخصيصها في الأئمة، وذلك لضمان معصوميتهم. إنني أعتبر أن أسد الأدلة وأقصرها على إمامة الأئمة من أهل البيت هي الصلاة الابراهيمية المقررة . وأنا من هنا أوجه من يهمه الأمر إلى تأملها واسخراج معانيها الكامنة . فهي تلخص معاني وأبعاد كثيرة أستطيع أن أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
إن بعض النواصب سنّوا سب علي بن أبي طالب ولعنه من على المنابر ما يقارب قرنا من الزمن. وقد فعلوا وما فعلوا لأن الله شاء أن ينسخ ما قالوا، لأنه جعل الصلاة عليهم في المفروض والنافل من صلاتهم. فكيف يصلون عليه في الصلاة ويلعنونه في التعقيبات. فلا يفعل ذلك إلا ذو الوجهين وهو كما في الخبر شرّ الخلائق. ومصداقه المنافقون. فلا غرابة أن يقول أحد الصحابة وهو أبو سعيد الخدري فيما يرويه أكثر من واحد من المحدثين ، ومنهم النسائي:" لقد كنا نعرف المنافقين ببعضهم علي بن أبي طالب".
وتحصل أن الصلاة عليهم في التشهد من الصلاة ولعنه في التعقيبات ، ينسخ بعضه بعضا ويفضح بعضه بعضا. فأما الفضح فواضح. وأما النسخ، فإن الصلاة في التشهد أكثر قبولا مما في التعقيب. فقد شهد النواصب اللعانين لأمير المؤمنين أنهم ينسخون جهالاتهم في التعقيب بما يقرون به في صلاتهم. فاللعن هو الطرد من رحمة الله، وأما الصلاة فهي منتهى القرب منه تعالى. فقد نسخوا ذاك بهذا، فما بقي لهم من حجة.
أن الله تعالى خلّد هذه الصلاة وحماها بتشريع عبادي ولم يجعلها خبرا يروى في التاريخ حتى تطاله يد التأويل الفاسد أو الانكار التعسفي. شأنها شأن ما صمد من فضائلهم رغم الحرب الطويلة على روايتها والاحتفاء بها.
أنهم قرنوا بآل إبراهيم. والمقارنة هنا لا تعني التساوي في الفضل بل التساوي في حيثيات الاصطفاء. والدليل على ذلك أن أداة التشبيه هنا لا تختص بالآل فقط بل بمحمد وإبراهيم. وقد علمت فضل نبينا على سائر الأنبياء. فالفضل له وللمقرون به كما لا يخفى. فإذا كان محمد(ص) أفضل من إبراهيم(ع)، فآل محمد(ع) حتما سيكونون أفضل من آل إبراهيم(ع).
وحيث لسان الصلاة الابراهيمية لا تعني التسوية في الفضل بقدر ما تعني التسوية في جهة الاصطفاء، قلنا أن كل ما ثبت في القرآن لآل إبراهيم هو ثابت وأزود لآل محمد للنكتة سابقة الذكر.
وعليه ندرك أن المقصود هم الأئمة من ذرية محمد(ص) وليس مطلقهم. وقد دلت الأخبار على ذلك بالتخصيص. ودل على ذلك ما جاء في قوله تعالى:" وإذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فأتمهم. قال إني جاعلك للناس إماما. قال ومن ذريتي، قال لا ينال عهدي الظالمين". فإبراهيم يقول من ذريتي ومفادها التبعيض وليس مطلق الذرية. بل الأئمة والأوصياء منهم.
إن الوصاية لذرية إبراهيم هي دعوة إبراهيم(ع)، كما الوصاية لذرية الرسول(ص) هي دعوة محمد(ص) أيضا. بتعبير أدق: الوصية لخاصة الأئمة من أهل البيت(ع) والوصية بعمومهم.
إن اصطفاء آل إبراهيم هو من الله. وهو كذلك بالنسبة إلى آل محمد(ص).
إنها واردة في التشهد عند كل صلاة. وللتشهد معنى عظيما في الشريعة. وفي الصلاة منتهى الأهمية والاعتبار.
هذا ومثله مما لا يسع المقام الاستقصاء والتقصي. لكن أسفي أن المسلمين يرددون ذلك صباح مساء ولا أحد تأمل فيما هو ركن مفروض أو على الأقل آكد مندوب عند من لا يرى الوجوب. لا أحد يتأمل!؟ أقول لو أن بعضهم التفت إلى معانيها المذكورة لاستبدلها كما استبدلها البعض أو كان على الأقل اعتبروها غير مبطلة خلافا للشافعي ممن قال بالبطلان من دون الاتيان بها.
لقد نال سلمان الفارسي درجة رفيعة ما نالها أحد من صحابة رسول الله(ص)، وذلك حينما قال عنه: " سلمان منا أهل البيت". فلو لم يكن لهذا الانتساب ما يفوق غيره لما قالها سيد المرسلين. وقد علمت أنه ما قالها إلا بعد أن تنازع الأمر كل من المهاجرين والانصار. فكان انتسابه لبيت أهل النبوة شرفا أسكت المتنازعين لمّا أدركا أن أهل البيت لا يقاس بهم أحد.
أتساءل: ماذا بوسعنا أن نفعل بكل تلك الأدلة ، هل وجب أن نرمي به عرض الحائط ؟! وهاك الأدلة التي أغضى عنها من أغضى للتذكير ليس إلا. وسأقسمها بحسب نوعية مداركها إلى ثلاثة أقسام:
فضلهم وشأنيتهم في القرآن
فضلهم وشأنيتهم في السنة
فضلهم وشأنيتهم في التراجم والسير
وقبل ذلك، لا بد من التذكير بأن حضورا مكثفا لأهل البيت في التاريخ الإسلامي وحده يكفي لإثبات فضلهم وتميزهم. فلو كانوا لا يختصون بفضل لما انقصم ظهر التاريخ الإسلامي لأجل قضيتهم حتى اليوم. ولو لم يكن لهم مائز ، فكيف يحصي التاريخ ويسجل أنهم علّموا المسلمين بينما لم يأخذوا عن غيرهم علما قط. وإذن فلنقل:
فضلهم وشأنيتهم في القرآن
إنني أجد كل آية نزلت في حقهم أو في حق أميرهم ، فيض من آيات لا ينضب. لو سلكنا منهج التأويل الحق لا التأويل الفاسد لوجدنا كل ما نطلب من القرآن. أليس فيه نقرأ:" فيه تبيان كل شيء"؟!
أجل، ولكن ليتنا نتفق على قواعد التأويل الصحيح ، إذن لرأينا عجبا. بل هذا مفاد قول الإمام الصادق(ع): "لو قرء القرآن كما أنزل لوجدوا فيه مسمّين". فدعنا نتأمل قوله تعالى من سورة براءة:
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ".
أورد أكثر من واحد أنها نزلت في علي بن أبي طالب(ع).
ففي تذكرة الخواص : ذكر الثعلبي في تفسيره عن ابن عباس أنه علي.
وفي الدر المنثور: أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله " اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " قال : مع علي بن أبي طالب .
وأخرج ابن عساكر عن أبي جعفر في قوله " وكونوا مع الصادقين " قال : مع علي بن أبي طالب .
وعجبا أن بعضهم حاول أن يصرف المعنى إلى غيره بما لا يستقيم ظاهرا ولا باطنا. وقد أحصى صاحب زاد المسير في التالي:
قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا اتَّقوا الله وكونوا مع الصَّادقين "، في سبب نزولها قولان .أحدهما : أنها نزلت في قصة الثلاثة المتخلِّفين .
والثاني : أنها في أهل الكتاب . والمعنى : يا أيها الذين آمنوا بموسى وعيسى اتقوا الله في إيمانكم بمحمد صلى الله عليه وسلم وكونوا مع الصادقين .
وفي المراد بالصادقين خمسة أقوال .
أحدها : أنه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، قاله ابن عمر .
والثاني : أبو بكر وعمر ، قاله سعيد بن جبير ، والضحاك . وقد قرأ ابن السميفع . وأبو المتوكل ، ومعاذ القارىء : «مع الصَّادِقَيْنِ» بفتح القاف وكسر النون على التثنية .
والثالث : أنهم الثلاثة الذين خُلِّفوا ، صدقوا النبي صلى الله عليه وسلم عن تأخُّرهم ، قاله السدي .
والرابع : أنهم المهاجرون ، لأنهم لم يتخلَّفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجهاد ، قاله ابن جريج . قال أبو سليمان الدمشقي : وقيل : إن أبا بكر الصديق احتج بهذه الآية يوم السقيفة ، فقال : يا معشر الأنصار ، إن الله يقول في كتابه : { للفقراء المهاجرين الذين أُخِرجوا } إلى قوله : { أولئك هم الصادقون } [ الحشر : 8 ] من هم؟ قالت الأنصار : أنتم هم . قال : فان الله تعالى يقول : { اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } فأمركم أن تكونوا معنا ، ولم يأمرنا أن نكون معكم ، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء .
والخامس : أنه عامّ ، قاله قتادة و«مع» بمعنى «مِنْ» ، وكذلك هي في قراءة ابن مسعود : «وكونوا من الصادقين» .
قلت إن في ذلك تعمل وتكلف ظاهر لأسباب سأذكرها تباعا:
حسبك أن علي بن أبي طالب ، حسب ما صح واشتهر هو من بلغ هذه الآية بعد أن أمر بأخذها ممن سلمت له لتبليغها قبل ذلك ، في حيثية مفصلة مشهودة. وهي قصة تبليغ سورة البراءة. يروي أحمد في مسنده عن أبي بكر: " ان النبي بعثه ببراءة لأهل مكة ، لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ولا يدخل الجنة الا نفس مسلمة ، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم مدة فأجله إلى مدة ، والله برئ من المشركين ورسوله ، قال فسار بها ثلاثا ثم قال لعلي " الحقه فرد علي أبا بكر وبلغها أنت " قال : ففعل ، فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر بكى وقال : يا رسول الله حدث في شئ ؟ قال : " ما حدث فيك الا خير ، ولكني أمرت ان لا يبلغه الا أنا أو رجل مني ".
حديث تبليغ الآية مما رواه أكثر من واحد من رواة السنن والأخبار مثل الحاكم في المستدرك وكذا الترمذي في الصحيح والنسائي في خصائصه ، كما رواه أكثر من واحد من الصحابة كابن عباس وأبي سعيد الخدري وعبد الله بن عمر.
فكيف يكون الفضل فيها راجع للخليفة الأول وهو في تقدير العامة أفضل من الباقين، وقد أمر علي بأن يلحق به لأخذها منه وتبليغها للحجيج في مكة، حتى خشي الخليفة الأول من هذا الاجراء وسأل الرسول(ص)، أنزل في شيء؟ فلو كان هو المعني بالصادقين في الآية لكان الأولى بتبليغها، فتأمل.
إن ديدن المفسرين في دأبهم على مخالفة الشيعة ، اللجوء إلى لعبة تمييع المعنى. وقد تأكد أنها في علي بن أبي طالب لا في غيره كما في قول مجاهد: الخطاب لعلي وهو في حقه على وجه التأكيد".
إنهم ميّعوا مفهومها لتصبح عامة كما ميعوا مصداقها لتصبح في المخلفين
لا خلاف أن عليّا ما انزاحت عنه الخلافة بعد موت الخليفة الثاني إلا لرفضه لسنتهما فيما فاوضه عليه عبد الرحمن بن عوف. فهو لم يكن معهما. فلو كانوا المعنيين ب" كونوا مع الصادقين" لكان أولى بعلي أن يقبل بسنتهما، وإلا كان ذلك مناقضا لكونه أمير كل آية ذكر فيها يا أيها الذين آمنوا.
استدلال الخليفة الأول عام وهو مردود بتخصيص قول أمير المؤمنين: قالوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة. وقوله في عجز البيت: فغيرك أولى بالنبي وأقرب.
ويفهم منها أن أصدق مصاديقها هم أهل البيت لا غيرهم. بل ان خطاب "كونوا مع الصادقين" موجه للمهاجرين والانصار معا، وهم المكلف الأوّل به.
إن كل ما جاء في علي وأهل بيته ينسجم مع المقصود من الآية الكريمة. فهم من أمر المسلمين أن يكونوا معهم.
ليست أول آية في الصادقين نزلت في علي بن أبي طالب. انظر قوله تعالى:"من المؤمنين صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى ومنهم من ينتظر".قال بن الجوزي في تذكرة الخواص : قال عكرمة عن ابن عباس: الذي ينتظر أمير المؤمنين. ومثله ذكر ابن حجر وابن مردويه وابن الصباغ المالكي وآخرون.
وحسبك ما جاء في خصائص النسائي وتذكرة بن الجوزي وآخرون في قول علي بن أبي طالب: أنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي إلا كاذب، آمنت قبل الناس سبع سنين.
نحن المسلمين مأمورون باتباع أهل البيت(ع) نصا من الكتاب والسنة، ولسنا ملزمين باتباع أحد غيرهم، ولا كلاما غير كلامهم يلزمنا بموجب المعذرية والمنجزية. فهذا كافي لترجيح المراد من قوله: "كونوا مع الصادقين".
الصحابة أنفسهم مدعوون لاتباع أهل البيت. فلو كان غير أهل البيت هم المعني بالصادقين، فهل أمر أهل البيت أن يتبعوا المخلفين وغيرهم؟! أم المعنى لا يستقيم إلا بما دلت عليه الأدلة بوجوب اتباعهم لأهل البيت(ع)، والصحابة أول المكلفين بذلك ، فتأمل.
أقول:
إنه تحصيل حاصل أن يرد فيه ذلك. فالذي كان في مقدمة المطهرين بنص الكتاب ألا يكون رمزا للصادقين.
أقول أيضا ، أن المعنى متعدي لباقي أئمة أهل البيت. وذلك لأننا نجد في ذكر فضائلهم ما يقرنهم بمحمد وعلي كما في آية التطهير وكما في خبر سفينة النجاة. فذكر علي هنا من باب أصدق المصداق. وكالصلاة على محمد في القرآن التي بينتها السنة بأنها ليست تامة إلاّ برديف الآل. ومصداقها الصلاة الابراهيمية كما سبق من حديثنا. فحديث السفينة يشمل باقي أئمة أهل البيت(ع) الذين قال عنهم: "مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن رغب عنها هلك". وقول (ص): تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض". وافظ أبدا يؤكد أن التمسك بهم يهدي وينجي إلى يوم القيامة. وهذا تفصيل ومصداق لقوله :" كونوا مع الصادقين". وهذا مفاد ما ذكر سبط بن الجوزي في التذكرة بخصوص الآية الكريمة :" قال علماء السير : معناه كونوا مع علي وأهل بيته".
وحسبك من تلك الفضائل ما تفرّد به أهل الكساء دون الصحابة رضي الله عنهم لا بل دون أمهات المؤمنين من زيجات الرسول الأكرم ص ، ما جاء في قوله تعالى: (إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ الْبَيْتِ أهل البيت ويطهركم تطهيرا) .
جاء في تفسير الطبري: "يقول: إنما يريد الله ليذهب عنكم السوء والفحشاء يا أهل بيت محمد، ويطهركم من الدنس الذي يكون في أهل معاصي الله تطهيرا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
" حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) فهم أهل بيت طهرهم الله من السوء، وخصهم برحمة منه؟
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) قال: الرجس هاهنا: الشيطان، وسوى ذلك من الرجس: الشرك.
اختلف أهل التأويل في الذين عنوا بقوله(أَهْلَ الْبَيْتِ) فقال بعضهم: عُني به رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وعليّ وفاطمة والحسن والحسين رضوان الله عليهم .
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن المثنى، قال: ثنا بكر بن يحيى بن زبان العنزي، قال: ثنا مندل، عن الأعمش، عن عطية، عن أَبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: "نزلَت هَذِهِ الآيَةُ فِي خَمْسَةٍ: فِيَّ وَفِي عَلِيٍّ رَضِيَ الله عَنْهُ وَحَسَنٍ رَضِيَ الله عَنْهُ وَحُسَيْنٍ رَضِيَ الله عَنْهُ وَفَاطِمَةَ رَضِيَ الله عَنِهَا :(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) " .
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا محمد بن بشر، عن زكريا، عن مصعب بن شيبة، عن صفية بنت شيبة قالت: قالت عائشة: خرج النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ذات غداة، وعليه مرط مرجل من شعر أسود، فجاء الحسن، فأدخله معه ثم قال:(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) .
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا محمد بن بكر، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أنس أن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان يمر ببيت فاطمة ستة أشهر، كلما خرج إلى الصلاة فيقول: "الصَّلاةَ أَهْلَ الْبَيْتِ(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطِهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) ".
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا يحيى بن إبراهيم بن سويد النخعي، عن هلال، يعني ابن مقلاص، عن زبيد، عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة قالت: كان النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عندي، وعلي وفاطمة والحسن والحسين، فجعلت لهم خزيرة، فأكلوا وناموا، وغطى عليهم عباءة أو قطيفة، ثم قال: "اللَّهُمَّ هَؤلاءِ أَهْلُ بَيْتِي، أذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَوَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا".
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا يونس بن أبي إسحاق، قال: أخبرني أبو داود، عن أَبي الحمراء، قال: رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قالَ: رأيت النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا طلع الفجر، جاء إلى باب علي وفاطمة، فقال: "الصَّلاةَ الصَّلاةَ"(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرُا) " .
حدثني عبد الأعلى بن واصل، قال: ثنا الفضل بن دكين، قال: ثنا يونس بن أبي إسحاق، بإسناده عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مثله.
حدثني عبد الأعلى بن واصل، قال: ثنا الفضل بن دكين، قال: ثنا عبد السلام بن حرب، عن كلثوم المحاربي، عن أَبي عمار، قال: إني لجالس عند واثلة بن الأسقع إذ ذكروا عليًّا رضي الله عنه، فشتموه، فلما قاموا قال: اجلس حتى أخبرك عن هذا الذي شتموا؛ إني عند رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إذ جاءه علي وفاطمة وحسن وحسين، فألقى عليهم كساء له، ثم قال: "اللَّهُمَّ هَؤُلاءِ أَهْلُ بَيْتِي، اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا". قلت: يا رسول الله، وأنا؟ قال: "وَأَنْتَ". قال: فوالله إنها لأوثق عملي عندي .
حدثني عبد الكريم بن أبي عمير، قال: ثنا الوليد بن مسلم، قال: ثنا أبو عمرو، قال: ثني شداد أبو عمار قال: سمعت واثلة بن الأسقع يحدث، قال: سألت عن علي بن أبي طالب في منزله، فقالت فاطمة: قد ذهب يأتي برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إذ جاء، فدخل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ودخلت، فجلس رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على الفراش وأجلس فاطمة عن يمينه وعليا عن يساره وحسنا وحسينا بين يديه، فلفع عليهم بثوبه وقال:(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) اللَّهُمَّ هَؤُلاءِ أَهْلِي ، اللَّهُمَّ أَهْلِي أَحَقُّ". قال واثلة: فقلت من ناحية البيت: وأنا يا رسول الله من أهلك؟ قال: "وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِي". قال واثلة: إنها لمن أرجىما أرتجي.
حدثني أَبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن فضيل بن مرزوق، عن عطية، عن أَبي سعيد الخدري، عن أم سلمة قالت: لما نزلت هذه الآية:(إِنَّمَا يَرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) دعا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عليا وفاطمة وحسنًا وحسينًا، فجلل عليهم كساء خيبريا، فقال: "اللَّهُمَّ هَؤُلاءِ أَهْلُ بَيْتِي، اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا". قالت أم سلمة: ألست منهم؟ قال: "أَنْتِ إلَى خَيْرٍ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.