مرة أخرى ولا نخالها ستكون الأخيرة، تعود يومية "لوموند" الفرنسية إلى عادتها القديمة، عبر نشرها لمقال من ستة أجزاء تحت عنوان "أجواء نهاية عهد محمد السادس"، دشنت الجزء الأول منه يوم الإثنين 25 غشت 2025 الذي يريد من ورائه صاحباه "كريستوفر عياد" و"فريديك بوبان" إحداث رجة إعلامية وسياسية، غير أن هذه المحاولة البئيسة باءت كسابقاتها بالفشل، إن لم تكن قدة شكلت دافعا في اتجاه تعزيز اللحمة بين أبناء الشعب المغربي وقائدهم المفدى الملك محمد السادس، رافضين بقوة مزاعم الصحيفة التي تعد من بين أبرز الصحف الأجنبية، التي تتحين الفرصة لتفجير حقدها وكراهيتها على المغرب ورموزه السيادية والأمنية والدستورية. فالمغرب بقيادة ملكه لم ينفك يحقق نجاحات متوالية على عدة مستويات سياسية واقتصادية ورياضية، وخاصة على المستوى الدبلوماسي فيما يتعلق بملف "الصحراء الغربية " التي أصبحت تحظى بزخم كبير من الاعتراف بمغربيتها، والدعم الدولي المتزايد للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. ولعل هذه النجاحات هي ما يغيظ أكثر ليس فقط "كابرانات" عسكر الجزائر ومن يدور في فلكهم، بل حتى تلك الأقلام القذرة في فرنسا وغيرها، التي تكاد لا تتوقف عن محاولة إثارة الفتنة والمس باستقرار المغرب، من خلال تلك التقارير المشبوهة والمقالات المغرضة والمدفوعة الأجر. ومما يثير الاستغراب، هو أن المغرب الذي أصبح في السنوات الأخيرة يشكل لاعبا إقليميا مميزا ومؤثرا، ويقوم ببناء شراكات استراتيجية مع عواصم بلدان وازنة من قبيل واشنطن أو باريس، أو مدريد، أو بكين، أو لندن وغيرها، كلما تعززت قوته وتألق نجمه اقتصاديا في إفريقيا على وجه الخصوص، إلا ونجد الإعلام الفرنسي وفي مقدمته يومية "لوموند" يسارع إلى محاولة تشويه صورته والتقليل من شأن مؤسساته الوطنية، أو الترويج بكل نذالة لأوهام "نهاية الحكم الملكي"، علما أن المغرب ليس بالبلد الهش والفاشل أو مجرد نظام سياسي غير متماسك، حتى يستطيع المغرضون زعزعته أو تغييره بمقال أو تقرير، بل هو بلد عريق ضاربة جذوره في عمق التاريخ، وتشكل الملكية أساس وحدته وهويته... فهل أصبح التقارب الحاصل بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية يقلق راحة بعض الفرنسيين من ذوي الأقلام القذرة، الذين يصرون على خدمة أجندات أولياء نعمتهم من المعادين للمغرب؟ ثم عن أي أزمات داخل القصر الملكي يتحدث عنها ذلك المقال المأجور في صحيفة "لوموند"؟ إن ما ينبغي ألا يغيب عن أذهان أولئك "المرتزقة" وغيرهم ممن يستهويهم العوم في الماء العكر، هو أن المؤسسة الملكية وغيرها من رموز السيادة الوطنية، إضافة إلى كونها أحد مكونات الدولة، تمثل كذلك أحد أهم العناصر الجامعة للهوية المغربية، وضامنا لوحدة الأمة واستقرارها، وأن أي تطاول عليها لا يمكن أن يندرج في إطار حرية التعبير، بقدر ما يعتبر اعتداء سافرا ومباشرا على الإجماع الوطني ومحاولة إضعافه وتفتيته. ثم إن الحالة الصحية لملك المغرب لم تشكل له يوما عائقا أو تحول دون ممارسة مهامه على الوجه المطلوب، بل إنها لم تزده إلا إصرارا على مزيد التفاني في العمل ونكران الذات، كما يتضح من خلال الكم الهائل من المشاريع والبرامج التنموية والأوراش الكبرى التي أشرف عليها بإرادة قوية، وشملت مختلف المجالات والقطاعات. حيث أنه بفضل رؤيته المتبصرة استطاع المغرب تدشين أول قطار فائق السرعة في إفريقيا "البراق" سنة 2018 بين طنجة والدار البيضاء، ارتقاء ميناء طنجة المتوسط إلى نادي أكبر موانئ الحاويات في المتوسط مع 8,6 ملايين حاوية عام 2023، الرفع من الطاقة الإنتاجية لصناعة السيارات التصديرية إلى 535 ألف سيارة سنويا، توسيع مواز للبنية الغازية لضمان أمان الإمدادات خلال الانتقال الطاقي، تعميم الحماية الاجتماعية، الاستثمار في الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر، تنظيم فعاليات كأس العالم 2030 في ملف مشترك مع كل من إسبانيا والبرتغال، فضلا عن تعزيز مكانته كمركز اقتصادي في إفريقيا والمتوسط. فأي دينامية أكثر من هذه التي يشهدها المغرب بفضل السياسة الرشيدة لقائده الملهم محمد السادس، الذي يصر على تحدي الداء والأعداء؟ فما جاءت به صحيفة "لوموند" التي فتحت صفحاتها لأقلام مغرضة بعدما كانت تعد مرجعا في الصحافة الدولية، لا يختلف كثيرا عما تأتي به منابر إعلامية أجنبية أخرى، من حيث التقارير و"التحقيقات" المضللة التي لا تستند إلى أي مصادر موثوقة، وإنما تعتمد فقط على حكايات وهمية من هنا وهناك، تستهدف ملك المغرب وعائلته ومحيطه، من خلال الترويج للإشاعات والافتراءات. غير أنه بقليل من النباهة واليقظة، يتضح جليا أن كل تلك المقالات والتقارير والتحقيقات ليست في واقع الأمر سوى هلوسات، يريد أصحابها والواقفون خلفهم زرع الشك والفتنة في أوساط المغاربة وتشويه صورة المؤسسة الملكية في وجدانهم، بينما هي صمام الأمان، الحريصة على استمرارية الدولة وصمودها، وإلا ما كانت قادرة على التصدي لكل المؤامرات والهزات التي عرفتها عبر تاريخها الطويل. إن على جريدة "لوموند" وغيرها من المنابر الإعلامية الأجنبية الأخرى أن تعلم جيدا أن حملاتها الإعلامية الممنهجة وهلوسات الأقلام المأجورة، لن تستطيع مهما حاولت التشكيك في استقرار المغرب، وأن المؤسسة الملكية هي الركيزة الأساسية لوحدته واستمراريته، وأن ثقة المغاربة في ملكهم وولي عهده والعائلة الملكية وباقي المؤسسات الوطنية أقوى من أن تهزها رياح الإشاعة والغدر والمكر والخيانة...