عمقت عناصر المفتشية العامة للمالية أبحاثها بشأن تلاعبات خطيرة بصفقات لمؤسسات ومقاولات عمومية، بعد التوصل بإشعارات متواترة حول تعمد تقييد ولوج مقاولات صغرى ومتوسطة إلى هذه الصفقات وتفويتها إلى أخرى "محظوظة"؛ من خلال تطويق الجهات أصحاب المشاريع صفقاتها بالغموض، وتعمد وتشفيرها في وجه مقاولات بعينها. وأفادت مصادر جيدة الاطلاع بأن عمليات التدقيق في وثائق ومستندات صفقات كشف عن تجاهل مسؤولي مشتريات وتدبير طلبات عروض بمؤسسات ومقاولات عمومية تقديم توضيحات بخصوص بنود دفاتر الشروط الخاصة بصفقات. ووضّحت مصادر هسبريس أن المفتشين طلبوا من هؤلاء المسؤولين جردا بهويات الشركات المستفيدة من الصفقات المنظمة برسم الثلاث سنوات الماضية، بعد التوصل بمعطيات حول هيمنة شركتين فقط على ثلثي الصفقات في مؤسسة عمومية. وأكدت المصادر نفسها أن مهام الافتحاص امتدت إلى محاضر وتقارير منجزة حول استفسارات وطلبات توضيح متوصل بها من قبل مؤسسات ومقاولات عمومية، قبل أن يتبين لهم أن الأجوبة كانت ناقصة وغامضة في نقاط أساسية؛ مثل فضاءات التخزين وطريقة التدبير الإلكتروني للطلبيات، خصوصا في صفقات تزويد بتجهيزات وأشغال. ولفتت مصادرنا إلى أن مصالح التفتيش ضمّنت تقاريرها ملاحظات بشأن المس بمبدأ تكافؤ الفرص وتقييد ولوج شركات إلى صفقات عمومية، من خلال تعمد توفير أجوبة غامضة عن تساؤلات تقنية خاصة بها؛ ما تعذر معه مواصلتها إعداد وتقديم عروضها التنافسية لنيل صفقات. وأبرزت المصادر جيدة الاطلاع أن مفتشي المالية رصدوا تعمد جهات أصحاب مشاريع القفز على الإجابة عن استفسارات واردة عن شركات متنافسة وتزويدها بأجوبة عن استفسارات أخرى، حيث تم تسجيل تفاعل مؤسسة عمومية مع استفسار واحد من أصل عشرة استفسارات واردة عن شركة؛ ما اضطرها إلى الانسحاب مبكرا من غمار المنافسة، في ظل غموض بعض الجوانب التقنية ضمن بنود دفاتر الشروط الخاصة المعلن عنها. وشددت مصادر هسبريس، أيضا، على أن أجوبة منقوصة واردة عن مؤسسات ومقاولات عمومية رفعت هامش المخاطر التشغيلية لدى متنافسين عبروا عن تخوفهم من ارتفاع مفاجئ في التكاليف، في ظل عدم دقة معطيات واردة في دفاتر الشروط المذكورة. ومعلوم أن المادة 25 من المرسوم رقم 431-22-2، المتعلق بالصفقات العمومية، نصت بشكل صريح على أحقية كل متنافس أن يطلب من صاحب المشروع، بواسطة رسالة موجهة بأي وسيلة تمكن من تحديد تاريخ التوصل، أن يقدم إليه توضيحات أو معلومات تتعلق بطلب العروض أو بالوثائق المتعلقة بها، حيث لا يكون هذا الطلب مقبولا إلا إذا توصل به صاحب المشروع سبعة أيام، على الأقل، قبل التاريخ المحدد لجلسة فتح الأظرفة. وألزم الإطار التشريعي المشار إليه الجهات أصحاب المشاريع بالرد، وفق الشكليات المنصوص عليها، على كل طلب معلومات أو توضيحات تم التوصل به، داخل أجل ثلاثة أيام على أبعد تقدير قبل التاريخ المقرر لجلسة فتح الأظرفة؛ فيما يتعين تبليغ أي توضيح أو معلومة قدمت من الجهات المذكورة لمتنافس بطلب منه، إلى المتنافسين الآخرين الذين قاموا بسحب ملفات طلب العروض أو بتحميله وإلى أعضاء لجنة طلب العروض.