في أزقة المدينة العتيقة بمدينة الرباط، وتحديدا بشارع محمد الخامس، ارتفعت أصوات الفرح بين الشموع والأعلام، وتحولت أجواء ليل الجمعة إلى مشهد احتفاليّ استثنائي يعلن لحظة تاريخية في وجدان المواطنين. الآلاف خرجوا في مسيرات عفوية وهم يقرعون الطبول ويرددون أهازيج وطنية وشعارات من قبيل: "حرّية، سيادة، كرامة"، في لوحة وطنية نادرة تعيد تشكيل صورة الانتماء الجمعي للمغاربة. المباني القديمة تزيّنت بالألوان الوطنية، والبهجة امتدت حتى أسوار الضريح وأزقة سوق الصّباط، وكأنّ المدينة بأكملها تنبض بعاطفة وطنية صادقة. لحظة الاحتفال هذه تأتي عقب الإعلان عن التبني الأممي لمقترح الحكم الذاتي، وهو ما اعتبره كثيرون تحوّلا دبلوماسيا غير مسبوق يعزز موقع المغرب في هذا الملف السيادي. وعاينت جريدة هسبريس الإلكترونية هذه الأجواء الاحتفالية من قلب المدينة العتيقة بالرباط، حيث توافدت حشود من المواطنين على شارع محمد الخامس والساحات المجاورة، مرددين شعارات وطنية ورافعين الأعلام المغربية، في تعبير تلقائي عن الفخر والاعتزاز بهذا التحول التاريخي. وتخللت هذه اللحظات أهازيج شعبية وزغاريد نسائية، وسط حضور وازن لمختلف الفئات العمرية، في مشهد جسّد تلاحم المغاربة مع قضايا الوطن المصيرية. وزارت جريدة هسبريس الإلكترونية محل محمد، أحد بائعي لحم رؤوس البقر واللحم المقدد بالمدينة العتيقة للرباط، حيث استقبلنا بابتسامة عريضة وسط الأجواء الاحتفالية التي عمّت المكان. وتحدث محمد، وهو يواصل خدمة زبائنه، بفرحة واضحة قائلاً إن "هذا اليوم تاريخي بكل المقاييس، والفرحة التي نراها في عيون الناس لا تُقدّر بثمن"، مضيفا أن "الحيّ يعيش لحظة وطنية صادقة، اختلط فيها الاعتزاز بالوطن بحب الحياة". وأضاف محمد، في حديث لهسبريس، أن محله لم يشهد مثل هذا الإقبال منذ مدة طويلة، قائلا إن "الناس خرجوا بكثافة، والفرحة خَلّاتْ الكلّ بَاغي يْشاركْ بأي طريقة، حتى اللّي جا غِيرْ يْتفرجْ كيْشْري شي حاجة"، مؤكدا أن هذه اللحظة تعكس "الارتباط الحقيقي للمغاربة بالقضايا الوطنية، وأن الاحتفال اليوم هو تعبير شعبي عفوي عن الفخر بهذا القرار التاريخي". وقالت ياقوت، مواطنة كانت تقود صحافي هسبريس وسط الجموع المحتفلة، إن هذا اليوم "لن يُنسى في ذاكرة المغاربة"، مشيرة إلى أن القرار الذي تم الإعلان عنه "يشكل انتصارا حقيقيا للدبلوماسية المغربية وللإرادة الملكية التي ما فتئت تدافع عن القضية الوطنية بثبات". وأضافت وقد علت نبرة صوتها وسط الزغاريد والهتافات: "هذا الاحتفال ليس مجرد فرحة عابرة، بل لحظة تاريخية تعكس التلاحم بين الملك والشعب، وتؤكد أن كل تضحياتنا لم تذهب سدى". وفي مشهد استثنائي يعكس روح التلاحم الوطني، رصدت جريدة هسبريس الإلكترونية خروج عدد من عناصر الأمن الوطني بزيّهم الرسمي إلى الشارع، ليس فقط لتأمين الأجواء، بل للمشاركة بدورهم في الاحتفالات التي عمّت المدينة العتيقة للرباط. فقد شوهد أفراد من القوات العمومية وهم يتبادلون التحايا والابتسامات مع المواطنين، بل وانضم بعضهم إلى التصفيق وترديد الشعارات الوطنية التي انطلقت عفويا من وسط الجموع. وبينما كانت سيارات الشرطة تقطع الشوارع ببطء لتسهيل حركة المرور، علت أصوات الزغاريد من النوافذ، وامتلأت الأرصفة بالمارة والمحتفلين، في انسجام قلّ نظيره بين المؤسسة الأمنية وساكنة العاصمة، في لحظة وطنية تداخلت فيها أهازيج الفرح مع نبض الشارع المغربي. وشهدت شوارع المدينة العتيقة للرباط اختناقات مرورية ملحوظة، خاصة في الممرات المؤدية إلى شارع محمد الخامس وساحة البريد، حيث توافد المواطنون بأعداد كبيرة للمشاركة في الأجواء الاحتفالية. ووجد عدد من السائقين صعوبة في التقدم وسط زحمة السير، فيما اضطرت بعض السيارات للتوقف التام بسبب تدفق الحشود على الأرصفة والطرق. كما ارتفعت أصوات منبهات السيارات في بعض النقاط، قبل أن يتدخل عناصر الأمن لتنظيم حركة المرور وإتاحة المجال أمام مرور المركبات بشكل تدريجي. ورغم الازدحام، سادت أجواء من الصبر والتفهّم، حيث فضّل كثيرون ترك سياراتهم بعيدا عن مركز الاحتفال ومواصلة السير على الأقدام. وخلال جولة الجريدة بين الحشود المحتفلة، لفت الحضور القوي للأطفال الأنظار وهم يتنقلون برفقة أمهاتهم وآبائهم في أزقة المدينة العتيقة. ارتدى العديد منهم أزياء تقليدية صغيرة، وزُيّن بعضهم بأعلام المغرب على الكتف أو الرأس، فيما لوّح آخرون برايات صغيرة بكل حماس. بدا أن كثيرا من الأسر حرصت على إشراك أبنائها في هذه الأجواء الرمزية، في مشهد يعكس حرص المغاربة على نقل روح الانتماء الوطني إلى الجيل الجديد، حتى في لحظات الفرح العفوي.