عَبَّر عددٌ من المواطنين الفلسطينيين عن آمالهم في أن تؤدي الاعترافات المتوالية بالدولة الفلسطينية المستقلة إلى دفع مسار المفاوضات بين حركة "حماس" وإسرائيل تجاه وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. وقال الموظف في السلطة الفلسطينية أحمد عوض الله: "الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل الدول الغربية تأخر كثيرا، وهذا أمرٌ معيب، لأن المجتمع الدولي هو من أسس دولة إسرائيل عام 1948 وترك الشعب الفلسطيني بلا دولة"، وأضاف: "المجتمع الدولي ترك الشعب الفلسطيني بلا حماية، يواجه الحروب والتغول الاستيطاني الإسرائيلي، وسياسة التوسع الإسرائيلية على حساب أرضه ووطنه دون أن يقوم هذا المجتمع بحمايته، وفي مقدمتها وقف الحرب على غزة". وأشار عوض الله إلى أن "هذا الاعتراف الدولي أمرٌ مهم ويحفظ للشعب الفلسطيني حقوقه وأرضه، لكن الأوضاع التي يعيشها الفلسطينيون في غزة صعبة للغاية من حيث القصف والقتل والنزوح، إذ يعيشون ما يشابه أهوال يوم القيامة"، وأكد أن "الأولوية الآن للمواطنين هي النجاة بأنفسهم وأولادهم من هذه الحرب، والبحث عن لقمة العيش والماء الصالح للشرب في ظل الحصار الرهيب الذي تمارسه إسرائيل على قطاع غزة"، وزاد: "لكن هذا لم يمنع الناس من الرضا والسعادة بالاعترافات الدولية بفلسطين". كما أوضح المتحدث ذاته أن "الأولويات الآن هي التي أعاقت الاحتفالات الشعبية بهذه الاعترافات بالدولة الفلسطينية المستقلة، لكن هذا لا يمنع أن الفلسطينيين سعداء بها، وهم يأملون أن تمارس الدول الغربية ضغوطًا على إسرائيل من أجل تجسيد هذه الدولة على الأرض". كما عَبَّر المواطن الفلسطيني علي محسين عن فرحته بالاعترافات الدولية بالدولة المستقلة، التي قد تكون لها آثار إيجابية على الوضع المعيشي للفلسطينيين، لاسيما رفع الحصار والانتعاش الاقتصادي. وقال محسين: "يمكن أن يؤدي الاعتراف إلى زيادة عدد الدول التي تقيم علاقات دبلوماسية مع فلسطين، ما يعزز حضورها في المحافل الدولية مثل الأممالمتحدة ويمنحها صوتاً أقوى. وربما يشكل الاعتراف ضغطاً إضافياً على إسرائيل للعودة إلى مفاوضات جدية حول حل الدولتين"، وأضاف: "قد لا نشعر على المدى القصير بتغيير مباشر وكبير في حياتنا اليومية كأفراد في غزة، لكن قد يساهم هذا الاعتراف في تحريك الحالة المعيشية في القطاع في ما يتعلق برفع الحصار، وتحسين الوضع الاقتصادي، وحرية الحركة". وفي السياق ذاته استبشر الفنان التشكيلي الفلسطيني مجدي أبو طاقية خيرًا بسلسلة الاعترافات الغربية بدولة فلسطين، معتبرًا أن اعتراف تلك الدول بالقضية والدولة الفلسطينية "يعيد الأمل لشعب فلسطين". وقال أبو طاقية: "أعاد لشعب فلسطين الأمل. وقد أقول شيئًا لا يصدقه العقل، نسينا النزوح والألم لأننا رأينا نورًا من بعيد هو نور وحلم الدولة الفلسطينية واستقلالها، كما رأينا أمل عودة قطاع غزة لحضن مؤسسات الدولة الفلسطينية". وأضاف المتحدث ذاته: "أصبح لدينا أمل أن نلملم جراحنا ونجمع ركامنا لكي نبني الوطن من جديد، وطن ذو سيادة واستقلال بكامل مؤسساته بعيدًا عن الحزبية والمليشيات التي أودت بشعبنا إلى الهلاك. لدينا حلم بأن نبدد كل الظلام ونبني نورًا يعيد لنا الوطن من جديد. هذا هو ما يشعر به سكان القطاع الآن وأنا واحد منهم". وأطلقت إسرائيل، في 16 سبتمبر الجاري عملية عسكرية مكثفة في مدينة غزة تشمل توغلا بريا وقصفا عنيفا، قائلة إن الهدف هو السيطرة على غزة والقضاء على حركة "حماس". وأصدر الجيش الإسرائيلي تحذيرات بإخلاء مدينة غزة، في ظل تحذيرات من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) بأنه لا يوجد ملاذ آمن للنازحين من المدينة. وأفاد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة بأن عدد النازحين من مدينة غزة نحو الجنوب بلغ 335 ألفاً، فيما مازال أكثر من 900 ألف في المدينة، وذلك منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية المكثفة. واتهم تقرير أممي السلطات الإسرائيلية بارتكاب "إبادة جماعية" في قطاع غزة، منذ بدء الحرب الموسعة على القطاع في أعقاب هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر 2023، فيما وصفته إسرائيل بأنه "كاذب ويعتمد على روايات حماس". يذكر أن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (آي بي سي)، وهو مرصد عالمي لمراقبة الجوع، أعلن في 22 أغسطس الماضي أن مدينة غزة والمناطق المحيطة بها تعاني من مجاعة ستمتد على الأرجح إلى مناطق أخرى بقطاع غزة خلال وقت قصير؛ فيما وصفت إسرائيل هذا التقرير بأنه "كاذب ومعيب". وفي 2 مارس الماضي أغلقت إسرائيل معابر غزة أمام دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية إلى القطاع، ما تسبب في تدهور غير مسبوق في الأوضاع الإنسانية، دفع منظمة الصحة العالمية إلى التحذير من أن سوء التغذية في قطاع غزة بلغ "مستويات تنذر بالخطر". واستأنفت إسرائيل قصف قطاع غزة يوم 18 مارس الماضي، بعد توقف لنحو شهرين، وتحديدًا منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة "حماس" في 19 يناير، عقب تعثر المحادثات لتمديد المرحلة الأولى من الاتفاق أو الانتقال للمرحلة الثانية منه. وكان من المفترض أن يستمر اتفاق وقف إطلاق النار بمجرد تمديد المرحلة الأولى منه، التي انتهت في الأول من مارس الماضي، أو الدخول في مرحلته الثانية، لكن الخلافات بين إسرائيل وحماس بشأن الخطوات التالية حالت دون ذلك. وحذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن قطاع غزة يشهد "كارثة إنسانية"، فيما أكدت وزارة الخارجية الروسية ضرورة إنهاء الحرب في غزة وإطلاق مفاوضات فلسطينية إسرائيلية تهدف إلى تحقيق حل الدولتين بإقامة دولة فلسطينية مستقلة تتعايش بسلام وأمن مع إسرائيل.